دراسة: 11 سببا تبرر إبقاء الريال مرتبطا بالدولار
- "الاقتصادية" من الرياض - 25/07/1428هـ
حددت دراسة اقتصادية حديثة 11 سببا لإبقاء الريال السعودي مرتبطا بالدولار الأمريكي. ومن بين الأسباب التي أوردتها الدراسة التي أعدها سعود بن هاشم جليدان (متخصص في الدراسات الاقتصادية), أن أسعار صرف عملات معظم دول العالم في الماضي كانت بصورة أو بأخرى مرتبطة بالدولار عندما كانت أنظمة الصرف الثابتة شائعة قبل بداية السبعينيات. والسبب الجوهري الآخر، هو أن معظم دخل المملكة يأتي من إيرادات النفط ومشتقاته والغاز الطبيعي والمنتجات البتروكيماوية، ويتم تبادل هذه السلع وتسعيرها بالدولار الأمريكي. ومن أسباب تثبيت سعر صرف الريال بالدولار – كما يقول الباحث - هو التخلص من تأثيرات تغير أسعار العملة ومضاعفاته على الميزانية الحكومية، حيث إن من شأن تعويم الريال مقابل الدولار، أن يسبب تذبذباً في إيرادات الحكومة النفطية (المقومة بالريال) التي تمثل معظم الإيراد الحكومي. وفي المقابل, فإن أبرز تكاليف رفع أسعار صرف الريال هو انخفاض قيمة صادرات المملكة.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
تتأرجح أسعار صرف العملات بشكل مستمر منذ التخلي عن نظام أسعار الصرف الثابتة في بداية السبعينيات من القرن الماضي. وتسيطر تقلبات أسعار صرف العملات الرئيسية على حركة أسواق العملات في مختلف أنحاء العالم. والعملات الرئيسية على مستوى العالم هي الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي والين الياباني والجنيه الاسترليني. وهناك العديد من العملات الأخرى الأقل تأثيراً في أسواق العملات، ومنها الفرنك السويسري والدولار الكندي والدولار الأسترالي.
ترتبط حركة العملات في مختلف دول العالم، بصورةٍ أو بأخرى وبشكلٍ رئيسي، بالدولار الأمريكي أو اليورو الأوروبي. ويتوقف ارتباط عملات دول العالم بهاتين العملتين على درجة الارتباط التجاري للدول المعنية بالولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. فالدول التي تعتمد بشكلٍ رئيسي في تجارتها الخارجية على التبادل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي، تربط أسعار صرف عملاتها باليورو، والدول التي تعتمد تجارتها الخارجية على التبادل التجاري مع الولايات المتحدة (والدول المرتبطة بالدولار الأمريكي)، تربط أسعار صرف عملاتها بالدولار.
سياسة مؤسسة النقد تجاه الريال
من خلال إلقاء نظرة على التطور التاريخي لأسعار صرف الريال السعودي أمام الدولار الأمريكي، يبدو أن مؤسسة النقد العربي السعودي تبنت سياسة ربط وتثبيت سعر صرف الريال السعودي بالدولار. فلم يتغير سعر صرف الريال مقابل الدولار خلال الـ 50 عاماً الماضية إلا مرات محدودة وبنسب منخفضة وعلى فترات متباعدة. وظلت العلاقة بين العملتين خلال تلك الفترة شبه مستقرة. وكما كان معمولاً به في معظم دول العالم (4) حتى تحرير الدولار الأمريكي من الارتباط بالذهب في بداية السبعينيات من القرن الماضي، ثبتت دول العالم ومن بينها المملكة أسعار صرف عملاتها مقابل الدولار. وحتى بعد فك ارتباط العملة الأمريكية بالذهب، استمر عدد كبير من دول العالم ومن ضمنها المملكة في ربط أسعار صرف عملاتها بالدولار الأمريكي، مما يعني تعويماً لأسعار صرف هذه العملات أمام العملات الرئيسية الأخرى.
