محمد حافظ
15-08-2002, Thu 11:32 PM
سؤال: في هذه الأيام التي تتبجح فيها أمريكا، وتمد اليهود بكل السلاح الذي تقتل به الفلسطينيين العزَّل يضع أثريا العرب أموالهم في بنوك أمريكا لا تقول بالملايين بل بالمليارات بل أن أحدهم يضع أكثر من عشر مليارات في بنوكهم وهذا فضلا عن استثمار الأموال في البنوك الربوية إلا أن الأمر أخطر من ذلك حيث يترتب على هذا الاستثمار كسر لشوكة المسلمين وتقوية لشوكة أهل الكفر وإمدادهم بالسلاح والمال الذي يستعينون به على قتل أهل التوحيد فنرجو من فضيلتك توضيح حكم الشرع في هذه المسألة ونرجو توضيح خطورة هذا الأمر ومدى تأثيره على المسلمين ؟ أفيدونا مأجورين.
الإجابة:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لا شك أن المسلم مأمور بمجاهدة أعداء دينه ووطنه، بكل ما يستطيع من ألوان الجهاد، الجهاد باليد، والجهاد باللسان، والجهاد بالقلب، والجهاد بالمقاطعة . .
فكل ما يضعف العدو ويوهن شوكته يجب على المسلم أن يفعله، كل إنسان بقدر استطاعته، ولهذا أفتى العلماء بعدم جواز استثمار الأموال لدى الدول الأجنبية التي تحارب الإسلام وأهله ، أو تلك الدول التي تعين على حرب المسلمين؛ لأن فيه نوعا من الموالاة للأعداء ، وهذا الاستثمار من شأنه أن يلحق الضرر والأذى بجماعة المسلمين وتعرضهم للقتل والتدمير بسببه، ولذا فلا يجوز استثمار الأموال في (إسرائيل ) أو ( الولايات المتحدة الأمريكية ) .
يقول الدكتور أنور دبور أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة : لا يجوز استثمار الأموال لدى الدول المعادية للمسلمين، لعدة أسباب:
1- أن فيه نوعا من الموالاة:
وربنا سبحانه وتعالى يقول: "إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {9} الممتحنة
ولا شك أنهم قد تمالئوا على الأمة الإسلامية وتظاهروا عليها ، ومساعدتهم موالاة لهم ضد المسلمين .
2- أن فيه ضررا على المسلمين:
ولا شك أن هذه الأموال تستغل في التسليح وغيره مما يوقع الضرر على المسلمين ورسولنا – صلى الله عليه وسلم – يقول " لا ضرر ولا ضرار " .
3- الربا:
ولا شك في أن استثمار هذه الأموال في هذه البنوك يكون بفائدة ربوية ، والربا حرام شرعا ، وليس أمام المستثمر إلا أن يقبل الفائدة البوية ، أو يتركها لهم ليتقوا بها على المسلمين ولا شك أن كلا الأمرين حرام شرعا .
4- حاجة المسلمين :
لا شك أن وجود هذه الأموال في بلاد المسلمين سوف يقوي اقتصادها ، وتركه في الخارج فيه إضعاف لهذا الاقتصاد ، ويقوي في نفس الوقت اقتصاد هذه الدول التي تشن حربا على المسلمين بأموال المسلمين .
5- شهادة الواقع :
شهد الواقع أن هذه الدول لا تريد الخير للمسلمين عن طريق الرقابة وحظر التسليح بل والاعتداء على المسلمين وما نراه في فلسطين وأفغانستان وغيرها من الدول خير شاهد على ذلك . فالواقع يشهد أنهم يضربوننا بأموالنا .
6- المصادرة :
وجود هذه الأموال في الخارج معرض للخطر فهذه الدول في أي لحظة لا تتورع عن مصادرة الأموال، تحت أي مسمى، فالأموال معرضة للخطر في الخارج . بل والواقع يشهد بأن هذه الدول لا تسمح برد الأموال ، فهي بالفعل معرضة للضياع أو شبه مصادرة .
لهذه الأسباب لا يجوز ترك الأموال في الخارج بأي حال .
أهـ
يقول الدكتور فاروق حمادة أستاذ السنة وعلومها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط :
إن تقوية الكفار ومساعدتهم في أي شيء يعود على المسلمين أينما كانوا بالضر، وكسر شوكتهم بأي وجه كان – من غير إكراه ملجئ ولا عذر شرعي- إثم عظيم، وجرم كبير، دل على ذلك صريح القرآن والسنة النبوية وفتاوى علماء الإسلام عبر الزمان.
