28 تشرين الأول 2002
تزعزع ثقة المستثمرين العرب بنزاهة الرقابة الأمريكية

قال تقرير أعدته "جوردان انفستمنت ترست" إنه وفي الأسابيع التي تلت أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية تزعزعت ثقة المستثمرين العرب بنزاهة الأجهزة الرقابية الأمريكية إثر عمليات تجميد الحسابات التي يزعم أن لأصحابها صلة بنشاطات إرهابية وتزايد قلقهم حول الأموال العربية المودعة والمستثمرة في الأسواق الأمريكية بعدما قامت أسر ضحايا تلك الأحداث برفع دعاوى قضائية بقيمة 100 تريليون دولار. غير أن هذا القلق لم يؤد حتى الآن إلى خروج كبير للاستثمارات العربية من أسواق الولايات المتحدة حيث إن تحركات الأسعار في أسواق الأسهم والسندات والعقارات الأمريكية ما زالت العامل الأهم في القرار الاستثماري لأصحاب رؤوس الأموال العرب.

وحسب التقرير، الذي نشرته صحيفة "الوطن" السعودية، فإنه إذا كان هناك من سحب لرؤوس الأموال العربية في الخارج فالسبب الرئيس في ذلك يعود إلى الأداء السيئ هذه السنة لسوق الأسهم الأمريكي وفقدان الثقة بنزاهة الشركات المدرجة مما شجع عددا من المستثمرين إلى إعادة توزيع محافظهم. وتشير آخر بيانات بنك التسوية الدولية إلى أن بعض المواطنين السعوديين بدأوا بسحب جزء من إبداعاتهم من كافة المراكز المصرفية الأمريكية والدولية وإعادتها للسعودية وذلك ابتداء من منتصف عام 2001 أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر الماضي. ويؤكد التقرير أنه مع تراجع الأداء في الأسواق الرئيسة العالمية وفقدان الثقة بمصداقية الأجهزة الرقابية الأمريكية أصبح أمام أسواق الأسهم المحلية في البلدان العربية فرصة ذهبية لاستقطاب ولو جزءا من رؤوس الأموال العربية المستثمرة في الخارج.

ويقول التقرير إنه مقارنة مع أسواق الأسهم الناشئة الأخرى لا تزال الأسواق العربية صغيرة نسبيا إذ تشكل فقط حوالي 6.5% من مجموع القيمة الرأسمالية للأسواق الثماني والثلاثين الناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا وشرقي أوروبا. كما أنها تشكل أقل من 1% من إجمالي القيمة الرأسمالية لكافة أسواق الأسهم في المنطقة، أي حوالي 41% من هذا المجموع بما يعادل 79 مليار دولار . وما زالت أسواق الأسهم العربية صغيرة نسبيا إذا ما قورنت بالقيمة السوقية لشركة أمريكية واحدة مثل سيتي غروب والتي كانت في حدود 160 مليار دولار العام الماضي كما أن سوق الأسهم الإسرائيلي لديه 670 شركة مدرجة بقيمة رأسمالية تفوق 80 مليار دولار. وبالنسبة لأسواق السندات العربية فهي أيضا لا تزال تمر في مراحل تطورها الأولى حيث إن إجمالي قيمة سندات الشركات التي تم إصدارها حتى الآن لا تتجاوز 6 بلايين دولار. كما أن معظم الدول العربية تصدر اذونات خزينة وسندات حكومية. وقد وصل إجمالي ما تم إصداره حتى أواسط هذا العام إلى حوالي 120 مليار دولار معظمها من السندات التي أصدرتها الحكومات السعودية والمصرية واللبنانية. وحسب التقرير فإن أسواق الأسهم والسندات العربية تفتقر إلى العمق والسيولة مما يجعلها غير قادرة على استيعاب سوى نسبة صغيرة من الاستثمارات العربية في الخارج وإذا افترض أنه تم إعادة 10% من الاستثمارات السعودية في الخارج إلى الداخل فهذا يعني استيعاب السوق المحلي لما يزيد عن 70 مليار دولار أي ما يعادل إجمالي القيمة الرأسمالية لسوق الأسهم السعودي وهذا أيضا يساوي ضعف عائدات السعودية من النفط التي قدرت هذا العام بحوالي 40 مليار دولار.