دواعي ربط الريال بالدولار
يوجد العديد من الأسباب التي أعتقد أنها دفعت المؤسسة إلى سياسة ربط الريال بالدولار. ولعل من أهم هذه الأسباب أن أسعار صرف عملات معظم دول العالم في الماضي كانت بصورة أو بأخرى مرتبطة بالدولار عندما كانت أنظمة الصرف الثابتة شائعة قبل بداية السبعينيات. والسبب الجوهري الآخر، هو أن معظم دخل المملكة العربية السعودية يأتي من إيرادات النفط ومشتقاته والغاز الطبيعي والمنتجات البتروكيماوية، ويتم تبادل هذه السلع وتسعيرها بالدولار الأمريكي. ولا تشذ المملكة عن بقية دول العالم في تسعير صادراتها بالدولار الأمريكي، حيث إن معظم التجارة العالمية مقومة بالدولار الأمريكي. ومن أسباب تثبيت سعر صرف الريال بالدولار هو التخلص من تأثيرات تغير أسعار العملة ومضاعفاته على الميزانية الحكومية، حيث إن من شأن تعويم الريال مقابل الدولار أن يسبب تذبذباً في إيرادات الحكومة النفطية (المقومة بالريال) التي تمثل معظم الإيراد الحكومي. والتذبذب المشار إليه هنا في إيرادات الدولة ناتج من تقلب أسعار الصرف وليس بسبب تقلبات أسعار النفط التي أدت وتؤدي إلى صعوبة تقدير إيرادات الحكومة. فإضافة إلى التذبذب الحاصل الآن بسبب تقلبات أسعار النفط، ستعاني الإيرادات الحكومية من تذبذب آخر ناتج عن تقلبات أسعار الريال، وذلك في حالة تعويم الريال مقابل الدولار. وسيصعب ارتفاع التقلبات في حجم الإيرادات العامة من موازنة الإنفاق الحكومي ومن تقدير الإيرادات الحكومية وخصوصاً عند انخفاض أسعار النفط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن الدواعي الأخرى لربط أسعار صرف الريال السعودي بالدولار هو أن معظم دول العالم، عامة، تعد الدولار الأمريكي عملة العالم، فهو الأوسع انتشاراً والأكثر استخداماً والأعظم قبولا. وقد عبر وزير الخزانة الأمريكية الأسبق دونالد ريجان في الثمانينيات عن هذا الوضع، عندما وصف تقلبات أسعار الدولار في الثمانينيات بأنها مشكلة عالمية وليست أمريكية. ومن الأسباب الأخرى المهمة لارتباط الريال بالدولار هو تمثيل الدولار الأمريكي للجزء الأكبر من الأصول الأجنبية للبنوك المركزية والتجارية في دول العالم. وأُسوةً بهذه البنوك، يشكل الدولار معظم الاحتياطيات النقدية لمؤسسة النقد العربي السعودي والأرصدة الأجنبية للبنوك التجارية في المملكة.
كما أن من الدواعي المهمة لتبني مؤسسة النقد سياسة تثبيت سعر صرف الريال والدفاع عن هذه السياسة هو كسب الثقة المحلية والدولية بالعملة السعودية وأنها ذات قيمة مرتبطة بعملة قوية. وأثمرت هذه السياسة على مرّ العقود بتعزيز الثقة بالريال السعودي كعملة يمكن استخدامها والاحتفاظ بها دون الخوف من تقلبات أسعار صرفها، وبذلك نجحت سياسة ربط سعر صرف الريال في زرع الثقة بالعملة السعودية. ولهذا فمن المجدي الاستمرار في السياسات الناجحة وعدم التخلي عنها بل والدفاع عنها في حالة الظروف الاستثنائية، لأن السياسات ة الأجل أكثر فائدة وأعظم مردوداً من السياسات الظرفية.
