يمكن صياغة السؤال بعبارة اخرى.. كيف نبيع ونشتري (نتاجر) في سوق الاسهم?

في السابق كانت عمليات تداول الاسهم غير منظمة ولاتوجد الجهة المسؤولة عن التداول والتي تقوم بالاشراف والمراقبة على الاسهم. ونظرا لغياب السوق المنظمة والتي يجتمع من خلالها المعروض من الاسهم مع المطلوب منها فقد كان التداول يتم عن طريق المفاوضة المباشرة بين البائع والمشتري حول كمية وسعر الاسهم التي غالبا ماتكون مسعرة بقيمة أعلى أو أقل من قيمتها الحقيقة هذا بالاضافة الى الجهد المبذول -لغياب المكان- والوقت المهدر في الجمع بين جانبي البائع (العرض) والمشتري (الطلب).

وعلى العكس من ذلك ففي ظل وجود سوق مالية فالوضع يكون مختلف تماما. فالسوق المالي تأخذ في الاعتبار ظرفي الزمان والمكان وتوفر المعلومات المطلوبة عن جانبي العرض والطلب من حيث الكميات والاسعار مايجعل عمليات التداول تتم بطريقة منظمة فيها توفيرا للوقت والجهد وتتم العمليات وفقا لشروط وضوابط وقوانين تجعل من السهل الحفاظ على اموال وحقوق المتعاملين. وقد اصبحت السوق اكثر فاعلية بعد ان تطور التداول وتنفيذ الاوامر من اليدوي الى التداول الآلي من خلال الحاسب الآلي وعبر النظام المعروف بـ(تداول)((tadawul.

وتتيح المتاجرة بالاسهم الفرصة لدخول شريحة كبيرة من صغار المستثمرين وذوي الدخول المحدودة الى تملك جزء من الشركات المساهمة العاملة على ارض الوطن والمسجلة في السوق المالي والتي تتنوع حسب القطاعات والنشاطات ووفقا لنظام السوق المتبع. وكما هو معروف فان السوق المالي السعودي يشتمل على 68 شركة مساهمة مسجلة موزعة على ستة قطاعات مختلفة وهي:

قطاع البنوك ويشمل اسهم 9 شركات مساهمة

قطاع الصناعة ويشمل اسهم 25 شركة مساهمة

قطاع الاسمنت ويشمل اسهم 8 شركات مساهمة

قطاع الخدمات ويشمل اسهم 17 شركة مساهمة

قطاع الكهرباء ويشمل سهم شركة واحدة (كهرباء السعودية)

قطاع الزراعة ويشمل اسهم 9 شركات مساهمة

وذلك بعد دمج الشركات المتعددة.

فيما عدا قطاعي البنوك والاسمنت التي تتشابه منتجات الشركات فيها نجد منتجات الشركات المختلفة ضمن قطاعات كل من الصناعة والخدمات والزراعة تختلف من شركة لاخرى ضمن القطاع الواحد برغم التصنيف الواحد وهذا بالطبع لايخرج عن المنطق المتبع اقليميا وعربيا وعالميا بالرغم من الاختلاف النسبي بين سوق مالي وآخر وهذا التوزيع المختلف للشركات ضمن التصنيف الواحد يزيد من الفرص المتاحة امام اهتمامات المستثمرين المختلفة والمتعددة فمثلا في قطاع الخدمات في سوق المال السعودي توجد شركة للنقل البري واخرى للنقل البحري ومستقبلا شركة للنقل الجوي والسكك الحديدية فهنا يكون للمستثمر خيارات اوسع في توجيه استثماراته وفقا لاهتماماته من جهة ووفقا للطلب على خدمات النقل المتنوعة من جهة اخرى بالاضافة الى العديد من المتغيرات الاقتصادية وغير الاقتصادية التي قد يأخذها المستثمر في الاعتبار حتى ان بعض هذه الاعتبارات قد يشمل اشخاص مجالس الادارات فهذا نشيط وهذا اقل نشاطا.. وماينطبق على قطاع الخدمات ايضا يسري على قطاعي الصناعة والزراعة بشركاتهما المختلفة. وجود السوق المالي المنظم يحتم على كل من يرغب دخول سوق الاسهم للمتاجرة اتباع بعض الخطوات الاجرائية البسيطة لاتمام عمليات التتداول في السوق. ولاشك هنا ان الشكل التنظيمي للسوق المالي يساعد على فهم واستيعاب تلك الخطوات الاجرائية المطلوبة والتي تتم عبر الوسطاء المعروفين والمحددين في السوق (البنوك في السوق السعودي). فبعد قيام المستثمر بفتح حساب تداول لدى احد البنوك, والذي ربما يتطور لامكانية فتح حساب لدى اكثر من وسيط مايتطلب معه رقم مستثمر او رقم متداول.

