الفتاة الأمريكية التي هرستها الجرافة الإسرائيلية عنوة ومع سبق الإصرار, لم تكن تحمل سلاحاً غير إيمانها بأن الشعب الفلسطيني مظلوم, وأن أساطين الدول العظمى أضعف من أن يقولوا: (لا) لجبروت الصهيونية وجزارها شارون الذي أعطى المثال تلو المثال على أن حكومته لا تتورع عن القتل والتشريد وهدم المنازل وتجريف الأرض مادام ذلك يخدم أغراضها وإن خالف كل الأعراف والمبادئ.
نعم.. إن ما يحدث على أرض فلسطين يظهر ازدواجية المبادئ, والجبروت على كل الدول مع الجبن الواضح حيال شارون ومن يقفون وراءه.
الإرهاب أيضاً في قاموس الصهاينة والمتصهينين له أكثر من تعريف. فهو معرف بوضوح فيما يخدم أهداف الدولة ذات القوة والجبروت وسواء وافق مجلس الأمن أم لم يوافق فإن القول ما قالت (حذام).
لكن التعريف ذاته يُصبح نسياً منسياً حالما يكون الأمر ذا علاقة باليهود.
وطبقاً للتعريف: هناك ضحايا كثيرون وبخاصة من ترى الصهيونية العالمية أنهم خطر عليها. أما من ترى أنهم يخدمونها أو أن أفعالهم تخدم أهدافها فليس فيما يفعلونه أو يقولونه ما يضير.
لنعد إلى الفتاة التي سحقتها الجرافة الإسرائيلية يوم الأحد 13/1/1424هـ الموافق 16/3/2003م فهي لم تفعل شيئاً يستحق هذا العمل الوحشي سوى انها حاولت منع الجرافة من هدم منزل أسرة مظلومة, مستخدمة جسدها لمنع التجريف.
كما أن عضو مجلس النواب الأمريكي فقد منصبه رغم استماتته في الاعتذار للصهيونية عن زلّة لسان قالت بأن الضغط اليهودي وراء إصرار صقور واشنطن على الحرب على العراق سواء وافق مجلس الأمن أم لم يوافق.
إذن: فنحن أمام صنفين من البشر: صنف له ما يريد. ويغفر له ما يفعل, مهما كان عمله مُخالفاً للأديان أو المبادئ الدولية. وذلك الصنف هو الصهيونية ومن يدور في فلكها.
أما الصنف الثاني فهو الذي له الويل إن أغضب الصهيونية أو عملاءها المتصهينين الذين التفوا حول البيت الأبيض أو حول قصر (بيكنغهام).
ومن لديه أي وجهة نظر أخرى فليُحلل ما يدور في الأفق الدولي هذه الأيام, ومنذ أن أحكم الصهاينة قبضتهم على مصادر القوة في كل من أمريكا وبريطانيا فسوف يجد الاحتجاج تلو الاحتجاج والتهديد وراء التهديد لكل من لم يسر في فلك القوم (إذ لا حرية للقول هذه الأيام), وسوف يجد -بالمقابل- تسامحاً واضحاً وتجاهلاً كاملاً لما يفعله شارون مهما بلغ شناعةً وفظاظةً وخراباً وتدميراً.
لقد اختلطت المقاييس, وبرزت الوجوه بشكل لم يعهده العالم في العصور الحديثة, وكأننا فجأة أصبحنا في العصور الوسطى, حينما كانت محاكم التفتيش تعيث فساداً في الأرض, وتُمارس أعمالاً هدفها خدمة القوي ضد الضعيف. وما علموا أن الدنيا دول. وان القوي اليوم يجب أن يعلم أنه سوف يكون ضعيفاً فيما بعد, ولعل بريطانيا العظمى تتذكر كيف كانت في أوائل القرن الماضي, وكيف أصبحت في نهايته. فالله تعالى يقول: {وتلك الأيام نُداولها بين الناس}, كما أنه يقول سبحانه:
{قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير}. صدق الله العظيم.
حمود البدر
|
 |
 |
|||
 |
 |
||||
رد مع اقتباس
المفضلات