أصبح الحديث عن الانترنت وأهميتها خبراً قديماً والجديد أن العالم مشغول الآن بالحديث عن مرض جديد وعلم جديد يسمى "إدمان الانترنت" فهذا المرض الجديد أصبحت له مراكز متخصصة تجري من خلالها الدراسات لوضع حد له بعد أن اصبح وحشاً يعكر صفو حياتنا.


مواقع.. مواقع

قد يصاب البعض بالدهشة من الكم الهائل من المواقع الموجودة على شبكة الانترنت والتي تهتم وتتخصص في مرض إدمان الانترنت، بعضها يقدم النصح والمشورة بمقابل مادي وبعضها يقدم العلاج وبعضها يقوم بنشر الأبحاث والدراسات التي تتناول هذا المرض.

موقع WWW.crapco.com

يصف نفسه بموقع أولئك البائسين الذين لا يستطيعون السيطرة على هوسهم أمام الانترنت ومصمم هذا الموقع يؤكد انه مر بهذه التجربة الأليمة وانه أدمن الانترنت لسنوات ويصف هذا النوع من الادمان بأنه كالخمر والمخدرات.

وبالموقع حكايات واقعية لأناس لم يجمعهم سوى ادمان الانترنت وأمانيهم بالتخلص منه فالموقع يعرض مثلاً قصة زوج انفصل عن زوجته بسبب الانترنت وزوجة تشكو زوجها الذي أهملها هي وأولادها بسبب إدمانه اللامعقول للانترنت، وهذا شاب اتخذ قراراً ببيع جهاز الكمبيوتر الخاص به للتخلص من هذا الداء حيث كان يجلس أمامه ساعات طويلة منقطعاً عن العالم لكن المأساة ان هذا الشاب لم يتحمل فراق الكمبيوتر عنه فقام بشراء واحد آخر في اليوم التالي، وزوجة تشكو سوء معاملة زوجها عندما يجلس أمام الكمبيوتر حيث يصرخ فيها ويطردها من الغرفة.


مشكلة في الفجر

وفي موقع آخر هو WWW.Seanet.com

نجد قصة أخرى تجسد هذه المأساة يقول أحد مدمني الانترنت بدأ الشك ان عندي مشكلة ما عندما نهضت من سريري في الرابعة فجراً لتصفح الانترنت ذهبت للتحدث مع صديق عبر الهاتف ولم يكن هو الآخر في سريره كان يتضح الانترنت مثلي.

وهذا الموقع الذي تأسس بعد أن أصبح ادمان الانترنت مشكلة حقيقية يقدم معلومات عن هذا المرض الجديد ويصفه بأنه مرض خارج عن السيطرة وهو يهدد حياة مدمني الانترنت ويسبب متاعب عديدة ربما أهمها تفكك الأسرة أو على الأقل يصيب الحياة الزوجية بصعوبات كثيرة.


استخدام الانترنت مازال ضعيفاً

الدكتور سامي بن صالح الوكيل مدير مركز البحوث في كلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة الملك سعود قلل من حجم هذه المشكلة في المملكة معللاً بأن عدد مستخدمي الانترنت ودرجة الاستخدام لها لاتزال منخفضة مقارنة بالعديد من الدول وعلى سبيل المثال دولة صغيرة كسنغافورة حيث تبلغ نسبة استخدام الانترنت فيها 14في المائة من السكان بينما لاتزيد النسبة في المملكة أو دول الخليج عامة عن 4في المائة بينما تتجاوز نسبة المستخدمين للانترنت في دولة متقدمة كالسويد 40في المائة من السكان، ولذا فإن المشكلة الحقيقية للانترنت قد تكون ضعف الوعي بها وبتقنية المعلوماتية عموماً وعدم توفر سبل الاتصال بها للعديد من الأفراد والهيئات والحاجة إلى تأمين خدمات الانترنت بأسعار ميسرة وجودة عالية للقطاعات التعليمية والنشء.

ويضيف د.الوكيل بأنه قد لا يكون ضرراً استغراق الفرد في استخدام شبكة الانترنت مادام هذا الاستغراق في تحصيل ما ينفع فلو أمضى الإنسان ساعات طويلة في استعراض مواقع علمية تزيده معرفة أو مواقع إسلامية تزيده ثقافة ووعياً شرعياً لكان ذلك ايجابياً فالمشكلة تكمن في استخدام الانترنت فيما يضر ولا يفيد وفيما أثمه أكبر من نفعه.

