التخطيط هو وضع الأهداف وإعداد التنظيمات اللازمة لتحقيقها.
وفي مصرف صغير قد يحتفظ مدير المصرف بخطة المصرف في ذاكرته وفي مصرف متوسط الحجم نسبياً قد يقوم مدير المصرف بتدوين المذكرات وعمل التقديرات البدائية.
ولكي تتمكن إدارة المصرف من تحقيق ما تصبو إليه من أهداف لابد لها أن تمارس وظائفها الرئيسة المتمثلة في التخطيط والتنسيق والرقابة واتخاذ القرارات
إلا أن أفضل الخطط هي تلك التى تقدم في صورة مكتوبة ومنسقة تشترك في إعدادها جميع المستويات الإدارية للمصرف إذ أن ذلك عدا عن كونه يسهم مباشرة في تشجيع جميع أفراد المصرف على تحمل مسؤولية تحقيق الأهداف المتوخاة ويعمل على نجاح الخطط الموضوعة فهو أيضاً يرفع الروح المعنوية لأفراد المصرف ويشعرهم بالارتباط مع الإدارة العليا ويقضي على النزعة الإنسانية في تأجيل التنفيذ أو التأخير فيه.
أما التنسيق فهو العملية التى يتم بموجبها توحيد الجهود بين الأقسام المختلفة للمصرف بحيث يعمل كل قسم منها على تحقيق الهدف الموضوع فلا يجب أن يصدر أحد الأقسام قرارات تخصه يكون لها أثر على قسم أو أقسام أخر دون الرجوع إليها كما لايجب أن يتفق قسمان على قرارات تخصهما دون النظر إلى الظروف المحيطة بالمصرف ككل.
والرقابة هي عملية متابعة تنفيذ الخطط والأهداف الموضوعة أو بتعبير آخر هي مقارنة الأداء الفعلي بالمستهدف وتحديد الانحرافات بينهما والبحث في مسبباتها ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل الأداء لكي يتوافق مع المستهدف.
وكما هو الحال بالنسبة لوظيفة التخطيط حيث تتضافر جهود الأقسام المختلفة بالمصرف للمشاركة في إعداد الخطط فإن وظيفة الرقابة أيضاً تتطلب تفويض صلاحياتها إلى مستويات مختلفة من المديرين في المصرف إذ في حين يخضع المديرون للرقابة المباشرة من السلطة الإدارية العليا في المصرف يقومون بمتابعة تنفيذ مرؤسيهم للخطط والأهداف الموضوعة.
إن وظائف الإدارة المتعلقة بالتخطيط والتنسيق ليست مجتمعة كما أنها ليست منفصلة عن بعضها بعضاً بحيث لايمكن مناقشة إحداها دون الأخرى فعند وضع الخطة لابد أن يكون هناك نظام فعال للتنسيق، كما أنّه من المستحيل التحصّل على التنسيق والرقابة المنشودين دون وضع نظام للتخطيط، والتنسيق أيضاً مستحيل من دون مراقبة محكمة، كما أن المراقبة المحكمة ينتج عنها تنسيق تام.
والإدارة العليا للمصرف هي جهة الاختصاص باتخاذ القرارات وتحتاج وظائف الإدارة فيما يتعلق بالتخطيط والتنسيق والرقابة إلى قرارات الإدارة لوضعها موضع التنفيذ إذ إن جميع إجراءات العمل السابقة أو المصاحبة لوظائف الإدارة تترجم في صورة قرارات تنفيذية.
ومن طبيعة الأمور أن تعتمد قرارات الإدارة على ماهو متاح لها من بيانات ومعلومات وتختلف البيانات والمعلومات التي تتخذ أساساً لاتخاذ القرار الإداري تبعاً لحجم المصرف بالدرجة الأولى إذ كلما كان المصرف كبيراً كانت حاجة الإدارة إلى البيانات والمعلومات أكثر.
لذلك تهتم الإدارة بتجميع البيانات والمعلومات باعتبارها ضرورة لإصدار القرار، ويكون قرار الإدارة أقرب إلى الصواب كلما كانت البيانات والمعلومات التى أعد على أساسها القرار دقيقة وواضحة.
وعلى الرغم من أهمية البيانات والمعلومات الوصفية في ترشيد قرارات الإدارة إلا أن البيانات الرقمية أكثر أهمية في تمكين الإدارة من اتخاذ القرار المناسب.
ولعل أكثر صور البيانات الرقمية وضوحاً هي القوائم المالية التى يعدها المصرف لبيان نتيجة نشاطه ومركزه المالي وهذه القوائم تعد عادة في نهاية كل سنة مالية بناءً على معلومات تاريخية فهي تظهر نتيجة النشاط خلال فترة منتهية وتصور المركز المالي للمصرف في نهاية الفترة التى أعدت عنها.
