14th سبتمبر 2002
1-2
لماذا أوقفت مؤسسة النقد السعودية رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة السعودية!؟

نشرت إحدى الصحف السعودية قبل فترة قصيرة خبراً مفاده أن مؤسسة النقد السعودية ممثلة في إدارة التداول المشرفة على سوق الأسهم السعودية أوقفت مستثمراً في السوق ثبتت مضاربته وتدويره سهم الشركة التي يرأس مجلس إدارتها بغية رفع سعره وتضليل المتعاملين إضافة إلى ارتكابه مخالفات أخرى تتمثل في استفادته من معلومات داخلية للشركة أثناء تعامله في السوق وشراء وبيع السهم، وأضافت الصحيفة أن هذا الإجراء يهدف إلى ترسيخ مفاهيم عدالة التداول في السوق من أجل رفع كفاءتها وموثوقيتها كقناة استثمارية مجدية اقتصادياً للمستثمرين الصغار والكبار على حد سواء وعلى المدى البعيد.

وباعتقادي أن هذا الخبر يفتح ملف مشكلة الإفصاح في سوق الأسهم المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة بالرغم من التقدم الواضح في هذا المجال خلال هذا العام وبعد صدور قانون الأوراق المالية في الدولة وتأسيس هيئة الأوراق المالية والأسواق المالية الرسمية وصدور قانون الإفصاح. إلا أن الملاحظ أن عدد كبير من الشركات المساهمة سواء في قطاع البنوك أو قطاع التأمين أو قطاع الخدمات مازالت لا تنشر أية بيانات مالية خلال العام توضح تطورات أداءها أو تنشر المعلومات الهامة التي تؤثر على نتائجها المالية بحيث أصبحت المعلومات الهامة المالية أو غير المالية الخاصة بهذه الشركات محتكرة على فئات محددة سواء رئيس مجلس الإدارة أو أعضاء مجالس الإدارة أو الإدارة التنفيذية لهذه الشركات والمقربين منهم. وتستفيد هذه الفئات من المعلومات في اتخاذ قرارات الاستثمار سواء في البيع أو الشراء وبالتالي تحقق أرباح أو تتجنب خسائر نتيجة اطلاعها على هذه المعلومات وحيث نلاحظ في بعض الحالات طلب مفاجئ وكبير على أسهم بعض الشركات أو عروض بيع كبيرة دون توفر معلومات عن أسباب هذا الطلب أو هذا العرض، وتبدأ الإشاعات بالتسرب بين المتعاملين لفترة زمنية ترتفع خلالها الأسعار بنسبة كبيرة أو تنخفض بنسبة كبيرة وهذا بالطبع يؤدي إلى خلل في السوق وارتفاع المخاطرة فيه وإلى خسائر لبعض المستثمرين نتيجة اتخاذهم قرارات استثمارية خاطئة واعتمادهم على الإشاعات والمعلوم أن إفصاح بعض الشركات المساهمة دورياً أي كل ثلاثة شهور عن بياناتها المالية أدى إلى عدالة التعامل بين المتعاملين والمستثمرين وأدى إلى رفع كفاءة أسواق الأسهم وزيادة نشاطها علماً بأن الإفصاح الدوري خلق أربعة مواسم لنشاط السوق خلال العام، حيث تزداد طلبات الشراء أو عروض البيع على أسهم أي شركة تنشر بياناتها المالية كل فترة زمنية، كما أن الإفصاح أو نشر البيانات المالية الدورية أدى إلى هدم الفجوة بين أسعار الأسهم في السوق وقيمتها الحقيقية، وساهم في عملية تسعير الأصول الرأسمالية تسعيراً واقعياً وسليماً وأدى إلى زيادة عدد المستثمرين المحتملين والمعلوم أنه كلما زاد عدد المستثمرين المحتملين كلما زادت قدرة المستثمرين أو المساهمين الحاليين على تسييل أصولهم المالية نتيجة دخول مستثمرين جدد وبالتالي زيادة حجم الطلب في السوق. كما أن المعلومات هي المحرك الوحيد للأسعار والملاحظ أن عدد الشركات التي أفصحت عن بياناتها المالية نصف السنوية هذا العام بلغ 24 شركة فقط من أصل حوالي 94 شركة مساهمة عامة في الدولة، ومعظم الشركات التي أفصحت عن بياناتها المالية مدرجة في الأسواق المالية سواء في سوق أبوظبي للأوراق المالية أو سوق دبي المالي، حيث بلغ عدد البنوك التي أفصحت عن بياناتها المالية نصف السنوية 11 بنك من مجموع 18 بنك متداول أسهمها في السوق بينما بلغ عدد شركات التأمين التي أفصحت عن بياناتها المالية 6 شركات من مجموع 21 شركة، وبلغ عدد شركات الخدمات التي أفصحت عن بياناتها المالية 7 شركات فقط، بينما بلغ عدد الشركات التي أفصحت عن بياناتها المالية عن النصف الأول من العام الماضي 16 شركة. وباعتقادي أنه لا توجد مبررات مقنعة أو منطقية لعدم إفصاح باقي الشركات عن بياناتها المالية وإذا كان من الصعوبة على بعض شركات قطاع الخدمات نتيجة طبيعة عملها إصدار تقرير مالي كل ثلاثة شهور فإن باستطاعة هذه الشركات إصدار تقرير نصف سنوي على الأقل إضافة إلى الإفصاح عن أية معلومات أو خسائر تعرضت لها أو عقود أو مشاريع حصلت عليها هذه الشركات وتؤثر على مستقبل وتطور أداءها، وأعتقد أن جزء من مسؤولية عدم الإفصاح يقع على عاتق مساهمي هذه الشركات نتيجة تفريطهم بحقوقهم وعدم مطالبتهم أو اتخاذهم قرارات أثناء انعقاد الجمعيات السنوية يلزم مجلس إدارة الشركات التي يساهمون بها بنشر بيانات مالية دورية ونشر أي معلومات تهم المستثمرين والمساهمين وتؤثر على نتائج أعمال الشركات وعدم احتكار هذه المعلومات على شريحة أو فئة محددة من المطلعين.