أما صريح القرآن الكريم في ذلك، فقد جاء في قوله تعالى وهو يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم والأمة الإسلامية إلى قيام الساعة :"فلا تكونن ظهيرا للكافرين" (القصص الآية 86).
والظهير هو المعين والمساعد والناصر، وهذا النهي عن المعونة والمساعدة والمناصرة يشمل كل أنواعها ووجوهها المادية والمعنوية، مما يكثر جمعهم أو يرفع شأنهم أو يقوي شوكتهم.. فمن وقع في ذلك فقد عصى ربه وخالف دينه.
وقد نهى الله تعالى أصحاب الأموال وغيرها من النعم المادية والمعنوية التي أنعم بها عليهم أن يضعوها في نصرة المجرمين والظالمين، فقال تعالى:"رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين" (القصص الآية17).
وقال تعالى:"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون" (هود الآية 113).
والركون: هو الميل إليهم والاعتماد عليهم، وهل هناك جرم أعظم أو ظلم أكبر من محاربة دين الله، والعبث بمقدسات الإسلام والاعتداء على المسلمين في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، كما تفعل الصهيونية وأشياعها اليوم في فلسطين وغيرها من بقاع المسلمين؟?
لقد أعلنوها مرارا بأنها حرب دائمة وضروس، فلا يجوز الركون إليهم بحال من الأحوال.
وقد جاء في السنة النبوية أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها ما رواه ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:"زوال الدنيا كلها أهون على الله من قتل رجل مسلم" أخرجه الترمذي في سننه وقال: حديث حسن، وأخرجه النسائي في سننه بلفظ : لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا.
وعند ابن ماجة في سننه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله".
وهل هناك قتل أكبر من مد ومعاونة من يحاربون الإسلام والمسلمين ويرتكبون المجازر والفظائع ليل نهار، ويجتاحون بلاد المسلمين وخاصة في فلسطين، فيقتلون بالمئات ويهتكون الأعراض ويشردون الذرية ويدمرون الممتلكات، ويعيثون في الأرض فسادا ؟! !
وقد جاء في السيرة النبوية أن بني قينقاع – وهم قبيلة يهودية- لما حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لعبادة بن الصامت –الصحابي- حلف وعهد معهم، وكان لعبد الله بن أبي بن سلول –المنافق- حلف معهم، فمشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلع حلفه معهم ، وتبرأ إلى الله عز وجل ورسوله منهم، وقال:يا رسول الله، أتولى الله ورسوله والذين آمنوا، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم ، وبقي عبد الله بن أبي بن سلول على حلفه لليهود، وقال : أخشى الدوائر فنزل قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون: نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين..(إلى قوله تعالى)ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون"(المائدة 51-56).
وقوله تعالى "ومن يتولهم منكم": أي من يعاونهم ويعضدهم ويساندهم فحكمه كحكمهم، وهذا الحكم باق إلى يوم القيامة.
وعمل هذا الصحابي الجليل الذي زكَّاه القرآن وخلده الرحمان مثال لما يجب على كل مؤمن أن يعمله.
وقد اتفق علماء الإسلام بدءا من السلف الصالح ومع توالي العصور على عدم جواز معاملة المحاربين بالبيع والشراء وغيرها من المعاملات التجارية وغير التجارية، بما يستعينوا به على إهلاك المسلمين، ولا بما يتقوون به على المسلمين، ونصوا في ذلك على السلاح بخصوصه، فقد قال الإمام أبو يوسف القاضي في كتابه الخراج (2/421) بأنه لا يجوز أن يخرج من بلاد الإسلام شيء إلى بلاد الكفار مما يكون لهم قوة على المسلمين.
ونقل أيضا في كتاب الخراج (2/429) عن الإمام الحسن البصري قوله: لا يحل لمسلم أن يحمل إلى عدو المسلمين سلاحا يقويهم به على المسلمين ولا كراعا، ولا ما يستعان به على السلاح والكراع.
والكراع: الخيل وأشباهها، وما يستعان به في السلاح: كل ما يخدم السلاح والكراع كالسروج واللجم وغيرها، مما كان في عصرهم مستعملا.
وفي المدونة (3/278) في التجارة إلى أرض العدو، قال مالك بن أنس: كل ما هو قوة على أهل الإسلام مما يتقوون به في حروبهم من كراع أو سلاح، أو خرثي، أو شيء مما يعلم أنه قوة في الحرب، فإنهم لا يباعون ذلك.
