المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المؤتمر العاشر لأسواق المال العربية



سيف الخيال
25-06-2004, Fri 5:09 AM
المؤتمر العاشر لأسواق المال العربية يبدأ في بيروت وسط مطالبات بتعزيز البيئة المناسبة لإجتذاب الإستثمارات

رئيس الوزراء اللبناني يفتتح المؤتمر بحضور شخصيات اقتصادية عربية وعالمية من 30 بلدا

* محمد بن راشد: الحكومات العاجزة تربط عدم التطور بالأوضاع السائدة

* مهاتير محمد: المال متوافر لدى العرب لكن المهم كيفية توظيفه


خرج المؤتمر العربي للاستثمار وأسواق المال الذي تستضيفه بيروت سنوياً منذ عام 1993، عن مألوفه في دورته العاشرة التي بدأت امس، حيث ضاقت الصالة الكبرى لفندق «فينيسيا انتركونتيننتال» والاروقة المجاورة لها وصالة العرض الموازية، بحشد أشبه بالتظاهرة تجاوز الالف مشارك من 30 بلداً عربياً واجنبياً.

واذ شكل الحشد النوعي احدى الميزات الاساسية للمؤتمر هذا العام، تمثلت القيمة المضافة بحضور ومشاركة ولي عهد دبي محمد بن راشد آل مكتوم ورئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد ووزير المال السعودي د.ابراهيم العساف ونائب رئيس وزراء الاردن محمد الحلايقة وعدد من وزراء المال والاقتصاد العرب. يقابلهم حشد حكومي لبناني يتقدمه رئيس الحكومة رفيق الحريري ووزراء المال فؤاد السنيورة والاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي والسياحة علي حسين عبد الله، اضافة الى جمع من السفراء العرب والاجانب المعتمدين لدى لبنان.

واكتسب المؤتمر اهمية اضافية، مع صراحة المتحدثين والمشاركين واجماعهم على خطورة الظروف التي تمر بها المنطقة من جراء تداعيات حرب العراق والحرب على الارهاب، واهمية الانخراط في توجهات استراتيجية جديدة للتعاون الاقتصادي العربي وايجاد البيئة المناسبة لاجتذاب الرساميل والاستثمارات وتنمية التبادل البيني وفق شروط ومواصفات موضوعية ومتطورة.

وورد بعض هذه التوجهات تلميحاً وتصريحاً في كلمة الرئيس الحريري في حفل الافتتاح، اذ قال: «نمر الآن في مرحلة في العالم العربي على مفترق طرق، مهمة جداً لمستقبل المنطقة ومستقبلنا وايضاً بالنسبة الى لبنان. انتم تمثلون فعاليات اساسية في العالم العربي وفي لبنان. ونحن ننتظر من هذا الاجتماع ان يأتي بمقررات مهمة جداً على مستوى لبنان والعالم العربي. الامة العربية تواجه تحديات كبرى في فلسطين والعراق. الارهاب يحاول ان يسيّر حياتنا. ولكن ستتمكن الحكومات المسؤولة من السيطرة على جميع المظاهر الخارجة عن مألوفنا وعن عاداتنا وتقاليدنا وديننا وكل ما تعودنا عليه وكل ما أمنا به منذ مئات السنين».

واضاف: «يبقى الاساس هو ما نشهده في العالم من تضامن، وما نشهده في العالم العربي من تفكك. الاسبوع الماضي شهدنا الموافقة على دستور الاتحاد الاوروبي. دستور الاتحاد الاوروبي يعني نشأة دولة اوروبية كبرى عظمى يزيد او يقارب عدد سكانها الـ 500 مليون نسمة، لها دستور واحد، ولها دساتير في كل منطقة مختلفة قليلاً. قال لي احد الرؤساء الاوروبيين عندما زار لبنان في الفترة الاخيرة ان 65 في المائة من التشريعات تسن في البرلمان الاوروبي، يعني 65 في المائة من التشريعات في الدول الاوروبية يُصوَّت عليها في البرلمان الاوروبي وتصبح ملزمة لجميع الدول في اللحظة التي يصوت عليها. كما قال لي ان الضريبة على القيمة المضافة في بلده كانت 5 في المائة وعندما دخل الاتحاد ارتفعت الى 19 في المائة فوراً، اي ان الاتحاد بدأ يسيّر حياة جميع الاعضاء المنضمين اليه».

