المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصناديق الاستثمارية... التنويع... والمخاطر



alharbi
15-07-2002, Mon 11:19 AM
مازن صالح المساعد

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الصناديق الاستثمارية. وقد صاحب ذلك عدد من المفاهيم الخاطئة، التي نشأت إما لعدم اختيار الصندوق المناسب أو بالتعامل الخاطئ معها. وهنا سنلقي الضوء على مدى مرحلتين على بعض الأمور التي يجب أخذها بالحسبان لتحقيق أفضل نتائج مرجوة من الاستثمار. تعرف الصناديق الاستثمارية بأنها وعاء استثماري يشترك فيه عدد كبير من المستثمرين حيث يضعون أموالهم في هذا الوعاء الذي حُددت أهدافه و سياساته الاستثمارية مسبقاً. و يختار المستثمر صندوقاً أو مجموعة من الصناديق المتاحة (التي سوف نتطرق لأنواعها المختلفة لاحقاً) والتي تتوافق مع أهدافه و تطلعاته الاستثمارية و درجة المخاطرة التي تناسبه.
ما هي مزايا الاستثمار في الصناديق الاستثمارية؟

لقد حققت الصناديق الاستثمارية تاريخياً عائداً يفوق ما يمكن للمستثمر أن يحققه في مجال آخر. وما يتوفر من رأسمال عال جراء مشاركة عدد كبير من المستثمرين لأموالهم في الصناديق الاستثمارية، فإن كثيراً من المزايا تكون متاحة لهم بخلاف ما كانت عليه سابقاً عندما كانت حكراً على المستثمرين ذوي رؤوس الأموال الكبيرة من ذلك:

الاستعانة بمجموعة من الخبراء والمختصين : مما قد لا يتاح للمستثمرين من ذوي رؤوس الأموال الصغيرة.
سيولة عالية: حيث تتيح كثير من الصناديق إمكانية الاشتراك والانسحاب منها إما بشكل يومي أو أسبوعي.
اقتصادية الحجم: (ECONOMY OF SCALE) بسبب حجم الأموال المستثمرة في الصناديق والعدد العالي من العمليات المنفذة، فإن الصناديق الاستثمارية تحصل عادة على أسعار تفضيلية لكلفة العمليات - مثل الوساطة - التي لا تتوفر للمستثمر العادي. بالإضافة إلى ذلك تتوزع التكاليف على كل المستثمرين مما يتيح تخفيضاً إضافياً للتكلفة الفعلية على الوحدة الواحدة.

تغطية أوسع: فعندما يضع عدد كبير من المستثمرين أموالهم في الوعاء الاستثماري، تتاح لهم فرصة الاستثمار واستغلال فرص النمو في عدد كبير من الشركات وفي قطاعات وبلدان مختلفة حول العالم فيما لو حاول مستثمر بمفرده القيام بالشيء ذاته لكان في ذلك صعوبة و تكلفة عاليتين.

ومما يوفر الطمأنينة للمستثمر فإن الصناديق الاستثمارية تلتزم بالأهداف والسياسات المحددة لها والموضحة في الأحكام والشروط العامة. كما تخضع هذه الصناديق إلى رقابة و إشراف مؤسسة النقد العربي السعودي.
أما من حيث الأصول المتاح الاستثمار فيها فيوجد مجالات عديدة إلا أنه توجد ثلاث طبقات رئيسة من الأصول (Asset Classes) التي يستثمر فيها عادةً وهي:

(1) الأسهم، التي هي في غنى عن التعريف (2) السندات وهي عبارة عن قروض لشركات أو حكومات يصدر مقابلها سند للمقرض يحدد عليه مبلغ الاقتراض و تاريخ الاستحقاق و نسبة الفائدة على أن يسترجع المبلغ المقترض في تاريخ الاستحقاق ويُعَدُّ هذا النوع أقل مخاطرة من الأسهم عادةً (3) أسواق المال وهذا النوع من الاستثمار يُعَدُّ الأدنى مخاطرة ومن أقرب الأمثلة على الأدوات الاستثمارية التي تندرج تحت هذه المظلة: الودائع لأجل(Time Deposits) التي توفر درجة عالية من الأمان. إن كثيراً من الصناديق الاستثمارية يستثمر في هذه الطبقات الثلاث وبعضها يستثمر في مزيج منها و يعـرف بالصــــناديق المـتوازنة (Balanced Funds)

(2) العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار الصندوق المناسب لاحتياجات المستثمر. إذ قبل اختيار الاستثمار الأنسب من المهم تحديد مدى الفترة الزمنية للاستثمار, إضافة إلى درجة المخاطرة المقبولة. عند تحديد ذلك يجب أخذ ثلاثة أمور بعين الاعتبار: 1) التنويع 2) المدة الزمنية 3) المخاطرة.
التنويع: إن التنويع هو بكل بساطة توزيع الاستثمارات على عدة مجالات مختلفة مما يخفض درجة المخاطرة الإجمالية للاستثمار كله. لأن حصول انخفاض في إحدى الأدوات المستثمر فيها ممكن تعويضه من خلال الارتفاع في الأدوات الأخرى المستثمر فيها.