والخرثي هو أثاث البيت والمتاع.
وقد تابع هذين الإمامين الكبيرين علماء الإسلام على هذا.
ولا يخفى على عاقل أن السلاح اليوم قد أصبح متعدد الأشكال، ولكل سلاح معركته، وحده ونصله، وفي طليعة هذه الأسلحة المال والقوة الاقتصادية.
وقد بدا الصبح اليوم لذي عينين، وانكشف قناع الزيف، والمين ( الكذب ) وأعلنتها أمريكا واليهودية حربا على معالم الإسلام ومقدساته، فيحرم على كل مسلم يملك سلاحا من أي نوع، أن يضعه بيد الكفار لاستخدامه ضد المسلمين أينما كانوا، في هذه المعركة متعددة الأشكال والأسلحة.
وقد حذَّر الله تعالى عباده المؤمنين من وضع هذه الأمانات التي استأمنهم عليها في غير موضعها أشد التحذير، فقال عز وجل:" يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون، واعلموا أن أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم".
وإن كل قادر على نصرة إخوانه في فلسطين وفي أي مكان بأي شيء كان ولم يفعل –من دون عذر شرعي- فقد خان الله ورسوله والمؤمنين "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم".
أهـ
وقد أفتى بمثل ما سبق فضيلة الدكتور علي الصوا أستاذ الشريعة بجامعة الأردن فقال فضيلته :
الاستثمار المعاصر في الدول الكافرة هو أقسام، فما كان منها معلنا الحرب على المسلمين أو معينا للحربيين على المسلمين فلا نستثمر الأموال في بلاده حتى يرجع، وما كان منها مساعدا للمسلمين أو حتى محايدا استثمرنا عنده وبذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية (وغيرها) في زماننا مع ما تقدمه من مساندة ومساعدة للعدو الصهيوني في فلسطين فإن تحويل الاستثمار من الولايات المتحدة في هذه الأيام إلى غيرها من الدول التي لا تعين المحاربين من اليهود وأمثالهم باب من أبواب الجهاد ما استطاع المستثمر إلى ذلك سبيل إن كان من غير أبناء الولايات المتحدة الأمريكية.
وإن كنت أدعو إخواننا المسلمين من أصحاب الأموال أن يجعلوا للاستثمار في بلاد المسلمين نصيبا من أموالهم مهما كان في ذلك من مخاطرة حتى يعينوا أسر المسلمين وعائلاتهم على الحياة الكريمة.
والله أعلم
المصــــدر
http://gn4msnbc.com/opinions/articleDetail.asp?SECID=287&Top=11&id=10289&TEMPID=1
الإجابة:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لا شك أن المسلم مأمور بمجاهدة أعداء دينه ووطنه، بكل ما يستطيع من ألوان الجهاد، الجهاد باليد، والجهاد باللسان، والجهاد بالقلب، والجهاد بالمقاطعة . .
فكل ما يضعف العدو ويوهن شوكته يجب على المسلم أن يفعله، كل إنسان بقدر استطاعته، ولهذا أفتى العلماء بعدم جواز استثمار الأموال لدى الدول الأجنبية التي تحارب الإسلام وأهله ، أو تلك الدول التي تعين على حرب المسلمين؛ لأن فيه نوعا من الموالاة للأعداء ، وهذا الاستثمار من شأنه أن يلحق الضرر والأذى بجماعة المسلمين وتعرضهم للقتل والتدمير بسببه، ولذا فلا يجوز استثمار الأموال في (إسرائيل ) أو ( الولايات المتحدة الأمريكية ) .
يقول الدكتور أنور دبور أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة : لا يجوز استثمار الأموال لدى الدول المعادية للمسلمين، لعدة أسباب:
1- أن فيه نوعا من الموالاة:
وربنا سبحانه وتعالى يقول: "إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {9} الممتحنة
ولا شك أنهم قد تمالئوا على الأمة الإسلامية وتظاهروا عليها ، ومساعدتهم موالاة لهم ضد المسلمين .
2- أن فيه ضررا على المسلمين:
ولا شك أن هذه الأموال تستغل في التسليح وغيره مما يوقع الضرر على المسلمين ورسولنا – صلى الله عليه وسلم – يقول " لا ضرر ولا ضرار " .
