10th فبراير 2001

بينما نجد أن معظم المستثمرين على دراية بالمفهوم القائل اشتري بأقل الأسعار وبع بأعلى الأسعار، إلا آن تصرفاتهم تدل على اشتري بأعلى الأسعار وبع بأقل الأسعار.

وعليه فانه ليس مفاجأة أن نجد جميع عمليات شراء أسهم قطاع معين من أنشطة السوق تتم دائما بعد أن يكون حجم التعامل في هذا القطاع قد وصل إلى ذروته. لنأخذ قطاع التكنولوجيا على سبيل المثال ، إن معظم عمليات شراء صناديق قطاع التكنولوجيا وأسهم شركات الانترنيت قد تمت بين أكتوبر 1999 وأكتوبر 2000تماما عندما كان مؤشر ناسداك في أعلى نقطة له وأيضا عندما كانت شركات التكنولوجيا في القمة.

اليوم إنني أؤيد شراء أسهم مجموعة الشركات التي كان أداؤها خلال العشرين سنة الماضية من أسوأ ما يكون. تتكون هذه المجموعة من شركات تعدين الذهب في أنحاء العالم والتي يمثل رأسمالها معا حوالي 30 مليار دولار.

بمعنى آخر فانك تستطيع أن تشتري كل صناعة تعدين الذهب في العالم بمبلغ 30 مليار دولار فقط. إنها صفقة رابحة عندما تجد أن شركتي سيسكو وميكروسوفت لوحدهما بلغت قيمة أسهمهما في العام الماضي أكثر من ألف مليار( تريلون) دولار، وأن أمازون دوت كوم كانت قيمتها في قمة رواجها تساوي 35 مليار دولار.

نضيف إلى ما تقدم أن القيمة السوقية لكل مناجم الذهب في العالم تعتبر شيئا لا يذكر عند مقارنتها مع القيمة الرأسمالية لأسواق الأسهم العالمية والتي تعادل 35 ألف مليار دولار.

في كل عام من أعوام عقد التسعينات فان الطلب الفعلي على الذهب فاق بحوالي300-500 طن العرض السنوي البالغ 2500 طن الذي يساوي بالأسعار الحالية 35 مليار دولار وهذا دليل على أن المعروض من الذهب قليل جدا.

ومن ثم نأخذ في الاعتبار ما يلي، في عام 2000 ، اشترى الناس في الهند 850 طن من الذهب ، بمعنى آخر في الهند حيث يبلغ معدل الناتج القومي للفرد في السنة يساوي 300 دولار، فان كل رجل وامرأة وطفل اشترى غرام واحد من الذهب تقريبا.

إذا أصبح الذهب سلعة شعبية وقام كل شخص في العالم بشراء غرام واحد منه ، فان ذلك سيخلق طلبا سنويا على الذهب يعادل 6000 طن وهذا يعادل 2.5 مرة كمية الذهب الموجود في المناجم.

الجدير بالملاحظة أيضا هو أن العجز في كميات الذهب المطلوبة يعادل ما بين 5 سنوات و 8 سنوات من إنتاجه. لذلك فان كان هناك نشاط كبير في سوق الذهب لأي سبب كان ، فسوف يؤدي هذا إلى عجز كبير في معروض الذهب الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بطريقة لا يمكن تخيلها الآن.

إذا عندما نقارن أسعار الذهب حسب معدلات داو جو نز فان الذهب لم يكن يوما بهذا الرخص كما هو الآن. في عام 1980 عندما وصل سعر الأونصة من الذهب 800 دولار فذلك يعني أنك منت تستطيع شراء داو جو نز بأونصة واحدة حيث كان داو جو نز في مستوى 800 في ذلك الوقت.

أما اليوم فانك تريد أكثر من 40 أونصة من الذهب لتشتري داو جو نز . أسهم أيرجو تعتبر عالية الآن بالمقاييس التاريخية بينما الذهب يعتبر رخيص.

لماذا اعتبر الذهب ضعيفا عندما كانت الأساسيات المطلوبة لشراء الذهب قوية. كان وضع الذهب في السوق ضعيفا خصوصا بعد ما أوضحنا سابقا عن عدم توازن العرض والطلب وكذلك لأن البنوك المركزية الأوروبية كانت تبيع الذهب بكميات كبيرة خلال السنوات الماضية.

علاوة على ذلك ربما كانت هناك جهود مكثفة من قبل وزارة الخزانة الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبعض البنوك للمناورة والتأثير على أسعار الذهب في الأسواق. هناك من يزعم بأن المناورات للتلاعب بأسواق الذهب كان الهدف منها بيان بأن الكساد المفتعل في أسعار الذهب موجه إلى الأمريكيين لكي يشعروا بوجود تضخم أسعار في نظام السوق وكذلك لحماية العجز في الميزانيات المالية الصعبة لبعض المؤسسات المالية حيث لو ازداد نشاط تجارة الذهب وارتفعت أسعاره فان هذا العجز ميزانيات المؤسسات المالية سوف لن يتم تغطيته أو تعويضه.