كما أن من مسؤولية هيئة الأوراق المالية والأسواق المالية الرسمية إلزام جميع الشركات المدرجة في الأسواق بتنفيذ قوانين الإفصاح سواء من حيث نشر البيانات الدورية والبيانات المالية، إضافة إلى عدم التأخر في نشر هذه البيانات، كذلك نشر بيانات كافية وليست مختصرة تساعد على ترشيد قرارات المستثمرين، وفي الوقت نفسه فإنني أعتقد أن وزارة الاقتصاد والتجارة ودائرة مراقبة الشركات في الوزارة قادرة على الطلب من الشركات غير المدرجة في الأسواق الرسمية في الدولة الإفصاح عن بياناتها المالية الدورية خلال العام، إضافة إلى أن الإفصاح عن أية معلومات مالية أو غير مالية تؤثر على أسعار أسهم الشركات في السوق لمساعدة المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية على أسس سليمة والملاحظ في السوق المحلي أن النشاط في سوق الأسهم يتركز على الشركات التي تفصح عن بياناتها المالية بينما نلاحظ ركود الطلبات وعروض البيع على أسهم الشركات التي لا تتوفر ومعلومات عن مستوى أداءها والذي يؤدي عادة إلى انقطاع العلاقة ما بين أداء هذه الشركات وأسعارها السوقية. كما لا بد من الإشارة إلى أن الإفصاح يعتبر من أهم العوامل التي تساهم في استقطاب استثمار الأجانب وصناديق الاستثمار العالمية وهذه الفئات تبتعد عن الأسواق التي لا يتوفر فيها إفصاح كافي نتيجة ارتفاع المخاطرة فيها وتعرضها لتقلبات شديدة وعدم استقرار … وللحديث بقية.



