قنبلة من العيار الثقيل أطلقها غلام حسين الهام، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، معلناً أن بلاده قررت اعتماد اليورو بدلا من الدولار في مبادلاتها الخارجية وأرصدتها في الخارج، حيث تعد الخطوة نقلة نوعية من حرب التصريحات المتبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران إلى مقاطعة اقتصادية حقيقة من جانب إيران تسبق المقاطعة المزمعة من الجانب الأمريكي.

محيط: شيرين حرب

القنبلة ليست بالخبر الجديد، حيث إن إيران لطالما كانت تلوح بين الحين والآخر باتخاذ مثل هذا الإجراء كنوع من الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، على خلفية تزايد الضغوط الأمريكية المنادية بفرض عقوبات دولية عليها بشأن ملفها النووي.

خطوة تصعيدية

وفي هذا السياق تقفز إلى السطح العديد من التساؤلات أبرزها هل ستصبح الولايات المتحدة الأمريكية عرضة للابتزاز أكثر وأكثر ؟، وربما ليس بعيدا ان تنتهج دولا عديدة أخرى نفس السبيل حيث سبق وأن لوحت بعض الدول بنفس التهديد والذي يعتبر ضربة قاصمة وخطوة تصعيدية من جانب إيران ردا على السياسات الأمريكية العدائية تجاهها .

القرار حسب تصريحات الوزير الإيراني التي أوردها موقع قناة العالم الإخبارية ينص على وضع الموازنة الإيرانية في المستقبل على أساس اليورو والتي كانت توضع حتى يومنا هذا على أساس احتساب العائدات بالدولار.

تؤكد هذه الخطوة استنتاجات البعض بأن إيران تعلم تماماً نية الإدارة الأمريكية على التضييق عليها بأي ثمن، ولو حتى بضربة عسكرية موجعة، بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية مؤخرا أنها ستحظر على أكبر البنوك الإيرانية التعامل حتى بشكل غير مباشر مع المؤسسات المصرفية الأمريكية، تحت زعم ستيوارت ليفي المسئول في وزارة الخزانة الأمريكية أن بنك صادرات ايران الحكومي قام بتحويل مئات الملايين من الدولارات سنويا إلى حزب الله اللبناني .

الخطوة التي انتهجتها إيران تأتي تزامناً مع بيانات حديثة لبنك التسويات الدولي التي أظهرت أن الدول المنتجة للنفط عملت على تقليص استخدام الدولار كوعاء ادخاري لعائداتها البترولية والتحول بدلا من ذلك إلى اليورو والين والإسترليني، وقد جاءت تلك البيانات لتؤكد الشكوك التي ساورت الأسواق إزاء وجود عملية تحول وبصورة متنامية من جانب منتجي النفط عن الدولار وهو ما قد يفرض ضغوط تراجع جديدة على سعر العملة الأمريكية.

وأظهرت البيانات التي أوردتها صحيفة الفاينانشيال تايمز عبر موقعها على ش
بكة الانترنت قيام الدول الأعضاء في أوبك إلى جانب روسيا بتقليص موجداتها الدولارية من 67% في الربع الأول إلى 65% في الربع الثاني، وفي الوقت نفسه قامت هذه الدول بزيادة موجداتهم من اليورو وذلك من 20% إُلى 25% كما تشير بيانات بنك التسويات الدولي.
مستقبل الدولار
وقد تسهم سرعة التحول من الدولار إلى سلة العملات الأخرى في تفسير حالة الضعف التي يعاني منها سعر صرف الدولار والذي انخفض مؤخرا لأدني مستوياته مقابل اليورو مذ 20 شهرا وأقل مستوياته أمام الإسترليني منذ 14 شهرا.


ويشار أن المرة الأخيرة التي أقدمت فيها الدول المصدرة للبترول على تقليص موجوداتها الدولارية من خلال التحول لعملات أخرى كوعاء استشاري لعائداتها النفطية وذلك في العام 2003 وهو ما دفع سعر اليورو لأعلى مستوياته أمام الدولار وبعد عام ونصف ارتفعت الموجودات الدولارية لتتجاوز الـ 70% من إجمالي الموجودات التي تشكل عائدات النفط.

ووفقا لصندوق النقد الدولي فإن ارتفاعات أسعار النفط منذ العام 2002 تعني أن الدول المنتجة قد حققت فائض حساب جارى وصل إجمالية إلى نحو 500 مليون دولار وهو ما يمثل 2.5 ضعف حجم فائق الحساب الجاري للصين.

وقد شهد إجمالي الودائع الدولارية لـ "أوبك" تراجعا بنحو 5.3 مليار دولار غير أنه في المقابل ارتفعت ودائع أوبك المقومة باليورو والين وذلك بمقدار 2.8 مليار دولار و 3.8 مليار دولار على التوالي.

وفيما يتعلق بروسيا فقد ارتفعت ودائعها الدولارية من العائدات البترولية بمقدار 5 مليارات دولار غير أنه معظم ودائعها الإضافية التي تقدر بـ 16 مليار دولار قد تم تقييمها بالدولار .

وحول رؤية الإتحاد الأوروبي لهذه المسألة اعتبرت إيمليا تورث ، المتحدثة باسم المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون النقدية يواكين ألمونيا، أن قرار إيران استخدام اليورو في تعاملاتها التجارية، خاصة في مجال التجارة النفطية، أمرا خاصا وقرارا فرديا يتعلق بالسلطات المعنية في كل بلد.

وكانت المتحدثة في معرض ردها على أسئلة الصحفيين بهذا الشأن "تبقى المفوضية حيادية تجاه مثل هذا القرار، لأنه محكوم بقواعد السوق، كما أنه يعود لأي دولة تحديد العملة التي ترغب أن تتعامل بها على الصعيد الدولي. وتابعت الناطقة "وبالرغم من ذلك سوف نتابع الموضوع لنرى تأثيره وما يمكن أن يكون رد فعلنا بعد ذلك".