الجزء الثالث
التاريخ: 1/6/2003 م
في البداية نكرر ذكر
صافي الارباح الحقيقية لشركة الاتصالات السعودية التي قدرت بنحو 32 ريالاً للسهم الواحد خلال السنتين الاخيرتين، اي بمعدل 16ريالاً في السنة المالية الواحدة. هذه الارقام لا تشير لها القوائم المالية للشركة التي تم نشرها مؤخراً وذلك بسبب اخطاء الحساب والاطفاء التي اتبعها فريق مراجع الحسابات عندما ادرج
مصروفات غير روتينية ضمن قائمتي الدخل لهاتين الفترتين مع ان جزءاً منها يخص فترات اخرى بالاضافة الى المعالجة غير السليمة لمستحقات التقاعد التي يفترض ان تتحملها الجهة التي قامت بالتأمين التقاعدي الا وهي مصلحة معاشات التقاعد.
وحتى هذه اللحظة لم يمكن معرفة السبب الذي جعل شركة الاتصالات تتبرع بصرف 50% من المستحقات التقاعدية للموظفين المعارين مع انه يفترض ان يترك امر التفاوض في هذا الشأن بين كل من مصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مع امكانية مشاركة الشركة في المفاوضات دون ان يكون هناك اي التزامات مالية عليها.
ولهذا السبب اضافة الى الاسباب الاخرى التي ذكرناها في المرات السابقة، نكرر المطالبة بمراجعة واعادة صياغة القوائم المالية لهاتين الفترتين حتى
يتحقق مبدأ مقابلة الايرادات بمصروفات السنة نفسها.
فالدقة في البيانات والممارسات المحاسبية الصحيحة اصبحا من الاساسيات التي تقوم عليها مصداقية الشركات ما من شأنه ان يتيح الفرصة ل
لتحليل المالي الفعال الذي يفترض ان يكون الاداة المساعدة في اتخاذ القرار التي تعتمد عليها شريحة المستثمرين.
في هذا السياق ينبغي التفرقة بين اربعة انواع من المصروفات او البنود التي ظهرت في القوائم المالية الاخيرة للشركة سواء في قائمة المركز المالي او قائمة الدخل او القوائم التوضيحية الاخرى، وهي على النحو التالي:
1-تسوية المستحقات التقاعدية للموظفين المعارين للشركة من وزارة البرق والبريد والهاتف.
2-برنامج التقاعد المبكر الذي بدأ تطبيقه خلال عام 2001
3-مكافأة نهاية الخدمة خلال السنة المالية الواحدة.
4-مخصص مكافأة نهاية الخدمة وهو عبارة عن المبلغ المجمع خلال السنوات الماضية.
لا توجد اشكاليات جوهرية بالنسبة للبندين الثالث والرابع لوضوحهما محاسبياً كما بينه الاستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الفيصل في مؤلفه "المحاسبة: مبادئها واسسها" الجزء الثاني، الطبعة الثانية صفحة 16حيث يذكر:
"لقد نصت المادة (87) من نظام العمل والعمال على انه اذا انتهت مدة عقد العمل المحدد المدة او كان الفسخ من جانب صاحب العمل في العقود غير المحددة وجب على صاحب العمل ان يدفع للعامل المكافأة عن مدة خدمته تحسب على اساس اجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الاولى واجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية ويتخذ الاجر الاخير اساساً لحساب المكافأة".
كما يضيف المؤلف في صفحة 18انه:"يقتضي مفهوم مقابلة الايرادات بالمصروفات ان تحصر مصروفات كل سنة لتحمل على الايراد الذي صرف او ارتبط على المصروفات من اجل تحقيق الايراد.وتطبيقاً لذلك فإنه لابد للمنشأة ان تحسب مكافأة نهاية الخدمة التي تخص السنة موضوع المحاسبة واضافتها على مصاريف الفترة وزيادة مخصص مكافأة نهاية الخدمة بنفس المبلغ".
وبالنسبة لطريقة معالجة مكافأة نهاية الخدمة في القوائم المالية، فإن المؤلف يتطرق لهذه المسألة في صفحة 21على النحو التالي:
" يمثل مخصص نهاية الخدمة التزاماً على المنشأة غير محدد بزمن يظهر ضمن مطلوباتها طويلة الاجل في قائمة المركز المالي وفقاً لما جاء في معيار العرض والافصاح الصادر من وزارة التجارة".
