التاريخ: 6/02/2005

المصدر: صحيفة البيان

تسريبات مجالس الإدارات وتوقعات المستثمرين أبرز الأسباب



على عكس توقعات الكثيرين تشهد أسعار الأسهم من حين إلى آخر ارتباكاً حاداً بمجرد إعلان أرباح الشركات في الوقت الذي كان كثير من المستثمرين يتوقعون موجة جديدة من الارتفاعات متأثرة بالارباح القياسية للشركات والتي تفوق التوقعات.

الوجه الآخر للصورة جرى رؤيته قبيل نهاية العام الماضي عندما كانت الأسواق تترقب أرباح الشركات حيث انتشرت الشائعات على نطاق واسع شملت كافة الاسهم الأمر الذي ادى الى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار اندفع معه كثيرون لشراء كميات ضخمة من الأسهم.

وما بين ارتفاع الأسعار من جراء الشائعات وهبوطها عقب الارباح ينتاب المستثمرون خصوصاً المبتدئين وحديثي العهد بالاستثمار في الأسهم الحيرة فيما يجري في السوق. وتتردد على ألسن هذه الشريحة الكبيرة من المستثمرين في اسواق الأسهم المحلية الاسئلة: هل يعقل ان ترتفع الأسعار مع الشائعات وتهبط مع إعلان الارباح القياسية للشركات؟

هل الأسواق المحلية تنفرد بهذه الظاهرة دون بقية الأسواق الأخرى؟ ولماذا لا ترتفع الاسعار حسبما يقول المنطق مع اعلان الأرباح؟ وهل يمكن أن تلجأ ادارة على سهم شركة ما تدور حولها شائعات الى حين صدور بيان من الشركة يجلي الحقيقة كما يحدث في الاسواق المجاورة؟

حماس للشراء عند الشائعة

هيثم عرابي رئيس ادارة المحافظ وصناديق الاستثمار في شعاع كابيتال يرى ان هبوط الأسعار مع إعلان الارباح وارتفاعها مع الشائعات ظاهرة او عادة درجت عليها كافة الاسواق المالية في العالم ولا تنفرد بها سوق الامارات، وتفسر مقولة الوسطاء التي تقول «اشتر الشائعة وبع الحقيقة» مايجري في السوق.

النقطة الأخرى التي تفسر ذلك ان الأسواق عادة ما تستقبل تسريبات لمعلومات حول نتائج شركة ما أو توزيعاتها وعندما تصل الشائعة أو التسريبات يتحمس المشترون لشراء سهم هذه الشركة مما يؤدي في النهاية ونتيجة لزيادة الطلب على السهم الى ارتفاع السعر لكن عندما تفصح الشركة عن ارباحها .

والتي تأتي على نفس درجة توقعات المستثمرين فهذا يعني ان الشركة لم تقدم خبراً جديداً من شأنه أن يحرك السعر بل على العكس نجد المستثمرين يعيدون النظر في تقييم سعر السهم الذي عادة ما يسجل تراجعاً طالما أن الارباح جاءت في مستوى التوقعات.

ويشدد عرابي على أهمية الشفافية والافصاح من قبل الشركات في الوقت المناسب بحيث لا تتسرب أخبار او معلومات يستفيد منها البعض دون الآخرين..

ويضرب مثالاً بما يحدث في البورصات المجاورة مثل بورصة الكويت حيث يتم وقف التداول على سهم أية شركة يجرى عليها تداول غير طبيعي او تتسرب حولها شائعات إلى أن تقدم إدارة الشركة الى المسؤولين في البورصة تفسيراً حول ما يجرى على السهم.

ومن الممكن تطبيق مثل هذا الاجراء في اسواقنا المحلية بحيث لا يتعرض المستثمرون لاضرار من وراء نشر الشائعات او التسريبات والتي عادة ما يستفيد منها قلة من المستثمرين على حساب القاعدة العريضة.

الانطلاق بعد الثبات

ويرجع عرابي الانخفاض الحادث حاليا في الاسواق الى عامل فني يتمثل في تراجع احجام التداولات ويضيف ان اول موجة لعروض البيع بدأت في الاسبوع الأول من يناير الماضي ومنذ ذلك الوقت دخلت السوق في تقلبات وتذبذات قوية لكن تلاحظ ان نطاق مسلسل التذبذبات بدأ يضيق الى ان وصل الى نقطة تراجعت عندها حجم العمليات بشكل كبير.

وهذا شيء جيد حيث لا عروض بيع ولا طلبات شراء. وهذا معناه ايضاً ان السوق وصلت الى مرحلة ثبات واستقرت اسعار معظم الاسهم الامر الذي يشير الى ان السوق بحاجة الى ان يأخذ اتجاهاً معينا وفي تصوري جاءت تداولات الخميس الماضي وأمس السبت مؤشراً على ارتفاع الطلب الذي يتفوق على العرض مما ينبيء بأن السوق يتجه للارتفاع.

وقف التداول

شهاب قرقاش مدير شركة الضمان للاستثمار يرى أن أسعار الأسهم عندما ارتفعت لم ترتفع بالشائعات بقدر ما أنها تسريبات حقيقية لارباح الشركات. ويضيف أن الاسعار عندما انخفضت ايضاً لم تنخفض مع النتائج بل هبطت بسبب أن السوق تغيرت أسعارها بإعلان النتائج التي لم تضف شيئاً جديداً على اعتبار ان المستثمرين كانت لديهم أخبار أو حتى تسريبات عن حقيقة الارباح.

