نظام السوق المالية خطوة أساسية في برنامج الإصلاح الاقتصادي

التاريخ: الثلاثاء 2003/06/17 م


إقرار مجلس الوزراء أمس لنظام السوق المالية يعتبر خطوة هامة وأساسية في برنامج الإصلاح الاقتصادي في المملكة لما يسهم به ذلك من تحقيق مزيد من الشفافية والفاعلية في سوقنا المالية.

فعدم وجود نظام يحكم هذه السوق تشرف على تنفيذه جهة رقابية مستقلة تتسبب في الفترة الماضية في حدوث تجاوزات خطيرة في سوق الأسهم المحلية أضرت بمصداقية السوق. فالعمليات التي ينفذها كبار المضاربين بناء على معلومات داخلية تعطيهم ميزة نسبية على غيرهم من المتداولين تفقد السوق العدالة المطلوبة في أي أسواق مالية، وانتشار التداول الوهمي من قبل كبار المضاربين يعرض صغار المستثمرين لخسائر فادحة في أحيان كثيرة فهم عند أي حركة غير عادية على أسهم شركة ما يفترضون مباشرة وبناء على تجارب سابقة أنه يلزم أن يكون معلومات داخلية إيجابية مسربة لكبار المضاربين أدت إلى هذا الارتفاع في سعر السهم ويقعون في أحيان كثيرة ضحية لذلك. بل إن كبار المضاربين في بعض الأحيان وعندما تصلهم معلومات غير إيجابية عن أداء إحدى الشركات وفي محاولة للتخلص من الأسهم التي يحملونها تجدهم ينشطون الطلب على أسهم تلك الشركة مما يوهم الآخرين بأنه يلزم أن يكون هناك أخبار جيدة مسربة مما يتيح لهم التخلص من تلك الأسهم بسعر مناسب ويفاجأ الآخرون لاحقاً بأن ما ينشر من معلومات مالية عن الشركة يخالف ما كان متوقعاً.

واعتاد المتداولون على مثل هذه الممارسات بحيث أصبحت جزءاً من ثقافة السوق، بل إنها قد تعتبر في نظر بعض المتداولين نوعاً من البراعة والمهارة في التعامل في سوق الأسهم المحلية. رغم أنها ممارسات يعاقب عليها القانون أشد العقوبة في كثير من دول العالم.

ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال تتصف قوانين السوق المالية بالشدة والصرامة في كل ما يتعلق بالتداول المبني على معلومات داخلية أو نتيجة للقيام بتداولات وهمية، وتعتبر جريمة فدرالية يعاقب عليها القانون بالسجن ويقع باطلاً كل تداول يتم بناء عليها. وفي معظم دول العالم لا يجوز لمستثمر أو مجموعة من المستثمرين أن يستهدفوا شراء أسهم شركة معينة إذا كان ينتج عن ذلك سيطرتهم على ما يزيد عن نسبة محددة من إجمالي أسهمها المصدرة، ويلزم الإعلان عن هدفهم قبل الإقدام على عملية الشراء.

أما في المملكة فإنه ومنذ نشأة السوق وحتى الآن وبسبب عدم وجود نظام يحكم السوق المالية لم تكن مثل هذه الممارسات محظورة ولا توجد جهة مستقلة يقع على عاتقها مراقبة السوق والحد من مثل هذه الممارسات.

لذا فإقرار مجلس الوزراء لنظام السوق المالية خطوة مهمة ستسهم دون شك في تعزيز الثقة في السوق المالية في المملكة، حيث سيترتب على هذا النظام وجود جهة مستقلة للرقابة على السوق المالية مما يسهم في تقوية هذه الرقابة وتفعيلها ويحد من الازدواجية في جهات الإشراف والرقابة على السوق المالية في المملكة والمتمثلة حالياً في جهات عدة من بينها الإدارة العامة للشركات بوزارة التجارة وإدارة الرقابة على الأسهم التابعة لمؤسسة النقد العربي السعودي.

كما أن وجود نظام متكامل يحكم أسواق المال في المملكة يسهم في الحد من التقلبات العنيفة التي تشهدها سوق الأسهم في المملكة من وقت لآخر، مما يخلق جواً أكثر ملائمة للمستثمرين مما قد يساعد على اجتذاب الاستثمارات السعودية الخارجية وهي خطوة أولى نحو إعطاء مزيد من الثقة في اقتصادنا الوطني ويشجع على زيادة قدرة اقتصادنا الوطني على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، حيث إن قدرة الاقتصاد المحلي على اجتذاب استثمارات مواطنيه في الخارج للعودة للوطن وهي خطوة أولية وأساسية يجب أن تسبق أي محاولة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية. أيضاً سيدعم وجود نظام للسوق المالية الثقة العالمية بالسوق المالية السعودية ويزيد من جاذبيتها في ظل أي خطوة مستقبلية نحو فتح السوق المالية المحلية أمام المستثمرين الأجانب.