بسم الله ..
الوصول الى نقطة اتفاق ، هي نقطة بداية الى نقطة أخرى
والعالم مجتمع على نقطة الخلل ، والى أين سننطلق مرة أخرى ؟!
دعونا نتجول ..
بداية النمو الاقتصادي الذي بدأ من الثورة الصناعية والاستعمارية والاستعبادية بعد الحرب العالمية الأولى وخروج أوروبا من العصور المظلمة وهيمنة الكنيسة ، وظهور العلمانية .. عصر النهضة الذي اجتمع فيه المبدعون والمخترعون العظماء والشركات المساهمة والمصارف الضخمة والقوانين المفتوحة باسم الديمقراطية والرأس مالية
المهم ، ظهرت العملات على شكل سندات مصرفية بداية من أمريكا ومن ثم بين مصارف اوروبية أمريكية ومن ثم الزام رسمي في ثمانينات القرن التاسع عشر في أمريكا بعدم استخدام العملات الذهبية والفضية وفرض غرامات على من يخالف النظام .. هذه السندات فارغة من القيمة المادية بصفتها ورق ولكنها ثمينة بمعناها بصفتها سندات بقيمة ذهب وكانت تدعمها الحكومة بصفتها خطوة اقتصادية لتوسيع دائرة الصرف والتطور والأمان .. أصبحت أمريكا بنظمها المتطورة وبقواها العسكرية وقوتها الاقتصادية ونظامها الديمقراطي العلماني ونوعية شعبها من المهاجرين والعباقرة والأثرياء والمفكرين ، اصبحت قائدة اقتصادية وقبلة للساعين للتطور والباحثين عن المعرفة والازدهار ..
أصبحت العملات ظاهرة عالمية ، وكانت تربط بالذهب ويتغير سعرها بسعر الذهب ، ومن ثم أعلن نيكسون الرئيس الأمريكي في السبعينات فك ارتباط الدولار بالذهب وربطه بالاقتصاد ، بمعنى أن من أراد أن يشتري بضائع أمريكية فلا بد له من الحصول على دولارات .. بهذا انتشر الدولار في العالم بثقة ورغبة قوية واصبع أصعب العملات العالمية وأصبح سلعة الاقتصاد العالمي ، هذا أدى الى أن تقوم الدول الأخرى بربط عملتها بالدولار بدلا من الذهب ، بحيث أنها تقوم بتثبيت سعر الصرف بالدولار .. فأصبح لدينا عملات معومة يتقلب سعرها مثل الدولار والجنيه والين واليورو ، وأصبح لدينا عملات مثبة بسعر صرف العملة المربوطة بها ..
سبب ربط الدول النامية عملتها بالدولاار ، أولا لأن الذهب استغنت عنه الكثير من الدول وثانيا ليس لديها اقتصاد يدعم عملتها ..
أصبح لدينا بعد ذلك سوق الأوراق المالية ، بحيث يتم تبادل الأوراق بأسعار صرف متقلبة ، والمحرك الأساسي لهذا السوق هم المستثمرون والمضاربون إضافة الى الدول نفسها التي تبيع عملتها وتشتريها بناء على حاجتها الى عملتها أو حاجتها لتحسين وضع عملتها أو لحاجتها لعملات أجنبية .. موضوع طويل جدا لا نريد الخوض فيه ..
الذي يهمنا حاليا " الدولار " فأصبح الآن أمام مأزق ضعف الاقتصاد الأمريكي الذي كان يدعمه ، وأيضا استغلال الدول التي تعاني من تسلط وهيمنة وخبث أمريكا مثل الصين واليابان وروسيا التي تريد ضرب الدولار وكسر ظهر أمريكا ، مع أن أمريكا تقول بسخرية أن ثلثي الدولارات الأمريكية موجود في خزانات الدول في أنحاء العالم ومن أراد أن يغرق أمريكا فعليه أن يغرق أيضا معها ..
بالنسبة للدول التي تبيع سلعها بالدولار أو تربط عملاتها بالدولار ، فهي في خطر ضرب الدولار الذي سيهوي بدخلها وأيضا سيضخم عملاتها أمام الدولار وليس لها حل الا أن تهبط معه أو تحاول دعمه ..
بالنسبة لأمريكا .. فتناسبها المقولة " الثقة أصعب شيء تجدها وأسهل شيء تفقدها "
أصبحت دولة ثرية وشعبها مرفه ومعيشتها باهضة وتحولت من الانتاج الى الصناعي بعد ازدهار الصناعة الشرق آسيوية ، الى الاستثمارات المالية والخدمات بقوة بنوكها وتنوع خدماتها وتطورها الكبير في هذا المجال ، ولكن بعد انهيار الثقة فيها وتهالك مؤسساتها المالية أصبحت أمريكا في مواجهة كارثة الفقر أو الحرب أو قبول الهزيمة وتغيير أمور كثيرة في منهجها .. فأولا يجب أن تسحب الكثير من القوات المنتشرة في العالم والتي تصرف عليها مبالغ هائلة ، أيضا لا بد لها من التوجه الى تحريك عجلة الصناعة والانتاج من جديد ، وأيضا تنازلها عن الرفاهية ونزول مستوى المعيشة فيها تماشيا مع المأساة التي تمر بها ، وأيضا العناية بالعجز الحكومي ومحاولة الخروج منه قبل أن يحصل لها مأساة سندات الأرجنتين والفقر الداهم ..
