المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقرير التنمية العالمية للعام 2005



ghenaim
01-11-2004, Mon 4:39 AM
تقرير التنمية العالمية للعام 2005

حيدر بن عبد الرضا GMT 16:45:00 2004 الأحد 31 أكتوبر


حيدر بن عبدالرضا من مسقط: أشار التقرير السنوي للبنك الدولي تحت عنوان "تقرير التنمية العالمية للعام 2005" إلى أن تسريع وتيرة النمو وتقليص الفقر يستلزمان قيام الحكومات بتقليل مخاطر السياسات وتخفيض الكلفة والحواجز التي تقف في طريق التنافس التي تواجهها الشركات من جميع الأنواع، وكذلك تجاه المزارعين وأصحاب المشاريع التجارية البالغة، وحتى المصانع المحلية والشركات المتعددة الجنسيات.

وقال فرانسوا بورغينيون نائب رئيس البنك الدولي وكبير خبراء الإقتصاد: "إن مناخ الإستثمار الجيد عامل رئيسي لتحقيق النمو وتقليص الفقر مشيرا إلى أن القطاع الخاص النشط يخلق فرص العمل، ويوفر السلع والخدمات اللازمة لتحسين مستويات المعيشة، ويقدّم العائدات الضريبية الضرورية للإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم وغيرهما من الخدمات. ويرى المسؤول الدولي أن بعض الحكومات تقلّص في أحيان كثيرة حجم تلك المساهمات الضريبية من خلال خلقها مخاطر وتكاليف لا مبرر لها وحواجز في طريق المنافسة."

وقد اعتمد التقرير الذي نقلته وكالة الإعلام الأميركية على نتائج دراسة شاركت فيها أكثر من 30 ألف شركة في 53 بلداً نامياً، وعلى قاعدة معلومات البنك الدولي، وعلى دراسات خاصة بحالات بلدان معينة، وغير ذلك من الأبحاث. فالتقرير يبرز الفرص المتوفرة للحكومات لتحسين مناخ الاستثمار في بلدانها من خلال توسعة الفرص والحوافز المتوفرة للشركات من جميع الأنواع للاستثمار بشكل منتج ولخلق الأعمال والتوسع.

ويشير التقرير أن المخاطر المرتبطة بالسياسات تهيمن على بواعث قلق الشركات في الدول النامية. ويأتي عدم التيقن بشأن فحوى وتطبيق السياسات الحكومية في رأس قائمة بواعث القلق، التي تتضمن أيضاً مخاطر مهمة أخرى بينها عدم استقرار الاقتصاد الكلي، والقوانين والأنظمة العشوائية، والحماية الضعيفة لحقوق الملكية، مشيرا إلى أن هذه المخاطر تعتّم على الفرص وتحبط الحوافز على الإستثمار بشكل منتج وخلق الأعمال. ويوضح التقرير أن 90% من الشركات العاملة في غواتيمالا وأكثر من 70% من الشركات في بيلاروس وزامبيا وجدت أنه من غير الممكن التكهن بكيفية تفسير الأنظمة، في حين أن أكثر من 80% من الشركات في بنغلادش وأكثر من 70% من الشركات في الإكوادور ومولدوفا، لا تثق بدعم المحاكم لحقوقها في ما يتعلق بالملكية. وخلص التقرير إلى أنه يمكن لتحسين القدرة على التكهن بالسياسات وحده أن يزيد من احتمال استقطاب استثمارات جديدة بأكثر من 30%.

كما أشار التقرير أن التكلفة المرتبطة بالسياسات والتي تتحملها الشركات الضخمة بدورها تجعل الكثير من فرص الإستثمار المحتملة غير مربحة. وقد أبرز تقرير البنك بعنوان "القيام بالأعمال التجارية لعام 2005" والذي صدر مؤخرا في وقت سابق العبء الثقيل الذي تفرضه الضوابط البالية أو غير الحكيمة. فيما أظهر "تقرير التنمية العالمية لعام 2005" أن الضوابط المنظِمة تشكل جزءاً من مشكلة أوسع نطاقا، مشيرا إلى هذه التكلفة مضافاً إلى تكلفة الضعف في فرض تطبيق العقود والضوابط المنظمة المرهقة تصل إلى أكثر من 25% من عائدات المبيعات، أو أكثر من ثلاثة أضعاف ما تدفعه الشركات عادة كضرائب.

وتبلغ التكلفة المرتبطة بإمدادات الطاقة الكهربائية التي لا يمكن التعويل عليها وحدها أكثر من 10% من عائدات المبيعات في كل من إرتيريا والهند وكينيا، في حين تزيد تكلفة الجرائم في أرمينيا وأذربيجان وبيرو على 10% من المبيعات. ويبلغ معدل ما تدفعه الشركات من رشاوى في كل من وكمبوديا ونيكاراغوا وبعض الدول العربية أكثر من 6% المبيعات.