3- الربا:
ولا شك في أن استثمار هذه الأموال في هذه البنوك يكون بفائدة ربوية ، والربا حرام شرعا ، وليس أمام المستثمر إلا أن يقبل الفائدة البوية ، أو يتركها لهم ليتقوا بها على المسلمين ولا شك أن كلا الأمرين حرام شرعا .
4- حاجة المسلمين :
لا شك أن وجود هذه الأموال في بلاد المسلمين سوف يقوي اقتصادها ، وتركه في الخارج فيه إضعاف لهذا الاقتصاد ، ويقوي في نفس الوقت اقتصاد هذه الدول التي تشن حربا على المسلمين بأموال المسلمين .
5- شهادة الواقع :
شهد الواقع أن هذه الدول لا تريد الخير للمسلمين عن طريق الرقابة وحظر التسليح بل والاعتداء على المسلمين وما نراه في فلسطين وأفغانستان وغيرها من الدول خير شاهد على ذلك . فالواقع يشهد أنهم يضربوننا بأموالنا .
6- المصادرة :
وجود هذه الأموال في الخارج معرض للخطر فهذه الدول في أي لحظة لا تتورع عن مصادرة الأموال، تحت أي مسمى، فالأموال معرضة للخطر في الخارج . بل والواقع يشهد بأن هذه الدول لا تسمح برد الأموال ، فهي بالفعل معرضة للضياع أو شبه مصادرة .
لهذه الأسباب لا يجوز ترك الأموال في الخارج بأي حال .
أهـ
يقول الدكتور فاروق حمادة أستاذ السنة وعلومها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط :
إن تقوية الكفار ومساعدتهم في أي شيء يعود على المسلمين أينما كانوا بالضر، وكسر شوكتهم بأي وجه كان – من غير إكراه ملجئ ولا عذر شرعي- إثم عظيم، وجرم كبير، دل على ذلك صريح القرآن والسنة النبوية وفتاوى علماء الإسلام عبر الزمان.
أما صريح القرآن الكريم في ذلك، فقد جاء في قوله تعالى وهو يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم والأمة الإسلامية إلى قيام الساعة :"فلا تكونن ظهيرا للكافرين" (القصص الآية 86).
والظهير هو المعين والمساعد والناصر، وهذا النهي عن المعونة والمساعدة والمناصرة يشمل كل أنواعها ووجوهها المادية والمعنوية، مما يكثر جمعهم أو يرفع شأنهم أو يقوي شوكتهم.. فمن وقع في ذلك فقد عصى ربه وخالف دينه.
وقد نهى الله تعالى أصحاب الأموال وغيرها من النعم المادية والمعنوية التي أنعم بها عليهم أن يضعوها في نصرة المجرمين والظالمين، فقال تعالى:"رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين" (القصص الآية17).
وقال تعالى:"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون" (هود الآية 113).
والركون: هو الميل إليهم والاعتماد عليهم، وهل هناك جرم أعظم أو ظلم أكبر من محاربة دين الله، والعبث بمقدسات الإسلام والاعتداء على المسلمين في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، كما تفعل الصهيونية وأشياعها اليوم في فلسطين وغيرها من بقاع المسلمين؟?
لقد أعلنوها مرارا بأنها حرب دائمة وضروس، فلا يجوز الركون إليهم بحال من الأحوال.
وقد جاء في السنة النبوية أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها ما رواه ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:"زوال الدنيا كلها أهون على الله من قتل رجل مسلم" أخرجه الترمذي في سننه وقال: حديث حسن، وأخرجه النسائي في سننه بلفظ : لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا.
وعند ابن ماجة في سننه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله".
وهل هناك قتل أكبر من مد ومعاونة من يحاربون الإسلام والمسلمين ويرتكبون المجازر والفظائع ليل نهار، ويجتاحون بلاد المسلمين وخاصة في فلسطين، فيقتلون بالمئات ويهتكون الأعراض ويشردون الذرية ويدمرون الممتلكات، ويعيثون في الأرض فسادا ؟! !
وقد جاء في السيرة النبوية أن بني قينقاع – وهم قبيلة يهودية- لما حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لعبادة بن الصامت –الصحابي- حلف وعهد معهم، وكان لعبد الله بن أبي بن سلول –المنافق- حلف معهم، فمشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلع حلفه معهم ، وتبرأ إلى الله عز وجل ورسوله منهم، وقال:يا رسول الله، أتولى الله ورسوله والذين آمنوا، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم ، وبقي عبد الله بن أبي بن سلول على حلفه لليهود، وقال : أخشى الدوائر فنزل قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون: نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين..(إلى قوله تعالى)ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون"(المائدة 51-56).
