14th سبتمبر 2002



ما هو مصير الاقتصاد في منطقة الخليج في حال تعرض العراق لهجوم أمريكي ؟ وهل سيؤثر ذلك إيجابياً أم سلبياً على الأعمال ؟

تشكل العودة إلى العمل هذا الخريف معضلة للعديد من رجال الأعمال بسبب الحرب المحتملة التي تلوح في الأفق بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق ، مهددة بتعريض أفضل المخططات المطروحة للمخاطر تماماً كما حدث في الحادي عشر من سبتمبر من العام الماضي.

وقد يكون نوعاً من المغالاة إذا اعتقدنا أن الخبراء الاقتصاديون قد يملكون أفكاراً مفيدة تساهم في حل هذه المشكلة. لكن عند النظر إلى الأمور من زاوية محايدة وبعيدة عن أي انحياز إقليمي أو قومي ، قد تسلط آرائهم بعض الضوء على الأوضاع الراهنة.

تتفق الآراء على أنه لا يوجد هناك ما يدعو للقلق فيما يتعلق بتدفق الأموال إلى الشرق الأوسط . ففي حين تحافظ أسعار النفط على قوة ثباتها ، أشار البنك التجاري الوطني إلى أن العجز في ميزانية المملكة العربية السعودية قد أصبح شيئاً من الماضي ، ومن المحتمل أن يتم سداد الديون اعتباراً من العام 2002 .

الأمر الذي يدعو للسخرية هو أن الولايات المتحدة سوف تدفع ثمناً باهظاً نتيجة ارتفاع تكاليف مصادر الطاقة الناجمة عن أي تدخل في الشرق الأوسط ، تماماً كما يحدث الآن من مجرد إعلانها التفكير في خوض مجازفة عسكرية ضد العراق . وفي النهاية ، فإن الولايات المتحدة الأمريكية بالطبع هي المستهلك الرئيسي للنفط العراقي ، وهي التي تستمر في تمويل نظام صدام حسين .

قد يكون بإمكان الخبراء الاقتصاديون الإشارة إلى الأمور التي تدعو للسخرية بأسلوب يزعج رجال السياسة . لكن كيف ينظر الاقتصاديون إلى تأثير حرب ثالثة في الخليج على الاقتصاد في المنطقة ؟

من هنا ندخل في سيناريو اللعبة العسكرية التي يكرهها رجال الأعمال بسبب الغموض الذي يكتنفها . فلا أحد يعلم على وجه التأكيد مدى قوة ردة فعل صدام حسين إزاء محاولة عسكرية أمريكية للإطاحة به من السلطة ، أو إنه سيوجه ضربة قوية ومفاجئة إلى إحدى الدول المجاورة .

ففي حال حدوث اضطراب شديد في موارد النفط العالمية نتيجة ردة الفعل العراقية ، سيكون هناك تأثير فوري على الاقتصاد في المنطقة جراء العمليات العسكرية الأمريكية . لكن الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط سوف يعوض عن الانخفاض في الإنتاج ، ومن المحتمل أن يستمر تدفق الأموال إلى المنطقة بشكل أفضل مما كان عليه .

يستدعي السيناريو الثاني تغييراً سريعاً لنظام الحكم في العراق على غرار ما حدث بعد الانتصار الأمريكي على الطالبان في أفغانستان . الأمر الذي سيؤدي إلى تسلم العراق كميات ضخمة من المساعدات من جميع أنحاء العالم ، مما سوف يزيد من تدفق الأموال إلى الشرق الأوسط ويعزز فرص العمل .

استناداً لبعض المعلقين ، فإن قيام نظام حكم آخر جديد في العراق سيؤدي أيضاً إلى ارتفاع سريع في إنتاج النفط . لكن في الواقع سوف يستغرق ذلك بعض الوقت . وحينئذ قد يحتاج الاقتصاد العالمي إلى المزيد من النفط في كل الأحوال ، مما سيؤدي إلى تحسين الأوضاع المالية وزيادة حجم الإنفاق في العراق .

يوحي السيناريو الأخير بانهيار عام في النظام والأمن في العراق وبقاء القوات الأمريكية والأجنبية مدة طويلة في المنطقة . الأمر الذي سيترك العراق منعزلاً تماماً في ما يشبه وضعه الاقتصادي الحالي ، وذلك لن يؤثر كثيراً على باقي دول المنطقة .

هكذا ، وبالرغم من احتمال حدوث فجوات صغيرة في النظام والأمن نتيجة التدخل العسكري الأمريكي المحتمل في العراق هذا الخريف ، إلا إنه يصعب تصور كيفية تسبب أي سيناريو بأضرار بالغة في الانتعاش الاقتصادي في الشرق الأوسط ، بل سيكون له تأثير جيد جداً . السيناريو الوحيد الذي قد يضر بالمنطقة هو ذلك الموجود في الكوابيس والأحلام ، والتي غالباً ما تكون من نسج الخيال والأوهام .