ولاحظ «ان دول الخليج منذ 30 عاماً كانت شيئاً والآن هي شيء آخر، من المملكة العربية السعودية الى الكويت الى الامارات الى قطر الى البحرين الى سلطنة عمان. جميع هذه الدول انتقلت ليس فقط في البنى التحتية، وانما بالتطور الاجتماعي الثقافي لشعوبها وقدمت خدمات لمواطنيها. استعملت ثروتها لرفع مستوى المواطنين على كل المستويات التعليمية والثقافية والصحية والتربوية وخلاف ذلك. فاذاً ليس هناك من مستحيل ان نقوم جميعاً كدول عربية ونتعاون في ما بيننا ونعمل من اجل تطوير بلداننا. المشكلة هي في عدم الرؤية الواضحة لما يجب ان نكون عليه. وهذا الامر اعتقد ان باستطاعتنا تخطيه اذا وضعنا برنامجاً واضحاً في هذا الاطار».

وتحدث بعد ذلك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الافتتاح فتناول الاوضاع الاقتصادية، مشيراً الى النمو العام في السنة 2004 قارب الـ 3 في المائة مستفيداً من ارتفاع السيولة عالمياً وانخفاض الفوائد عليها، والى ان انخفاض الدولار زاد القدرة التنافسية للاقتصاد. وقال: «ان اقتصاد لبنان مدولر. وهو يتأثر بتحركات الدولار تجاه العملات الاخرى، بينما لا يتفاعل اقتصاده مع تحركات الليرة اللبنانية، عكس ما هو معتقد. فالتبادل الاقتصادي في العملة الوطنية لا يتعدى الـ 25% من مجمل التعامل في اسواقنا. لقد شهدنا خلال عام 2003 ارتفاع مجمل الودائع في القطاع المصرفي بنسبة 14% لتتعدى الـ 50 مليار دولار. ومن المتوقع ان يكون نمو هذه الودائع بما يقارب الـ 10% خلال عام 2004، علماً ان نسبة الدولرة في الودائع هي بحدود الـ 67%«.

من جهته قال رؤوف ابو زكي مدير عام «مجموعة الاقتصاد والاعمال» التي تنظم المؤتمر: «ان هذا المؤتمر انطلق بمبادرة من مؤسسة خاصة ويحمل اهدافاً وتطلعات عربية. وتطور بدعم ومشاركة من هيئات رسمية وخاصة، بل انه المؤتمر الوحيد الذي حافظ على انعقاده السنوي المنتظم، والذي تميز بالنمو والتطور عاماً بعد عام. ولأنه كذلك، اصبح المنبر السنوي الاهم في المنطقة، منبراً للقطاع الخاص يطرح همومه ومشاكله، ومنبراً للحكومات تطرح خططها وبرامجها، بل هو منبر عربي جامع شامل يطرح شؤون وشجون بلداننا وقضايا التنمية والاصلاح والاستثمار والعمل العربي المشترك.

وبعد الافتتاح مباشرة انعقدت جلسة حوار مع ولي عهد دبي وزير الدفاع في دولة الامارات العربية المتحدة الفريق اول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اتسمت بالصراحة والشفافية حيث عرض مجمل القضايا الاقتصادية والاستثمارية التي تهم امارة دبي بشكل خاص والمنطقة العربية عموماً من دون ان تغيب عنه اجواء الشعر التي طالما تميز بها.

وبعدما تساءل «الى اين دبي؟». قال: «دبي ما زالت في بداية الطريق وفي الخطوات الاولى. وهذه بداية تجربة ناجحة. ونسعى الى اضافة المزيد على هذا النجاح». وشدد على «ضرورة توافر الرؤية والحلم والطموح والرغبة. لكن هذا لا ينفع اذا لم يقترن العمل«. كما ركز على اهمية «التفكير كمفتاح لتحقيق النجاح».

وفي معرض رده على سؤال حول السوق المالية في الامارات العربية المتحدة وتحديداً دبي، اجاب الشيخ محمد انه «تم انجاز التشريعات التي تنظم عمل المركز المالي في دبي. وسيباشر هذا المركز العمل في المستقبل القريب. وقد شددت على ضرورة ان تتمتع المجموعة المشرفة على المركز المالي بالاستقلالية. واؤكد ان الاستقلالية هي ضرورة وانا ادعم هذا الامر».

