المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاكمة صدام وعدالتها - عبد الباري عطوان



معاشي
02-07-2004, Fri 1:25 PM
يصعب علينا ان نفهم اعلان السيد سالم الجلبي رئيس المحكمة الخاصة بان القضاء العراقي تسلم اليوم الرئيس صدام حسين واحد عشر مسؤولا من أعوانه من الناحية القانونية ، ونحن نعلم جيدا ان الحكومة العراقية الحالية غير شرعية، ولا تملك السيادة، لانها اولا حكومة مؤقتة ، ولانها ثانيا معينة من قبل قوات الاحتلال.
فاذا كانت هذه الحكومة لا تستطيع توفير الحماية لهؤلاء، او بالاحرى ليست موضع ثقة قوات الاحتلال الحاكم الفعلي للعراق، فانها لا تستطيع ان تقول انها تتمتع بالسيادة، وتستطيع توفير محاكمة عادلة لهؤلاء بالتالي.

محاكمة الرئيس العراقي ومعاونيه امر مطلوب، ولكنها ليست، او لا يجب ان تكون، على قمة أولويات الحكومة الحالية، وخاصة انها لم تتول السلطة (شكليا) الا قبل يومين فقط، وبطريقة مسرحية مهينة بكل المقاييس.

فمن المفروض ان تعكف هذه الحكومة على تحقيق الامن في ربوع البلاد، واعادة بناء مؤسسات الدولة، العسكرية والامنية والسياسية والاقتصادية وكسب قلوب وعقول العراقيين من خلال خطوات مدروسة تنبئ بمستقل ديمقراطي افضل.

فكيف يمكن التصدي لقضية قانونية شائكة مثل محاكمة الرئيس صدام والمؤسسات القضائية معدومة وقوات الامن مخترقة ومهلهلة، والفوضى الدموية تعم معظم انحاء البلاد، ثم على اساس اي قانون ستتم هذه المحاكمة، هل على اساس القانون العراقي السائد الذي يعطي الرئيس حصانة من الملاحقات القضائية، ام على اساس القانون الامريكي. وكيف ستكون هذه المحكمة عادلة والقضاة هم الخصوم، ورئيس المحكمة بالكاد يعرف العراق، وعاش معظم حياته خارج البلاد الي جانب عمه الدكتور احمد الجلبي؟!

الحكومة الامريكية ظلت تقول دائما ان الرئيس صدام حسين ارتكب جرائم حرب ضد البشرية، وانها ستقدمه الى محاكمة دولية عادلة، اسوة بمجرم الحرب الصربي سلوبودان ميلوسفيتش. فلماذا تراجعت عن هذه الاقوال والتعهدات، وقررت تسليم الرجل الى خصومه بطريقة غير قانونية، وغير ديمقراطية، هل لانه زعيم عربي لا يستحق محاكمة دولية عادلة، ويجب ان يتعرض للاهانة، ويظهر امام العالم مكبلا بالسلاسل؟

لم نر ميلوسيفيتش مكبلا بالسلاسل امام محكمة لاهاي الدولية، بل رأيناه في قمة اناقته ونظافته، محاطا بفريق من أمهر المحامين الدوليين يترافعون امام قضاة معروفين بنزاهتهم وخبرتهم القانونية، فلماذا لا يعامل الرئيس العراقي المعاملة نفسها، ولماذا هذه المعايير المزدوجة والعنصرية في تطبيق العدالة والقوانين الدولية؟

وزير العدل العراقي بشرنا بمهــــزلة هــــذه المحاكــمة قبل ان تبدأ، واعطانا صورة واضحة عن الحكم المسبق الذي سيصدر عنها، عندما نسي انه وزير عدل في العراق الجديد الذي من المفـترض ان يكون واحة في الديمقراطية وقدوة لدول الجوار.

الوزير مالك دوهان الحسن هدد هيئة الدفاع عن الرئيس العراقي بانه لن يقتلهم فحسب بل سنقطعكم تقطيعا ، وعندما واجهته الصحافة بمثل هذه الاقوال التي نقلها علي لسانه المحامي الاردني عصام غزاوي، نفى هذه الاقوال، وليته ما نفاها لانه انطبق عليه المثل الذي يقول جاء يكحلها عماها فقد اكد انه ابلغ المحامي المذكور وزملاءه بان من يريد الدفاع عن صدام حسين وزملائه عليه ان يأتي الى العراق ويزور المقابر الجماعية اولا.

هل هذه هي لغة شخص من المفترض ان يكون وزير عدل، في دولة من المفترض ان تكون واحة للديمقراطية، وحقوق الانسان، حتى وزراء العدل في حكومات بوكاسا وعيدي امين كانوا اكثر حرصا في ألفاظهم وتعبيراتهم، واكثر احتراما لطبيعة موقعهم. فاذا كان الوزير يتحدث عن التقطيع والقتل، الذي هو الشخص المؤتمن علي نزاهة القضاء، وتطبيق القانون فكيف سيكون حال القضاة والمحققين؟!

ان ما يجري هو وصمة عار للرئيس جورج بوش، ولرئيس الوزراء البريطاني توني بلير، وكل الدول الغربية التي تدعي الديمقراطية وحقوق الانسان، لانها بالموافقة على هذه المهزلة انما تؤكد على كذب كل ادعاءاتها في هذا الخصوص.

اذا كان الرئيس صدام حسين مجرم حرب لانه قتل آلاف العراقيين، فان الرئيس بوش وحليفه توني بلير يستحقان المحاكمة بالتهمة نفسها ايضا. فقد قتلا عشرين الف عراقي في حرب غير اخلاقية وغير قانونية وقائمة على أكاذيب اسلحة الدمار الشامل والعلاقة المزعومة مع تنظيم القاعدة.

واذا كان الرئيس صدام حسين مسؤولا عن مجزرة حلبجة التي مات فيها خمسة آلاف كردي بريء بحكم موقعه كرئيس للجمهورية، فان توني بلير وجورج بوش مسؤولان عن مجزرة الحصار التي ادت الى وفاة مليون ونصف المليون عراقي، وهي مجزرة نتجت ايضا عن حصار ظالم قائم على أكاذيب.

واذا كان الرئيس صدام حسين مسؤولا عن مقابر جماعية فان الرئيس بوش وبلير مسؤولان ايضا عن مقبرة الفلوجة الجماعية ايضا، والشيء نفسه يقال عن الدكتور اياد علاوي الذي ارسل السيارات المفخخة الي بغداد، التي انفجرت احداها، وحسب وثائق المخابرات المركزية الامريكية، في حافلة لتلميذات المدارس.

ولا ننسي ايضا حزب الدعوة وتفجيراته في العراق، وهو ما اعترف به السيد ابراهيم الجعفري نائب الرئيس العراقي في ندوة مع قناة الجزيرة كنت احد المشاركين فيها. والشيء نفسه يقال ايضا عن قوات بدر وقيادتها.

كلهم مجرمـــو حرب، وكلهم يستحقون المحاكمة، لانهم جميعا ولغوا في الدم العراقي، وارتكبوا المجازر الواحدة تلو الاخرى. ولا بد من فتح ملفات الجميع دون اي ازدواجية او انتقائية.

القدس العربي

1/7/2004

احساس العالم
26-08-2004, Thu 3:50 PM
اي والله كلهم مجرمين