ــــــــــــــــــــــــــ
ومن أهم أسباب ربط سعر صرف الريال بالدولار وعدم تعويمه هو خفض مستويات المضاربة بالريال السعودي. إذ تقود المضاربة بالعملة في حالة المبالغة في ارتفاع سعر صرفها إلى ارتفاع مستويات تذبذب العملة، مما يقلل من استقرارها ويرفع من تكاليف الدفاع عنها ويقلل الثقة بها. ومن المعلوم، أن المضاربة تشوه مستويات العرض والطلب على العملة. فعندما يتوقع المضاربون رفع أسعار صرف الريال، فإنهم يعمدون إلى الاحتفاظ بالريال توخياً للاستفادة من فرق قيمته فيما بعد مما يضطر مؤسسة النقد إلى توفير كميات إضافية من الريال وشراء كميات من العملات الأجنبية لتجنب ضغوط رفع أسعار الصرف. وفي هذه الحالة سيستمر المضاربون بالاحتفاظ بالريال لحين التأكد من عدم إمكانية ارتفاع سعر صرف العملة، وعندئذ سيتخلص المضاربون من الريال مما يولد ضغوطاً أخرى على مؤسسة النقد لسحب السيولة الفائضة وإلا تحولت إلى تضخم. ولن تستفيد مؤسسة النقد من زيادة حجم العملات الأجنبية، حيث سيعاد بيعها لخفض حجم سيولة الريال الناتجة عن تخلص المضاربين من كميات كبيرة من العملة الوطنية. وفي المقابل، في حالة ظهور إشاعة أو زيادة التوقعات بقرب انخفاض سعر صرف الريال، فسوف يسارع المضاربون إلى التخلص من حيازاتهم من الريال مما سيولد ضغوطاً على الريال ويضطر مؤسسة النقد إلى الدفاع عن الريال باستخدام احتياطياتها من العملات الأجنبية، مما يخفض من حجم هذه الاحتياطيات. وإذا ما استمرت مثل هذه الضغوط لفترة طويلة، فقد تجد مؤسسة النقد نفسها مضطرة إلى خفض قيمة سعر صرف الريال في حالة تقلص احتياطياتها من الموجودات الأجنبية إلى مستويات متدنية. وقد نجح المضاربون في مرات عديدة في خفض أسعار صرف عملات عالمية مهمة مثل الجنيه الاسترليني في التسعينيات الميلادية من القرن الماضي. وعاث مثل هؤلاء المضاربين فساداً في العملات الآسيوية في منتصف التسعينيات، وحولوا الانتعاش الذي حققته بعض الدول الآسيوية إلى كوارث اقتصادية كما حدث في ماليزيا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أبرز تكاليف رفع أسعار صرف الريال هو انخفاض قيمة صادرات المملكة وخصوصاً النفط والبتروكيماويات بمعدل رفع سعر صرف الريال نفسه نظراً لأنها مسعرة بالدولار. وسيؤدي انخفاض قيمة الصادرات النفطية إلى انخفاض الإيراد الحكومي بالريال وتقلص قيمة الاحتياطيات النقدية والاستثمارات. كما أن من شأن رفع قيمة الريال أن يرفع فاتورة التحويلات من داخل المملكة إلى الخارج ويخفض قيمة صادرات القطاع الخاص بالريال السعودي مما قد يولد ضغوطاً على إيرادات الشركات وبقية المنتجين من الصادرات.
كما أن رفع قيمة الريال سيخفض من تكاليف الخدمات المستوردة ويعرض قطاع الخدمات المحلي الذي يواجه أساساً منافسة متزايدة من الخارج إلى ضغوط إضافية قد تهدد وجود كثير من الشركات القائمة في هذا القطاع. وتأتي قطاعات البنوك والتِأمين والاتصالات وتجارة التجزئة ضمن القطاعات التي قد تتضرر من ارتفاع حدة المنافسات الخارجية. وسيؤدي رفع قيمة الريال إلى رفع تكاليف الحج والعمرة لملايين الفقراء من المسلمين، كما سيؤدي إلى رفع تكاليف السياحة إلى المملكة ويخفض من تكاليف السياحة إلى الخارج. قد يؤدي رفع سعر صرف الريال إلى استنزاف جزء كبير من فائض الحساب الجاري التي تتمتع به المملكة في الوقت الحالي.