وللمعلومية فإن مخصص مكافأة نهاية الخدمة المجمع حتى نهاية الربع الثالث لعام 2002 بلغ مايقارب مليار وثلاثمائة مليون ريال.وبعد هذا الاستعراض المبسط للبندين الثالث والرابع، يفترض الآن ان يكون القارئ قادراً على التفريق بينهما من جهة وبين البندين الاول والثاني من جهة اخرى.
فالغموض لايزال يخيم على طريقة حساب واطفاء وصرف مبالغ البندين الاول والثاني، تسوية المستحقات التقاعدية للمعارين والتقاعد المبكر، خلال سنتي 2001- 2002 التي بلغت مايقارب المليارين ونصف المليار ريال اي ضعف مخصص مكافأة نهاية الخدمة، هذا الاجراء المحاسبي المخالف لابجديات الاسس المحاسبية سيؤدي بالتأكيد الى الاضرار بمصالح الكثير من المستثمرين بشتى انواعهم من خلال عدم اعطاء الصورة الفعلية لاداء ربحية الشركة.
فبدلاً من المعالجة الفردية للحالات التي انتقلت من النظام القديم وعددها 5559 حالة باستخدام ادوات العلوم المالية والاكتوارية ومن ثم بيعها الى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية نجد انه كان هناك تسرع في القرار الذي ادى الى تحمل الشركة 50% من مستحقات تلك الحالات واعتبارها كمستحقات تسوية تقاعدية مع انها عبارة عن مبالغ اشتراكات لكل من الدولة والموظفين خلال السنوات الماضية بالاضافة الى ايرادات استثمارات تلك المبالغ بواسطة مصلحة معاشات التقاعد باعتباره الصندوق الادخاري لاموال تلك الاشتراكات.
اذاً ما شأن شركة الاتصالات السعودية باستحقاقات التقاعد؟
وما مهام جهات التأمين التقاعدي كمصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية؟
اليست المهمة الوحيدة للشركة الخاصة في هذا المجال اشراك موظفيها في نظام تقاعدي معين ودفع اشتراكاتهم بشكل دوري ومستمر؟
ولا نستطيع القول في الوقت الراهن الا ان هذه مجرد تساؤلات غاية في الاهمية لاطراف عديدة وبحاجة الى اجابات صريحة وشاملة وبفترة قياسية توازي سرعة انقضاء فترة الاكتتاب التي تنتهي بنهاية هذا اليوم.
النقطة الاخرى في هذا السياق والتي تطرقنا لها في المرات السابقة تتعلق با
لاستعجال في اطفاء تلك المصروفات التي تقدر بنحو المليارين ونصف المليار ريال على فترتين ماليتين فقط مما يعد اخلالاً بالمبادىء المحاسبية "ومخالفاً للمنطق ايضاً فمثل هذه المصروفات غير الروتينية كان بالامكان معالجتها بشكل غير روتيني ايضاً وبأسلوب يؤدي الى الغاء اي احتمالات لظهور خطر على مستوى مصداقية التقارير المالية.
ولهذا وخاصة ان الشركة تمر في فترة حرجة
تستهدف كسب ثقة كل من شريحتي المستثمرين والمستهلكين على حد سواء، نرى ضرورة المراجعة الفورية للآليات المحاسبية والمالية التي اعتمد عليها مراجع الحسابات.
واخيراً وحتى يمكن تحقيق مبدأ الشمولية في تحليل المتغيرات المتعلقة بقضية الحسابات الختامية لشركة الاتصالات السعودية، نرى ان هناك ضرورة لتوضيح الفروق بين خصائص كل من مصروفات تسوية المستحقات التقاعدية ومصروفات التقاعد المبكر خاصة فيما يتعلق بعامل الزمن ومدة فترات الخدمة ونترك هذه المهمة لمسؤولي الشركة الذين نتوقع منهم المساهمة الجادة من خلال التطرق بكامل التفاصيل لجذور هذه المسألة المالية التي بدأ مؤخراً ظهور تأثيرها على
تباطؤ نمو الارباح الفعلية.
المفضلات