على سبيل المثال: عند الاستثمار في الأسهم اليابانية نكون قد حققنا نوعاً من التنويع، لأننا نستثمر في شركات يابانية تعمل في مجالات مختلفة. و لكن يجب أن لا ننسى
(1) أننا نستثمر فقط في اليابان مما قد يفوت علينا فرصاً في أنحاء أخرى من العالم.
(2) أننا قد حصرنا أنفسنا في الاستثمار بالأسهم التي هي فقط واحدة من ثلاث طبقات من الاستثمارات (ASSET CLASSES) المتوفرة التي تحدثنا عنها في العدد السابق و هي:

الطبقة الأولى - الأسهم،
والطبقة الثانية- السندات
والأخيرة هي أسواق المال،
صحيح أن الأسهم تُعَدُّ من أعلى طبقات الاستثمارات عائداً إلا أنها الأعلى مخاطرةً أيضا. بينما أقل الاستثمارات مخاطرة هي أسواق المال ولكن عائدها المتوقع يكون أقل من عائد الأسهم والسندات.
إن درجة المخاطرة قد تتفاوت حتى في نفس الطبقة الاستثمارية. فعلى سبيل المثال: المخاطرة للاستثمار في أسواق الأسهم الأمريكية هي أدنى بكثير من المخاطرة المصاحبة للاستثمار في الأسواق النامية، على سبيل المثال.

المدة الزمنية: هي المدة التي يحددها المستثمر لتحقيق أهدافه المالية. فيجب قبل القيام باختيار نوع الاستثمار التأكد أولاً من أخذ عامل الوقت بالحسبان. على سبيل المثال: المستثمر على المدى الطويل يمكنه أخذ مخاطرة مرتفعة (مع ما يصاحبها عادةً من عوائد عالية) حيث يكون عادةً بمحصن من التقلبات التي تحدث على المدى القصير لهذا النوع من الاستثمارات. أما إذا كان المستثمر بحاجة إلى أمواله على المدى القصير فمن المستحسن اختيار أدوات منخفضة المخاطر.

ومن المهم توضيح المقصود تحديدا بالأفق الزمني. عندما نتحدث عن أفق زمني قصير الأجل فهو غالبا ما يكون سنتين أو أقل. أما الأفق الزمني المتوسط الأجل فيعني فترة زمنية تمتد بين سنتين إلى خمس سنوات. أما الأفق الطويل الأجل فهو على الأرجح يكون خمس سنوات أو أكثر. ومن محاسن تحديد أفق زمني هو عدم الأخذ بتقلبات السوق على المدى القصير كمسبب للخروج الذي قد يكون في أسوأ توقيت.

المخاطرة: من أساسيات الاستثمار هي العلاقة الطردية الموجودة بين نسبة المخاطرة التي يأخذها المستثمر ونسبة العائد للاستثمار. فالسبب الذي يدفع المستثمرين للدخول في مخاطر أعلى هو سعيهم لتحقيق عوائد عالية. وقد درجت العادة أن يستثمر المستثمرون الذين يدخلون في مجالات مخاطرة عالية أموالهم لفترات زمنية طويلة ، بحيث إن طول المدة كفيل بأن يعكس القيمة الحقيقية للاستثمار. وذلك لأن المدى الزمني الطويل عادةً ما يكون كفيلاً بتصفية تأثيرات التقلبات التي تحدث والتي تكون ناتجة عن عوامل و انفعالات في السوق تؤثر في المدى القصير ولكن تأثيرها يضمحل على المدى الطويل حيث يكون التأثير الأقوى هو للقيمة الحقيقية للاستثمار.

والمستثمرون الذين يفضلون تجنب المخاطر العالية يجنون عوائد أقل ولكن أكثر انتظاماً. و يقع كثير من المستثمرين في الخطأ الشائع بتصنيف الصناديق على أنها كلها على درجة واحدة من المخاطرة بينما تكون مخاطرة بعضها مشابهة لأمان الوديعة لأجل.

و قد قمنا في البنك العربي الوطني بتقسيم استثماراتنا إلى ثلاثة مناطق بألوان متميزة، آخذين في عين الاعتبار المدة الزمنية والمخاطرة و العائد بهدف تسهيل عملية الاختيار للعميل. فالمنطقة الزرقاء هي قصيرة الأجل و متدنية المخاطرة إلا أن عوائدها ليست الأعلى ولكنها منتظمة. أما المنطقة الصفراء فيتوقع لها عوائد أعلى من الزرقاء وهي مناسبة للمستثمر الذي يرغب في الاستثمار على المدى المتوسط مع تقبل مخاطرة متوسطة. و أخيراً المنطقة الحمراء وهي التي يتوقع لها تحقيق أعلى النتائج على المدى الطويل, إلا أنها أيضاً أعلى من باقي المناطق مخاطرةً.

* مدير إدارة الأصول و الصناديق الاستثمارية ـ البنك العربي الوطني