كل شيء لدينا له عناد..
صحيح أن الحوار الوطني على أصعدة كثيرة عبر الصحف، الفضائيات، الإذاعة، الندوات، المناسبات.. قد عرّى أعمدة الاختلاف التي أصبحت سهلة الوصول إلى التداول لكنها بأقليات ملحوظة.. قل عن ذلك إنه يعني المتشدد المنغلق الذي يحرّم رؤية بياض عين المرأة، وقل عنه الليبرالي المتطرف الذي لا يريد حلولاً وسطاً ومتدرجة وفق نموات الوعي في مجتمعه.. يريد أن يرى طوكيو في جدة، وكاليفورنيا في الرياض، واستكهولم في الخبر عبر قرار حكومي..
تداولنا لقضايا الفقر، الإسكان، البطالة، النمو الحضاري، الخدمات الصحية أمر مشروع للغاية لكن يجب أن يتم وفق رؤية موضوعية، لأن خدمة هذه المتطلبات لا تأتي على شكل منحة ولا هي احتكار فئة تطالب بالتنازل عنها ولا هي استيراد يسهل حصوله.. ليست في إطار "كن فيكون" ولكنها في إطار "خطط ونفذ ليكون" وهو ما يحدث..
أزمة سوق المال العالمية أجزم أنها شهادة نزاهة أداء وبعد نظر اقتصادي لنا، لم تكن معلنة ولا معروفة بل كان هناك شبه يقين عند كثيرين بأن اقتصادنا هو جزء من الاقتصاد الأمريكي، وأن علاقتنا المالية بواشنطن هي علاقة مداينات وبدائل..
ليس وزير المالية فقط ولا نائب محافظ مؤسسة النقد ولا رئيس هيئة سوق المال وأمين عام المجلس الاقتصادي ولكن واقع الأحداث الاقتصادية.. مجرياتها اليومية.. تصريحات كبار المسؤولين في العالم.. وقبل كل هؤلاء الحرص الشخصي لدى الملك عبدالله بن عبدالعزيز على إيضاح كل المطمئنات الاقتصادية.. ليس للخبراء فقط ولكن لكل الشارع العام من أنه ليست لنا علاقة جذب نحو التردي الاقتصادي كما في دول كبرى..
ماذا يريد الناس من تطمينات أكثر من هذا؟.. استقلالية اقتصادية عالمية أكثر من هذا؟.. خصوصية بأننا الأبعد تأثراً بما يحدث بعيداً عنا؟..
مع هذه الضمانات العالية المستوى أفضل موقف لمالك الأسهم أن يتجه إلى الشراء وليس إلى البيع.. لماذا يدخل "العناد" إلى ميدان الاقتصاد بما يضر مصلحة المتداول؟..
هل من المعقول أن يصل سهم سابك إلى ثمانين ريالاً وهو الذي كان يباع بمئة وستين ريالاً؟.. هل من المعقول أن يصل سهم بنك ساب إلى أقل من ستين ريالاً وهو الذي عرض بأكثر من مئة وأربعين؟.. الشيء نفسه نقوله عن شركات الاسمنت.. البنوك..
أفهم أن يوجد المشتري النشط فيحصل على كل ما يقدر عليه، لكن لا أفهم أن يوجد المرتجف الخائف الذي يبيع أسهماً استثمارية بثلث ما كانت عليه.. يفترض أن تمر الأسهم بفترة شراء وليس فترة بيع..
من هم الهوامير؟.. تتردد هذه الصفة كلما ترنحت عواصف مالية بسوق التداول.. ولا أدري كيف هو دور هؤلاء الهوامير؟.. وهذه التسمية نسبة إلى السمك الكبير، لكن الجمبري واللابستر هما الأصغر حجماً والأغلى ثمناً.. والمستثمر العادي.. المواطن البسيط هو غالي الثمن.. لكن أيضاً ماذا يؤكد أن هناك ما يسمى بالهامور العابث بالسعر.. ما يحدث يخالف المنطق، حيث المنطق يفرض احتمال أن يكون هناك مستثمرون كبار يشفطون كل رخيص في السوق وليس العكس.. ماذا يخيف المستثمر البسيط أمام هذه التأكيدات الرسمية ومن قمة الدولة بحيث أنه يتخلى عن وسائطه المالية.. من اخترع صفة هامور هذه؟ وأين توجد؟..
http://www.alriyadh.com/2008/10/19/section.leqa.html
المفضلات