المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاقتصاد الحقيقي . . ؟!....



الطير
22-08-2004, Sun 10:25 PM
الاقتصاد الحقيقي . . ؟!....بقلم: منصور الخزام
--------------------------------------------------------------------------------


حين تنظر إلى أي بلدة أو دولة لترى أسباب الحياة أو بعبارة أخرى النشاط الاقتصادي تراها منحصرة في سبب واحد أو سببين على الأرجح،
وحين تتعدد الأسباب فإن هذا يكون أدعى لثراء ورخاء الدولة، وإن كان البعض قد يجادل أن تركز السبب هو الأولى لقوة الاقتصاد وتقدمه ومن ثم رفاه الدولة.

لنستبين الأمر بمزيد إيضاح فإنك حين تزور إحدى الدويلات الأمريكية وتنظر في سبب نشاط الاقتصاد في مدينة معينة تجد مثلاً أنه مصنع لشركة IBM والذي بسببه ازدهرت المدينة،
فيقدم إليه الراغبون في العمل من القرى والأنحاء في الدويلة وبسببه يزدهر السوق العقاري وينشط البناء فأسواق التجزئة وتجار السيارات وكراجاتها ومستشفى وطاقمه ومطاعم ومختلف أنشطة الخدمات
لتلبية العدد المركز من السكان في المدينة التي ازدهرت بسبب المحرك الاقتصادي الرئيسي وهو مصنع IBM.

وفي خضم الأمر تبدأ بالبروز محركات أخرى وإن كانت صغيرة كالمستشفى الذي بسبب سمعته يقصده الناس من الدويلات الأخرى وهكذا.

المراد توضيحه أن الأنشطة الاقتصادية المساندة كالعقار بجميع تصنيفاته والخدمات بكل أنواعها ليست السبب الحقيقي وإن كان لها أدوار ثانوية لاحقة ولكن السبب الحقيقي لأي نشاط اقتصادي هو المحرك الفعلي والرئيسي كشركة IBM في مثلنا الآنف.

في الدول الخليجية المتعاونة ولنأخذ الكويت كمثال فإن المحرك الرئيسي للاقتصاد هو إنتاج النفط وتصديره. ولكون هامش الربحية مرتفع ترى ازدهار اقتصاد الدولة وكل الأنشطة الاقتصادية اللاحقة والثانوية كالعقار والخدمات.
ولكون الدولة تهيمن على الاقتصاد بصورة شبه كاملة حيث 97% من الكويتيين موظفي حكومة وحتى إنتاج البسكويت والخدمات الترفيهية تحت سيطرة الحكومة فإنه لا يمكن القول بوجود اقتصاد بالمعنى الحقيقي، أعني كما نرى أثره في الدول الأخرى.

إن حاول البعض أن يوهم نفسه بوجوده بتحليلات سوق الأسهم أو العقار وأسعار الفائدة والبطالة وثقة المستهلك وإنفاقه والإنتاج والإنتاجية فإن كل ما سبق أضغاث أحلام. بل يوجد شيء واحد اسمه إنفاق حكومي يحرك الأمة الكويتية كل شهر في صورة الرواتب المحولة من مبيعات النفط.
ولدى اختلاله كما حدث في سنة 1997 حيث وصل سعر البرميل إلى أقل من عشرة دولارات فإن الدولة كانت على وشك الانكماش. ولو خفضت الرواتب حينئذ لتوقف زيد عن سداد أقساطه وإيجاره العقاري ولقامت أم عامر بتسفير خادمتها ولم تفعل كأم عمرو التي لم تعط سائقها معاشه. وفي الأسواق يندر المشترون وفي السينما يختفي جمهور النظارة ولن تبيع وكالات السيارات سيارة ويغادر الصعايدة إلى الصعيد لتوقف البناء وتصبح خيطان قفرا متوالية لا يعلم مداها إلا الله والله خير حافظاً.

إذاً هل من سبيل لبناء اقتصاد حقيقي في الكويت؟ بالطبع الإجابة بالإيجاب في الكويت وفي أي دولة في العالم. إن ذلك يكون بإيجاد محركات اقتصاد متعددة وإن كانت صغيرة، لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى. والذي أعنيه بالشركات الصغيرة وبالأخص المشاريع الجريئة Venture Capital التي تطرق آفاق لا يمكن تصورها وتنمو بصورة متسارعة لتشكل روافد لاقتصاد قوي وثابت.

أصرح مثال هو الدويلات الأمريكية المتحدة حيث تشكل الشركات الصغيرة 64% من الاقتصاد وتوظف 75% من الأمريكيين ولكن ماذا عن 36% الباقية من اقتصادهم؟ لقد كانت شركات صغيرة كمايكروسوفت وإنتل وشبت عن الطوق فهي محركات رئيسية في الاقتصاد الحقيقي فهل نعتبر؟؟!!


منقول