14th مارس 2001



إن البيئة الإقتصادية والمالية الحالية , في أحسن حالاتها ، عبارة عن صورة سيريالية . فسوق الأسهم وصل الى طريق مسدود , وأسهم الشركات الرائدة كأسهم سيسكو و أوراكيل و نوكيا و إنتل كلها إنخفضت أسعارها فجأة . والمدهش هو أن معظم المحللين الإستراتيجيين بقوا متفائلين للنتائج المتوقعة لسنة 2001 .



في هذا الوقت ، كتب السيد / جيم كرامر من موقع ستريت دوت كوم الشهير ، قائلا يجب أن لا نضيع الوقت سدى بالتفكير في ما أصاب السوق من تردي في العام الماضي . ومنذ أن تحرك جرينسبان وبدأ يخفض أسعار الفائدة ، وبالتالي تخفيض المخاطر ، فإن الأمر يعتبر أكبر جائزة . لقد وقف الإحتياطي الفيدرالي والتاريخ بكل ما فيه الى جانبك .

الحقيقة هي أن الإقتصاد قد مر بواحدة من أشد مراحله الصعبة في تاريخه.ومع أن الإقتصاديون يعزون ما حدث وكأنه تصحيح للمخزون ، وأنه من ضمن 54 إقتصادي تم أخذ رأيهم فإن 52 منهم يتطلعون الى إقتصاد قوي سيستعيد قوته في النصف الثاني من عام 2001 .

وبالرغم من أن السجلات تظهر أن أكثر من 300 مليار دولار بشكل حصص تم ايداعها في صناديق إستثمارية في عام 2000 وكان التركيز في إستخدام هذه النقود في مشاريع التكنولوجيا التي خسرت في السوق. إن المستثمرين الأفراد أكثر تفاؤلا وذلك حسب ما بينه الإستبيان .

وكما ذكرنا إن 300 مليار دولار تم إيداعها في صناديق إستثمارية في عام 2000 ، فإن هذا المبلغ فاق أصول صناديق الإستثمار التي كانت موجودة في عام 1990 , التي بلغت في حينه 200 مليار دولار.الناس يتكلمون عن معجزة الإنتاج الأمريكي الضخم , ولكن العجز الكبير في الميزان التجاري يقترح عملا مختلفا كما تم العمل في معالجة مشكلة تأخير عدد كبير من الرحلات في عام 2000 .

وما حدث في زيمبابوي يجعل المستثمر في حيرة من أمره وماذا يفعل في أسواق تشبه البازار، حيث أن الإقتصاد كان يتردى والعجز المتوقع في الميزانية إرتفع الى 29% من قيمة الناتج المحلي في هذه السنة, ومع هذا نجد أن سوق الأسهم قد إرتفع بشكل كبير.

من المحتمل أن تكون قد ضمنت الى جانبك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي , بتخفيض الفائدة , وأيضا يقف التاريخ الى جانبك , ولكن أليس هذا أقل نسبة مخاطرة وأعلى جائزة ممكن الحصول عليها ؟ لدينا أسبابنا لنشك في الحالتين . إنها لحقيقة من الماضي أن تخفيض سعر الفائدة كان يؤدي إلى زيادة في أسعار الأسهم .

وعلى كل حال يوجد إختلافات في ظروف الماضي عن الظروف الآن . لنأخذ على سبيل المثال انخاض الفائدة في فترتين سابقتين , 1973 الى 1975 , و 1981 الى 1982 . حيث أن المضاربات في سوق أسهم الشركات الأمريكية لعام 1973 الى 1974 كان قد بدأت في عام 1968 , وأن سوق النصف الممتاز للأسهم بدأ في يناير من عام 1973 .

كان أول تخفيض لأسعار الفائدة في 19 ديسمبر 1994 في خضم أسوأ ركود وبعد أن هبطت أسعار الأسهم بأكثر من 30% مما كانت عليه قبل عشر سنوات أي في 1964 . مؤشر داو جونز أظهر أن نسبة السعر الى الربح تساوي سبعة , وأن الأسعار كانت تقيم بأقل من القيمة الدفترية وبخصم يعادل 66% من التكلفة الإحلالية وبمعدل أرباح أسهم بأكثر من 6% .

الوضع بين 1981 الى 1982 كان مشابها لما سبق , ما عدا أن بول فولكرد قبل التخفيض الأول ,رفع السعر من أقل من 5% في عام 1977 الى ما يقارب 20% في 1981 . وقد تم عمل ثلاث تخفيضات لاحقة حدثت بين نوفمبر 1891 و يوليو 1982 عندما كان الركود الإقتصادي في أسوأ صوره – اقتصاد ما بعد الحرب- معدل البطالة وصل الى 10.5% في 1982 .

