قالت نشرة اقتصادية إن سيولة السوق استمرت في المحافظة على قوتها خلال الربع الأول من عام 2005 حيث سجلت رقماً قياسياً هو53.9 مليار درهم.وقالت نشرة «الإمارات تحت المجهر» التي يصدرها بنك دبي الوطني إن السيولة كانت مدعومة بعمليات شراء قوية من الشركات والأفراد.

وقالت النشرة: تواصل اتجاه السوق صعوداً بعد الزخم الذي اكتسبه في الربع الرابع من عام 2004، بدون توقف، وارتفع مؤشر بنك دبي الوطني المركب بنسبة 42.3%، والحساس بنسبة 45.3% ليصلا إلى 2686 و2810 على التوالي، حيث حطما رقميهما القياسيين السابقين، وهما 1817 و1859 . وذلك في أعقاب التوقعات بمكتسبات قوية في الربع الأول من عام 2005 نتيجة وفرة إعلانات الشركات عن أرباحها وقوة السوق المدعومة بتفاؤل متجدد يتعلق بمسار أسعار النفط، وبالتالي بتحسن العوامل الاقتصادية الأساسية. وكانت تلك الاندفاعة عريضة وتشمل جميع الأسهم في جميع القطاعات.


سيولة السوق تحقق آفاقاً جديدة

استمرت سيولة السوق في المحافظة على قوتها خلال الربع الأول من عام 2005 حيث سجلت رقماً قياسياً هو 53 مليار درهم ( 14 مليار دولار أميركي) مدعومة بعمليات شراء قوية من الأفراد والشركات وقد شهدت أسهم العملاق شركة إعمار العقارية والشركات المتوسطة، دبي للاستثمار، الاتحاد العقارية، شعاع كابيتال وتبريد تداولاً قوياً حيث سجلت أسهمها مجتمعة 56% من مجمل الحركة.

نتائج الشركات

إن أقل ما يمكن وصف نتائج الشركات التي أعلنت حتى الآن هي أنها باهرة. وقد تراوحت معدلات النمو من أرقام ذات خانتين، بل وحتى ذات ثلاث خانات، وجاءت على رأسها إعمار العقارية التي أعلنت عن نمو أسطوري يبلغ 712.5% في أرباح الربع الأول لعام 2005، وذلك نتيجة لنمو عام قوي وتحسن في الهوامش. كما أن المصارف قد أدهشت الجميع بنسب نموها الصاعدة على خلفية نمو الأرباح والعوائد (التي شملت زيادة حادة في الدخل من العمليات المصرفية الاستثمارية).

ومن الواضح أن المستثمرين منقسمون بين أولئك المستعدين لتقبل تقييمات مرتفعة للسوق وتوقعات استمرار نمو العوائد القوي، وأولئك الذين يرون أن العوائد قد تجاوزت الحدود بسرعة فائقة وهم ينتظرون تأكيداً لنتائج الشركات في الربع الثاني من عام 2005 قبل المجازفة بشيء. والقضية الحساسة هنا هي انه حتى لو كانت أسعار الأسهم الحالية غير مبررة عندما تقاس في ضوء أرباح الشركات للعام الماضي، فهل هي مرتفعة عندما تقاس بأرباح المستقبل؟

المفتاح يبقى انتقاء الأسهم

إننا نؤمن بذلك، ونحذر المستثمرين من تبرير التقييمات المرتفعة المبنية على توقعات أرباح مستقبلية مرتفعة. ونحن نتوقع نمواً معتدلاً لأرباح الشركات في معظم القطاعات عام 2005، حيث يعزز ذلك نمو بنسبة من خانتين للشركات الكبرى، وتدفق نقدي ثابت وميزانيات راسخة نسبياً، بغض النظر عن احتمال حصول عوائد متذبذبة لعدد قليل مختار.

ولذلك فإننا ننصح المستثمرين بممارسة الحذر في توزيع استثماراتهم المستقبلية، حيث إن الشركات التي سجلت زيادات ملحوظة في عوائدها عبر أنشطة مثل تمويل الطروح الأولية للأسهم، قد تكون تحت ضغط شديد لتكرار الأداء في عام 2005، وهو ما يمكن النظر إليه على أنه صعب الحصول إلى حد كبير.

