كتاب اليوم
عبدالله ناصر الفوزان* "إعمار السعودية" شركة مساهمة كبرى.. إذاً لمَ كل هذا الغموض؟ عندما أفصحت شركة إعمار السعودية في إعلان قصير مقتضب في رمضان الماضي أنها وسعت مساحة الأرض المخصصة لمشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بما يقارب أربعة أضعاف المساحة الحالية لتصبح 168 مليون متر مربع، وأن مجلس الإدارة سيجتمع لإقرار هذه التوسعة شعرت بالذهول.... فمساحة المدينة في الأصل لابد أنها قد حددت بناء على دراسات متأنية وخطط مستقبلية بعيدة المدى تنظر للحاجة والإمكانات، ولابد أن رأس مال الشركة الذي اكتتب فيه ملايين المواطنين السعوديين قد حدد بناء على هذا الأساس، فكيف يا ترى بعد أن تم كل شيء بما في ذلك تحديد رأس المال والاكتتاب فيه يتم توسيع المساحة أربعة أضعاف هكذا في غمضة عين وبإعلان مقتضب ليس فيه أية إيضاحات، وكيف يا ترى تتم المواءمة بين رأس المال الذي حدد أصلاً بناء على المساحة السابقة وبين المساحة الجديدة التي زادت بأربعة أضعاف...؟
كل هذه الأسئلة وغيرها طرحتها على نفسي وأنا مندهش... ولكن لأن الشركة قد قالت في إعلانها إنه سيتم الإفصاح عن مزيد من التفاصيل المتعلقة بهذا التوسع بعد اجتماع مجلس الإدارة الذي سيتم بعد يومين فقد قلت... حسناً... حسناً... ننتظر ونرى فقد نجد في هذا الإفصاح ما يقنع.
واجتمع مجلس الإدارة وأعلنت الشركة نتائج الاجتماع مطلع شوال ولم يرد ـ ويا للعجب الشديد ـ في الإعلان شيء من التفاصيل التي وعدت بها إذ ورد في الإعلان فقط موافقة المجلس على توسيع المساحة دون أية معلومات إضافية سوى القول إن التوسع سيضيف فرص عمل جديدة... هكذا وكأن فرص العمل الجديدة التي سيصنعها التوسع هي كل ما يهم المساهمين.
بصراحة... هذا أمر مدهش... فإعمار السعودية ليست شركة خاصة أو حتى شركة مساهمة مقفلة، بل شركة مساهمة عامة شارك في قيامها ملايين المواطنين، وكان المفروض أن يعرض مثل هذا الأمر الجلل ليس فقط على مجلس الإدارة بل وليس فقط على جمعية عامة عادية بل على جمعية غير عادية، فليس هذا التوسع المهول أقل شأنا من زيادة رأس المال التي لابد أن تقرها الجمعيات غير العادية للشركات هذا فضلاً عن أن هذا التوسع أصلاً لابد أن يتطلب زيادة في رأس المال ربما في المستقبل القريب، ولهذا كان المفروض كأمر طبيعي تقديم إيضاحات ومبررات كافية لهذا التوسع ولكيفية الحصول على تلك المساحات المهولة الجديدة وبأي ثمن تم الحصول عليها.
وبينما كنت غارقاً في حيرتي وتساؤلاتي لفتت نظري عبارة وردت في إعلان الشركة عن التوسع تقول إن التوسع "كان تجسيداً للتوجيهات الة لخادم الحرمين الشريفين" فازداد عجبي وتساءلت عن مغزى استناد الشركة في التوسع لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين والإفصاح عن ذلك للمساهمين، وقلت كيف يتم التصرف بأموال المساهمين بهذا الشكل دون إذنهم ودون تقديم أية إيضاحات لهم ويستند في ذلك لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، وقلت في نفسي ربما أن هذه الأراضي الجديدة كانت منحة من الحكومة أمر بها خادم الحرمين الشريفين دعماً للمدينة الاقتصادية وأقنعني هذا الاستنتاج فاتصلت بمسؤول في المدينة وسألته عما إذا كانت المساحات الهائلة المضافة للمدينة منحة من الحكومة فنفى ذلك بشدة، وقال إن المدينة قد اشترتها من أصحابها، فزاد عجبي وألح علي السؤال الكبير مرة أخرى فقلت إذا كان الأمر كذلك فما مغزى الإعلان للجميع أن هذا التوسع كان تجسيداً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين...؟؟
إن أي مساهم في شركة إعمار لابد أن تصيبه الحيرة عندما يقرأ تلك الإعلانات المقتضبة الخالية من أية مبررات أو إيضاحات عن تلك الخطوات الكبيرة الخطيرة المفاجئة، ولابد أن يتساءل عن أهمية موقفه ودوره، ويتساءل كذلك ـ وهذا هو الأهم ـ عن السعر الذي دفعته الشركة عن الأرض لكل هذه المساحات الشاسعة التي لابد أنه لم يأخذها في حسبانه وهو يساهم في رأس مال الشركة... بل إن أي مواطن حتى لو كان غير مساهم لابد أن يتساءل هو الآخر عن كل ذلك ويتعجب من هذه الحالة الصارخة لعدم الإفصاح وعدم الشفافية.
نحن نقول في أدبياتنا إن الحاجة هي أم الاختراع، ولذلك فعندما ازدادت حيرتي ووجدتني محتاجاً للمزيد من المعلومات التي لم تفصح عنها الشركة في إعلاناتها قلت في نفسي لعلي أحصل عليها عن طريق الاستنتاجات والمقارنة بين الأرقام في المركز المالي، فرجعت للمركز المالي للشركة للربع الأول من العام الحالي 2007م ثم للمركز المفصل لعام 2006م فزادت حيرتي إذ وجدت غموضاً آخر وهو ما سأوضحه في الجزء الثاني من المقال يوم الاثنين القادم بإذن الله.
المفضلات