وقوله تعالى "ومن يتولهم منكم": أي من يعاونهم ويعضدهم ويساندهم فحكمه كحكمهم، وهذا الحكم باق إلى يوم القيامة.
وعمل هذا الصحابي الجليل الذي زكَّاه القرآن وخلده الرحمان مثال لما يجب على كل مؤمن أن يعمله.
وقد اتفق علماء الإسلام بدءا من السلف الصالح ومع توالي العصور على عدم جواز معاملة المحاربين بالبيع والشراء وغيرها من المعاملات التجارية وغير التجارية، بما يستعينوا به على إهلاك المسلمين، ولا بما يتقوون به على المسلمين، ونصوا في ذلك على السلاح بخصوصه، فقد قال الإمام أبو يوسف القاضي في كتابه الخراج (2/421) بأنه لا يجوز أن يخرج من بلاد الإسلام شيء إلى بلاد الكفار مما يكون لهم قوة على المسلمين.
ونقل أيضا في كتاب الخراج (2/429) عن الإمام الحسن البصري قوله: لا يحل لمسلم أن يحمل إلى عدو المسلمين سلاحا يقويهم به على المسلمين ولا كراعا، ولا ما يستعان به على السلاح والكراع.
والكراع: الخيل وأشباهها، وما يستعان به في السلاح: كل ما يخدم السلاح والكراع كالسروج واللجم وغيرها، مما كان في عصرهم مستعملا.
وفي المدونة (3/278) في التجارة إلى أرض العدو، قال مالك بن أنس: كل ما هو قوة على أهل الإسلام مما يتقوون به في حروبهم من كراع أو سلاح، أو خرثي، أو شيء مما يعلم أنه قوة في الحرب، فإنهم لا يباعون ذلك.
والخرثي هو أثاث البيت والمتاع.
وقد تابع هذين الإمامين الكبيرين علماء الإسلام على هذا.
ولا يخفى على عاقل أن السلاح اليوم قد أصبح متعدد الأشكال، ولكل سلاح معركته، وحده ونصله، وفي طليعة هذه الأسلحة المال والقوة الاقتصادية.
وقد بدا الصبح اليوم لذي عينين، وانكشف قناع الزيف، والمين ( الكذب ) وأعلنتها أمريكا واليهودية حربا على معالم الإسلام ومقدساته، فيحرم على كل مسلم يملك سلاحا من أي نوع، أن يضعه بيد الكفار لاستخدامه ضد المسلمين أينما كانوا، في هذه المعركة متعددة الأشكال والأسلحة.
وقد حذَّر الله تعالى عباده المؤمنين من وضع هذه الأمانات التي استأمنهم عليها في غير موضعها أشد التحذير، فقال عز وجل:" يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون، واعلموا أن أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم".
وإن كل قادر على نصرة إخوانه في فلسطين وفي أي مكان بأي شيء كان ولم يفعل –من دون عذر شرعي- فقد خان الله ورسوله والمؤمنين "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم".
أهـ
وقد أفتى بمثل ما سبق فضيلة الدكتور علي الصوا أستاذ الشريعة بجامعة الأردن فقال فضيلته :
الاستثمار المعاصر في الدول الكافرة هو أقسام، فما كان منها معلنا الحرب على المسلمين أو معينا للحربيين على المسلمين فلا نستثمر الأموال في بلاده حتى يرجع، وما كان منها مساعدا للمسلمين أو حتى محايدا استثمرنا عنده وبذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية (وغيرها) في زماننا مع ما تقدمه من مساندة ومساعدة للعدو الصهيوني في فلسطين فإن تحويل الاستثمار من الولايات المتحدة في هذه الأيام إلى غيرها من الدول التي لا تعين المحاربين من اليهود وأمثالهم باب من أبواب الجهاد ما استطاع المستثمر إلى ذلك سبيل إن كان من غير أبناء الولايات المتحدة الأمريكية.
وإن كنت أدعو إخواننا المسلمين من أصحاب الأموال أن يجعلوا للاستثمار في بلاد المسلمين نصيبا من أموالهم مهما كان في ذلك من مخاطرة حتى يعينوا أسر المسلمين وعائلاتهم على الحياة الكريمة.
والله أعلم
المصــــدر
http://gn4msnbc.com/opinions/articleDetail.asp?SECID=287&Top=11&id=10289&TEMPID=1