لماذا تسيطر أميركا وحدها على الإنترنت؟







عندما فقدت ليبيا مجالها على الإنترنت الذي كانت تنتهي فيه الأسماء للمواقع بحرفي (LY) لمدة خمسة أيام في العام الماضي، اضطرت لطلب المساعدة من وكالة مقرها كاليفورنيا تتبع وزارة التجارة الأميركية.


وأي شخص يريد أن يتعامل مع الموقع ينتهي اسمه على الإنترنت بالحرفين (LY) أو شبكة البريد الإلكتروني على المواقع نفسها لتبادل البريد الإلكتروني مع مواقع البداية، كان يواجه عبارة »لم يتسن العثور على الموقع«، أو »لا يوجد موقع أو شخص بهذا الاسم«، وبالنسبة لأي شخص يريد التعامل مع ليبيا على الإنترنت، ليس هناك بلد يدعى ليبيا.


والآن في الوقت الذي يمثل فيه الإنترنت أهمية حيوية للتجارة العالمية، بغض النظر عن الاتصالات العادية، فإن الانفصال عن العالم لفترة خمسة أيام خسارة كبيرة.


وعندما تحتاج إحدى الحكومات مساعدة حكومة أخرى لتظهر على خريطة الإنترنت العالمية، مرة أخرى قد يشكل ذلك ضربة قاسية للسيادة وربما للأمن القومي حتى لو كان السبب هو نزاع على المال أو المدفوعات، كما حدث في مسألة ليبيا.


فماذا لو سيطرت فرنسا أو بريطانيا على أسماء المواقع على الإنترنت؟ حسب سؤال »الفاينانشيال تايمز«، فهل ستطلب الولايات المتحدة العون في تلك الحالة من إحدى هاتين الدولتين لإصلاح العطب أو الخلل في عناوينها على الإنترنت؟


هذا النوع من السلطة في الحد من حرية استخدام الإنترنت الذي يتركز على أيدي حكومة واحدة في العالم، هو قضية حيوية بالنسبة لاثني عشر ألف شخص اجتمعوا في إطار مؤتمر الأمم المتحدة لمناقشة عصر المعلومات، واستضافت تونس المؤتمر الذي لم يسفر عن شيء.


عشية هذا المؤتمر كان هناك محيط افتراضي يفضل ويعزل الموقف الأميركي الذي يقول إن الوضع على ما يرام، عن مواقف بقية بلدان العالم، ويختلف مع الولايات المتحدة في ذلك أيضاً، الاتحاد الأوروبي، الذي يرى ان الانترنت هي مورد دولي عالمي لابد ان ينتقل مركز ثقله من واشنطن.


وتسيطر الولايات المتحدة على أسماء المواقع على الانترنت من خلال وكالة »إيكان« غير الربحية في كاليفورنيا، وهي المسيطر الفعلي على الانترنت، وهذه الوكالة هي نتاج تطور الشبكة الدولية من الأبحاث في الجامعات الأميركية ومعاملها ووكالاتها الحكومية في السبعينات.


وكالة »إيكان« التي يتكون اسمها من الأحرف الأولى من عبارة مؤسسة الانترنت لتحديد الأسماء والأرقام، هي السلطة المركزية في الشبكة الدولية للشبكات العالمية المحايدة غير المحكومة، ولكي يستطيع أي حاسوب ان يتصل بحاسوب آخر بسهولة، تدير وكالة »إيكان« نظام العناوين أو أسماء المواقع.


وتعطي لبنات بطاقات الهوية الفريدة للدول والأفراد والمؤسسات الخاصة، ولم يسفر النقاش الأخير بين الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس اللجنة الأوروبية خوسيه مانويل باروسو حول التحكم في الانترنت عن أي اتفاق أو نتيجة.


ويقول ديفيد جروس نائب وكيل الخارجية الأميركي انهم يفضلون »الأميركيون« ان يكون لديهم وثيقة يفخر كل شخص باقتنائها، وسوف يشعرون بالإحباط إذا لم يكن لديهم هذه الوثيقة، وكان يقصد الوثيقة الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للانترنت.


وقال مندوب من الاتحاد الأوروبي ان الاتحاد يطالب بهيئة دولية جديدة تمثل كل الحكومات لتضع مبادىء إدارة الإنترنت، وأعرب عن رفضه للسيطرة الأميركية المتفردة على الإنترنت على المدى الطويل، وقال ان الدول الأعضاء الخمسة والعشرين في الاتحاد الأوروبي يتبنون هذا الرأي، الذي وصفه أنه حل وسط بين نقيضين هما إعادة الهيكلة الكاملة أو بقاء الوضع على ما هو عليه بالنسبة لإدارة الإنترنت.


لكن المشكلة ان أميركا تملك غالبية أوراق اللعب وإذا كانت لا تريد التخلي عن أي منها لا يستطيع أحد ان يجبرها على ذلك كما يقول ملتون ميللر الشريك في مجموعة مشروع الإنترنت غير الربحي.


وعندما عقد اجتماع قمة في جنيف منذ عامين خشى كثيرون ان تكون الأمم المتحدة تريد السيطرة على الإنترنت من خلال الاتحاد الدولي للاتصالات. لكن موللر قال ان الاتحاد الدولي الآن غير مطروح، لكنه أضاف ان الأميركيين لا يستطيعون تبرير موقفهم أمام الضغط العالمي. ولا يعرفون معنى ان يقولوا في وجه 200 دولة في العالم ان الإنترنت حقيقة وكالة غير حكومية إلا بالنسبة لهم فقط.


واتفاقية تشغيل وكالة »إيكان« تحت إشراف وزارة التجارة انتهت في سبتمبر العام الجاري، لكن الحكومة الأميركية قالت انها مع ذلك لن تتخلى عن السيطرة على الإنترنت.


وقال بول كوامي الاسترالي رئيس وكالة »إيكان« ان شبكة الإنترنت التعاونية الديمقراطية ليست مثل أي شبكة تحت سيطرة أي جهة حتى الآن، فهي ليست مثل السكة الحديد أو البريد أو الاتصالات، وبالتالي تحتاج إلى منهج جديد لم يستخدم من قبل لكن أميركا لا تزال هي أميركا.