Dr.M
15-11-2004, Mon 7:45 AM
الجلطة بين الإنسان والمؤسسات العامة
د. عبد العزيز بن عبد الله الخضيري
15/11/2004 /
المؤسسات العامة والخاصة والدول والمدن جميعها مثل الإنسان تصاب بالجلطة عندما تتضخم أجهزتها وتترهل ويصبح الاتصال بين إداراتها وأقسامها وفروعها منقطعا أو ضعيفا، فتجد المخ المحرك لها يوجهها في اتجاهات لا تستطيع هذه الإدارات أو الأقسام التواصل معه أو فهم ما يريد.
تُعرف الجلطة أو السكتة الدماغيةStroke بأنها فقد خلايا دماغية نتيجة انسداد فرع من الشريان المغذي للمخ أو نزيف حاد يصيبه، مما يؤدي إلى تعطيل بعض وظائف الجسم نتيجة انقطاع الاتصال بين المخ وأعضاء الجسم، ما يجعل المخ يرسل إشارات إلى الأعضاء أو الأطراف فلا تستطيع استقبالها، وإذا استقبلتها لا تستطيع فهمها، وإذا فهمتها لا تستطيع التفاعل معها.
هذا الجسم دون الاتصال بالمخ يصبح كل جزء فيه يتصرف بمفرده وفي حالة من الفوضى تزيد وتنقص حسب قوة الجلطة ومكانها والأجزاء المتأثرة منها، بحيث تصيب بعض الأجزاء أو الأطراف وتشل حركتها بشكل كلي أو جزئي.
إن إصابة الجسم بالجلطة وتعطيلها العلاقة بين المخ والأطراف تجعل كلا منهما لا يستجيب للآخر ولا يتفاعل مع أوامره وتوجيهاته وطلباته وحاجاته، مما يسبب الإرباك للإنسان المصاب ويؤثر في قدرته على القيام بواجباته ومسؤولياته. وكلما زادت قوة الإصابة كان العجز أصعب والعلاقة بين أجزاء الجسم أسوأ ثم تنعكس بشكل مباشر بين الإنسان ومجتمعه، فلا يستطيع أن يتواصل مع مجتمعه ولا مجتمعه يتقبله على ما فيه من عجز وصعوبة تواصل.
بعض الإصابات يمكن علاجها وبعضها من الشدة والصعوبة بحيث يصعب علاجها وتؤدي مع الوقت إلى تلف أجزاء الجسم الرئيسة وأطرافه حتى يصل الجسم إلى مرحلة الإعاقة الكاملة ثم التلف والوفاة.
الإصابة بالجلطة في الغالب لها العديد من الأسباب الظاهرة والباطنة، إلا أن أحد أهم الأسباب هو ارتفاع الضغط أو السكر أو الكوليسترول وكلها في الغالب أيضا تأتي نتيجة السمنة الزائدة وعجز أعضاء الجسم عن تلبية متطلباته وتبدأ الشرايين بالاختناق والضيق ثم ما يحدث بعد ذلك معروف للجميع.
والمؤسسات العامة والخاصة والدول والمدن جميعها مثل الإنسان تصاب بالجلطة عندما تتضخم أجهزتها وتترهل ويصبح الاتصال بين إداراتها وأقسامها وفروعها منقطعا أو ضعيفا، فتجد المخ المحرك لها يوجهها في اتجاهات لا تستطيع هذه الإدارات أو الأقسام التواصل معه أو فهم ما يريد. كما أنها تحتاجه للتوجيه فلا تستطيع الوصول بطلباتها واحتياجاتها وآرائها له، وهكذا تضعف العلاقة وتصاب بالشلل ثم التلف، مما يؤدي إلى الانهيار الكامل بسبب تلف وفساد المخ والأطراف المرتبطة به.
تبرز ظاهرة الجلطة في المؤسسات عندما تتضخم إداراتها وفروعها دون مواكبة لتطوير الأداء وتفويض السلطة والصلاحيات وتبني مفاهيم الإدارة الحديثة، وما يتطلبه العمل من سهولة في الإجراءات وسرعة في الإنجاز وتواصل مستمر بين مختلف الأجزاء في المؤسسة.