كما أن العوائق التي تقف في طريق المنافسة منتشرة على نطاق واسع وتفتقر حوافز الشركات إلى الإبتكار وزيادة إنتاجيتها، واللذين يشكلان العامل الأساسي في تحقيق النمو المستديم. كما أن المخاطرة الكبيرة وارتفاع التكلفة تحد من المنافسة، بيد أن الحكومات من جانبها تحد هي أيضاً من المنافسة من خلال الحواجز السياسية التي تضعها في وجه دخول السوق والخروج منها، ومن خلال الجهود غير الكافية لتقليص سلوك الشركات المناهض للمنافسة.

وقد أبلغ حوالى 90% من الشركات في بولندا عن تعرضه لضغوط تنافسية قوية، أي أن أكثر من ضعف عدد الشركات في جورجيا. وقد استنتج التقرير أنه يمكن للضغوط التنافسية أن تزيد من احتمال الابتكار بنسبة 50%.
ويوضح التقرير أن مستوى ونوع المخاطر والتكلفة والحواجز التي تقف في طريق المنافسة تختلف بشكل كبير بين بلد وآخر، كما أنها تختلف أيضاً بين منطقة وأخرى في نفس البلد. وينطبق هذا القول على الولايات والأقاليم في كل من البرازيل والصين والهند، ولكنه ينطبق أيضاً على الوضع في دول أصغر منها. ولكل من الحكومات القومية والمحلية دور مهم تلعبه في تحسين مناخ الاستثمار.

ويشير التقرير أن مناخ الاستثمار السيء يضر أكثر ما يضر بالشركات الصغيرة والعاملين في مجال الاقتصاد غير الرسمي، حيث وجد التقرير أن هذه الشركات تواجه صعوبة أكبر في الحصول على خدمات التمويل والخدمات الرسمية الأخرى، وأنها تشعر بثقة أقل بالمحاكم، وتشعر أكثر بأنه لا يمكن التكهن بالكيفية التي ستفسر بها القوانين والأنظمة. كما أن القيود المرتبطة بالتكاليف الثابتة، كالحاجة إلى توليد الكهرباء شخصيا، تفرض هي أيضاً عبئاً أثقل نسبياً على كاهل الشركات الصغيرة.

ويرى التقرير أن التقدم في هذه القضايا يستدعي أكثر من تغيير السياسات الرسمية. ويقول ووريك سميث، المؤلف الرئيسي للتقرير: "إن أكثر من 90% من الشركات تبلّغ عن ثغرات بين السياسة والممارسة الفعلية. ويشكّل الاقتصاد غير الرسمي أكثر من نصف الناتج في الكثير من البلدان النامية. وعلى الحكومات أن تردم هذه الثغرات وتعالج الأسباب العميقة المؤدية إلى إخفاق السياسات والتي يمكن أن تقوض المناخ الاستثماري."

وحيث أن الكثير من التحسينات في مناخ الاستثمار يتطلب تغيير القوانين والسياسات، فقد أبرز التقرير أربعة تحديات أكثر تأصلاً على الحكومات أن تعالجها لتحسين مناخ الاستثمار في دولها وهي كالتالي:

1-كبح الفساد وغيره من أشكال السعي للحصول على الرّيع. وفي هذا يقول المسؤول أن معظم الشركات في الدول النامية مضطرة لدفع الرشاوى عند تعامله مع المسؤولين، واعتبر الكثير منها أن الفساد يعتبر العائق الأكثر إلحاحية بالنسبة له. كما أن النفوذ الكبير الذي تمارسه الشركات المتمتعة بصلات مع المسؤولين السياسيين يشوه السياسات وتطبيقها.

2- تعزيز مصداقية السياسات الحكومية. لن يكون لإصدار القوانين الجديدة أي مفعول إن لم تكن الشركات مقتنعة بأنه سيتم تطبيقها أو استمرار العمل بها.

3-تعزيز الدعم الشعبي للتحسينات في السياسة. إن الإخفاق في حشد دعم شعبي لخلق مجتمع أكثر قدرة على الإنتاج يبطئ الإصلاحات ويعرض قدرتها على الاستمرار للخطر.

4-ضمان التجاوب في السياسات بحيث تناسب الأوضاع المحلية. إن الأساليب التي يتم نقلها عن بلد آخر وتطبيقها دون دراسة وتمعن تؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج سيئة عكسية.

كما يطالب التقرير التركيز على توفير المتطلبات الأساسية بحيث يجب أن تركز الحكومات على تحسين القواعد الأساسية التي يقوم عليها مناخ الاستثمار الجيد لإسفادة جميع الشركات والنشاطات في الاقتصاد. وقد تناول التقرير دروساً من التجارب في أربعة مجالات أساسية وهي:

1- الاستقرار والأمن. إن حقوق الملكية الآمنة أساسية لخلق مناخ جيد للاستثمار. وقد قامت الشركات المقتنعة بأن حقوقها آمنة في كل من بولندا ورومانيا وروسيا وسلوفاكيا وأوكرانيا بإعادة استثمار نسبة من أرباحها فاقت ما استثمرته الشركات غير المقتنعة بذلك ما بين 14 و40 %. ويمكن زيادة أمن الحقوق من خلال التثبت من حق ملكية الأرض وغيرها من الممتلكات، وتحسين تطبيق العقود، وتقليص الجريمة، وكبح عمليات المصادرة التي تقوم بها الحكومة.

