بسم الله ..
ماذا يجري ؟؟ .. سؤال موحد ولكن متعدد بتعدد اتجاهاته .. وإذا عرف السبب بطل العجب ..
ماذا يجري بين المنتج والمستهلك ؟؟
الذعر يكاد يقضي على الشركات والمنتجين ، فهم أمام كثرة المعروض وكثرة المنافسين وكثرة المصروفات والبحث عن أمان في ظل هذا الطوفان ، بينما المستهلك في تقشف وحذر وتقنين وتنازل عن كثير من الرغبات وانتظار المزيد من المغريات بناء على المعطيات .. الشركات لديها حلان :
إما تقليل الانتاج وتقليص الشركة والصرف من مدخرات الشركة الى أن تنتهي الأزمة ، وهذا هو الحل الأمثل .. ولذلك الاقتراض هو تعجيل للهلاك في ظل ضعف احتمال السداد .
الحل الثاني ، هو ما فعلته البنوك حاليا والسيارات ، وهي العزة بالإثم والتعالي على ضعف ، فقد قاموا برفع النسب على المستهلك وكأن المستهلك في حاجة ماسة أو غبي جاهل .. وهذا مبدأ ايهام على كثير من العوام ولكن في الآخر لن يصح الا الصحيح ..
لذلك .. في ظل المنافسة بين المنتج والمستهلك لا بد أن تمحى من القائمة كثير من الشركات المنتجة التي لن تستطيع عبور الأزمة ، الشركات التي ليس لها احتياطات أو توسعاتها أكبر من قدراتها أو منافسوها اقوى منها .. ولدينا من الأمثلة الكثير وسنرى والله أعلم الكثير .
ماذا يجري في أسواق المال ؟؟
أسواق المال تحاول أن تتماسك في ظل هذا التهالك ، وما نراه ليس نهاية نزول وأيضا ليس هناك نقطة محددة يتجه اليها أي مؤشر .. فالشركات والأسواق يلعب فيها العامل النفسي بشكل كبير ، وايضا طريقة حساب السعر للشركة غير مجدي وسيء جدا ، وأيضا الألاعيب التي تملأ الأسواق والمفاجآت كلها تجعلها من أكثر الأسواق في نسب المخاطرة ، ولذلك نحن نمر الآن بمرحلة تماسك الى نهاية السنة وظهور نتائج الربع الأخير ولنا مع الأخبار كلام كثير ..
الذي يهمنا هو سوقنا العزيز .. تقوده سابكـ ، وسابك شركة أخطبوطية ولكن لا توجد بها شفافية بالنسبة لمشاريعها وتفنيد ارباحها المحصلة من شركاتها المتعددة .. فلا نعرف عن سابكـ للبلاستك المبتكرة في أمريكا أي شيء ، ولا نعرف عن سابكـ أوروبا اي شيء ، وأيضا أرباحها النصفية كانت عالية ولم يكن هناك توضيح عن تفاصيل الأرباح ، ولكن تسربت أخبار بأن الأرباح كانت من الأسمدة والحديد مقابل انخفاض هائل في ارباح البترو كيماويات ..
سابكـ شركة منتجات أساسية ولها منافسون عالميون أفضل منها ، ولكن سابكـ لها امتيازات نفطية من ارامكو جعلتها ذات أسعار منافسة عندما كان البترول يغرد فوق الثمانين ، وأما الآن فكل الشركات البترولية العالمية تأخذ البترول بسعر ولا في الأحلام .. يعني ماذا ستعمل سابكـ ذات الأرباح القوية سابقا والاحتياطات الجيدة والديون العالية ؟؟ مسألة معقدة .
البنوك شركات مالية عانت وتعاني من ازمات المصارف العالمية ولكن بنسب قليلة في بعض البنوك .. المشكلة أن البنوك تعتمد على الاقراض ، والاقراض أصبح ضعيف في ظل زيادة رؤوس أموال البنوك بعد طفرة 2005 والبنوك مطالبة بنمو موازي لحجم الزيادة في رؤوس الأموال .. البنوك تواجه قوة الانفاق الحكومي على المشاريع وتشبع الناس من القروض وعدم جدوى الاستثمارات الخارجية .. لذلك سنرى تغيرات كثيرة والله أعلم ..
الاتصالات .. شركات خدمية رقمية ، بمعنى أنها ليست تنتج سلع مكلفة في الانتاج وهذا يجعلها من أكثر الشركات أمانا في الأرباح والاستمرار ، ولكن المشكلة هي أن الرقميات تعتمد ارباحها على التشفيرات التي تحفظ حقوقها ولكن غالبا ما تكسر هذه التشفيرات ، وايضا كونها ذات الصلاحية المطلقة في المنطقة ولكن تواجه تنافس مع شركات في منطقة ضيقة وحرب أسعار ، وأيضا الرقميات يظهر فيها تجدد وتطور مستمر يصعب على كثير من الشركات المنافسة فيه إذا لم يكن لديها العقول التقنية الفذة .. فالشركات العالمية تشتري عقول المبدعين لضمان بقائها وسيطرتها ، ولذلك ترى أن نتائجها غير ثابتة ولكن متقلبة بتقلب التجديد والتنوع والتطور ..