إن الترهل الذي تصاب به المؤسسات يؤدي إلى فقد الاتصال المباشر بين مسؤوليها، وهذا بدوره يجعل صورة الإنجاز والتواصل ضعيفة ويعطي فرصة لأصحاب المصالح الخاصة والأنفس المريضة أن تخترق الجهاز ويوجهه بما يخدم مصالحها دون الاهتمام بمتطلبات الوطن والمواطن.
إن المؤسسات والشركات في ترابطها وتكاملها مع إداراتها وفروعها وأقسامها مثل الجسد الواحد، وصدق المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما قال في الحديث "إن المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمّى".
لهذا فإن المؤسسات تحتاج من العناية والمتابعة والرقابة أكثر مما يحتاج إليه الجسم لمنع إصابتها بالأمراض المزمنة والمسببة للإعاقة البسيطة أو الدائمة، لأن الجسم يمثل الفرد الواحد والمؤسسات تمثل الأمة. وبضعفها وانهيارها ينهار الكيان الواحد، ولأن العلاج بعد الضعف الشديد أو الانهيار يصبح من الأمور الصعبة أو المستحيلة في بعض الأحيان، مما يتطلب معه إعادة النظر في التضخم غير المبرر في الكثير من المؤسسات وإعادة هيكلتها بما يتفق ومتطلبات المرحلة المقبلة وبما ينقلها من المفهوم البيروقراطي الضيق والكئيب إلى المفهوم التنموي الشامل والداعم لجميع القرارات التي تتبناها الدولة للتعزيز من اقتصادها ورفاهية مواطنيها، خصوصا مع التوسع الكبير في المؤسسات والازدياد المطرد في عدد السكان ونمو المدن، وقيام الكثير من المؤسسات والهيئات بإعداد برامجها وخططها واستراتيجياتها في ظل غياب التنسيق بينها وتكامل برامجها وأهدافها ومخرجاتها.
http://stage.eqt-srpc.com/Detail.asp?InSectionID=20&InNewsItemID=24459
د. عبد العزيز بن عبد الله الخضيري
15/11/2004 /
المؤسسات العامة والخاصة والدول والمدن جميعها مثل الإنسان تصاب بالجلطة عندما تتضخم أجهزتها وتترهل ويصبح الاتصال بين إداراتها وأقسامها وفروعها منقطعا أو ضعيفا، فتجد المخ المحرك لها يوجهها في اتجاهات لا تستطيع هذه الإدارات أو الأقسام التواصل معه أو فهم ما يريد.
تُعرف الجلطة أو السكتة الدماغيةStroke بأنها فقد خلايا دماغية نتيجة انسداد فرع من الشريان المغذي للمخ أو نزيف حاد يصيبه، مما يؤدي إلى تعطيل بعض وظائف الجسم نتيجة انقطاع الاتصال بين المخ وأعضاء الجسم، ما يجعل المخ يرسل إشارات إلى الأعضاء أو الأطراف فلا تستطيع استقبالها، وإذا استقبلتها لا تستطيع فهمها، وإذا فهمتها لا تستطيع التفاعل معها.
هذا الجسم دون الاتصال بالمخ يصبح كل جزء فيه يتصرف بمفرده وفي حالة من الفوضى تزيد وتنقص حسب قوة الجلطة ومكانها والأجزاء المتأثرة منها، بحيث تصيب بعض الأجزاء أو الأطراف وتشل حركتها بشكل كلي أو جزئي.
إن إصابة الجسم بالجلطة وتعطيلها العلاقة بين المخ والأطراف تجعل كلا منهما لا يستجيب للآخر ولا يتفاعل مع أوامره وتوجيهاته وطلباته وحاجاته، مما يسبب الإرباك للإنسان المصاب ويؤثر في قدرته على القيام بواجباته ومسؤولياته. وكلما زادت قوة الإصابة كان العجز أصعب والعلاقة بين أجزاء الجسم أسوأ ثم تنعكس بشكل مباشر بين الإنسان ومجتمعه، فلا يستطيع أن يتواصل مع مجتمعه ولا مجتمعه يتقبله على ما فيه من عجز وصعوبة تواصل.