ووصف د.الوكيل واقع الانترنت أشبه ببحر لجي يغشاه ظلمات وبه مع ذلك منارات للهداية وفي جوفه ما ينفع وما يضر، فالسالكون لسبيل الانترنت على وجه الادمان لها أشبه ما يكون بمن يغوص في بحر لا يدرك قراره وهم في ظني أزواجاً فمنهم ما طب ليل يجمع من الانترنت كل ما يقع عليه بلا تمحيص أو تصفية كمن يجمع الحطب مع الأفاعي في الليل البهيم، ومنهم شارب الماء الأجاج الشديد الملوحة كلما ازداد شرباً ازداد عطشاً فكذلك من أدمن الانترنت ولم يحسن البحث بها يشرب ويعب من نهل الانترنت دون ان تروي له ظمأ أو تشبع له نهماً فهو يدرك ما الذي يرغبه ولكن لا يناله وأخيراً هناك التائه في المفازة لا يدرك مخرجاً ولا يهتدي سبيلاً يدخل للانترنت ولا يدرك ماذا يريد أو ماذا يقصد أو يسعى لتحصيله فهو ينتقل من موقع لآخر دون تحقيق غاية أو ان يجد هدى.


للمواقع الإباحية دور كبير في إدمان الشباب

وسألنا الدكتور عبدالله بن سلطان السبيعي أستاذ واستشاري الطب النفسي بكلية الطب والمستشفيات الجامعية ورئيس المجلس السعودي للطب النفسي عن الأسباب التي تجعل الشباب يدمنون على الانترنت فأجاب قائلاً:

ـ الانترنت أداة جديدة مثلها مثل أي شيء آخر بالهاتف والتلفاز وغيره ومن المتوقع ان يساء استخدام أي من هذه في بداية توافره حتى يتعود الناس عليه ومن ثم يعود الكثير منهم إلى الاستخدام الطبيعي ولكن تبقى فئة تستمر في الاستخدام السيئ إما كماً أو كيفاً.

مضيفاً بأننا عندما نستخدم كلمة إدمان هنا فنحن نتحدث عن اعتماد نفسي لا جسدي ومن مظاهره مثله مثل أي اعتماد نفسي على مخدر مثلاً:

الافراط في الاستخدام أكثر مما كان الشخص ينوي عند بداية الاستخدام.

حصول ضرر من هذا الاستخدام المفرط إما مادياً أو نفسياً أو اجتماعياً أو أسرياً.

عدم القدرة على التوقف عن هذا الاستخدام المفرط رغم ما حصل ويحصل من ضرر.

وعليه فإن بنود تشخيص الإدمان على المخدرات يمكن تطبيقها حرفياً على تعاطي الانترنت.

ويرى د.السبيعي أسباب هذا الاستخدام المفرط أو الادمان منها:

الصور والمشاهد المثيرة للغرائز وطبيعة النفس البشرية فهي ترغب الشهوات إلا من رحم ربي.

الدردشة وهذه قد يكون فيها ما يثير ايضاً من الحديث مع النساء وما شاكله وقد تكون لمجرد الاسترسال في الحديث واستفاضة النقاشات فيما قد يفيد ولا يفيد.

البحث عن المجهول ومحاولة استكشاف كل جديد من مواقع وخدمات.

استخدام خدمات معينة مثل البحث العلمي أو المراسلات وهذه قد تأخذ الوقت الكثير من المستخدم ولكنها قد لا تكون إدماناً بالمعنى الصحيح.


أرقام مرعبة عن ادمان الانترنت

يخصص موقع www.inteliheath.com صفحات للحديث عن الأرقام المرعبة من واقع عالم مدمني الانترنت.

ـ 15في المائة من مستخدمي الانترنت مدمنون على غرف الدردشة.

ـ 9في المائة من مستخدمي الانترنت في العالم يقضون 11ساعة اسبوعياً أمام المواقع الاباحية.

ـ 80في المائة من البريطانيين يفضلون الانترنت على تناول البطاطس!

ـ 36في المائة من مراهقي الولايات المتحدة الأمريكية يدمنون الدخول للمواقع الإباحية.

ـ 16مليون أم أمريكية يدمن الانترنت.