كيف تفلس الدول؟.... أيسلندا الأوروبية أنموذجا
الاقتصادية" من لندن - - 12/10/1429هـ
أثار رئيس حكومة أيسلندا جير هاردي بداية الأسبوع الجاري، احتمال أن تعلن بلاده إفلاسها نتيجة الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بالنظام الاقتصادي الدولي. ولكن ماذا يعني أن تعلن دولة ما - مقارنة بالأشخاص أو الشركات - إفلاسها؟
ما الإفلاس، كما ورد في تقرير بثه أمس "بي. بي. سي": الإفلاس أن تصدر سلطة قضائية حكما يعلن أن جهة ما لن تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه دائنيها. إلا أن "إفلاس الدولة" ليس مصطلحا اقتصاديا شائعا يتفق عليه الجميع. ولكنه في الأساس، يعني عجز دولة ما عن الوفاء بديونها أو الحصول على الأموال من الجهات الخارجية لدفع أثمان ما تستورده من بضائع وسلع. وفي المنطوق الاقتصادي، يمكن تعريفه أيضا بـ "الأزمة في ميزان المدفوعات"، وهو مقياس مدخول وإنفاق الدولة.
ما الذي تستطيع الدولة فعله في حالة إفلاسها؟
إذا وجدت دولة ما نفسها عاجزة عن دفع أثمان وارداتها بسبب افتقارها إلى العملة الصعبة، فإنها اعتياديا تلجأ إلى صندوق النقد الدولي أو إلى الدول الأخرى لاقتراض المبالغ الضرورية.
حكومة أيسلندا أما إذا أخفقت في ذلك، لن تتمكن من استيراد السلع والخدمات الضرورية، وهو احتمال خطير جدا خصوصا لبلد كأيسلندا يعتمد على الاستيراد بشكل كبير.
ودأب صندوق النقد الدولي تاريخيا على استخدام القروض التي يمنحها للدول المختلفة كأداة للضغط على هذه الدول لإجبارها على اتباع سياسات اقتصادية ونقدية معينة (ويتهم بعض النقاد الصندوق باستخدام أساليب الإكراه، وبأنه مولع أكثر مما ينبغي بعقيدة الأسواق الحرة).
إلا أن الدول يمكنها الاقتراض أيضا من الدول الأخرى، وفعلا تزمع أيسلندا الطلب من روسيا إقراضها مبلغ 5.5 مليار دولار في مفاوضات ستنطلق الثلاثاء المقبل.
ما دور صندوق النقد الدولي؟
على خلاف مصفي الأملاك في حالات الإفلاس التجاري الاعتيادية، لا يستولي صندوق النقد الدولي على أصول والتزامات الدول "المفلسة"، التي تعني في هذه الحالة الدولة بأسرها وديونها كافة.
إلا أن الصندوق لديه مجموعة مما يطلق عليها "التسهيلات" المالية التي تتقاضى فوائد بالنسب السائدة في الأسواق. كما للصندوق تسهيلات خاصة تستخدم في حالات تعرض الدول للأزمات الاقتصادية الخارجة عن سيطرة حكوماتها. وتتميز القروض التي يمنحها صندوق النقد الدولي عادة بأنها ترتبط بباقة من الشروط على الدول المدينة تطبيقها لحل المشكلة التي أوصلتها أصلا إلى أبواب الصندوق.
ولكن صندوق النقد الدولي لا يستطيع التصرف إلا بدعوة من حكومة الدولة المعنية. هل يهب الصندوق لنجدة أيسلندا؟ قال صندوق النقد الدولي يوم الخميس الماضي إنه قرر تفعيل آلية طوارئ من شأنها منح القروض السريعة للدول التي تعاني صعوبات مالية جدية. وتمكن هذه الآلية الصندوق من التوصل إلى قرار بإطلاق القروض في فترة لا تتجاوز عشرة أيام. وكانت أيسلندا قد قالت عدة مرات إنها لم تتخذ قرارا فيما إذا كانت بصدد طلب مساعدة الصندوق، ولو أنها لم توصد الباب في وجه هذا الاحتمال.
ما أصل الأزمة الأيسلندية؟
تنبع المشكلة التي تواجه أيسلندا من الديون الضخمة التي كبلت مصارفها الرئيسية أنفسها بها، فحسب إحصاءات مؤسسة تومسون رويترز تدين البنوك الأيسلندية الكبرى الثلاثة (كاوبتهينج ولاندزبانكي وجليتنير) ما مجموعه 62 مليار دولار.
وقد اضطرت هذه البنوك إلى تجميد نشاطاتها حتى قبل تفاقم الأزمة المالية في الأسبوع الجاري، ولم تعد تتمكن من الوفاء بالتزاماتها قصيرة الأمد تجاه عملائها. وقد اضطرت الحكومة الأيسلندية إلى وضع يدها على معظم القطاع المصرفي في البلاد، والى التخلي عن خطة للدفاع عن عملتها، وإلى إيقاف عمليات بيع وشراء الأسهم، ووجدت نفسها منخرطة في صراع دبلوماسي مع بريطانيا، واضطرت إلى البحث عن المساعدة من الخارج.
http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=145812
المفضلات