السهم الشامل
10-06-2004, Thu 5:02 AM
البطاقات الائتمانية نعمة, ونقمة!
ليس استعمال كل البطاقات محرماً..,مجمع الفقه اجاز (المغطاة)
المصدر : عبدالوهاب ابراهيم ابو سليمان
قال محدثي في مكاشفة لاتنقصها الجرأة:
أيها الفقهاء أمركم عجيب تذكرون حكما في امر من الامور مرة, وفي الموضوع نفسه تذكرون حكما مخالفا لما سبق, تقولون فيه بالاباحة تارة, ثم بالتحريم اخرى, الكراهة تارة, والسنية تارة اخرى وهو هو الامر نفسه, تبتعدون عن الواقع, وكأن هذا لايعنيكم ابدا نسمع من البعض الاباحة لأمر, ونسمع من الاخر التحريم, واقرب مثل لهذا موضوع البطاقات الائتمانية (الإقراضية), والاخرى المشابهة, منكم من يذهب الى تحريمها مطلقا, والبعض يبيحها, وهكذا في ايسر الامور ,واصعبها حتى اصبح الناس في حيرة من امرهم!
قلت له رويدك: رفقا بالفقه والفقهاء, اني اشكرك على هذه المكاشفة الصريحة التي تتيح لي بها ما كنت أطمع الحديث عنه, ولم اجد من يتحدث عنه هيبة, أو رهبة من تصنيف, او اتهام, اني اطمع ان تصغي لي كما اصغيت لك لاكشف لك عما قد تعلمه, وقد لايعلمه الكثيرون عن الفقه والفقهاء, وسأوجز قدر الامكان, واللبيب تكفيه الاشارة.
اولا: ليس كل من يتحدث في الشريعة فقيها, وليس كل من يقف متكلما, واعظا في المساجد اهلا للفتوى, وبالتالي لايسمى فقيها.
البعض من هؤلاء لايتورع ان يفتي في اخطر الامور الشرعية, او الاجتماعية, او السياسية, او الثقافية, او الاقتصادية, وهو لايفقه فيها شيئا, واننا نشاهد هذه الامثلة والنماذج في المساجد,, وفي الاجتماعات والمناسبات الاخوانية, وفي الفضائيات, يتصدر للفتوى في اعقد الامور ويجيب فيها من لايعي شيئا من الحقيقة فيما يتحدث فيه, وهكذا في جميع الامور, سامحهم الله.
الفقه يا اخي: صنعة دقيقة من ابدع الصناعات.
لم يتجاوز الامام علاء الدين ابوبكر بن مسعود الكاساني الحنفي (ملك العلماء) الحقيقة عندما سمى كتابه الفقهي النفيس (بدائع الصنائع) فالفقه صنعة بديعة, لايجيدها الا من تدرج في مسالكها, واتقن فنونها, وتأهل لها بالعلوم العديدة من علوم اللغة, واصول الفقه, ومعرفة علوم القران, والحديث, وغيرها التي هي الاساس لتكوين الفقيه المبتدئ, اما الافتاء فرتبة اعظم لايرقاها الا من آتاه الله بسطة في العلم, ويكفي ان الكثير من علماء الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين يتحاشاها, ولم يتجرأ عليها, وهو اهل للفتيا, الكلام يطول في هذا الموضوع, وليس هذا مجال تفصيل هذه الموضوعات.
ان من تتحدث عنهم, ومن تتضارب اراؤهم هم الواعظون, ومن بين هؤلاء ادعياء عرفوا نتفا من الفقه, حفظوا مجموعة من النصوص يتشدقون بها في كل مكان, يرددونها اينما ذهبوا ,وحيثما حلوا, ان ما تعانيه الامة اليوم من صراع, وبلبلة فكرية هو نتاج هذه الغوغائية التي لم تتنبه لها الامة بادئ ذي بدء.
الفقيه الحقيقي يعرف حدوده, ليست لديه الجرأة على الفتوى, يفتي حين يتم له التصور الكامل للموضوع (المشكلة), ثم يسقط عليها النصوص المناسبة لها, وللزمان, والمكان, والاشخاص.
