المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مزاحمة الحكومة والأغنياء



السبع
01-11-2004, Mon 8:29 PM
عبد الرحمن الراشد

أكبر حدث في السعودية خلال الأيام القليلة الماضية لم يكن العراق ولا الانتخابات الأميركية، بل الاكتتاب في أسهم شركة جديدة جذبت أربعة ملايين شخص اشتروا حصصا فيها. كان رقما قياسيا ويوما انتخابيا، صوّت الناس فيه بأموالهم لصالح النظام. المعركة كانت كبيرة نجحت فكرتها باستمالة ربع السكان للمساهمة بأموالهم، لكنها، وبكل أسف، اخفقت في التنفيذ سياسيا واقتصاديا.
توسيع القوى الاقتصادية، وتوزيع الثروة، وفتح باب المشاركة في السوق، كلها أفكار جيدة ومهمة لمجتمع نامٍ. الفكرة طبقت قبل ذلك في السعودية في أواخر السبعينات وحتى منتصف الثمانينات، عندما دعمت الحكومة فكرة تأسيس شركات عملاقة في الزراعة والصناعة، وأمرت بتحويل البنوك إلى مساهمات عامة، وباعت الدولة بعض حصصها في المؤسسات. خلالها انتقلت أموال كثيرة للناس، وساهمت في توسيع شريحة الطبقة الوسطى في البلاد. ومنذ ذلك الحين لا تزال سوق الأسهم، وكذلك العقارات، مصدري التحويل المالي المهمين. وفي الآونة الأخيرة عادت سوق الأسهم لتصبح مركز الحركة، ومحط إقبال الناس كوسيلة لتنمية مداخيلهم المالية، فيما يشبه حالة الركض نحو الذهب.
لكن الاقتصاديين بأقل قدر من الاحساس السياسي والاجتماعي عموما، صمموا طرح الأسهم لضمان جمع أكبر قدر ممكن من التمويل المالي، بأقل قدر ممكن من المشاركين، وهنا ارتكبوا خطأ فادحا. فخصصوا فقط عشرين في المائة لعامة الناس، ووهبوا الحصة الكبيرة المتبقية للحكومة والأغنياء من كبار المساهمين. وهو ما أثار نقدا صريحا في الاعلام المحلي فشلت التبريرات في اقناع أحد بسلامة الاجراءات. كان ذلك خطأ غير مبرر في أن يحشر أربعة ملايين مواطن في عشرين في المائة فقط، وينعم القلة بأكثر الأسهم.
وهذه الحالة تذكرني في مطلع الثمانينات بمناسبة مماثلة، عندما خصصت حصة دسمة من الأسهم في شركة النقل على فئة قليلة من رجال الأعمال، وبعد أن احتجت الصحف على تلك المعاملة تدخلت الحكومة، وأعادت توزيع الأسهم وطرحها للبيع على عامة الناس. وبالطبع لا يمكن تبرير مزاحمة الحكومة للناس عبر صناديقها المختلفة، وشرائها حصصا كبيرة لأسهم معروف سلفا أن التهافت عليها كبير جدا. فنحن اعتدنا أن تقوم الحكومة بشراء أو إدارة القطاعات غير المربحة اقتصاديا وليس العكس. فقد كان بإمكان الحكومة أن تشتري أسهما لاحقا، بدلا منافسة مواطنيها على ما يعتبرونه فرصة نادرة لتحسين مستواهم المعيشي. أيضا هذا النقد يوجه ضد تنفيع رجال الأعمال في مساهمات مريحة كهذه، وهم القادرون على السباحة في المياه العميقة. وكان واجب الحكومة حماية صغار المساهمين من أسماك القرش الكبيرة هذه. فهذه الفكرة الجيدة باستمالة الناس للمشاركة أفسدتها المزاحمة غير العادلة.

http://www.asharqalawsat.com/

الرويلي
01-11-2004, Mon 10:05 PM
مقال جميل من الأستاذ عبد الرحمن الراشد.

شكراً جزيلاَ أخي السبع...