2 من 2



في مقالي السابق إلى الخبر التي نشرته إحدى الصحف السعودية قبل فترة قصيرة مفاده أن مؤسسة النقد السعودية ممثلة في إدارة التداول المشرفة على سوق الأسهم السعودية أوقفت مستثمراً في السوق ثبتت مضاربته وتدويره سهم الشركة التي يرأس مجلس إدارتها بغية رفع سعره وتضليل المتعاملين إضافة إلى ارتكابه مخالفات أخرى تتمثل في استفادته من معلومات داخلية للشركة أثناء تعامله في السوق وشراء وبيع السهم كما نشرت إحدى الصحف الكويتية أيضاً خبراً مفاده أن مدير عام سوق الكويت للأوراق المالية اتخذ قراراً يوم أمس الأول يقضي بإلغاء جميع التعاملات التي تمت على أسهم بنك البحرين الدولي بعد أن أعلن البنك عن تكبده خسائر جسيمة تقدر بمبلغ يتراوح بين 70 و 80 مليون دولار أمريكي وكانت إدارة البورصة قد اتخذت قراراً فور تلقيها خبر خسائر البنك بإيقاف التداول على أسهم البنك بعد أن تلقت متأخرة بيان خسائر البنك وقالت مصادر مطلعة أن القرار الذي اتخذه مدير البورصة بإلغاء كافة التعاملات التي تمت قبل الإعلان عن الخسائر جاء بعد أن قامت إدارة السوق بملاحظة التعاملات الكبيرة غير المعتادة التي تمت على السهم الأمر الذي يحمل معه شبهة الاستفادة من معلومات والقرار اتخذ من أجل المحافظة والتأكيد على مصداقية البورصة الكويتية والشفافية التي تتمتع بها إضافة إلى حماية مصالح المتعاملين , وتكملة لمقالنا السابق نود أن نورد في هذا المقال بعض الحقائق والملاحظات والاقتراحات الخاصة بموضوع الإفصاح باعتباره من أساسيات كفاءة ونشاط وازدهار الأسواق الرسمية في الدولة.

1.إن الإفصاح الربعي أي كل ربع سنة أو كل ثلاثة شهور عن البيانات المالية للبنوك والشركات المساهمة وحيث توضح هذه البيانات النمو أو التراجع في صافي أرباح الشركات إضافة إلى البيانات والمؤشرات المالية المختلفة تخلق أربعة مواسم لنشاط سوق الأسهم المحلية حيث أن تدفق المعلومات هو المحرك الرئيسي للطلب والعرض في السوق وبالتالي ارتفاع حجم التداول وزيادة نشاط السوق كما أن الإفصاح يساهم في ترشيد قرارات المستثمرين ويساهم بتسعير الأوراق المالية أو الأسهم تسعيراً واقعياً يستند إلى مستوى الأداء إضافة إلى ارتباط أداء الشركات بأسعار أسهمها في السوق. فعلى سبيل المثال بلغت نسبة النمو في صافي أرباح بنك أبوظبي الوطني عام 2000 حوالي 65% حيث ارتفعت قيمة أرباح البنك من 311 إلى 513 مليون درهم ونتيجة عدم وجود إفصاح في سوق الأسهم خلال ذلك العام انخفض سعر أسهم البنك في ذلك العام من 510 إلى 500 درهماً بينما أدى الإفصاح الربعي أي كل ثلاثة شهور عن أداء البنك خلال العام الماضي إلى ارتفاع سعر السهم تدريجياً وبما يتناسب مع تطورات مستوى أداء البنك بحيث وصل سعر السهم إلى 725 درهماً في نهاية العام بارتفاع نسبته 45% مقارنة بسعره في بداية العام وما ينطبق على تحركات أسعار أسهم بنك أبوظبي الوطني ينطبق على تحركات أسعار جميع أسهم الشركات والبنوك التي أفصحت عن بياناتها المالية خلال العام الماضي وهذا العام.