اهم خصائص الفقيه الحقيقي التأني في الاحكام, لايجرؤ على الفتوى, لايتردد ان يقول لا اعلم فيما لم يحط علمه.
قال محدثي: وماذا عن موضوع البطاقات التي اقمتم الدنيا عليها, نسمع الان القول بأنها نعمة, وانها نقمة, حالتان متناقضتان, متباعدتان, وهذه بعض المؤاخذات عليكم, من تسمون انفسكم بالفقهاء.
قلت له: ان كنت تتكلم عن الفقهاء الذين تدرجوا في مدارج هذا العلم, ودرسوا مبادئه وقوانينه, وعلومه, وقضوا في تعلمه السنوات الطويلة تحت نظر علماء اجلاء يعترف لهم الوسط العلمي فهؤلاء يتحدثون عن علم وفهم, وحسب قواعد وقوانين شرعية لايحيدون عنها, وفي ضوئها يصدرون اراءهم وفتاواهم, ان في الفقه ثوابت وحقائق منها:
انه ليس شيئا خيرا محضا, او شرا محضا, هذه حقيقة كونية, وفقهية ايضا.
البطاقة الاقراضية, او التي يحلو للاقتصاديين ان يسموها (ائتمانية) لاسباب ذكرتها في كتاب (البطاقات البنكية الاقراضية والسحب المباشر من الرصيد) هي اصدق مثال لما اقول: هي خير اذا عرف حاملها حقيقتها, وعلاقته الشرعية مع مصدرها, ومن يتعامل معه, وأحسن التصرف بها, واستعملها بالاسلوب الشرعي الذي يبتعد به عن الربا اخذا او عطاء بها, وتصرف بما يتفق والشرع الشريف فهي حلال ونعمة.
وهي شر, ونقمة اذا اساء التصرف بها, ولم يعرف حقيقتها, وعلاقته الشرعية, والقانونية مع مصدرها, وانما حملها وتصرف بها فخرا, واعتزازا, ومباهاة, واسرافا في المباح, وغير المباح دون تورع ومجانبة للربا, والشبهات, فهي في هذه الحالة حرام, ووبال, ونقمة.
البطاقة كأي اداة حديثة من مبتكرات العصر تكون خيرا ونعمة اذا احسن استعمالها فيما ينفع الفرد, والمجتمع, ولايتعارض مع الشرع الشريف, ونقمة ووبالا اذا سيطر الهوى وعدم المبالاة بأوامر الشرع والقيم الاجتماعية.
فهي ليست خيرا محضا, وليست شرا محضا, اصدار حكم عام على شأن من الشؤون ليس من الفقه في شيء, وفي المقال التالي يتبين لك تطبيقا, ومن الواقع التفكير الفقهي السليم من خلال الدراسات والقرارات المجمعية الفقهية المتخصصة, ويتبين متى تكون البطاقة (الائتمانية) مباحة, وخيرا, ونعمة, ومتى تصبح محرمة, وشرا , ونقمة, ليتبين لك زيف الادعياء.
البطاقات البنكية على اختلاف انواعها (فيزا, ماستر كارد, امريكان اكسبرس, دينرز كارد) وغيرها الكثير مما ابتكرته المؤسسات الكبيرة العالمية من ادوات مالية هي سيدة الموقف في الوقت الحاضر في التعامل بيعا وشراء, واجارة وتأجيرا, وفي كافة المعاملات المالية البسيطة, والمركبة.
لاينكر احد اهمية البطاقة في الوقت الحاضر حضرا وسفرا فقد اصبحت الوسيلة المثالية في الاعتماد عليها بعد الله جل وعلا في معظم الامور المالية, والمعيشية, والانفاق اليومي, وفي التهيئة لامور السفر والاقامة, والرحلات, والتجارة وربما يرفض ما سواها في الحصول على بعض هذه الامور:
كالحجز في الفنادق, واستئجار وسائل النقل ولها الافضلية في الدفع في الكثير من المحلات التجارية لاسباب امنية, ومحاسبية.
اصبح الحصول على واحدة من هذه البطاقات شائعا, وضرورة على المستوى العالمي, وان كان البعض يعدها مظهرا اجتماعيا للتميز, والتفاخر.