الاسمنت شركات موازية للنمو السكاني المتزايد ولكن هناك شركات اسمنت كثيرة ظهرت في المملكة ستضر كثيرا بانتاج الشركات الموجودة في السوق .. ولكن مازالت هي ألأكثر استقرارا والأقل تأثرا .
باقي الشركات من العائلية والمنشأة والخدمية والانشائية والتأمينية وغيرها ، شركات من الأفضل أن توفر الكلام عنها ..
ماذا يجري في أمريكا والصين ؟؟
أمريكا تمثل الشعوب الغربية العلمانية الفكرية المتطورة ، شعارها " ليس على طريق النجاح علامات تحدد السرعة القصوى " .. ولكن للأسف أنهم لم يكونوا في سباق أفقي ولكن كانوا في سباق عمودي ، وكان من الأجدر أن يكون الشعار " البرج العالي يحتاج الى أساس عميقة ومتينة " وللأسف كانت الأسس واهية ..
أمريكا في شبكة معقدة من الديون المركبة ، وأيضا هي عملاق منهك كان عدوا لكثير من الأقزام الذين لن يرحموه .. هي امبراطورية في هذا القرن ، يسكنها أكثر من 300 مليون نسمة غالبهم من المفكرين والمبدعين والأثرياء تقوم على أسس ونظم ومجتمعات متطورة ، والعالم كله يشعر بالتبعية والانهزامية أمامها .. ولذلك ماذا سيجري لو هلكت هذه الامبراطورية ؟؟
الصين تمثل الشعوب الشرقية ، خليط من الشيوعية والرأس مالية والعرقية .. شعارها " ليست المعجزة أن تطير في السماء أو أن تمشي على الماء ، ولكن المعجزة أن تمشي على الأرض "
شعبها الأكثر من المليار فقير يعتبر ارض خصبة للصناعة والانتاج ولكن لا توجد بها الانظمة الغربية القوية والرقابة والجودة .. نثرت للعالم صناعات خالية من الجودة والماركات المقلدة وسببت هستيريا عالمية ..
جميع الشعوب الشرقية يشعرون بالعبودية أو الدونية أمام الشعوب الغربية حتى أن سوني عندما ساءت أحوالها عينت رئيس أمريكي للشركة أذعن له جميع العاملون وتطورت معه الشركة .. ولذلك تطور هذه الشعوب العرقية ضار بالعالم بشكل عام .. ومن ناحية أخرى غطرسة امريكا ضار من جهة أخرى ..
ولذلك .. هل سنرى اجماع عالمي يقول " يجب أن تموت الصين " ؟؟ ربما سنراه بعد حين .
شعار اللعبة دائما " اللي تغلب به ، العب به " وبنظرة مبسطة فالصين ورقتها الرابحة الصناعة والاقتصاد ، وأمريكا الفكرية والعسكرية .. وأخشى أن تلعب امريكا وحلفائها بالجوكر .
ماذا يجري في السعودية ؟؟
دولة مستقرة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، ذات انفاق حكومي عالي ، وتحاول الخروج من اعتمادها التام على انتاج النفط الى التميز بالصناعات البترولية في ظل بحث العالم المتزايد عن بدائل للطاقة . ولذلك فكرت بالمدن الصناعية بعد نجاح الجبيل وينبع رغبة في توفير ارض خصبة للشركات الأجنبية .. ولكن للأسف فالشركات الأجنبية تضعنا ضمن الاستثمارات ذات المخاطرات العالية ولذلك تراهم يدخلون كشراكة جزئية مع شركات سعودية وبنسب قليلة ، وذلك لضعف الأنظمة وقلة اليد العاملة وعدم الكفائة وأسباب أخرى كثيرة ..
لذلك لن يبني السعودية الا أهلها ، بتطويرهم علميا واجتماعيا وفكريا وبصرف الأموال داخليا على البنى التحتية ونخرج من بين الركام كما خرجت الصين بعد انغلاق عن العالم دام لعشرات السنين وهي تبني وتتقوى ..
الميزانية العامة قريبا ، ومن المتوقع أن نرى فائض كالمعتاد .. والقضية الآن هو كيفية التصرف والصرف والتقنين في المدخرات .. فالسعودية العام الماضي كانت رابع دول العالم في فوائض الميزانيات بعد الصين والمانيا واليابان ، ولله الحمد لم تستثمر أموالها في صناديق سيادية بشكل كبير كما فعلت الامارات عندما أحرقتها في أمريكا .. لذلك نرجوا أن نرى ميزانية جيدة وايضا خطط هادفة ..