وحساب التداول الذي ينشئه المستثمر لدى الوسيط وربما مستقبلا (رقم المستثمر) يتيح للمستثمر تداول اسهم الشركات المساهمة المسجلة في السوق المالي وفي حالة التعامل مع اكثر من وسيط مستقبلا وحصول المستثمر على رقم استثمار موحد يربط جميع ارقام حسابات التداول الخاصة بكل مستثمر مع ملاحظة ان وجود اكثر من وسيط للمستثمر لايعني امكانية عرض نفس الاسهم على جميع الوسطاء في آن واحد وانما يعني امكانية عرض اسهم شركة لدى الوسيط الاول واسهم شركة اخرى لدى وسيط آخر وهكذا حيث يضيف ذلك الى فرص الاختيار ليس فقط بين الاسهم وانما بين الوسطاء ايضا.

وبالنسبة للخطوات المتعارفة للتعامل في سوق المال السعودي فهي على النحو التالي:

1- يقدم المستثمر اوامر البيع او الشراء عبر الوسيط (البنك) الذي فتح فيه حساب التداول باستخدام وسائل الاتصال المباشرة (شخصيا) او عن طريق قنوات اخرى (تلفون, فاكس, انترنت, بريد الكتروني) هذه الاوامر هي عبارة عن اتفاقيات بين البنك والمستثمر لتنفيذ صفقة تجارية معينة. وبعد التأكد من توفر الاسهم في حساب البائع ( في حالة البيع) وكذلك التأكد من صحة بيانات المستثمر تبدأ الخطوة الثانية.

2- يتم ادخال الاوامر الى نظام ادارة الاوامر في البنك والذي يعتبر مستقلا عن الاعمال البنكية الاخرى- ومن ثم يتم تحويلها الى نظام تداول عبر شبكة اتصالات آلية سريعة.

3- يعمل نظام التداول على مطابقة الاوامر حسب السعر ووقت ا لادخال. وهناك العديد من انواع الاوامر والشروط الخاصة بتلك الاوامر والتي يمكن ان تبقى في نظام تداول ولفترة محددة (ربما شهر) بعدها يسحب الامر اذا لم يتم تنفيذه خلال الفترة المحددة او لم يجدد الامر.

4- يتم تنفيذ الصفقات من الاوامر التي تطابقت ومن ثم يتم نقلها الى مركز ايداع الاوراق المالية (المقاصة) لاكمال عمليات نقل الملكية.

5- عند انتهاء الصفقة تنتقل الاسهم مباشرة من حساب البائع الى حساب المشتري, حيث يتطلب تداول الشهادات ايداعها في حسابات تداول مسبقا. وتباعا يتم تحويل مبالغ الصفقات من خلال النظام السعودي للتحويلات المالية السريعة المعروف باسم (سريع).

ويجب ان لايغيب عن كل مستثمر انه باقدامه على الاستثمار وتوقعه للعوائد (الربح) لابد وان يصاحب ذلك قدر معين من المخاطر التي تختلف كما ونوعا باختلاف الشركات في كل قطاع وباختلاف القطاعات ولذلك نجد ان هناك اسهما تعرف باسمه العوائد (كالبنوك والاسمنت) وتعتبر اقل مخاطرة من اسهم المضاربات (كمنظم اسهم الخدمات وبعض اسهم الصناعة) وتعرف بأسهم المضاربة بالاسهم رخيصة الثمن مايغري العديد من المستثمرين خاصة الصغار منهم الى دخول سوق المال وقد تغيب عن بعضهم نسبة المخاطر الموجودة او المصاحبة لعملية استثمارية معينة خاصة اولئك الذين يدخلون السوق المالي دون سابق معرفة بالسوق او دون المام بالحد الادنى من المعلومات المطلوبة حول مؤشرات اداء الشركات والتقارير الربعية والسنوية وماذا يعني ارتفاع سعر سهم شركة معينة او انخفاض او تأثير الظروف غير الاقتصادية (السياسية مثلا) على اداء السوق او بعض ا لشركات فيه والى غير ذلك من المؤشرات الجزائية والتي لابد وان تؤخذ في الاعتبار هذا بالاضافة الى ضرورة الالمام بالمؤشرات الكلية الاخرى والتي تعنى بالاقتصاد الوطني مثلا حجم الدين العام توقعات الميزانية الحكومية, معدلات النمو الاقتصادي, معدلات البطالة, سعر الصرف للريال مع العملات الاخرى, سعر الذهب وسعر النفط.

د.علي دقاق