«واصل» و«مساكن» و«المليون حاسب آلي» ثلاثة مشاريع وطنية تجارية اجتماعية، يفرق بينها الهدف والغاية ويجمعها في النهاية الفشل، نتيجة تضليل الدراسات التي قامت عليها والاعتماد على مكاتب أجنبية لا تعرف شيئاً كثيراً عن السوق السعودية وسلوكيات المواطن، وإعلان المشروع مع عدم الاستعداد الكامل لتبعاته. ولنبدأ بأولها وهو مشروع «واصل» الذي شاهد فشله منه وفيه كما يقال، فيكفي إلقاء نظرة على الصناديق التي تم تركيبها على أبواب المنازل والمؤسسات والدكاكين وقد علاها الغبار وتغيّر لونها وحطم الصبية أبوابها من دون أن يستفيد منها أحد. واكتفي بالتساؤل: لماذا فشل المشروع الوطني الطموح؟ ومن سيتحمل كلفة الصناديق التي تم تركيبها؟ (بدأ بعض الناس في إزالتها من جدران بيوتهم)، وأضيف سؤالاً آخر: لماذا يتحمل المواطن أو موازنة الدولة تبعات مشروع فاشل؟ وهل ستتبع دفع الكلفة محاسبة المتسبب؟ وهل من سبيل لإحياء المشروع وإعادة الحياة إليه؟
أما ثاني المشاريع فهو المشروع التجاري الذي أُلبس ثوب الوطنية، وكانت الوعود بأنه سيحل أزمة الإسكان في البلد، وعلى رغم الضجيج والمعارضة التي صاحبت انطلاق «مساكن» إلا أن الوعود والمراهنة على نجاحه من مؤسسة التقاعد جعلا البعض يصدق والآخر ينتظر، وبعد مرور عامين لم تعلن المؤسسة عن رقم المستفيدين، وتوقّفت عن إطلاق التصريحات المؤكدة لأهمية مشروعها.
ولا أذكر طوال عامين أن المؤسسة زودت الإعلام بأرقام المستفيدين من المشروع، ولا توجد على موقع المؤسسة الإلكتروني أية إشارة إلى المشروع، على رغم أن «مساكن» ليست مثل «واصل» لأنها لم تكلف موازنة الدولة ولا المواطن ريالاً واحداً (عدا المستفيدين)، إلا أن فشل المشروع الذي أطلقته المؤسسة عن دراسة وقناعة يجعلنا نتساءل أيضاً عن سبب الفشل، وعن الأموال التي أنفقتها المؤسسة على الدراسات للمشروع التي هي أموال المتقاعدين التي تتعهد المؤسسة بتنميتها واستثمارها، وفشل «مساكن» دليل قوي على ضعف معرفة قواعد الاستثمار في المؤسسة، وضعف التسويق لدى الكوادر المسؤولة عن إطلاق المشروع.
ونعود للتساؤل الذي لا نجد له إجابة: لماذا فشل المشروع على رغم ما قيل عن جدواه والدراسات التي أعدت له؟ وهل ستكون هناك محاسبة جراء هذا الفشل؟
أما ثالث هذه المشاريع فهو المشروع التقني الوطني الاجتماعي لتوزيع مليون حاسب آلي، الذي تبنته هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وهدفها نصاً هو «تمكين مليون أسرة سعودية من الحصول على حاسب آلي شخصي عالي الجودة بطريقة ميسّرة خلال خمس سنوات وبأقساط مريحة»، وتم التصوير ودارت فلاشات مصوري الإعلام، وجاءت البشرى للمواطن بالخط العريض الأحمر عن المبادرة التي ستجعل المواطن السعودي «متوسط الدخل» يمتلك حاسباً آلياً بطريقة ميسّرة، وكان هذا في بدايات عام 1426 هـ.
ولكن وللأسف فخلال ثلاثة أعوام لم يتم بيع سوى 2900 حاسب آلي فقط، وليخرج علينا المدير العام لشركة «إنتل» في المملكة عبدالعزيز النغيثر بقوله: «إن أهم أسباب عدم نجاح مبادرة الحاسب المنزلي أو ما يعرف بمبادرة المليون حاسب منزلي، تعود إلى عدم كفاية الدعم المادي الذي قدمته الدولة للمبادرة»، مضيفاً أنه «في حال أرادت الدولة تحقيق أهداف المبادرة وإيصال جهاز الحاسب لكل منزل بما يحقق الأهداف الاستراتيجية للحكومة الإلكترونية، فلا بد من تقديم دعم لأجهزة الحاسب لا يقل عن دعم الأعلاف والقمح والتمور». ولن أعلق على كلام رئيس «انتل» فهو تاجر يتكلم عن مصلحة شركته، ولكن أين اختفى مسؤولو هيئة الاتصالات بعد تلك الصور والتوقيعات الشهيرة مع ثماني شركات عالمية ومع مصارف محلية لتمويل المبادرة؟ أم أن المشروع انتهى بالنسبة إليهم بعد التقاط الصور؟ ولماذا لا يخرج علينا مسؤول من هيئة الاتصالات ليخبرنا عن أسباب فشل المبادرة؟
واختم بالإشارة إلى أن هذه المشاريع الثلاثة لم يطلبها المواطن ولا المسؤول، وإنما جاءت بمبادرة من مسؤولي تلك الجهات، وبعد دراسات واستطلاعات، فلماذا فشلت؟ وهل لدى مسؤولي هذه الجهات الشجاعة للخروج على وسائل الإعلام لإعطائنا مبررات وأسباب الفشل أو عدم النجاح؟ والأهم من ذلك هل ستتم المحاسبة والمساءلة لمن تسبب في فشل هذه المشاريع؟
عبدالله ربيعان
* اقتصادي سعودي - بريطانيا
المفضلات