وفي حالة رفع أسعار صرف الريال ستنخفض قيمة موجودات مؤسسة النقد من الأوراق المالية والعملات الأجنبية إذا قيمت بالريال. وترتفع باستمرار صافي الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، فقد بلغت قيمة هذه صافي الموجودات الأجنبية لدى المؤسسة (903.4) مليار ريال في أيار (مايو) عام 2007. ومن المتوقع أن تتجاوز صافي الموجودات الأجنبية التريليون ريال قبل نهاية عام 2007. وسيؤدي رفع قيمة الريال بنسبة 3 في المائة إلى خفض قيمة هذه الموجودات بنحو 27 مليار ريال. ويوجد بالمقابل العديد من المؤسسات الوطنية كصناديق الإقراض المتخصصة ومصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وكذلك البنوك التجارية التي تودع بالريال السعودي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي. فهل سيؤدي انخفاض قيمة الموجودات الأجنبية إلى الإخلال بالتوازن بين موجودات مؤسسة النقد والمطلوبات منها؟ ويوضح الجدول (3) حجم الودائع الضخمة لدى المؤسسة.
وستتأثر بعض البيانات الاقتصادية في حالت رفع قيمة الريال، فسوف يؤدي رفع أسعار صرف الريال إلى رفع قيمة الناتج المحلي بالدولار، وبالمقابل سيرتفع حجم الدين المحلي بالدولار كما سترتفع تكاليف العقود الحكومية وتحويلات العمالة الأجنبية في حالة تقويمها بالدولار.
ومن الأسباب الجوهرية لربط سعر الريال بالدولار، هو تمثيل تجارة المملكة مع الدول التي تستخدم الدولار الأمريكي أو تلك التي ترتبط عملاتها بالدولار لجزءٍ كبير إن لم يكن الجزء الأكبر من تجارتها الخارجية. كما ترتبط المملكة بعلاقات تجارية قوية مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتنسق معها في مجالات كثيرة ومنها سياسات أسعار الصرف. وتربط وتثبت دول مجلس التعاون أسعار صرف عملاتها بالدولار الأمريكي، ويصعب على المملكة تغيير سياسة صرف الريال دون التشاور والتنسيق مع منظومة دول المجلس وخصوصاً في ظل المباحثات الجارية لتوحيد العملات الخليجية.
هل من الأفضل رفع قيمة الريال؟
يطالب البعض، في هذه الآونة، برفع سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي بحجة الحد من ارتفاع معدلات التضخم أو بحجج ارتفاع تكاليف السفر والسياحة الخارجية. ولعل رفع أسعار صرف الريال سيساعد على خفض فاتورة بعض الواردات وخفض تكاليف السفر إلى الخارج وخصوصاً السياحة الخارجية التي تكثر في موسم الإجازات، ولكن هذه العوائد لا تقاس بما سيتكبده الاقتصاد من جراء رفع سعر صرف الريال على صعد أخرى. ومن المستغرب أن يكثر المطالبون برفع أسعار صرف الريال في حالة انخفاضها، ولكن لا أحد يطالب بخفض قيمة الريال في حالة ارتفاع أسعار صرفه. ويستدعي المنطق السليم المطالبة بخفض أسعار صرف الريال في حالة ارتفاعها وذلك لمساعدة الصادرات والتجارة بشكل عام.
ومن البديهي أن يتوقف تأثير تغير سعر صرف الريال بدرجة كبيرة في حجم هذا التغير. فإذا كان حجم التغير في سعر الصرف كبيراً فإن التأثيرات الناتجة عن ذلك ستكون كبيرة. وانطلاقاً من هذا المنطق البديهي، فللحصول على تأثير كبير يكفل تصحيح معدلات التضخم ينبغي رفع سعر صرف الريال بنسبة كبيرة قد تتجاوز 10 في المائة على الأقل، لأن التأثير الإيجابي لرفع أسعار صرف الريال أمام الدولار بنسب تراوح مثلاً بين 2 في المائة و3 في المائة سيكون محدوداً على أسعار الواردات، مثلاً، بل ستذهب معظم فائدته إلى المستوردين والوكلاء والموزعين. فثقافة الأسعار السائدة في المجتمع، مع الأسف، تدفع بالأسعار دائماً إلى أعلى وبشكل سريع، بينما يقاوم الباعة خفض الأسعار ويعطلونها بشتى الوسائل. ولهذا، فإن من المتوقع أن تذهب معظم الفوائد الناشئة عن رفع قيمة الريال بشكل ضئيل إلى الباعة، ولن تتراجع أسعار المستهلكين بالنسبة نفسها. ومن جهةٍ أخرى، فإن معظم التضخم الناشئ في الوقت الحالي في المملكة يرجع إلى عوامل داخلية أهمها ارتفاع الطلب بشكلٍ عام، وارتفاعه على السكن بشكل خاص، والتوسع الكبير في حجم السيولة. وسيكون لرفع قيمة الريال تأثيراً محدوداً في معدلات التضخم.