ونظراً لأن طبيعة قرارات الإدارة تتعلق دائماً بالمستقبل وتتطلع إليه فإنه من غير المناسب الاعتماد كلية على البيانات التاريخية، مالم تتخذ هذه البيانات كأساس للتنبوء بالمستقبل، وذلك لأن القوائم المالية التاريخية تعكس ما حصل في الماضي لكنها لاتكشف عن تفسير كاف لماذا حصل ما حصل، كما لاتمكن دائماً من تحديد أثر الحوادث الماضية على المستقبل، هذا عدا عن أن القوائم المالية التاريخية تعرض عمليات المصرف في فترات متباعدة ما يجعلها ضئيلة القيمة فضلاً عن أن إعدادها يستغرق في العادة وقتاً غير قصير إذ غالباً ما ينقضي وقت طويل بين انتهاء الفترة المالية التى تعد عنها القوائم المالية وبين التاريخ الفعلي لتصوير تلك القوائم.
ونظراً لقصور البيانات التاريخية المتمثلة في القوائم المالية التى يعدها المصرف في نهاية الفترة المالية فإن من مصلحة الإدارة أن تعد بيانات تقديرية لما تطمح في الوصول إليه، هذه القوائم التقديرية هي ما يعرف بالميزانيات التقديرية، إذ لايمكن للإدارة أن تصدر قرارات صائبة إلا إذا كانت على علم بظروف المشكلة موضوع القرار وأيسر الطرق لإمداد الإدارة بالمعلومات عن ظروف المشكلة هو الأرقام التى تظهر في شكل قوائم مالية تقديرية، فالميزانية التقديرية هي عبارة عن خطة مالية تعبر عن سياسات وخطط المصرف في المستقبل، لكن التنبؤ بالمستقبل لاينبغي أن ينظر إليه كضمان أكيد لوحده لنجاح المصرف إذ إنه لاتوجد في الواقع طريقة يمكن استعمالها لقياس الأحداث المستقبلية بدقة كبيرة ويمكن الاعتماد عليها في وضع السياسات المستقبلية، حيث إن كل ما يمكن الوصول إليه من المعلومات عن الظواهر الاقتصادية يعطي فقط صورة عامة ومجملة للمستقبل ولذلك يجب تزويد خطط المصرف بقدر كبير من المرونة يمكن معها مواجهة ما قد يستجد من ظروف لم تكن مأخوذة في الحسبان عند وضع الميزانية التقديرية.
وعند تطبيق فكرة التخطيط على الميزانية التقديرية فالأمر يستلزم وضع خطط مفصلة تقدم على أساس التنبؤ مقدماً بنشاط المصرف مستقبلاً في صورة ميزانيات تقديرية فرعية لكل مفردة من مفردات نشاط المصرف.
وعادة توضع أهداف الإدارة على أساس برامج سنوية وقد تقسم السنوات إلى فترات أقصر كأن تعد الميزانيات على أساس ربع سنوي أو نصف سنوي.
إن خطط المصرف يجب أن توضع بدقة وإحكام إلى أقصى حد ممكن، لذلك يجب أن تترجم الميزانيات التقديرية المعبرة عن خطط الإدارة أهداف مشكلات وإمكانات كل قسم من أقسام المصرف على أساس النظرة الشاملة للمصرف ككل بحيث لايكون هناك تعارض بين هذه الأقسام في التنفيذ، وبطبيعة الحال فإن الميزانية التقديرية للنقدية والميزانيات التقديرية المتعلقة بالتشغيل على سبيل المثال مرتبطة ببعضها بعضاً إذ إن عمليات التشغيل يجب أن يتم تنفيذها في حدود الأموال التى يمكن تقديرها.
ولذلك يمكن القول إنه من حيث تنسيق نشاط المصرف فإن الميزانية التقديرية تستخدم لإحاطة الجهاز التنظيمي للمصرف بالخطط المتعلقة بمختلف الأقسام حتى لاتتعارض جهود الأقسام المختلفة بعضها مع البعض الآخر.
ولما كانت الرقابة هي عملية متابعة تنفيذ الخطط والأهداف الموضوعة من قبل إدارة المصرف، ولما كانت أهداف وخطط المصرف تترجم في شكل ميزانيات تقديرية، فإن الميزانيات التقديرية تستخدم أساساً للرقابة على تنفيذ الخطط بالقدر نفسه الذي تعبر فيه هذه الميزانيات التقديرية عن تلك الخطط الموضوعة، ويكون ذلك عن طريق إبلاغ الإدارة فوراً بمدى ملاءمة الخطط والأهداف والسياسات الموضوعة مقدماً من ناحية ومقارنة النتائج الفعلية المحققة في جميع أقسام المصرف بالخطط والأهداف الموضوعة ومتابعة الانحرافات التى تحدث نتيجة التطبيق الفعلي من ناحية أخرى.
