نظام سوق الأوراق المالية الجديد تغيير الخارطة الاستثمارية في المملكة


2003: الإحصائيات الرئيسية للسوق كما في 14 يونيو 2003


الحجم السوقي (جميع الشركات): 480 بليون رس (128 بليون دولار)

معدل التداول اليومي (جميع الشركات): 1468 مليون رس (391 مليون دولار)

نسبة الحجم السوقي إلى إجمالي الناتج المحلي: 69%

السعر السوقي/العائد على السهم (جميع الشركات): 8.2 مكرر

السعر السوقي/العائد على السهم (الشركات الرابحة فقط): 16.3 مكرر

معدل الربح الموزع/السعر السوقي (جميع الشركات): 2.8%

معدل العائد على حقوق المساهمين (جميع الشركات): 19.6%


إن أهمية سوق الأسهم في أي بلد تنبع من كونها المكان "الذي يتم فيه تبادل السلع والتي تسمى بالأوراق المالية بين من لديهم شركات أو مشاريع وبين الممولين". ومن هنا تنبع أهمية هذا "السوق" لأي اقتصاد، والذي يعتبر من أهم ركائزها. وحيث أن تمويل معظم هذه الشركات إن لم يكن كلها من القطاع الخاص، أي مجموعة المستثمرين، فكان لابد من أن يكون لهم تمثيل قيادي في هذه السوق، وهو الوضع المتبع في جميع الأسواق العالمية، إذ يتم إدارة سوق الأوراق المالية "البورصة" من قبل مجموعة تنتمي إلى القطاع الخاص (الوسطاء الماليين والمستثمرين وأطراف اقتصادية مرموقة) بدون وجود أي طرف حكومي فيها، ويتم مراقبتهم أسوة بأي قطاع آخر عبر أنظمة وتشريعات تسنها السلطات المختصة.

وعلى مدى سنوات عديدة كانت هناك مطالب بإنشاء سوق للأوراق المالية في المملكة العربية السعودية على غرار المتبع في جميع دول العالم، إذ كان الوضع قبل إقرار النظام الجديد يعطي جميع مسؤوليات إدارة ومراقبة وتنظيم سوق الأسهم السعودي إلى كل من وزارة التجارة ووزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي "ساما". وهذا شيء غير متعارف عليه في أي دولة كانت، إذ كما هو معروف فإن قوة الأجهزة الحكومية تأتي في مجال المراقبة والتنظيم أكثر من التسويق والتشجيع. وبالفعل فقد جاءت فكرة هذا النظام الجديد التي كانت بقيادة مؤسسة النقد العربي السعودي، واعتقد أنها المرة الأولى التي تقوم فيها جهة رسمية بفصل أحد أهم إداراتها بطريقة إيجابية.

وقد أدى الوضع السابق إلى حصول عدة عوامل سلبية لم تسمح لسوق الأسهم السعودي بالتقدم مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، فعلى سبيل المثال يبلغ عدد الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودي حالياً 69 شركة، وهو عدد قليل جداً مقارنة بحجم الاقتصاد الوطني، إذ يجب أن يكون عدد الشركات المدرجة ما بين 200 إلى 300 شركة. ويعزى ذلك إلى أن الهم الأول لإدارة السوق كان حماية المستثمرين من تعثر أي من الشركات المساهمة، وهذا ما حدث فعلاً، حيث لم تعلن أي من شركات السوق إفلاسها منذ إنشاءه وحتى الآن. إلا أنه من الناحية الأخرى، فقد أدت هذه الصرامة المفرطة إلى وجود عدد ضئيل من الشركات وتركيزها، إذ تشكل أكبر 10 شركات مدرجة في السوق نحو 80% من حجمه و 60% من إجمالي قيمة التداول فيه، وهو أمر غير مقبول.

ولعل من أهم الأسس التي تهم المستثمرين في أي سوق مالية هي مستوى المصداقية والشفافية فيها، حيث أن المستثمر له الخيار في حال عدم اطمئنانه بأن يتجه للاستثمار في أي سوق أخرى. وكان هذا أحد العوامل التي دفعت إلى هجرة الأموال السعودية إلى الخارج، وبالتالي فإن عودتها مرتبطة بوجود أنظمة عادلة وذات مصداقية عالية تنطبق على جميع المتعاملين بكل شفافية، وهو ما سيبعث الثقة في نفوس المستثمرين، ونخص بالذكر هنا تعاملات الأطراف ذوو العلاقة، فالسوق متعطشة لاتخاذ إجراءات تصل إلى حد السجن مثلاً إذا ثبت استفادة أي عضو في مجلس الإدارة بناءاً على معلومات داخلية على سبيل المثال لا الحصر، كما سيتعطش السوق إلى أن يرى وقف التداول على أسهم الشركات التي لا تحترم مبدأ الإفصاح أو تتأخر في نشر قوائمها المالية الصحيحة خلال الموعد المحدد.

ونتوقع أنه سيكون هناك بعض الوقت لاستيعاب السوق لأهمية هذا النظام، إذ لن تكون هناك عصى سحرية للحلول المباشرة، إلا أننا نتوقع أن تتغير الخارطة الاستثمارية في المملكة خلال السنوات الثلاث القادمة. وسيعتمد ذلك على عدة أمور، أولها: نجاح هيئة الأوراق المالية التي لم يتم تعيينها بعد ومدى فعاليتها ومصداقيتها، وثانياً: مستوى الوسطاء الماليين الجدد الذين سيدخلون في تنافس مع البنوك، وعلى الخدمات الإضافية التي سيقدمونها. وثالثاً: التشريعات الجديدة التي سيتم إصدارها لتقوية الشفافية والإفصاح وهو المطلب الأهم الذي يؤثر على ثقة المستثمرين وبالتالي استثمارهم لأموالهم في السوق.