السعودية بحاجة الى تكوين هرمي ، ولذلك هي في حاجة طبقة واسعة من العمال الذين سيبنون ويعملون ، الهرم طبقات مكونة من مجموعات حسب القدرات .. كون الدولة كلها موظفون أو عسكريين أو تجار هذا سيجبر الدولة على استقدام اليد العاملة ومن ثم تذهب الكثير من الأموال الى خارج ابلد كما هو الحاصل الآن ، أو تلجأ الى فتح باب الهجرة كما فعلت الدول الأوروبية وهذا أيضا مشكلة ستلغي هوية البلد واهله ..
السعودية تحتاج الى نظام متابعة ومعاقبة صارم للفساد الإداري والرشاوي والمناقصات والمصروفات ، ولكم أن ترون المبالغات في المناقصات الحكومية وثراء موظفين البلديات والبنود المموهة لدى الادارات .. الخ
أغلب السعوديين بحاجة الى التهذيب في التفكير والتعامل والعمل ، رقي فكري وسلوكي ، ولذلك الغرب يرون الخليجيين بشكل عام قصار لديهم ثروة أو جهلة أغنياء .. فهل هم على حق ؟؟!!
ماذا سيجري في العالم .. ؟؟
العالم يمر بأول خطوط الأزمة المالية ، وستغرق الكثير من الدول في العجوزات المالية والتضخمات والفوضى ، وذلك بسبب المستوى المعيشي العالي والعدد السكاني المتزايد في مقابل ضعف المداخل المالية ..
غالب الدول العالمية وخصوصا الصناعية تقوم على نظام شركات واستثمارات أجنبية يعمل فيها الشعب في مقابل ضرائب تتحصل عليها الدولة وتنفق بها على موظفيها وجيوشها وانظمتها وتنظيم شؤونها ..
الآن البطالة ستتكاثر والشركات خسائر والضرائب العائدة للدولة ستقل والفوضى ستعم ، هذا ما تقوله الأحداث الحالية .. ستدخل الدول في قضية تضخم العملات لسد حجات الشعب مما سيؤدي الى انهيار العملات أو ربما تضطر الدولة الى وقف الضرائب لكي لا تدخل في فوضى اجتماعية لأن "الجائع لا يعرف القانون " ولكن في مقابل أن الدولة لديها مدخرات ستكفيها فترة محدودة الى أن يتعافى الانتاج المحلي من جديد ..
ربما ستضغط الدول بشكل غير مباشر على المستوى المعيشي العالي الذي يثقل كاهل الدول خصوصا النامية والمتقدمة ، ومحاولة انزاله الى درجات متدنية لكي لا يحصل خلل داخلي ..
ماذا يجري في العولمة ؟؟
العولمة بدأت منذ تداخل الثقافات وزي البدلة والكرفتة وثورة الاتصالات والمواصلات وعلمانية الأنظمة ، ترابط العالم واتجه نحو النمو والتجانس ، وأصبحوا مثل مجموعة بينهم حبل يلف اوساط بعضهم وأعناق بعضهم وأيدي بعضهم وأرجل الآخرين في ترابط معقد وهم يصعدون جبل التقدم ومن ثم سقطت أكبرهم " أمريكا" وجرت معها الكثير وخنقت البعض وسحبت ارجل الآخرين وكبلت أيادي الباقين ، أصبح العالم ينظر الى الأسفل بدل أن ينظر الى الأعلى وكل أصبح يخفف سقوطه قدر المستطاع ولا مفر من القاع ..
لا يمكن أن نتجاهل أمريكا وبريطانيا والدول الغربية الأخرى ، فهم أسس للعالم ودول متقدمة ومنظمة وخرابهم خراب للعالم أجمع ..
الأزمة ليست سهلة ، والتغطيات السياسية والاعلامية لن تخفي الحقيقة الا على البسطء فقط ، والبترول لم يصل الى هذا القدر من فراغ .. والله غالب على أمره ..
القضية ليست قضية اسعار مغرية في انهيار ، فالأسعار المغرية تكون في الازدهار .. القضية قضية متى تنتهي والى أين ستصل وما هي تبعاتها ؟
العالم الآن بحاجة الى العباقرة والموهوبين ليخرجوا بأفكار وحلول جذرية .. ولكن الخوف من المجتهدين والاجتهادات .. وما زلنا نسمع التخبطات وليتهم يصمتون
"إذا لم يكن من الله عون للفتى .. فأول ما يجني عليه اجتهاده
فكرة النمو والسعادة والتقدم كانت فكرة جميلة ولكن ما يحصل الآن يذكرني بالمقولة "ليس هناك أفضع من أن ترى فكرة جميلة تقتلها مجموعة من الحقائق البشعة "
شاهبندر
المفضلات