بعض الإصابات يمكن علاجها وبعضها من الشدة والصعوبة بحيث يصعب علاجها وتؤدي مع الوقت إلى تلف أجزاء الجسم الرئيسة وأطرافه حتى يصل الجسم إلى مرحلة الإعاقة الكاملة ثم التلف والوفاة.
الإصابة بالجلطة في الغالب لها العديد من الأسباب الظاهرة والباطنة، إلا أن أحد أهم الأسباب هو ارتفاع الضغط أو السكر أو الكوليسترول وكلها في الغالب أيضا تأتي نتيجة السمنة الزائدة وعجز أعضاء الجسم عن تلبية متطلباته وتبدأ الشرايين بالاختناق والضيق ثم ما يحدث بعد ذلك معروف للجميع.
والمؤسسات العامة والخاصة والدول والمدن جميعها مثل الإنسان تصاب بالجلطة عندما تتضخم أجهزتها وتترهل ويصبح الاتصال بين إداراتها وأقسامها وفروعها منقطعا أو ضعيفا، فتجد المخ المحرك لها يوجهها في اتجاهات لا تستطيع هذه الإدارات أو الأقسام التواصل معه أو فهم ما يريد. كما أنها تحتاجه للتوجيه فلا تستطيع الوصول بطلباتها واحتياجاتها وآرائها له، وهكذا تضعف العلاقة وتصاب بالشلل ثم التلف، مما يؤدي إلى الانهيار الكامل بسبب تلف وفساد المخ والأطراف المرتبطة به.
تبرز ظاهرة الجلطة في المؤسسات عندما تتضخم إداراتها وفروعها دون مواكبة لتطوير الأداء وتفويض السلطة والصلاحيات وتبني مفاهيم الإدارة الحديثة، وما يتطلبه العمل من سهولة في الإجراءات وسرعة في الإنجاز وتواصل مستمر بين مختلف الأجزاء في المؤسسة.
إن الترهل الذي تصاب به المؤسسات يؤدي إلى فقد الاتصال المباشر بين مسؤوليها، وهذا بدوره يجعل صورة الإنجاز والتواصل ضعيفة ويعطي فرصة لأصحاب المصالح الخاصة والأنفس المريضة أن تخترق الجهاز ويوجهه بما يخدم مصالحها دون الاهتمام بمتطلبات الوطن والمواطن.
إن المؤسسات والشركات في ترابطها وتكاملها مع إداراتها وفروعها وأقسامها مثل الجسد الواحد، وصدق المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما قال في الحديث "إن المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمّى".
لهذا فإن المؤسسات تحتاج من العناية والمتابعة والرقابة أكثر مما يحتاج إليه الجسم لمنع إصابتها بالأمراض المزمنة والمسببة للإعاقة البسيطة أو الدائمة، لأن الجسم يمثل الفرد الواحد والمؤسسات تمثل الأمة. وبضعفها وانهيارها ينهار الكيان الواحد، ولأن العلاج بعد الضعف الشديد أو الانهيار يصبح من الأمور الصعبة أو المستحيلة في بعض الأحيان، مما يتطلب معه إعادة النظر في التضخم غير المبرر في الكثير من المؤسسات وإعادة هيكلتها بما يتفق ومتطلبات المرحلة المقبلة وبما ينقلها من المفهوم البيروقراطي الضيق والكئيب إلى المفهوم التنموي الشامل والداعم لجميع القرارات التي تتبناها الدولة للتعزيز من اقتصادها ورفاهية مواطنيها، خصوصا مع التوسع الكبير في المؤسسات والازدياد المطرد في عدد السكان ونمو المدن، وقيام الكثير من المؤسسات والهيئات بإعداد برامجها وخططها واستراتيجياتها في ظل غياب التنسيق بينها وتكامل برامجها وأهدافها ومخرجاتها.
http://stage.eqt-srpc.com/Detail.asp?InSectionID=20&InNewsItemID=24459