المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاحتكار .. هل يضيع فرص الاستثمار؟



Dr.M
03-11-2004, Wed 3:18 AM
الاحتكار .. هل يضيع فرص الاستثمار؟

نواف مشعل السبهان

02/11/2004 /
قد يكون هناك مبرر وهو أن هؤلاء الذين يطلق عليهم المؤسسون رجال أعمال وأصحاب ملايين وكبار مستثمرين ومن حقهم التميز في الاستثمار، وهذا صحيح، ولكنه مبرر غير مقبول لجعل المؤسسين يحتكرون 80 في المائة من أسهم شركة يفترض أن تطرح أسهمها لاكتتاب عام.
عكس الإقبال الواسع علي الاكتتاب في شركة اتحاد اتصالات وقبلها شركة صحراء وقبلهما شركة الاتصالات السعودية، ثلاثة مؤشرات لا بد من التوقف عندها والاهتمام بها، وهي أولا، أن هناك سيولة مالية في البلد تبحث عن فرص استثمار. وثانيا، أن هذا الزخم في الاكتتاب يعبر عن ثقة في الاقتصاد الوطني. وثالثا، أن المواطنين لديهم الرغبة والاستعداد للمساهمة والاستثمار في السوق المحلية، وهذه الحقائق الثلاث مؤشر جيد يشجع على المضي قدما في برامج التخصيص، إلا أن الكيفية التي تطرح من خلالها هذه الفرص الاستثمارية قد لا تكون مشجعة مستقبلا للمواطنين لكي يمضوا قدما في مثل هذا الإقبال، فعندما يحتكر من يسمون بالمؤسسين النسبة الأعلى من الأسهم وترك النسبة الأقل لمن يسمون بلغة السوق صغار المستثمرين، وهم كتلة عريضة، قادرة كما ثبت على تغطية أي اكتتاب في أي شركة حتى بدون مؤسسين، فهذا يشير إلي وجود خلل سيؤثر سلبا على سوق الاستثمار، وهو ما أشار إليه كثير من المحللين الاقتصاديين وتناولته مقالات العديد من الكتاب على مدى الأيام الأخيرة معبرين فيها عن تساؤلات، مثل: أين مبدأ تكافؤ الفرص، وما الحق القانوني الذي يعطي الأقلية حق حجز 80 في المائة، وترك الأغلبية تتزاحم على 20 في المائة فقط لا غير؟ قد يكون هناك مبرر وهو أن هؤلاء الذين يطلق عليهم المؤسسون رجال أعمال وأصحاب ملايين وكبار مستثمرين ومن حقهم التميز في الاستثمار، وهذا صحيح، ولكنه مبرر غير مقبول لجعل المؤسسين يحتكرون 80 في المائة من أسهم شركة يفترض أن تطرح أسهمها لاكتتاب عام، فالأولى والحال كذلك أن تكون شركة مقفلة لا شركة عامة، وكان يمكن الموافقة على مثل هذه النسبة للمؤسسين لو كانت هناك شكوك أو عدم ثقة بإمكانية تغطية الاكتتاب عن طريق طرحها لمساهمة عامة، ولكن تجربتي شركة الاتصالات السعودية وشركة صحراء أثبتتا أن الاكتتاب مضمون وأن هناك سيولة كافية ورغبة لا محدودة في المشاركة والمساهمة من قبل عموم المواطنين. إن المنطق الاستثماري الصحيح والمعمول به على نطاق عالمي هو أن تكون نسبة المؤسسين في حدود الـ 20 في المائة. وتطرح باقي النسبة لاكتتاب عام، ونحن نقول لتكن على الأقل مناصفة أي 50 في المائة للمؤسسين ومثلها لبقية المساهمين، أما أن تستمر المساهمات على المنوال نفسه، بحيث يحتكر من يسمون بالمؤسسين النسبة الأكبر من الأسهم ويتركون الفتات للبقية فلهذا سلبياته الكثيرة، خصوصا إذا علمنا أن المؤسسين ساهمون من خلال تسهيلات بنكية دون أن يدفعوا