ويدعي بعض المطالبين برفع أسعار صرف الريال بأن الصادرات لن تتأثر برفع قيمة الريال مطالبين الشركات برفع إنتاجيتها لتلافي تأثير رفع قيمة الريال. وهذا خلط عجيب بين أسعار الصرف والإنتاجية، وينبغي عدم الخلط بينهما، فالفارق بينهما كبير وتأثير كل منهما يختلف عن الآخر. فالشركات أو المؤسسات الموجودة في بيئة تنافسية ستحاول باستمرار رفع مستويات الإنتاجية للبقاء في الأسواق ولتعظيم أرباحها. ومن حق هذه الشركات أن تستفيد استفادة كاملة من تحسن الإنتاجية بدلاً من تحويل عوائد رفع الإنتاجية إلى تغطية تكاليف رفع قيمة الريال.
تراجع الدولار لن يستمر
ويرى كثير من المراقبين أن انخفاض أسعار الدولار مؤقت ولن يستمر طويلاً، بل إنهم يرون أن أسعار صرف الدولار منخفضة في الوقت الحالي وأن أسعار صرف العملات الأوروبية مبالغ فيها. وفي حالة تعويم الريال أمام الدولار في الوقت الراهن ورفع أسعار الصرف فإن ارتفاع أسعار الدولار مستقبلاً سيتطلب خفض الريال. فهل ستتم المطالبة بخفضه مستقبلاً؟ لدي شك كبير في مطالبة الذين يرفعون أصواتهم الآن برفع أسعار صرف الريال بأن يطالبوا بخفضه مستقبلاً.
وتقاوم الدول، وبشدة، رفع أسعار صرف عملاتها، لأن ذلك ليس في صالحها. فقد قاومت الصين، بشدة، رفع أسعار صرف عملتها الوطنية التي تعد أسعاراً منخفضة مقارنةً بالفائض الكبير في الميزان التجاري الذي تحققه مع الدول الأخرى. فهل رفع أسعار صرف العملة الوطنية مطلب وطني أم أجنبي؟.
وقد يستفيد المستهلك والمستورد والسائح السعودي ـ إذا ذهب إلى الخارج ـ من رفع قيمة الريال أمام الدولار، ولكني أتصور أن الاستفادة محدودة إذا ما قورنت بتكاليف أخرى سبق التطرق إلى بعضها في نص هذه الورقة. وتعويم الريال في حالة تبنيه يتطلب تغييراً في استراتيجيات مؤسسة النقد العربي السعودي والبنوك التجارية والمستوردون ونصوص العقود التجارية وذلك بسبب تغير استراتيجية تسعير العملة. وينبغي التنويه إلى أن وفرة الموجودات الأجنبية ليس سبباً كافياً لاتخاذ قرار بتعويم أو رفع قيمة الدولار، فقد قاومت المملكة في منتصف الثمانينات وفي عام 1999م الضغوط التي تعرض لها اقتصادها بسبب تدهور أسعار النفط وأصرت على الإبقاء على أسعار صرف الريال كما هي مما عزز الثقة بالعملة السعودية. إن سياسة أسعار الصرف هي إحدى اذرع السياسة النقدية للملكة وينبغي أن تستخدم بحذر شديد وأن تتسم بالرزانة والحنكة. كما ينبغي الإشارة هنا إلى أن تغيير سياسة الصرف الحالية يتطلب تغيير الوسائل التي تدعمها، ولذلك أعتقد أن الاستمرار في السياسة الحالية يبدو الأسلم خصوصاً في الوقت الحالي. وأود أن أذكر هنا أني لا أعمل لدى مؤسسة النقد العربي السعودي وليس لي مصلحة شخصية في الإبقاء على سعر الريال ثابتاً مقابل الدولار الأمريكي، بل على العكس قد أتحصل على استفادة محدودة من رفع قيمة الريال في حالة انخفاض أسعار بعض السلع المستوردة أو في حالة السفر إلى الخارج.
المفضلات