بالنسبة للشركات العالمية .. فالشركات اصبحت تنتج أكثر من المطلوب وخصوصا من السلع المعمرة ولذلك فهي أمام مشكلة الاضطرار لتقنين الانتاج أو لحرب اسعار أو الافلاس أو الانكماش .
هذا سيؤدي الى رخص المواد الأولية مع قلة الطلب عليها ، وتخفيض أسعار الخدمات بسبب قلة الطلب ، وقلة الاقراض بسبب ضعف الثقة وارتفاع نسب المخاطرة ..
بالنسبة للعالم .. فهو في مسار اقتصادي وسياسي هابط خلال مرحلة البحث عن حلول ووضع بنود جديدة للعولمة والعلاقات السلمية .. العالم أصبح كولايات ضمن دولة عالمية ، ولذلك تطبيق منهج أمريكا في كونها ولايات متحدة بنظام عام وكل ولاية مستقلة ولها قوانينها التي أسسها أهل الولاية ..
بالنسبة للأزمة .. فما زالت سرطان يسري ولم يمكن استئصاله بعد ، وربما نرى البطاقات الإئتمانية والتجارة الإلكترونية والسندات الحكومية .. الخ ، ربما نرى أزمات أخرى قادمة .. إنها رحلة العودة الى القاع أو زوال القشور وظهور النواة .. دعونا ننتظر وننظر .
لـــــــــــــذلــــــــــــــك ..
يجب تقنين الشركات المساهمة وإلغاء الحرية الرأس مالية ، لكي تكون المنافسة معقولة ولا تستهلك المصادر الطبيعية والمواد الأولية في سبيل السباق المادي .. وهذا سيؤدي الى أن الشركات ستأمن ظهور منافسين جدد وستعتني بالتطوير والجودة وثبات الانتاج.
يجب وضع بنود أخلاقية في المعملات الاقتصادية وتكون لها ضوابط وسلطة مراقبة قانونية محلية ودولية .
يجب التركيز على الاستقرار الاقتصادي أكثر من التركيز على النمو الاقتصادي ، ومن ثم يجب أن يكون النمو بمعدل متماشي مع المنطق ويقف على أسس قوية وعلى مسار منتظم .
يجب العودة الى نقاط اقتصادية متدنية لعودة الثقة وبناء أسس اقتصادية جديدة ، لأن أي بناء حالي سيكون غير جدير بالثقة وسيكون معرض للفشل وتفاقم المشكلة أكثر مما حصل الآن ..
يجب محاربة الغش التجاري والبضائع المقلدة وفق منظمة تجارة عالمية ذات سلطة ومصداقية ومتابعة .
العودة للذهب والفضة سيعيد العالم الى الحضيض من جديد ، ولذلك لا أرى أنه قرار صائب في العودة وتعبئة المخزون منهما ، ولكن الأفضل البقاء على قيمة وقوة الاقتصاد كخيار أفضل ..
الدولار تدعمه أوبك بقوة ، وأوبك ذات ثقل اقتصادي كبير .. ولو حصل واستغنت عن الدولار سيكون كارثة أمريكية .
...............................
عمــــــــــــــومـــــــــــــــــا
الأسواق المالية هي من يعاني حاليا من هذا التدني وانفجار فقاعة الاقتصاد المتضخم
اغلاق سوق المال كما فعلت الكويت أمر يدل على تخلف وعواطف ليس لها مكان في سوق المال ..
لا غرابة في نزول الأسواق الأمريكية الى مستويات متدنية لأنها حقيقة تهالك الشركات الأمريكية والمؤسسات المالية .
الربا محرم والبيع بالآجل أو التقسيط حلال ، والحكمة هي أن الربا يفسد تبادل المنافع .. ولذلك ليست قضية الربا هي سبب المشكلة الحالية ولكنها جزء من المشكلة ، وغالب المشكلة هو وصول سقف اقتصادي مبني على أسس هشة وحرية بلا رقابة وثقة مفرطة في المؤسسات المالية وظهور منافس من الشرق الآسيوي وتكبر الدول الغربية على الحقيقة المرة وهي ضعف اقتصادها وصعوبة منافسة الزحف الشرق أسيوي .
الاقتصاد الإسلامي هو أفضل الأنظمة ، ولكن الاقتصاد الإسلامي أغلبه أخلاقيات ونظم نزيهة لا يتم تطبيقها في الدول الإسلامية فكيف نريد تطبيقها في العالم .
المصارف يجب تحويلها الى شركات قابضة وتحت رعاية نظامية حكومية مرنة ، لأن الحكومة ترى بعدة أبعاد فيما يرى المصرف ببعد ربحي واحد .
أسواق المال .. بالنسبة لقيمة الشركة يجب أن تكون أحد أمرين ، إما أن تكون قيمة الأسهم الحرة زائد قيمة الشركة الدفترية واخراج المتوسط ، بحيث لا تقرر الأسهم الحرة القليلة والتي يلع بها المضاربون العابثون سعر شركة عملاقة . والأمر الثاني هو تكفل صانع السوق بالعناية بأسعار الشركات الكبرى في السوق المالية ورفعها وخفضها كما يتناسب مع المكرر والنمو ( كما هو معمول به في سوقنا ) .
الدولار ربما يحتاج الى النزول التدريجي الى نسبة الصفر المؤوي ، ومعه ستجاري باقي العملات الدولار ومعها ستكون الفائدة في مستويات متدنية ممتازة للمقترضين ..
ننتظر فترة التشبع من هذا النزول وعودة الثقة والقاع المغري والفرص السانحة ..
لكل قصة نهاية .. ولكن في الحياة ، كل نهاية هي بداية
شاهبندر
المفضلات