وكما يقول فإن هذه الظاهرة معروفة في الاسواق المالية العالمية وليست غريبة حيث عادة ما تهبط الأسعار مع الكشف عن النتائج وترتفع كلما زادت الشائعات حول سهم شركة ما.

ولا يرى قرقاش ما حدث لأسعار الأسهم منذ بداية العام الحالي هبوطاً فقد سجل السوق نمواً في شهر يناير الماضي بنسبة 6,4% وخلال الأيام الثلاثة الأولى من الشهر الحالي بلغت نسبة النمو 75,0% وهذا مؤشر على ان السوق لم يسجل تراجعاً انما نشهد معدلات نمو هادئة.

ويؤكد أن الشائعات لن تنقطع من السوق لكن المشكلة على حد قوله اختلاط الصحيح بالمفتعل الأمر الذي يفرض على المستثمرين أخذ الحذر والحيطة.

وهنا تأتي أيضاً مسؤولية مجالس إدارات الشركات في اتخاذ كافة التدابير لمنع تسرب أخبار أو معلومات أو قرارات مهمة لمجلس الإدارة لأنه من الممكن ان تتسرب الأخبار من موظف بسيط لكن بحكم وظيفته يمكنه الاطلاع على الأخبار المهمة.

ولا يرى قرقاش المرحلة الحالية التي تمر بها أسواق الأسهم المحلية مناسبة لوقف التداول على سهم شركة ما يلحظ عليها تداولات غير طبيعية أو تنتشر حولها شائعات كما يحدث في سوق الكويت .


ويمكن تطبيق ذلك في سوقنا المحلية لكن بعد مرحلة تكون السوق وصلت خلالها الى حالة من النضج على اعتبار أن سوقنا مازال في البداية لكن المؤكد كما يقول قرقاش أننا بحاجة إلى محاسبة الشركات التي تتهاون في الرد على ما يجرى حول سهمها أو تلك التي تصدر بيانات يثبت بعد أيام عدم صحة ما جاء فيها.

التوزيعات هي السبب

يرى زهير الكسواني المدير الشريك للأسهم والسندات أن تراجع الأسعار لم يحدث بسبب الارباح انما على خلفية التوزيعات التي جاءت مخيبة لآمال المستثمرين والذين رأوا من الأفضل لهم بيع الأسهم بأسعارها الحالية بدلا من الاحتفاظ بها مقابل توزيعات ضعيفة.

ويضيف ان ارباح الشركات كانت معروفة إلى حد كبير عبر اعلان نتائج الربع الثالث من العام الماضي والتي عادة ما تعطي مؤشرات عن الشكل النهائى لإجمالي ربح العام لذلك لم تكن الأرباح سبباً في انخفاض أسعار الأسهم.

ويضيف ان توزيعات ارباح العام 2004 جاءت أعلى من العام 2003 لكن نسبة ارتفاعها لا تقارن بنسبة ارتفاع القيم السوقية للأسهم في السوق ذلك ان المستثمر في الامارات يقيس التوزيعات على الاسعار السوقية للأسهم وليس على الارباح ووجود أنها غير مجزية لذلك انخفضت الاسعار.


ويؤكد الكسواني ان الشائعات تجد ارضاً خصبة لذلك تتحرك الأسعار الى الاعلي مع اتساع نطاق الشائعات لكن هناك ممارسات تقوم بها بعض الشركات تغذي الشائعات وجعلت بالفعل بعض الأسهم ترتفع بدون سبب وبعد أيام نكتشف انها تسريبات حقيقية لأخبار مشاريع او ارباح جرى تسريبها لبعض الذين استفادوا منها دون الآخرين.

مضاربون لا مستثمرون

رائد الأحمد مراقب مالي في الاسلامي للخدمات المالية يتفق في كثير من الاراء السابقة ويؤكد أن اسواق الأسهم المحلية صارت تعتمد على المضاربات ولا تلقي اهتماماً لارباح وأداء الشركات وعلى حد قوله فإن غالبية المتعاملين في الاسواق تحولوا من مستثمرين في الأسهم الى مضاربين حيث يشترون الاسهم اليوم على أمل بيعها في الغد بسعر أعلى.

والأكثر من ذلك فإن الشائعات هي التي تسير السوق والاغرب ان صغار المستثمرين الذين يتكبدون الخسائر من وراء الشائعات هم أصلاً الذين يطلقون الشائعة ويضيف قائا «كثيراً ما أسمع من عدد من صغار المستثمرين أنهم سمعوا عن أن شركة ما حصلت على مشروع كبير.

وعلى الفور تجد آخر يقول إذن سعر السهم سيصل الى كذا، وتنتشر الشائعة وتتحول حقيقة عند كثيرين الذين يتصرفون بموجب ذلك ويكتشفون في النهاية انها شائعة وليست حقيقة لكن بعد أن يكونوا قد تكبدوا خسائر باهظة. ويؤكد الأحمد أن انخفاض الأسعار عقب اعلان ارباح الشركات جاء طبيعياً لان المستثمرين كانوا يتوقعون حجم الارباح وتصرفوا على هذا الاساس.