المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استمرار نهج الإدارة الأمريكية يرشح الدولار للبقاء ضعيفا



Dr.M
17-11-2004, Wed 8:41 AM
استمرار نهج الإدارة الأمريكية يرشح الدولار للبقاء ضعيفا
السر سيد أحمد
17/11/2004 /


يبدو الدولار مرشحا للاستمرار في حالة من الضعف خلال فترة الرئيس جورج بوش الرئاسية الثانية، وذلك لإتساق ذلك مع البرنامج الاقتصادي، ولوجود خيارات متاحة أمام الإدارة لتمويل عجز ميزانيتها العامة والحساب التجاري.
وفي الوقت الذي تثير فيه استقالة مجموعة من الوزراء النافذين في إدارة الرئيس جورج بوش، مثل وزير العدل جون آشكروفت والخارجية كولن باول، تساؤلات عن سمات الفترة الرئاسية الثانية، واذا كانت ستفتح المجال أمام تغييرات أم أن بوش سيدفع في اتجاه تعميق السياسات التي بدأها في فترته الرئاسية الأولى؟
إلا أن وجود جون سنو وزير الخزانة ثابتا في موقعه، وكذلك وزير الدفاع دونالد رامسفيلد يرجحان الاحتمال الثاني، خاصة أن انتصار بوش في الكلية الانتخابية صحبه تفوق على المستوى الشعبي، جاء كل هذا معززا بالأغلبية التي حققها الحزب الجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ، الأمر الذي يعتبره بوش وأركان إدارته تفويضا جديدا لاستكمال برامجه التي بدأها في السنوات الأربع السابقة.
ومن هذه الاستمرار في ترك الدولار يهوي مقابل العملات الأجنبية. وكما لاحظ بعض المتابعين فإن عبارة الدولار القوي اختفت من قاموس وزارة الخزانة.
فالدولار بدأ رحلة التراجع منذ أواخر عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، لكنه وفي غضون العامين الأخيرين فقط فقد أكثر من 30 في المائة من قيمته مقابل اليورو، الأمر الذي دفع بالعديد من المحللين الى الحديث عن خطة أمريكية لإبقاء الدولار ضعيفا، ومن ثم جعل السلع الأمريكية أكثر جاذبية وتنافسية، الأمر الذي سيساعد على تقليل العجز في الميزان التجاري الأمريكي.
فهذا العجز، الذي يشمل التدفقات المالية، ارتفع من صفر تقريبا في عام 1990 إلى 600 مليار دولار هذا العام.
لكن بما أن الولايات المتحدة تبدو قادرة على الاقتراض والآخرين على استعداد لتمويل هذا التوجه، فمن الواضح أنه لا توجد ضغوط سياسية أو اقتصادية تدفع الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في سياساتها هذه.
وتوجد تقريبا ثلاث مدارس في مواجهة حالة قيام الولايات المتحدة بإنفاق 600 مليار دولار أكثر مما تنتج: الأولى يتبناها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) بقيادة رئيسه آلان جرينسبان، بأن الأسواق العالمية متخمة بالسيولة، ومن ثم يمكن بسهولة الاقتراض لتمويل أي عجز بأكثر مما كان متاحا قبل عقدين. ويضيف هؤلاء أن ديون المستثمرين الأجانب بلغت 2.6 تريليون دولار، أو نحو 23 في المائة من حجم النشاط الاقتصادي.
المدرسة الثانية ترى أن الدول الآسيوية، خاصة الصين واليابان، ستظل تدعم الدولار مساندة للاقتصاد الأمريكي والإبقاء على قدرته على استيراد منتجاتهما. ويضيف بعض محللي هذه المدرسة أن الدول الآسيوية اشترت بنحو تريليون دولار سندات للخزانة الأمريكية خلال العامين الماضيين. وهي خطوة يعتبرها بعض أركان الإدارة أنها تعني رغبة أجنبية في الاستثمار في الولايات المتحدة.