وهناك أكثر من طريقة لوضع التقديرات.
فقد تعتمد طريقة متوسط التكاليف الماضية أساساً للتقديرات المستقبلية، إلا أنه يؤخذ على هذه الطريقة أنها تتأثر بقلة الكفاءة في الماضي فضلاً عن أن المصرف لايطمح فقط للمحافظة على الوضع السابق.
وقد تعتمد طريقة أفضل تكلفة تحققت في الماضي إلا أن الإنجازات الجيدة التى حصلت في السابق ليست مقياساً يعتمد عليه لما يمكن تحقيقه في المستقبل إذ من الممكن أن تكون هناك مناطق يمكن إجراء تحسينات كبيرة فيها ومن الممكن أيضاً أن تكون الإنجازات الجيدة السابقة إنما تحققت بسبب ظروف خاصة قد لاتتكرر في المستقبل.
إن المقاييس الصحيحة يجب أن تمثل مايجب أن تكون عليه التكاليف وليس ما كانت عليه في السابق أو ماهي عليه الآن.
وقد توضع التقديرات وفق اعتماد معيار الطاقة الإنتاجية القصوى كمقياس للمقارنة بين التكاليف الفعلية والتكاليف المحسوبة على أساس الطاقة القصوى، إلا أن الوصول إلى تحقيق الطاقة القصوى هو هدف صعب المنال.
لذلك فإن أفضل الطرق لوضع التقديرات هي تلك التى تعتمد على التحليل العلمي الذي يقوم به متخصصون بمشاركة جميع وحدات وأقسام المصرف الذين لديهم المعرفة بتفاصيل ما يجري في حدود إشرافهم.
وهناك دائماً فرصة لوجود أخطاء محتملة سواء في وضع المعايير القياسية أو في طريقة حسابها.
إن الغرض الرئيس من استخدام الميزانيات التقديرية هو مساعدة إدارة المصرف على تحقيق وظائفه الرئيسة المتعلقة بالتخطيط والتنسيق والرقابة وتمكينها من اتخاذ القرارات المناسبة وبالإضافة إلى ذلك فإن الميزانيات التقديرية تحقق عدداً من الفوائد الأخر يمكن عرض أهمها فيمايلي:
1. مراقبة السياسات الموضوعة ووضع سياسات واضحة مقدماً.
2. إشراك جميع أفراد الإدارة في وضع أهداف المصرف والعمل على تحقيقها.
3. إلزام كل فرد من أفراد الإدارة بوضع خطط تتناسب مع خطط الأقسام الأخر.
4. تنظيم تحديد المسؤولية لكل مستوى من مستويات الإدارة وكل فرد من أفرادها وتحديد مراكز السلطة تبعاً لذلك.
5. إلزام جميع المستويات الإدارية بالمحافظة على المواعيد وأخذ جميع العوامل في الاعتبار قبل اتخاذ القرارات الإدارية.
7. الزام الإدارة بعمل دراسات تحليلية دورية لأعمال المصرف.
8. متابعة أوجه نشاط المصرف لبحث مدى التقدم في تنفيذ الخطط الموضوعة.
9. تحفيز العاملين على بلوغ الأهداف الموضوعة بل وتجاوزها إذا كان ذلك ممكناً.
ويجب النظر إلى الميزانيات التقديرية كأداة تستخدمها الإدارة في سبيل تحقيق وظائفها الأساسية من حيث التخطيط والتنسيق والرقابة مع الأخذ في الاعتبار القيود التى قد تحد من الانتفاع بها للغرض المنشود للأسباب الآتية:
1. تعد الميزانيات التقديرية على أساس تقديري عن طريق دراسة عوامل مختلفة بعضها داخل المصرف وبعضها خارجه وتتوقف قوة أو ضعف البرنامج الموضوع للميزانية التقديرية إلى حد كبير على صحة التقديرات التى يمكن التحصل عليها.
2. تستخدم الميزانيات التقديرية في ظل ظروف متغيرة قد يتعذر التحكم فيها فقد يتغير الطلب على الخدمات المصرفية وقد تتغير نوعية الخدمات المصرفية لأسباب تتعلق برغبات زبائن المصرف أو بظهور خدمات مصرفية منافسة من نوعية أفضل أو بتكلفة أقل.
3. لايمكن تنفيذ برنامج الميزانية التقديرية دون إشراف ومشاركة جميع المستويات الإدارية في المصرف فهي ليست إلا أداة من الأدوات التى تعاون إدارة المصرف على تنمية أعمال المصرف في جميع نواحي نشاطه عن طريق
المفضلات