ثم سئل حول العلاقة بين الاصلاح والانفتاح الاقتصادي من خلال تجربة دبي، فأبدى استغرابه من «تعميم استخدام مصطلح الاصلاح. فلغتنا غنية بالعديد من المفردات الاخرى والانسب. وعندما نتكلم عن الاصلاح، يعني ان هناك خطأ يجب اصلاحه. لكن ارى ان كلمة اصلاح خاطئة. ونحن نريد التطور. والمطلوب من الدول العربية هو التطور وليس عبارة الاصلاح التي تتردد كثيراً».

وفور انتهاء الحوار مع ولي عهد دبي، ألقى رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد كلمة اعتبر فيها انه «بعيداً عن الثروة النفطية لم تأخذ البلدان العربية في الاعتبار بقية المعايير مثل القدرات الصناعية والمعرفة التقنية. فالأموال الكبيرة في العالم العربي موجودة في المصارف الاجنبية، وتحظى بعوائد قليلة جداً. وبحسب بعض التقديرات هناك نحو تريليون دولار من الاموال العربية تقبع في مصارف نيويوك وسويسرا».

واضاف: «حتى مع وجود النفط الخام في الوطن العربي، فإنه لم يحقق تطوراً كبيراً في مجال النفط.

فالصناعات البتروكيماوية ليست على درجة ملائمة من التقدم. كما ان الكثير من البلدان العربية قد يعاني من استنزاف لاحتياطي النفط، ما يعني ان مستقبل الكثير من هذه البلدان سيكون قاتماً. لذا هناك حاجة كبيرة لتنويع وتحسين عائدات البترو ـ دولار بمعنى ان الدول العربية يجب ان تتوجه نحو التصنيع وتحديد اقتصاداتها لانتاج منتجات قابلة للتصدير». ورأى مهاتير محمد انه «من حسن الحظ ان رأس المال متوفر لتحقيق هذه القفزة الاقتصادية. الا ان المهم هو كيفية توظيف رأس المال» موضحاً ان ماليزيا حاولت التغلب على عوامل عدم الثقة في اسعار العملة من خلال ربط عملتها بالدولار الاميركي. الا ان الدولار انخفضت قيمته بحدود 40 في المائة مقابل «اليورو».

وشدد على ضرورة استثمار رأس المال في نشاطات اقتصادية تدر ارباحاً من دون المحافظة على رأس المال بشكل ودائع في المصارف، مشيراً الى الحاجة الى خفض الاعتماد على الدولار الاميركي والتركيز على ادارة افضل لرؤوس الاموال والاحتياطات. ورأى انه «في حال تمكنت البلدان العربية من دعم عملاتها وربطها باحتياطاتها النفطية، يمكن ان تتحول العملات العربية الى عملات للتجارة».

وعلى صعيد الاستثمار، اكد مهاتير محمد «ان البلدان العربية تقدم فرصاً مهمة للاستثمار. لكن يبدو ان المستثمرين العرب غير جاهزين بعد لوضع اموالهم في المنشآت الصناعية داخل بلدانهم. وقد يستعيضون عن ذلك بالاستثمار في اسواق الاسهم والمصارف». وانتقد البلدان العربية لعدم ايلائها البحث والتطوير الاهتمام الكافي لا سيما ان الموارد والطاقات البشرية متوافرة. وختم بالقول: «الواقع ان الخيارات متعددة امام رأس المال العربي سواء داخلياً او خارجياً، لكن الاستثمار داخل البلدان العربية يحقق تطوراً لشعوب المنطقة».

وبعد استراحة قصيرة، انعقدت الجلسة الرسمية الاولى برئاسة رئيس لجنة الاقتصاد النيابية في البرلمان اللبناني باسل فليحان. وبمشاركة وزير المال السعودي الدكتور ابراهيم العساف ونائب رئيس الوزراء الاردني محمد الحلايقة ووزير المال اللبناني فؤاد السنيورة ورئيس مجموعة «دلة البركة» صالح كامل. وتناولت وجهتي نظر القطاعين العام والخاص في موضوع الاصلاح الاقتصادي وسياسات اعادة الهيكلة.

بيروت: علي زين الدين