أما المدرسة الثالثة فتضم خبراء صندوق النقد الدولي وبعض الاقتصاديين المستقلين مثل كينيث روقوف من جامعة هارفارد الذي يعبر عن قلق كبير من إحساس واشنطن بأنها يمكنها الاقتراض إلى ما لا نهاية. وهو يرى أن نحو ثلاثة أرباع الفوائض التي يمكن اللجوء إليها تم تخصيصها فعلا لأغراض اقتراضية أو ما شابه. أما مسؤولو الصندوق فيرسمون سيناريوهات متشائمة ترى أن استمرار ضعف الدولار قد يؤدي في نهاية المطاف إلى كارثة عالمية. فبسبب المتاعب التي يعاني منها الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار النفط، الذي سيزيد من العجز التجاري، فإن قيمة الدولار تبدو أكثر من سعرها الفعلي بنحو 20 في المائة. وإذا ترك ليهوي، فإنه في الواقع العملي سيفقد قرابة 40 في المائة أخرى، وهو ما ستكون لها انعكاسات عالمية. لكن المسؤولون الأمريكيون يعاملون تقارير وتحذيرات المؤسسات الدولية باستخفاف شديد.
فأحد عناصر متاعب الاقتصاد الأمريكي هو العجز في الميزانية، وهو عجز يتفاقم بسبب الحرب على الإرهاب وعنوانها الكبير ما يجري في العراق، وكذلك عمليات الإعفاء والخفض الكبير للضرائب التي يقوم عليها برنامج بوش الانتخابي، وهما أمران يرى بوش أن نتيجة الانتخابات لا تدفعه إلى إعادة النظر في أي منهما، وهو ما يرشح العجز إلى الاستمرار في الاتساع بكل ما يعنيه ذلك من احتمال رفع أسعار الفوائد ولو بصورة تدريجية، كما تشير خطوات مجلس الاحتياط حتى الآن، وربما انبعاث التضخم مرة أخرى.
فصورة الولايات المتحدة الغارقة في حرب لا يبدو في الأفق أنها ستكسبها، وتزايد مشاعر العداء ضدها وارتفاع أسعار النفط تكرر الوضع الذي كانت عليه البلاد إبان عهد الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، وهو ما دفع أوروبا في النهاية إلى الضغط في اتجاه فك سعر التبادل الثابت للدولار تجاه العملات الأخرى.
الاقتصادات الآسيوية تلعب الدور نفسه الذي لعبته أوروبا حتى سبعينيات القرن الماضي، ويبقى السؤال عن مدى تحملها حالة عدم التوازن التي يعيشها الدولار، وإلى أي مدى سوف تستمر في دعمه. فالتدفقات المالية من العواصم الاسيوية إنما تأتي في غالبيتها من البنوك المركزية، ولم تعد تأتي من القطاع الخاص، كما كان الأمر سابقا. وهو ما يشير إلى خيارات سياسية أكثر منها اقتصادية تحكم تصرفات هذه الدول. ويبدو أن واشنطن مطمئنة إلى هذا الموقف حتى الآن. وهو ما يعيد التأكيد على المقولة القديمة للزعيم الفرنسي الجنرال شارل ديجول "إن من المزايا التي تتمتع بها الولايات المتحدة أنها تستطيع تسديد ديونها الخارجية بعملتها الوطنية".
ومع أن الريال السعودي مرتبط بالدولار، وأن الأخير عملة تجارة النفط الرئيسية، الأمر الذي يعني أن القيمة الشرائية لعائداتها تراجعت مع تراجع قيمة الدولار. إلا أن السعودية مرشحة هذا العام لتحقيق فائض تجاري هو الأعلى منذ عقدين من الزمان، وأن حجم عائدات الصادرات سيصل الى أربعة أضعاف حجم الإنفاق على الواردات، كما جاء في تقديرات لـ "سامبا". ومع أخذ تحويلات العاملين الأجانب في الحسبان وكذلك الخدمات الأخرى، فإن السعودية يمكن أن تحقق فائضا تجاريا في حدود 40 مليار دولار، يماثل ما حققته في قمة فترة الطفرة في عام 1981.
على أن المفارقة التي تستلفت النظر أن حصة الولايات المتحدة في السوق تبدو في تراجع، ويبدو أنها في السنوات الأربع الأخيرة تراوحت في حدود 15 مليار ريال قيمة للواردات الأمريكية سنويا من 21 مليارا في السنوات الأربع التي سبقت. هذا في الوقت الذي تتصاعد فيه قيمة الواردات الصينية لتحتل بكين المرتبة السابعة في قائمة المصدرين للسعودية، مرتفعة من المرتبة التاسعة قبل بضع سنوات.


http://stage.eqt-srpc.com/Detail.as...ewsItemID=24672