وبالرغم من تقرير"جوردان انفستمنت ترست" ، أظهرت بيانات بنك التسويات الدولية أن ودائع السعوديين في البنوك الخارجية انخفضت 10% لتصل إلى 45.9 مليار دولار في أول ثلاثة أشهر من عام 2002، مسجلة بذلك رابع انخفاض فصلي على التوالي. وفي تقريره ربع السنوي الذي يتضمن أحدث بيانات من بنوك الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، قال البنك إن المواطنين السعوديين سحبوا نحو خمسة مليارات دولار من البنوك الخارجية التي شملها التقرير في الربع الأول من العم الحالي بعد انخفاض إجمالي ودائعهم في تلك المصارف 9.7 مليارات دولار في عام 2001 كله. ويقول محللون إن السعوديين سحبوا كثيرا من أرصدتهم في البنوك الخارجية وحولوها إلى بلادهم عقب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، لكن هذه الخطوة تزامنت أيضا مع اضطرابات أسواق الأسهم العالمية وهبوط أسعار النفط. وذكر بنك التسويات الدولية أن مواطني الشرق الأوسط وأفريقيا واصلوا سحب أرصدة من الخارج للربع الثالث على التوالي. وقال البنك "بالإضافة إلى الائتمانات المصرفية الجديدة أسفرت عمليات السحب عن تدفقات نقدية صافية بلغت سبعة مليارات دولار إلى المنطقة في الربع الأول.. ذهب معظمها إلى الدول المصدرة للنفط وخاصة السعودية".

ويرى المراقبون أن هبوط الدولار الذي جاء وسط تحركات مالية أسهمت في إضعافه مقابل العملات الأخرى. وكانت تلك التحركات المتمثلة في هروب المستثمرين من الأسواق الأميركية أحد سببين في هبوط الدولار. وقال يوسف ميشال إبراهيم الباحث في مجلس العلاقات الخارجية -وهو معهد أميركي للأبحاث- إن "ما يجري الحديث عنه اليوم هو موجة ذعر". وأضاف "لو كنت أملك 50 مليون دولار وبدؤوا يحدثونني عن تجميد أموالي فإني سأقوم بإخراجها بسرعة". وقال لموقع "الجزيرة" على الانترنت إن "العملية بدأت بهدوء كبير منذ خمسة أشهر وتسارعت في الشهرين الماضيين". وتابع هذا الخبير أن الحركة تسارعت مع نشر تقرير مؤسسة راند كوربوريشن لأبحاث الدفاع الذي يدعو علنا إلى تجميد الودائع السعودية في الولايات المتحدة.

ويبدو أن الحديث عن أسماء رجال أعمال سعوديين أثرياء على لوائح سوداء تتعلق بمنظمات للعمل الخيري يشك بعلاقاتها مع تنظيم القاعدة، أدى إلى تسريع سحب هذه الأموال. وقال إبراهيم إن "هناك مائتي أسرة في السعودية على الأقل تسيطر كل منها على مائتي مليون دولار". أثار تقرير سحب سعوديين مليارات الدولارات من الولايات المتحدة ردود أفعال متباينة عن صحة تلك السحوبات التي جاءت وسط توتر علاقات الجانبين ومخاوف من قيام الإدارة الأميركية بتجميدها بعد أن رفع أهالي قتلى هجمات 11 سبتمبر/ أيلول دعوى قضائية ضد مسؤولين وشخصيات سعودية. فقد شكك الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال في أنباء ترددت عن قيام مستثمرين سعوديين بسحب ما يتراوح بين 100 و200 مليار دولار من الأسواق والبنوك الأميركية. وقال الأمير في تصريح إذاعي إنه متمسك باستثماراته هناك وإنه يعمل على زيادة حصصه في شركات بعينها بالولايات المتحدة. (البوابة)
----------------------------------------------------------------------
www.albawaba.com
© جميع الحقوق محفوظة للبوابة2001 Al-Bawaba.Com
المصدر