هو : عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتّاب بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن غُنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصي بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان .


* مولده :- قال أبو فرج الأصفهاني : أخبرني محمد بن الحسن قال : حدثني العلكي عن العباس بن هشام عن أبيه عن خراش بن إسماعيل عن رجل من بني تغلب ثم من بني عتّاب قال : سمعت الأخدر ( وكان نساباً ) يقول :

لما تزوج مهلهل بنت بعج وكانت قد أهديت إليه فولدت له ليلى , فقال مهلهل لامرأته هند : اقتليها , فأمرت خادماً لها أن يغيبها عنها , فلما نام هتف به

هاتف يقول :



كم من فتىً يــؤمل وسيد ٍ شـــــــــمردل

وعدة لا تجــــــهل في بطن بنت مهلهل



واستيقظ وقال : يا هند أين ابنتي ؟
قالت : قتلتها !
قال : كلا فاصدقيني , فأخبرته , فقال : أحسني غذاءها.
ثم تزوجها كلثوم بن مالك بن عتّاب , فلما حملت بعمرو بن كلثوم قالت : إنه أتاني اتٍ في المنام فقال :


يا لك ليلى من ولـــد يـــقدم إقدام الأسد
من جشم فيه الــعدد أقــــول قولاً لا فند


وبعد ولادته بسنة قالت أمه : أتاني ذلك الاتي فأشار إليه وقال :



إني زعيم لك أم عـمرو بماجـــد الجد كريم النجر

أشجع من ذي لبد هزبر وقاص أقران شديد الأسر

يسودهم في خمسة وعشر






* وعمرو بن كلثوم هو قاتل عمرو بن هند ملك الحيرة وكان سبب ذلك انّ عمرو بن هند قال ذات يوم لندمائه ، هل تعلمون أحداً من العرب تأنف امُّه من خدمة أمي ، فقالوا نعم عمرو بن كلثوم قال ولم ذلك قالوا لأن أباها مهلهل بن ربيعة ( الزير سالم ) وعمها كُليب بن وائل اعز العرب وبعلها كلثوم بن مالك ابن عتّاب أفرس العرب ، وابنها عمرو بن كلثوم سيد من هو منه فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره ويسأله أن يزير أمّه ، فأقبل عمرو بن كلثوم من الجزيرة إلى الحيرة في جماعة من بني تغلب واقبلت ليلى بنت مهلهل في ظعن من بني تغلب ، وامر عمرو بن هند برواقه فضرب فيما بين الحيرة والفرات وأرسل إلى وجوه أهل مملكته فحضروا ، واتاه عمرو بن كلثوم في وجوه بني تغلب فدخل عمرو بن كلثوم على عمرو بن هند في رواقه ودخلت ليلى بنت مهلهل ( أم عمرو بن كلثوم ) على هند في قبة في جانب الرواق . وقد كان أمر عمرو بن هند أمّه أن تنحي الخدم إذا دعا بالطرف وتستخدم ليلى . فدعا عمرو بن هند بمائدة فنصبها ، فأكلوا ثم دعا بالطرف ، فقالت هند يا ليلى ناوليني ذلك الطبق فقالت ليلى لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها فأعادت عليها وألحَّت ، فصاحت ليى واذلاّه يا لتغلب. فسمعها عمرو بن كلثوم فثار الدم في وجهه ونظر إلى عمرو بن هند فعرف الشر في وجهه فقام إلى سيف لعمرو بن هند معلّق بالرواق ليس هناك سيف غيره فضرب به رأس عمرو بن هند حتى قتله ونادى في بني تغلب فانتهبوا جميع ما في الرواق وساقوا نجائبه وسارو نحو الجزيره. ففي ذلك يقول عمرو بن كلثوم :


بأيّ مشيَّةٍ عمرو بن هند تطيع بنا الوشاة وتزدرينا

تهـــددنـا وأوعـدنا رويدا متى كنّـا لأمــّك مـقــتوينـا




ويقال إن أخاه مرة بن كلثوم وهو قاتل المنذر بن النعمان بن المنذر وفي ذلك يقول الأخطل :



أبني كُليب إنّ عمَّيَّ اللّذا قتلا الملوك وفككا الأغلالا



يعني بعميه عمراً ، ومرة ابني كلثوم .



وعمرو بن كلثوم هو القائل : ألا هبي بصحنك فاصبحينا

وكان قام بها خطيباً فيما كان بينه وبين عمرو بن هند وهي من جيّد شعر العرب القديم وإحدى المعلقات السبع ولشغف تغلب بها ، وكثرة روايتهم لها قال بعض الشعراء :



ألهى بني تغلب عن كل مكرمةٍ قصيدة قالها عمرو بن كلثوم




ومن قوله لما علم أن النعمان بن المنذر ملك الحيرة يتوعده :


الا أبلغ النـعـمان عــني رسالة فــمدحــك حولي وذمك قارح

متى تلقني في تغلب ابنت وائل واشياعها ترقى إليك المسالح



ومن قوله ردا على وعيد الحارث بن أبي شمر الغساني موضحا ثقل بني تغلب :


ألا فاعلم أبــيت اللعن أنا على عـمدٍ سنأتي ما نريد
وتعلم أن محــــملنا ثقيل وأن زنــاد كبـــــتنا شديد

وأنا لــيس حــي في معد يوازينا إذا لبــــس الحديد



- ومن أعظم ما قيل في الشعر معلقة عمرو بن كلثوم

التي احتوت أعظم بيت قيل في الفخر وهو قوله :

إذا بلغ الرضيع لنا فطاما تخر له الجبابر ساجدينا



* وفاة عمرو بن كلثوم ووصيته :-


أدركته المنية وهو يناهز المائة والخمسين , وعندما أحس بدنوها جمع بنيه ليوصيهم وصية رجل حكيم فقال :

( يا بني قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد من ابائي ولابد أن ينزل بي ما نزل بهم من الموت وإني والله ما عَيرت أحداً بشيء إلا عُيرت بمثله إن كان حقاً فحقاً وإن كان باطلاً فباطلاً ومن سَب سُب فكفوا عن الشتم فإنه أسلم لكم وأحسنوا جواركم يحسن ثناؤكم وامنعوا من ضيم الغريب فرب رجل خير من ألف وردٍّ خير من خلف وإذا حُدثتم فعوا وإذا حَدثتم فأوجزوا فإن مع الإكثار تكون الأهذار وأشجع القوم العطوف بعد الكر كما أن أكرم المنايا القتل ولا خير في من لا رويّة له عند الغضب ولا من إذا عوتب لم يعتب ومن الناس من لا يُرجى خيره ولا يُخاف شره فبكؤه خير من دره وعقوقه خير من بره ولا تتزوجوا في حييكم فإنه يؤدي إلى قبيح البغض ) .