الأسبوع الماضي, وأيضا مطلع هذا الاسبوع, ثمة مؤشرات في السوق المالية (سوق الأسهم) تؤكد أننا بحاجة لمن يشفق علينا.. وبالذات يشفق على صغار المستثمرين في الأسهم الذين يقلبون أسهمهم بين شركات خسرانة, أو أخرى تعلو أسهمها كالنجم وتهوي كالشهب في أيام معدودات, ولا أحد يدري ما السبب, وأقرب مثال ما حدث لسهم (سابك), حيث ظل يخسر لبضعة أيام متتالية, ولم يفسر الأمر, ولم يعرف من يبيع, ولماذا يبيع, رغم ان المؤشرات الظاهرة لشركة سابك لا تبرر هذه الخسارة.

ووضع سهم سابك ليس الوحيد الذي يستدر الشفقة, بل الشفقة مستحبة لمؤسسة النقد, بالذات بعد اعلاناتها التي تحذر فيها من وجود وسطاء يروجون لاستثمارات خارجية, ففي هذه الاعلانات, بدت مؤسسة النقد وكأن لا حول لها ولا قوة,كأنها تقول للناس: (أنا حذرتكم ونبهتكم.. وسلامتكم!!).


ربما لو نظرنا الى الصورة العامة لوجدنا عذرا لمؤسسة النقد, ولتفهمنا احباطات صغار المستثمرين بالأسهم, فالاشكالية في السوق, أو في خروج الاستثمارات المحلية إلى الأسواق العالمية تعود لغياب آلية رئيسية وضرورية لترتيب أوضاع السوق المالية, وهي (هيئة الأوراق المالية), فتأخر وجود هذه المؤسسة, راكم المشاكل في سوق الأسهم وأضعف السوق المالية, وأطلق يد البنوك لتكون الوسيط والمستثمر في الأسهم, وحو ل رجال أعمالنا الى صيد ثمين لسماسرة صناديق الاستثمارات الخارجية, حتى اصبحنا مصدرا لـ (التمويل الرخيص) للمحافظ الخارجية, التي تستثمر أموالنا في مناطق عالية الخطورة.. كما حدث في تركيا, أو تستثمر في شركات غير معروفة في الأسواق الخارجية والتي خسر فيها عدد من رجال الأعمال مبالغ طائلة.. والسبب غياب الجهة التي تتأكد وتسمح للسماسرة بترويج استثماراتهم.




وبعض المستثمرين الذين يدفعون باستثماراتهم للخارج ربما لا يلامون جزئيا , فسوق الاسهم في المملكة حاليا اقل من الامكانات المتاحة, فالسوق ضعيف في عدد الشركات المطروحة, والعدد القليل يضاف اليه خسارة الأغلبية أو ضعف عوائدها, كما أن سوق السندات والأوراق المالية بأنواعها معدومة, وكل هذا يقلل فرص الاستثمار المالي المحلي.


وابرز ما يعاني منه سوق الاسهم, نتيجة لغياب هيئة الأوراق المالية هو ضعف الشفافية في أداء أغلب الشركات, وهذا ينعكس على عدالة التداول. فالهيئة من ابرز مهماتها ضمان عدالة التداول لصغار المستثمرين, فالآن ـ على سبيل المثال ـ الشفافية شبه معدومة تقريبا في حالات البيع والشراء وغير كافية لكشف حجم الأسهم المتركزة بين شخص واحد, وكذلك غير كافية بخصوص معرفة الشراء بالأسماء المتعددة.


والخلل في ادارة ومراقبة السوق المالية بكل ادواتها, تبدو عواقبه وخيمة ومدمرة, لأننا حديثو عهد بالاستثمار في الأسهم وغيرها من الأدوات المالية, فالمعرفة الشخصية هي مصدر اغلب الأفراد في ادارة استثماراتهم, فنحن ليس لدينا مؤسسات متخصصة ومرخصة لادارة الأموال, بحيث تستثمر في الادارة والتوعية المالية إعداد الموارد البشرية المتخصصة, وايضا تجنبنا هجمة مندوبي شركات الأموال المتمركزة في الخليج, والتي كان لها الأثر المباشر في اخراج الكثير من رؤوس الأموال الوطنية, وشركات إدارة الأموال هي الأجدر بإدارة الاستثمارات في الأسهم, وهي البديل الصحيح للبنوك التي يفترض ان لا تكون مستثمرا ووسيطا , لأن هذا لا يحقق العدالة.


(هيئة الأوراق المالية) اذا خرجت بشكل يسمح لها بأداء دورها الفني والأخلاقي بصورة مستقلة ومحققة للمصلحة العليا, فاننا سوف نطور المكتسبات التي بيدنا الآن ونوجد سوقا مالية تقوم بمهامها الطبيعية, ومنها مساعدة الشركات الجديدة او القائمة على التمويل, وايضا ـ وهذا المهم ـ حماية المستثمرين في الأسهم, سواء من أنفسهم, أو من المضاربين في السوق..


ولعل هذه الهيئة تخرج من النفق المظلم الذي دخلته, ولا ندري من المستفيد من هذا التيه, وما يترتب عليه من خسائر للأفراد والشركات,ولعل هناك من يدرك خطورة تأخر قرارات تصحيح هذا الوضع.





ALFAIZ@alriyadh-np.com