المتفائلون والمتشائمون والواقعيون

مازالت المشاعر في سوق الأسهم مرتفعة ويمكن أن ينظر إليها في بعض الجهات على أنها عامل سلبي إلى حد ما. ورغم أن المتفائلين قد يواصلون المحاججة بأن سوق الإمارات لديه من الأسباب ما يكفي للارتفاع عن المستويات الحالية على خلفية عوائد النقط القياسية، فإن العوامل الأساسية الاقتصادية الكبرى.

والنمو الكبير في عوائد السهم تجعل من الصعب علينا تبرير الزيادة الجوهرية في تقييمات أسواق الأسهم التي حصلت هذه السنة، وربما ما يهم أكثر من ذلك ما إذا كان حدوث زيادة أكبر في سوق الأسهم عن المستويات الحالية أمراً مبرراً، إن مقاييس التقييم التقليدية، مثل نسبة السعر/ العوائد والسعر مقارناً بالقيمة الدفترية يشير إلى مبالغة كبيرة في التقييم.

إننا نرى في هذا السيناريو الاستثماري أن فلسفتنا الاستثمارية التي تنتهج شراء أسهم شركات رفيعة المستوى وذات نمو معقول ومرتبة قيادية في قطاعاتها ستعطي نتائج ممتازة للمستثمرين على مدى الدورات الكاملة للسوق، بما يتيح لهم أن يكونوا شركاء في الأسواق الصاعدة وتحميهم من الأسواق الهابطة.


ولو تكرر ما حدث في السوق حتى على المدى القصير فإننا لا نعتقد أن قضايا التقييم العريضة قد أضحت وراءنا. وعلى الرغم من أن الأداء الاستثماري على المدى القصير قد يتأثر بعوامل كثيرة، فمن المرجح أن الأداء الاستثماري على المدى الطويل قد يعكس مستوى ونمو عوائد الشركات وعلى سعر الخصم المطبق على تلك العوائد (رغم أننا نقر بأن تلك العلاقة قد لا تثبت بالضرورة في الأسواق الناشئة مثل الإمارات).

مسار السوق

هناك جدوى قليلة في التخمين حالياً حول المدى الفعلي الذي أدى إليه الصعود الحاد في السوق في مجال تخصيص رؤوس الأموال بصورة مناسبة. فالأمر يحتاج إلى معلومات أوسع بكثير من هذه المتاحة للوصول إلى النتيجة المطلوبة. إلا أن هناك نقطة جديرة بالملاحظة وهي أن مقدار رأس المال المخصص للاستثمار في الأسهم قد يكون كبيراً وأن تأثيره على النتاج الاقتصادي يمكن أن يكون كبيراً لفترة طويلة من الوقت مستقبلاً.

إن النظرية الاقتصادية الأساسية والمنطق السليم يؤكدان بأنه عندما يحدث انحراف كبير في السوق عن قيمته المناسبة، فإنه يخلق تشوهات اقتصادية ملحوظة. والمثال على ذلك هو نزوح رأس المال من قطاعات اقتصادية رئيسية مثل التصنيع والتجارة وغيرها إلى سوق الأسهم مما ينجم عنه تأثير سلبي خطير على النشاط الاقتصادي في حال استمراره.


وبصورة مماثلة فإن زيادة في سحب المدخرات بسبب تأثير الثروة (وهي عادة التأثير الأكثر وضوحاً للصعود الحاد في سوق الأسهم) قد يؤدي لطرد الاستثمارات من الاقتصاد وبالتالي خنق نمو الاقتصاد الكلي.

ونحن نعتقد أن السؤال ينبغي أن يكون «متى؟» وليس «هل؟» يحصل التصحيح. فعلى الجانب الآخر، يمكن للتصحيح السوقي أن يعيد اهتمام المستثمر إلى مقاييس التدفق النقدي، القيمة والدخل، وأنماط الاستثمار التي لم تشهد إقبالاً بصورة عامة في الماضي القريب.

فعلى المدى الفوري، نحن نرى بأن المشاعر الايجابية تجاه أسعار النفط مقترنة بتصاعد نتائج الشركات في الربع الثاني لعام 2005 قد توفر الحافز الذي قد يدفع سوق الإمارات إلى الأعلى. وعلى المدى المتوسط سنبقى حذرين تجاه مسار السوق لأننا نتوقع استقراراً أو انخفاضاً، خصوصاً في الشركات التي يبدو أن تقييماتها بولغ فيها.