نحتاج لهيئة حكومية للتأكد من تطبيق المعايير المحاسبية
تنشر الشركات سنويا قوائمها المالية (الميزانية, قائمة مصادر الاموال واستخداماتها, قائمة التدفق النقدي, حساب الارباح والخسائر, قائمة الدخل) للعديد من الاهداف لعل من اهمها التحليل المالي الذي يستخدم في:
1- معرفة المركز الائتماني للشركة وكذلك تحديد مركزها المالي.
2- تقييم صلاحية السياسات التشغيلية والمالية التي تتبعها الشركة من خلال تقييم كفاءة الانشطة التسويقية والانتاجية والمالية للشركة.
3- تحديد القيمة الاستثمارية للشركة والتخطيط لسياستها المالية للحكم على مركز الشركة الفعلي في السوق.
ان التحليل المالي ليس مهما للادارة فحسب بل لجهات اخرى مثل البنوك والمساهمين والمستثمرين لانه يقدم معلومات عديدة ومتنوعة تمكن كل الاطراف المهتمة بالشركة من التنبؤ بمستقبلها ومن ثم اتخاذ القرارات الملائمة بمعنى انه اساس من اسس التخطيط والرقابة المالية فالتحليل المالي على سبيل المثال يساعد الادارة على معرفة قدرة المركز المالي للشركة على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية والحالية وبالتالي اتخاذ قرارات التصحيح حول السياسات المالية المتبعة من قبل الشركة كما انه يساعد على تعرف حملة الاسهم على ملاءمة ربحية شركتهم وبالتالي اتخاذ قرار الاستمرار او شراء مزيد من الاسهم أو التخلص من الاسهم الحالية.
إن التحليل المالي للقوائم المالية يتم بواسطة العديد من الاطراف لكل منهم هدفه وغرضه الخاص, لذلك هناك عشرات المعادلات الرياضية التي يمكن استخدامها في التحليل المالي كمعادلات نسب السيولة النقدية, معادلات نسب الدفع, معادلات نسب النشاط ومعادلات نسب الربحية, ان كل تلك المعادلات الرياضية يجب ان تجد كل ما تحتاجه من بيانات موجودة في القوائم المالية المنشورة فان اختفت معلومة فلن يكون هناك افصاح محاسبياً كاملاً.
ان الافصاح المحاسبي الكامل يتضمن ثلاثة محاور الاول يتعلق بتوفر المعلومات اللازمة لكل المعادلات الرياضية المستخدمة في التحليل المالي والثاني يتعلق بدقة تلك المعلومات والثالث يتعلق بالتغيير المحاسبي.
بمعنى ان على المراجع القانوني ان يتأكد من ان القوائم المالية تقدم كافة البيانات اللازمة للتحليل المالي وكذلك من ان تلك البيانات دقيقة جدا وتخلو من الاخطاء الجوهرية كما عليه ايضا ان يُخبر صراحة وبوضوح لغوي مستخدمي القوائم المالية عن:
1- اي تغيير يحدث في المبادئ المحاسبية المستخدمة كاستخدام طريقة الوارد اخيرا يصرف اولا بدلا عن استخدام طريقة الوارد اولا يصرف اولا عند تقدير تكلفة الوحدات المنتجة واثر هذا التغيير على صافي ربح تلك الوحدة المنتجة.
2- اي تغيير يحدث في التقديرات المحاسبية (كإعادة تقدير العمر الانتاجي للاصول الثابتة كالمباني والآلات واثر ذلك على صافي ربح الشركة).
3- اي تغيير يحدث في الوحدة المحاسبية التي تعد عنها القوائم المالية (كدمج قوائم مالية لمجموعة من الشركات التي كانت كل منها تُعد قوائم منفردة).
ان المتتبع للقوائم المالية المنشورة في المملكة العربية السعودية لن يجد صعوبة في الوصول الى قرار يؤكد ان المراجعين القانونيين العاملين في السعودية حريصون كل الحرص على ان تتضمن القوائم المالية المنشورة غالبية -ان لم يكن جميع- البيانات اللازمة للتحليل المالي, كما انهم حريصون كل الحرص على اخبار مستخدمي القوائم المالية عن اي تغيير قد يؤثر على نتائج القوائم المالية, ومع ذلك تتبقى بعض الاسئلة الهامة جدا مثل:
ما مدى دقة المعلومات الواردة في القوائم المالية?.
انني لا اتهم احدا ولكنني اتساءل فقط املا في الحصول على اجابة مقنعة مؤيدة بالادلة والبراهين حتى لا يقال ان المحاسبين والمراجعين القانونيين في السعودية ليس لديهم دليل يثبت انهم يصادقون على معلومات دقيقة, وبالتالي فانه يمكن اعتبار القوائم المالية المنشورة في السعودية هي قوائم وهمية وتتمشى مع رغبة مجالس ادارات الشركات وليس مع مبادئ المحاسبة ومعايير المراجعة المتعارف عليها, وبالتالي فان ما قيل عن بعض المحاسبين والمراجعين القانونيين في امريكا ينسحب ايضا علي اقرنائهم هنا في المملكة.
وسؤال اخر او جهه الى مقام مجلس الشورى الموقر مفاده من يضمن لمستخدمي القوائم المالية دقة المعلومات الواردة في القوائم المالية المعتمدة.
انني لا اشك ابدا في مصداقية المحاسبين والمراجعين القانونيين ولكن هل وجود ديوان المراقبة العامة. ومن قبله المراقب الداخلي (الممثل المالي) دليل على ان ولي الامر يشك في ذم وزرائه او المواطنين بالطبع لا ولكن تطبيقا لقاعدة ليطمئن قلبي.
انني اعتقد ان كل قرارات وتنظيمات مجلس الشورى الموقر ستكون حبرا على ورق ان لم تخلق هيئة حكومية مستقلة يكون ولاؤها لوزارة المالية تقوم بالتأكد من ان المحاسبين والمراجعين القانونيين يصادقون على قوائم مالية تتضمن معلومات دقيقة وخالية من الاخطاء الفادحة.
* استاذ المحاسبة والمراجعة الحكومية المساعد
المفضلات