ايا كانت الاسباب والاهداف للحصول عليها, والتعامل بها فانه من المهم جدا ان يكون العامة, والخاصة من الناس المتعاملين بها على ادراك تام بايجابياتها, وسلبياتها, بفوائدها ومخاطر سوء استخدامها, والحسومات المالية الناجمة عن استعمالها.
بل الأهم من كل ذلك للمسلم الحريص على دينه معرفة الجوانب الشرعية فيها, المباحة والمحرمة: (فإنه لايجوز لمؤمن ان يقدم على شيء حتى يعرف حكم الله فيه), خصوصا عند عدم وجود الحماية الكاملة للمتعامل بها من استغلال البنوك, عندما يكون لكل بنك قوانينه, وارباحه, ورسومه التي تختلف عن البنوك الاخرى في البلد الواحد, اذ يمثل البنك في العقود المبرمة مع الراغب في الحصول عليها الطرف القوي فيفرض من الشروط ما يحلو له, ولايستطيع العميل ان يناقشها, او يحدث تعديلا لبعض موادها, ويفقد الحماية القانونية له, بالاضافة الى فقدان التوعية الشرعية الصحيحة لمعرفة احكامها.
يلمس الجميع نشاط البنوك المصدرة للبطاقة في الاعلان عنها في كافة وسائل الاعلام, وبأساليب, وعبارات مغرية, وكأنما يهدون الاموال الى الناس وهم في الحقيقة يضعون عيونهم على جيوبهم, واستخراج ما في خزائنهم.
يفترض وقد بدأت جموع المصطافين الاعداد لاجازاتهم, وفي مقدمة هذه الاعدادات صلاحية الجواز, وصلاحية البطاقة البنكية, فمن دون صلاحية الجواز لايمكن الخروج من البلاد, ومن دون صلاحية البطاقة البنكية يصعب تأمين النزول في الفنادق, والحصول على الخدمات التي يحتاجها السائح, من اجل هذا ينبغي لحامل البطاقة البنكية التي عليها الاعتماد بعد الله جل وعلا في قضاء متطلبات الرحلة ان يعرف اقسام البطاقات, والموقف الشرعي نحو كل واحد منها, والمبالغ المضافة اليها:
هل هي من قبيل المباح المشروع? او من قبيل الزيادات الربوية المحرمة? او في مقابل الخدمات المباحة? فليس استعمال كل البطاقات محرما, وليس استعمال كل البطاقات مباحا, الى غير ذلك من الاحكام مما يتعرض له في هذا المقال في تبسيط وايجاز اقسام البطاقات بشكل عام:
القسم الاول: البطاقة الاقراضية (الائتمانية) (غير المغطاة) (credit card) بكافة انواعها: الفضية, الذهبية, الالماسية, الذكية, وغيرها, وهي من حيث الزيادة الربوية (الفائدة) انواع:
النوع الاول: بطاقة الاقراض بزيادة ربوية, والتسديد على اقساط (CREDIT CARD)
النوع الثاني: بطاقة الاقراض المؤقت الخالي من الزيادة الربوية ابتداء (CHARGE CARD).
النوع الثالث: بطاقات شراء التجزئة .(IN HOUSE CARD) ,(RETAIL CARD)
تمنح البنوك المصدرة للبطاقة هذا النوع من البطاقات لمن لايكون له رصيد في البنك, او له رصيد ولكن تتجاوز مصاريفه المبالغ المودعة له في البنك, حينئذ تصبح العلاقة بين البنك وحامل البطاقة علاقة مقرض بمقترض, في مثل هاتين الحالتين تفرض البنوك على صاحب هذه البطاقة زيادة ربوية تختلف نسبتها بين بنك واخر.
حقيقة هذه البطاقة انها تخول حاملها الاقتراض على ان يتقاضى البنك زيادة ربوية في حدود مبلغ معين لايتجاوزه العميل, ولو تجاوزه فرضت عليه نسبة اخرى من الزيادة الربوية, التي تسمى في لغة البنوك والمصارف (فوائد).
