المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العملة الخليجية الموحدة



سيف الخيال
14-06-2004, Mon 3:03 AM
العملة الخليجية الموحدة

في قراءة سريعة لما أنجز على طريق الوحدة الاقتصادية الخليجية نرى ان ما تحقق على أرض الواقع نحو أهداف المادة الرابعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون وأهداف الاتفاقية الاقتصادية الثانية لعام 2002، يفوق ما حققته أوروبا بالمقياس الزمني النسبي، لا سيما في مجال ربط المصالح الاقتصادية المشتركة ـ الرسمية منها والعامة ـ والمراحل المتقدمة من تماثل الأداء الاقتصادي بين الدول الأعضاء والاستقرار المالي والنقدي وما يخدم هذا الاستقرار من تشريعات وآليات المتابعة والتطبيق. وفي الشق النقدي تحديداً، يكون مجلس التعاون قد بدأ الشوط الأخير من مشروع وحدة النقد الخليجي، وتبقى صيغة التطبيق والهيكلية النهائية للعملة الموحدة. فيما يتعلق بتوحيد النقد عموما، لا توجد معادلة سحرية يمكن تطبيقها وليست التجربة الأوروبية بالضرورة المثل الأفضل، فالاقتصاد الخليجي له طبيعة خاصة جدا وله مقوماته، التي وبحكم هذه الطبيعة، تستبعد العنصر الأوروبي كمدخل للتطبيق النهائي للعملة الخليجية الموحدة. وهناك أكثر من تصور للصيغة النهائية للعملة الجديدة، لكن الخيار العملي محصور بين أن تكون مربوطة بسلة من العملات الرئيسية أو مربوطة بالدولار الأميركي كما هو الحال اليوم بالنسبة للعملات الوطنية. باختصار شديد، وبناءً على الهيكلية العامة للاقتصاد الخليجي، وعلى ضوء المعطيات الاقتصادية المتوفرة لدينا اليوم، والتصور العام لمنحى التطور الاقتصادي على مدى السنوات الخمس القادمة يبدو أن ربط العملة الجديدة بالدولار سيكون الحل الأنسب للأسباب الرئيسية التالية:

أولا، العملات الوطنية مربوطة بالدولار أصلا، مما يعني أن معادلة العملات الوطنية بالعملة الجديدة ستكون أسهل من الناحية التطبيقية.

ثانيا، المحافظة على الاستقرار النقدي في الفترة الانتقالية وما بعدها.

ثالثاً، استقرار الأسعار داخل المنظومة الخليجية الجديدة.

رابعا، انعدام الحاجة لتغير جذري في البنية النقدية الخليجية، وسياساتها وآليات القرار والتطبيق والمتابعة. بعبارة أخرى الربط بالدولار يعني، أدنى كلفة اقتصادية ممكنة، وقدر عالي من الاستقرار والاستمرارية. وهذا هو الوضع الأفضل لمواجهة تحديات وتبعات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، علما انه من المتوقع أن تتزامن هذه العضوية مع إصدار العملة الموحدة أو يأتي الحدثان في فترات زمنية متقاربة جدا.

وبالمقارنة، فالربط بسلة عملات ينطوي على بعض المخاطر التي يصعب تقيمها على أساس معطيات اليوم وينطوي أيضا على ضرورة إجراء بعض التغيرات الحيوية التي يصعب تقدير انعكاساتها على الاقتصاد الخليجي ككل وأبعادها الاجتماعية والتنموية. فالربط بسلة من العملات هو عمليا تحرير لسعر صرف العملة الخليجية الموحدة. فعلى الرغم من المردود الإيجابي على الأسعار النهائية وتحديدا أسعار تلك السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي والتي تشكل اكثر من 30 % من إجمالي السلع والخدمات المستوردة، إلا أن اعتماد هذا الخيار يتطلب، إعادة تقييم جميع الأصول العامة والخاصة، إنشاء مركزية نقدية ومالية عليا تتولى مسؤولية القرار الملزم لجميع الدول الأعضاء لإدارة ورعاية المصلحة الاقتصادية العامة بما فيها المصالح النقدية والمالية المشتركة، إنشاء سلطة تنفيذية مركزية مشتركة ومستقلة كبنك مركزي موحد، احتمال عدم استقرار الأسعار لفترة طويلة نسبياً كنتيجة مباشرة لإعادة تقييم الأصول وللأعباء الإضافية التي ستترتب على القطاع الخاص على امتداد الفترة الزمنية الضرورية لهذا القطاع كي يتكيف مع الوضع النقدي الجديد. أما معادلة استبدال العملات الوطنية بالعملة الجديدة فمن الأفضل تركها إلى ما بعد القرار الرسمي بشأن الصيغة النهائية للعملة الخليجية الموحدة لتكون مبنية على أسس أقرب إلى أرض الواقع والمستجدات الاقتصادية بشكل عام، لكن في جميع الأحوال لابد أن تتعدى مجرد التقييم النسبي للناتج القومي لدول مجلس التعاون.

عمر نجا
* خبير اقتصادي