سوق بلا أب
علي سعد الموسى

حينما تحيق الهزيمة بفريق كروي، وبثلاثة أو أربعة أهداف في مباراتين متتاليتين، تبدأ سلسلة التصحيح ويطاح برأس المدرب وطاقمه الفني ويُقال الجهاز الإداري المسؤول، ويلغى عقد المدلك ويعطى مسؤول التغذية للفريق خروجاً بلا عودة. أما حين يهوي سوق الأسهم ثلاثة آلاف نقطة في ثلاثة أيام، ويهوي معه بمدخرات حياة ثلاثة ملايين مواطن في السوق، فإن الجميع يتفرج وكأن الكارثة تحل في أسواق المالديف وبورصة نيكاراجوا. كأن هذا السوق بلا مسؤول. حينما يتعلق الأمر بالكرة الساحرة المستديرة تتحرك القرارات، وحين يكون الأمر متعلقاً بدخل أساسي أو إضافي لحياة مليون عائلة سعودية تتكاثر الجماهير على المدرج ويخرج الكل من مسؤولية ما يحدث في الملعب.
حين تكون الخسارة في الكرة الساحرة يُقال أعتى المدربين ولو من باب التغيير النفسي والمعنوي وإعطاء دفعة ذاتية للفريق، وحين يكون الأمر متعلقاً بمصير ثلاثة ملايين مواطن في السوق، يصمت كل مسؤول عنه حتى من التصريح، بل يتسابقون إلى نفي الإشاعة الوحيدة التي أعادت نفساً بسيطاً إلى السوق ولو لجلسة واحدة. وبالبلدي، إذا كان هناك من بقي يستمع إلى أصوات ابن البلد: اعتبروا سوق الأسهم هذه المرة شيئاً يقارب مصالحنا وقراراتنا حين تكون الخسارة مع الكرة. اعتبروا هيئة سوق المال مثل ألمع أساتذة التدريب الذين مروا علينا وودعناهم لمجرد خسارة واحدة. اعتبروهم مثل ماريو زاجالوا الذي أهدى للبرازيل أروع كأس للعالم، ثم جاء هنا وفشل معنا في بطولة إقليمية، فأعطينا الزمام من بعده لمواطن مغمور وفاز بنا في الشهر التالي بكأس القارة.
اعتبروا هيئة سوق المال مثل كارلوس البرتو الذي ودعناه بعد أربعة فرنسا فواصلنا الخطوة في المباراة التالية بسبب الدافع النفسي مع مغمور آخر. اعتبروا مصير ثلاثة ملايين مواطن بذات مصير سمعتنا في الكرة الساحرة: تكلموا وصرحوا وناوروا وقولوا أي شيء كي تنقذوا حياة ثلاثة ملايين مواطن من الانهيار النفسي. أي شيء تقولونه أو تفعلونه سيكون تأثيره على السوق وعلى حياة ثلاثة ملايين مواطن، فبرهنوا أنكم معهم مثلما أنتم تبرهنون أنكم مع ردة الفعل على الكرة الساحرة. برهنوا أن للسوق ولهذه الملايين أباً أو ادعوا له بالرحمة ولهم بالصبر والثواب.