وابضا إنخفض مؤشر داو جونز في الخمسة عشر شهرا الأخيرة بمعدل 9% وكان في الحقيقة منخفضا الى 70% ! وكان عائد توزيعات الأسهم حوالي 6.3% . الصناديق الإستثمارية كانت تساوي أكثر من 11% من قيمة أصولها نقدا وكانت قيمة أصولها تساوي 40 مليار دولار ولم تكن أكبر مما كانت عليه في 1970 .
وهكذا فإن في هاتين الفترتين , 1973/75 و 1981/82 , كانت سوق الأسهم في حالة سيئة والإقتصاد كان يعاني من ركود سئ ، عندما تم تخفيض الفائدة. وعليه فإن تخفيض الفائدة في مثل هذه الظروف كان عامل جذب قوي لتحسين ظروف السوق.

تخفيض السعر في 1987/88 , 1989/90 و 1995/96 حسن أوضاع السوق , وتجب الإشارة الى أن هذا التخفيض جاء في وقت كانت قيمة الأسهم معقولة وبينما كانت القيمة الرأسمالية للأسهم لم تتجاوز 100% من الناتج المحلي , مقارنة بما وصلت اليه الان 150% .

في جميع المرات السابقة التي تم فيها تخفيض أسعار الفائدة من قبل الإحتياطي الفدرالي ، ما عدا في عام 1998 , كانت قيمة الأسهم في جمبع الحالات السابقة أكثر معقولية وصحة مما هي عليه في الوقت الحاضر. وطبعا ما حدث من تخفيض في 1998 في وقت كان فيه سعر الأسهم عاليا .

الفرق هو أنه في 1998 لم يكن هناك إرتفاع كبير في الأسهم ولكن كانت هناك حركة ونشاط ملحوظ . وحيث أن أسهم التكنولوجيا بدأت بقيادة الإقتصاد منذ 1998 فإن الفدرالي في تخفيضه الفائدة فكأنه يقاتل في معركة خاسرة ضد الشركات الضعيفة من ضمن شركات التقنية . ومن الملاحظ أن ناسداك لا تزال قيمته مقدرة بأكثر من 100 مرة من الدخل, وهو تقريبا أغلى بمرتين عما كان عليه في 1998 .

في الحقيقة أننا لدينا السيد / جرينسبان الى جانبنا ، الرجل الذي يحاول جاهدا منذ أن خلقت سياسته النقدية أكبر فقاعة في سوق الأسهم , وعليه فإن هذا أقل نسبة مخاطرة وأعلى جائزة ممكن الحصول عليها من جانبنا .

وأود التركيز على أن نقاط الدخول الأقل خطورة الى السوق انما تأتي بعد أن يكون سوق المضاربات قد وصلت الى الذروة . وفي الوقت الحالي لا أحد يستطيع التنبؤ كيف سيكون السوق خلال الستة أو الأثني عشر شهرا القادمة . شخصيا إنني شديد الشك بالإجماع الحالي الذي ينادي بأن النمو في السوق سيكون أكيدا خلال الربع الثاني من 2001 . حيث فشل معظم الإقتصاديون في التنبؤ بإنخفاض الأسعار الحالي .

في الحقيقة إنني أميل الى وجهة النظر القائلة بأن الأشهر القليلة الأولى من هذا العام من الممكن أن تبدوا أحسن مما كان متوقعا ، ولكن النصف الثاني من السنة سيظهر ضعفا في معظم قطاعات الإقتصاد , وأن عوامل انكماش وانخفاض الأسعار الموجودة في السوق هي قوية جدا وربما تؤدي في السنوات القادمة الى التأثير على أرباح الشركات .

سوف يؤثر هذا الوضع ليس فقط على قطاع التكنولوجيا وانما أيضا على معظم الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة في العالم , حيث ستكون هناك منافسات قوية بسبب اندماج الشركات معا , و التركيز على تطبيق حقوق الملكية بشكل فعال . والتسهيلات النقدية التي سيقوم السيد / جرينسبان بتسهيلها سوف تعمل على تقليل تأثير قوى الإنخفاض .

على وجه الخصوص وفي الولايات المتحدة ، فإن الإنكماش لن يحدث من خلال التعديل في مستوى الأسعار المحلي, ولكن نتيجة الإنخفاض الحاد جدا في قوة الدولار . وعليه فإن الدولار الأمريكي و صناديق الإستثمار الأمريكية يبقيان سريعا التأثر بأي عوائق مستقبلية .