المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فائض في الميزانية وفيض في المشاعر



ghenaim
09-09-2004, Thu 5:13 AM
فائض في الميزانية وفيض في المشاعر

خالد محمدالخضر

08/09/2004 /

حسناً فعلت الدولة عندما وجهت وزير المالية إلى تخصيص مبلغ 30 مليارا تُنْفَق على المشاريع الحيوية ذات المساس المباشر بمصالح المواطنين والتي سيتم صرفها على مدار السنوات الخمس المقبلة للبرامج والمشاريع الحيوية التي أكدها الأمير عبد الله بن عبد العزيز، فضلاً عما سيُعتمد لتلك المشاريع من ميزانية سنوية مقررة، وتلك البرامج والمشاريع هي مشاريع شبكات المياه والصرف الصحي، برنامج عاجل لإقامة طرق سريعة وفتح طرق مزدوجة، برنامج لتطوير الرعاية الصحية الأولية في كل المناطق، برنامج سريع لاكتمال بناء المدارس الحكومية، برنامج لدعم التعليم الفني والتقني، وبقراءة سريعة لمعطيات ما تفضل به الأمير عبد الله لوكالة الأنباء السعودية، حول استثمار الفائض المتوقع لميزانية هذا العام، فإننا نلحظ أن التوجيه جاء بالتركيز على اللبنات الأساسية لاقتصاد ورفاهية الأمم تأسيساً على مبدأ الأهم فالمهم، كالصحة وبناء المدارس والطرق والتقدم التقني والمهني، دون إغفال سداد الدين العام لما في ذلك من أهمية حيوية تنعكس بشكل مباشر على متانة الاقتصاد والوطن جراء تقليص فجوة الدين العام، وهذا يصب في تلمس حاجة المواطن وخاصة في قضية الصحة والسكن وما صاحب ذلك من رفع لميزانية الصندوق العقاري إلى تسعة مليارات، وهذا بدوره سيعمل على المسارعة بعجلة بناء المساكن للمتزوجين والمحتاجين، ولبقية الشباب على وجه الخصوص، خاصة وأن المجتمع السعودي يتميز بأنه مجتمع فتي وشاب تمثل هذه الشريحة منه أكثر من 60 في المائة من مجموع عدد السكان الكلي وعندما تقوم الدولة بإعطاء التوجيه إلى وزير المالية بتخصيص مبالغ تصب في الدوائر والخطوط التماسية مع مصالح المواطن فهذا شيء محمود.
وفي الجانب الصحي، أتمنى على وزير الصحة استثمار هذا المبلغ مشاركة مع المواطن للقيام بدفع رسم عن كل كشف وتفعيل قضية التأمين الطبي بشكل يستطيع من خلاله المواطن المشاركة الفاعلة والإيجابية من خلال دفع رسم رمزي يكون المواطن قادراً عليه من جانب، ووزارة الصحة مستفيدة من هذا الرسم من جانب آخر، لتفعيل هذه القضية المحورية وذات الأهمية القصوى حتى يكون هناك تغطية صحية راقية لكل مواطن، وفي المقابل يستطيع المواطن تحمل رسومها الرمزية، ومنها سنخرج بفائدتين رسم ميسر للمواطن ودخل ذو فائدة عالية لوزارة الصحة تستثمره في مشاريعها الإنمائية والصحية.
وفى الجانب الآخر، وفيما يخص الصندوق العقاري، أرى أن يقوم الصندوق بمشاركة المواطن من خلال تفادي المشاكل الناجمة عن التجربة السابقة لعدم وجود آلية واستراتيجية للبناء والمساكن في التجربة السابقة، وإني أهيب هنا بالمسؤولين عن هذا الصندوق أن يكون هناك سماح للمباني والمساكن الرأسية والتي تتمركز داخل الأحياء أو في أحياء يتم اقتراحها ودراستها من قبل الصندوق ووزارة الشؤون البلدية والقروية، حتى لا يكون هناك تمدد مذموم لا يؤدي بالتالي إلاّ إلى زيادة في الأعباء من جراء هذا التمدد العبثي والعشوائي الشعب السعودي شعب فتي والشاب يريد أن يمتلك مسكنا حتى ولو كان على نظام الشقق، فأعتقد أن ذلك أيسر وأفضل وأسلم اقتصادياً وتطبيقياً.
أما الجانب التعليمي وهو الجانب الحيوي وهو الرئة التي تتنفس الشعوب من خلالها، بل هو عماد الأمم ورقيها، فهو مفصل استراتيجي في تقدم الأمم ومزاحمة الحضارات لنيل المكانة وتحقيق السبق، فخيراً عملت الدولة في قضية بناء المدارس الحكومية وخلق الجو المناسب للدارس، وخلق بيئة تقوم على الإبداع والابتكار طريقة ومنهجا، ويا حبذا لو أن وزير التربية والتعليم زاد من مساحة ثقافة الإبداع والتفكير والتحليل بدلا من الحفظ والتلقين أما الجانب الخاص بمشاريع الصرف الصحي وتصريف السيول والطرقات، فهو أمر يحتاج إلى وقفة وأتمنى على وزير المواصلات أن يطرح استثمار الطرقات على الشركات الخاصة وأن يتفادى تلك العبثية والفوضوية في الطرقات العامة من خلال الجهود المبعثرة والشعبية والتي لا تعكس تقدم هذه الأمة ورقيها ولا ترتقي إلى المستوى الذي يرضي المسؤول قبل المواطن، فلو أن هناك شركات متخصصة ومهنية ومصنفة تقوم على تشغيل بعض المحطات «والموتيلات» والاستراحات التي على جنبات الطرق لكان الأمر أجدى وأنفع لنرسم واجهة ولوحة حضارية لذلك البلد المعطاء ونعكس صورة إيجابية لكل زائر لهذا البلد كنت أتمنى وأظن أن الدولة تولي ذلك الأمر كامل عنايتها، وبالتالي لا تغفل عن هذا الجانب وهو التعليم الجامعي من خلال فتح الباب للجامعات الخاصة والكليات الأهلية والقائمة على الأسس المتفقة مع التعليم المفتوح ومع الركائز التي تنادي بها وزارة التعليم العالي، دون انغلاقية بالفكر والرؤى والتي سببت لأبنائنا المعاناة، نتيجة التغرب والاغتراب في دول لا تملك عُشر الإمكانيات التي يملكها وطننا الغالي محدثة غصة في حلق كل أب وأم، لماذا بلد كالأردن لا يملك المقومات الاقتصادية والاستراتيجية التي يملكها بلد كالمملكة العربية السعودية، وبالتالي يذهب أبناؤنا للدراسة فيه، وكذلك في اليمن ومصر وسورية وكثير من البلاد التي يعيش فيها طلابنا وطالباتنا هناك، إنها المفارقات المؤسفة والمضحكة في ذات الوقت، أتمنى من وزارة التربية والتعليم أن ترفع عنها شعار البيروقراطية والدخول بالتفاصيل وتأكيد ثقافة الخصوصية السلبية التي لم نأخذ منها إلاّ الوقوف في الصفوف الخلفية مقارنة بالدول المتقدمة بل بدول العالم الثالث، وإنني وإن كنت أستشعر كل عمل يؤدي إلى رفاهية المواطن بكثير من الغبطة والسرور، فإني ألمس تلك المشاعر الفياضة من الأمير عبد الله حباً لهذا الوطن وأبنائه في كل مناسبة لها تقاطع مع مصالح المواطنين، نتمنى السير قدماً لتقدم شعبنا وأمتنا.