2- القوانين المنظمة والضرائب. تقدّم القوانين المنظمة والضرائب إسهامات مهمة لمناخ الاستثمار الجيد وللأهداف الاجتماعية الأخرى، ولكن تخلق السياسات المنحازة في أحيان كثيرة جداً مخاطر وتكلفة غير ضرورية وحواجز في طريق المنافسة، وتؤدي إلى ازدياد حجم الاقتصاد غير الرسمي.

3- التمويل والبنية التحتية. إن التمويل والبنية التحتية من المعطيات الحاسمة الأهمية بالنسبة لمعظم نشاطات الإستثمار، حيث تحصل الحكومات حالياً على نتائج أفضل بتحسينها مناخ الاستثمار لمقدمي هذه الخدمات مما تحصل عليه من خلال شغل نفسها بشكل أكثر مباشرة بتقديم الخدمات.

4- العمال وسوق العمل. يساعد مناخ الإستثمار الجيد على وصول الأشخاص إلى الوظائف الجيدة، الأمر الذي يتطلب من الحكومات أن تعزز قوة عاملة ماهرة وتضمن أن التدخل في سوق العمالة يفيد جميع العمال (بمن فيهم أولئك الذين لا يعملون إلى الحد الأقصى من إمكانياتهم والعاملون في الاقتصاد غير الرسمي). كما أن عليها أن تساعد العمال على أن يتعاملوا بنجاح مع التغيرات في الاقتصاد الأكثر ديناميكية.

وقد نبه التقرير إلى أن تجاوز الأساسيات من خلال استهداف شركات أو نشاطات معينة لتحقيق امتيازات سياسية خاصة استراتيجية تنطوي على المخاطر. وفي هذا الصدد قال مايكل كلاين، نائب رئيس البنك الدولي لهيئة التمويل الدولية لشؤون تنمية القطاع الخاص وكبير خبراء الاقتصاد في هيئة التمويل الدولية: "لقد جربت الحكومات في أحيان كثيرة التدخل في مجالات مختارة طوال قرون. ولكن التجربة الدولية لا تكشف عن أي استراتيجيات مضمونة النجاح، وفي حالات كثيرة فشلت مثل هذه التدخلات فشلاً ذريعا." وقد أمعن التقرير النظر في التجارب في تشكيلة واسعة من المقاربات وقدم بعض التوجيهات حول تقليص المخاطر التي تنطوي عليها مثل هذه التدخلات.

ويرى التقرير أن المفتاح هو المثابرة لا الكمال، مستشهداً بنجاح دول كالصين والهند وأوغندا على أنه ليس من الضروري إنجاز جميع الأمور في نفس الوقت، بل يمكن بدلاً من ذلك، تحقيق تقدم كبير من خلال معالجة قيود مهمة تواجه الشركات، والمثابرة بشكل متواصل على عملية من التحسينات المستمرة. وقد أطلق تحسين حقوق الملكية في الصين عملية انتشلت بموجبها400 مليون شخص من الفقر، وتلت التحسينات الأولى سلسلة من التحسينات المتواصلة شملت معظم نواحي مناخ الاستثمار في البلد.

ونظراً لكون القيود والضوابط الرئيسية التي تواجهها الشركات تتباين بشكل كبير عبر الدول، حتى في المنطقة الواحدة، فانه ينبغي تقويم الأولويات في كل حالة. ولغرض المحافظة على الزخم الإصلاحي، شكلت السنغال وتركيا وفيتنام مؤسسات يقتصر عملها على التعاطي مع المستثمرين وإعادة النظر في القيود والضوابط. وقال التقرير إن الاتصال العام الفعال يلعب هو أيضاً دوراً حيوياً في استمرار التقدم واستدامته مشيرا إلى أنه على المجتمع الدولي القيام بالمزيد للمساعدة حتى يمكّن للنمو، ويقلص الفقر . كما دعا التقرير المجتمع الدولي إلى تعزيز الجهود الرامية إلى مساعدة الدول النامية على تحسين مناخها الاستثماري من خلال اتخاذ الإجراءات التالية:

-إلغاء القيود والمساعدات الحكومية الرسمية وغيرها من العوامل التي تشوه السوق في الدول المتقدمة وتضر مناخ الاستثمار في الدول النامية. ويمكن أن يسفر هذا عن فوائد في الدول النامية تبلغ قيمتها أربعة أضعاف قيمة المساعدات التي تتلقاها لتحسين مناخها الاستثماري.

- تقديم مساعدات أكثر، وأكثر فعالية، لمساعدة الحكومات على تحسين مناخها الاستثماري. ويمكن للمساعدات الفنية المتعلقة بصياغة وتطبيق التحسينات في السياسات أن تكون ناجعة بشكل خاص، ولكنها تحظى حالياً بموارد تقل عن الدعم الذي يقدم لشركات وصفقات معينة كل بمفردها.

- المساعدة في معالجة أمر ملف المعرفة الضخم المتعلق بقضايا مناخ الاستثمار لتقديم مزيد من التوجيه لواضعي السياسات حول صياغة وتطبيق تحسينات سياساتهم.