2.إن صدور قانون الأوراق المالية وتأسيس الأسواق المالية في الدولة وصدور قانون الإفصاح ساهم مساهمة فعالة في رفع مستوى الإفصاح في سوق الأسهم المحلية في الدولة حيث نلاحظ أن معظم الشركات المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية أفصحت عن بياناتها المالية عن فترة النصف الأول من هذا العام إضافة إلى إفصاح عدد هام من الشركات المدرجة في سوق دبي المالي بينما كان المستثمرون يعتمدون في السابق وقبل تأسيس الأسواق المالية في الدولة على البيانات المالية السنوية التي تنشرها البنوك والشركات خلال الثلث الأول من العام التالي وكانت الإشاعات هي مصدر المعلومات خلال العام لمختلف شرائح المستثمرين بينما المعلومات الحقيقية عن أداء الشركات والبنوك خلال العام كانت محتكرة لأعضاء مجالس إدارات الشركات والمدراء التنفيذيين والمقربين منهم وكانت هذه الفئات تستفيد من هذه المعلومات في اتخاذ قرارات الاستثمار سواء بالبيع أو الشراء وتحقق أرباحاً أو تتجنب خسائر نتيجة احتكارها واطلاعها على المعلومات الداخلية وهذا بالطبع أدى إلى انخفاض كفاءة السوق وارتفاع المخاطرة فيه وخروج عدد كبير من المستثمرين والمعلوم أن كفاءة الأسواق المالية تتطلب الاستمرارية في تدفق المعلومات خلال العام وخاصة الأحداث الجوهرية التي لها تأثير هام على أسعار الأسهم ويترتب على نشرها قيام المستثمرين بإعادة احتساب العوائد المستقبلية المتوقعة ودرجة المخاطر المتعلقة بها إضافة إلى أهمية صحة المعلومات المفصح عنها حتى لا تكون مضللة من ناحية ولا تكون مبالغ فيها من ناحية أخرى إضافة إلى أهمية التوقيت الزمني للإفصاح من حيث الإفصاح الدوري أي كل ثلاثة شهور إضافة إلى الإفصاح الفوري ومن خلال وسائل الإعلام عن أية معلومات سواء كانت سلبية أو إيجابية تؤثر على أداء الشركات, أما بالنسبة للإفصاح الدوري فإنه لا يعقل على سبيل المثال أن تنشر بيانات الربع الأول من العام في الثلث الأخير من العام أو تنشر بيانات النصف الأول من العام في الربع الأخير من العام كما أن البيانات المالية المنشورة يجب أن تكون كافية وغير مختصرة بحيث تساعد المستثمرين على تقييم حقيقي لأداء الشركات.

3.من الملاحظ عدم التزام جميع الشركات المدرجة في الأسواق المالية بتعليمات وقوانين الإفصاح دون وجود مبررات منطقية أو موضوعية لعدم نشر بياناتها المالية دورياً. وإذا كان من الصعوبة كما تدعي بعض شركات قطاع الخدمات الإفصاح كل ثلاثة شهور عن بياناتها المالية فأنني لا أعتقد وجود صعوبات في إصدار تقارير نصف سنوية على الأقل عن أوضاعها المالية. كما يجب الإفصاح عن تعاملات أعضاء مجالس إدارات الشركات وتعاملات كبار المستثمرين باعتبار أن تعاملاتهم عادة ما تكون مرتبطة بمعلومات هامة أو توقعات أداء الشركات أو الاستحواذ على نسبة هامة من رؤوس أموال الشركات للسيطرة على اتخاذ القرارات. والملاحظ أن البنوك الوطنية هي أكثر القطاعات التزاماً في تعليمات الإفصاح, بينما قطاعي الخدمات والتأمين أقلها التزاماً بتعليمات الإفصاح فعدد البنوك التي أفصحت عن بياناتها المالية عن فترة الربع الأول من هذا العام بلغت ثمانية بنوك بينما بلغ عدد البنوك التي أفصحت عن بياناتها المالية عن فترة النصف الأول من هذا العام 11 بنكاً من مجموع 18 بنكاً وبلغت عدد شركات التأمين التي أفصحت عن بياناتها المالية عن فترة النصف الأول من العام ستة شركات من مجموع 21 شركة وعدد شركات الخدمات التي أفصحت سبعة شركات من مجموع 54 شركة. كما يلاحظ أن معظم الشركات والبنوك غير المدرجة في الأسواق المالية لا تفصح عن بياناتها المالية خلال العام وأعتقد أن من مسؤولية المساهمين أولاً ومسؤولية دائرة مراقبة الشركات في وزارة الاقتصاد والتجارة والبنك المركزي إلزام هذه الشركات بالإفصاح دورياً عن بياناتها المالية خلال العام للحفاظ على عدالة التعامل بين المساهمين من حيث التكافؤ في الحصول على المعلومات وزيادة سيولة الأسهم ورفع كفاءة السوق لتصبح أسعار الأسهم عادلة وقربية من قيمتها الحقيقية إضافة إلى القضاء على ظاهرة الاتجار الداخلي واحتكار المعلومات.