من وجهة نظري إن عام 2001 قد يكون العام الحاسم في مصير الذهب، ليس فقط بسبب أن الأساسيات هي في صالح الذهب كما تم ذكره أعلاه، وإنما بسبب تتابع الأحداث بعد ذلك. إن الاقتصاد الأمريكي يتغير بسرعة وقد يكون هذا التغير هذا العام هو انكماش وعليه فان أرباح بعض المؤسسات قد تنخفض كثيرا وعدد كبير سوف يشهر إفلاسه.

من المستغرب أن يقوم الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بعمل آي شئ من شأنه أن يخفف من آلام الانكماش بعدما خلق وضعا غير مريح بساسته المالية غير المسؤولة.وهذا يعني أن السيد/ جرين سبان سوف يعمل على دفع وتحسين الاقتصاد وذلك بتخفيض أسعار الفائدة وتسهيل الشروط المالية بأي شكل وأي تكلفة.

وكما هو معروف فان أي أسلوب للتدخل في السوق ذو الاقتصاد الحر قد يخلق ظروف غير مريحة وقد يؤدي إلى ظهور تأثيرات جانبية، فتخفيض أسعار الفائدة قد لا يساعد على تخفيض تكاليف ناسداك غير المباشرة ولا يؤدي إلى تحسن مستمر في استهلاك السلع، ولكنه قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار البضائع وزيادة معدل التضخم وانخفاض كبير في قيمة الدولار مقابل اليورو.

علاوة على ذلك نجد أن إجراءات الاحتياطي الفدرالي سوف لن تعمل على تخفيض بل ارتفاع أسعار الفائدة على المدى الطويل، الأمر الذي يتطلب ضخ كميات كبيرة من النقد في النظام المالي. أود أن أذكر قرائنا الأعزاء انه إذا كان هناك إجماع للمستثمرين على رأى فان هذا الرأي هو أن أسعار الفائدة ستنخفض.

اعتقد أن ما قام به الاحتياطي الفدرالي ممكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة على المدى الطويل كم ستزداد توقعات حملة السندات طويلة المدى. وهكذا بينما تنخفض الأسعار على المدى القصير فهي قد ترتفع على المدى الطويل، وعليه فانه لم يعد هناك مصداقية بالنسبة لسوق السندات الأمريكية.

في الحقيقة هناك بوادر مشكلة نقدية إن لم تكن خلال عام 2001 فإنها قد تكون بعد ذلك وهذا مؤكد ، وعند حدوث المشكلة أو قبل حدوثها فان المستثمرون سوف يعيدون حساباتهم عن مدى صحة وسلامة النظام النقدي ، ويفقدون الثقة في مدى قدرة البنوك المركزية على قيادة وتصحيح النشاط الاقتصادي.

أستطيع القول بأنني أتوقع أن ترتفع أسعار الذهب بشكل جاد، بسبب الطلب المتزايد الاقتصاديين وصانعي السياسات وسيدركون أن العالم بحاجة إلى نظام نقدي مستقل كليا عن السياسات النقدية للاحتياطي الفدرالي. إن صانعي السياسات يوافقون على الرجوع جزئيا إلى قاعدة الذهب التي خدمت العالم جيدا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.

إذا كنت تؤمن بأن المديونية المتزايدة في العالم وأن توسع النظام النقدي الذي عايشناه حديثا بأنه لن يكون مقبولا على المدى الطويل ، فان أي استثمار في الذهب أو في أسهم مناجم التعدين سيكون توظيفا حقيقيا للأموال ، إن الاستثمار في الذهب هو أحسن وسيلة لتجنب نتائج السياسة غير المسؤولة للفدرالي.

على المستثمرين أن يبد أو تدريجيا ببناء الاستثمارات في الذهب مثل مناجم نيومونت التي تتعدى قيمتها الرأسمالية 2.6 مليار دولار وكذلك منجم هوم استيك وبلاسر دوم و ايه اس ايه وهارموني وانجلوجولد و فرانكونيفادا واجنيكوايجل .

منذ العام 1985 كان هناك 13 سوقا صغيرا للذهب معدل ارتفاع سعر السبيكة هو 8% بينما معدل الارتفاع في أسعار سهم الذهب هو 22% . فلو ارتفع سعر السبيكة بمعدل 30% فتخيل كم سيرتفع سعر السهم.

سواء ارتفع السعر إلى الضعف أو إلى ثلاثة أضعاف فان ذلك لن يدهشني، فكل ما أستطيع قوله هو أن أسعار أسهم الذهب سوف تكون مشجعة . وفي نفس الوقت فإنني أوصي ببيع كل سندات الخزانة الأمريكية طويلة المدى لأن السياسات الأمريكية النقدية قد تؤدي إلى زيادة التضخم وبالتالي ارتفاع أسعار الفائدة طويلة المدى.