شيئا من جيوبهم، بينما الذين يسمون بصغار المساهمين يدفعون من حر أموالهم. هذا الوضع غير المعقول يخشى أن يؤدي إلي إشاعة خيبة أمل لدى من يسمونهم صغار المساهمين وهم شريحة كبيرة كما قلنا، بعد ثلاث تجارب استثمارية غير مشجعة ومخيبة للآمال، وهو ما قد يقود إلى فتور حماستهم في المساهمة في الاكتتاب في أي شركة جديدة? لشعورهم بأنهم لن يخرجوا إلا بالفتات، وأن دورهم لن يتعدى دور الكومبارس في التمثيل أو مجرد تكملة عدد للتغطية القانونية فقط، فعندما يكون التخصيص كما حدث في "الاتصالات" و"صحراء" وما سيحدث مع "اتحاد اتصالات" بهذه النسب المتدنية جدا، فكيف يكون ذلك مشجعا للمواطنين للمساهمة في شركات يعلمون مسبقا أن المؤسسين سوف يستولون فيها على نصيب الأسد ويتركون لهم بقايا لاتسمن ولا تغني من جوع؟ ألا يدفعهم ذلك إلى البحث عن فرص استثمارية خالية من مثل هذا الاحتكار؟ هنا لا بد من تدخل جهات مسؤولة، وأظنها هنا وزارة التجارة وهيئة الأوراق المالية ومؤسسة النقد، لتصحيح هذا الوضع السلبي والناتج في جزء منه عن تدخل البنوك في توفير سيولة زائدة عن الحد وهي تعلم أن المستفيد هي وليس المساهم أو الشركة، فهي تحصل علي أرباح باردة مبردة وسعيها لاستغلال الفرصة دفع بها لمثل هذا التدخل الضار وليس النافع، والمطلوب أن تقنن قروض المساهمات، وأيضا سلبية هذا الوضع ناتج من هذا الاحتكار من قلة للنسبة الأكبر من الأسهم المطروحة وترك البقايا يتصارع عليها الأغلبية من المساهمين الذي لن يخرج الواحد منهم إلا بعدد من الأسهم يقل عن أصابع اليد الواحدة، وأظن أن هذا الوضع ليس في صالح الجميع، فالمفترض أن تكون الاستفادة من هذه الشركات المساهمة أوسع نطاقا مما هو عليه في ظل اختلال نسبة الأسهم مابين المؤسسين وبقية المساهمين، فمن مصلحة هذه الشركات ومصلحة الاقتصاد الوطني أن تتسع قاعدة المساهمين حتى يكون لها جذور قوية وصلبة، وليس من صالحها أن يحتكر قلة معظم أسهمها. لقد ثبت من طرح أسهم ثلاث شركات جديدة خلال الأشهر القليلة الماضية أن الاستثمار في أسهم الشركات عليه إقبال كبير، وهذا الإقبال لا شك في أنه سينعكس ايجابيا على اقتصادنا الوطني. ولعل أبرز هذه الإيجابيات هو توظيف الأموال المحلية في استثمارات داخلية مما سوف يقوي اقتصادنا وينعش سوقنا التجارية، ولكن في ظل الوضع القائم من خلال الكمية المطروحة من الأسهم للاكتتاب العام ونسبة التخصيص المتدنية لعدم توافق ما هو مطروح مع حجم الإقبال المرتفع.
أخشى أن يؤدي ذلك إلى تطفيش الناس ودفعهم للإحجام عن الاستمرار قي هذا الإقبال الإيجابي حتى الآن، وتطرح خلال الأشهر المقبلة أسهم بنوك وشركات جديدة وأخشى ألا يكون الإقبال عليها كسابقاتها، وقد سمعت من البعض ممن استغربت عدم اكتتابه في "اتحاد اتصالات" وجهة نظر تقول وما فائدة الاكتتاب في شركة لن أخرج منها بما يوازي الطموح؟ وهذا جرس إنذار حتى لا تفقد الثقة في مثل هذه الاستثمارات.
http://stage.eqt-srpc.com/Detail.asp?InSectionID=20&InNewsItemID=22254