تفضل البنوك هذا النوع من البطاقات في اصداراتها, وترحب كثيرا بهذا النوع من العملاء, حتى ولو كان حاملها مليئا من ذوي الارصدة الضخمة, حيث ان البنوك تحاول اقناع اصحابها انها تقدم لهم تسهيلات كبيرة, وذلك بعدم اقتطاع المبالغ جملة واحدة, ولكن على فترات طويلة حتى لاتتأثر ارصدتهم الضخمة, وفي مقابل هذا تضع عمولات وزيادات ربوية بنسبة معينة على قروضهم, وهي ما تسميه بالتسهيلات البنكية, تجني البنوك ارباحا طائلة من وراء اصحاب هذا النوع من البطاقات على اختلاف مستوياتها, ولهذا فان البنوك تقدم بكل اريحية هذه البطاقات الرفيعة: الذهبية, الالماسية لحامليها مجانا, وتجددها لهم بدون مقابل, تشبع بها كبرياءهم, وتميزهم مثل: بطاقات النخبة ,بطاقات التميز, وما اشبهها من عبارات.
الزيادات المضافة الى قروض بطاقات الاقراض والتسديد على اقساط CREDIT CARD) (الائتمانية) تحقق هذه البطاقة ارباحا طائلة للبنوك المصدرة لهذا النوع من البطاقات, عن طريق:
1- الزيادة الربوية, وهي النسبة المحددة على القرض باسم (فوائد) او (عمولة) تبلغ نحو 13% وبالنسبة للبلاد الخليجية تزداد بشكل اكبر.
2- الزيادات الربوية على تسديد الدفع للعمليات المالية النقدية اذ تحسب على حامل البطاقة من يوم الشراء.
3- المعاملات التجارية الاخرى للسلع, والخدمات حين يسجل المبلغ في حساب حامل البطاقة (مدين), الا في حالة الاتفاق على التسديد للمبلغ كاملا في وقت معين, مثل امريكان اكسبرس.
4- فرض رسوم دورية على كل معاملة مالية تسدد عن طريق بطاقة الاقراض تحسب على العميل.
5- فرض نسبة معينة عقوبة على تأخير التسديد.
6- دفع مبلغ معين عوضا عن فقدان الطاقة.
7- فرض نسبة معينة على حامل البطاقة لدى الشراء بأزيد من المبلغ المسموح به دينا
8- اضافة مبلغ مباشرة على حامل البطاقة لدى السحب النقدي.
اضافة الى ما تقدم فإن حامل هذا النوع من البطاقات يدفع ربحا مضاعفا على السلع التي يشتريها, المتمثل في ربح التاجر المضاف على السلعة اصلا, ثم ربح القرض الذي يطالبه به البنك, وهي الزيادة الربوية.
العلاقة بين حامل هذا النوع من البطاقات وبين البنك علاقة مقترض (حامل البطاقة) بمقرض (البنك) , ومن هنا يدخل الطرفان في علاقة ربوية محرمة, قلت الزيادات, او كثرت.
وقد اصدر مجمع الفقه الاسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي بجدة القرار التالي فيما يتصل بهذا القسم من البطاقات في النص التالي:
ان مجلس مجمع الفقه الاسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الاسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية, من 25 جمادى الآخرة 1421هـ الى غرة رجب 1421هـ (23 ـ 28 سبتمبر 2000م).
بناء على قرار المجلس رقم 65/1/7 في موضوع الاسواق المالية بخصوص بطاقة الائتمان حيث قرر البت في التكييف الشرعي لهذه البطاقة وحكمها الى دورة قادمة.
واشارة الى قرار المجلس في دورته العاشرة رقم 102/4/10, وبعد اطلاعه على البحوث الواردة الى المجمع بخصوص موضوع (بطاقات الائتمان غير المغطاة) وبعد استماعه الى المناقشات التي دارت حوله من الفقهاء والاقتصاديين, ورجوعه الى تعريف بطاقة الائتمان في قراره رقم 63/1/7 الذي يستفاد منه تعريف بطاقة الائتمان غير المغطاة بأنه:
(مستند يعطيه مصدره (البنك المصدر) لشخص طبيعي او اعتباري (حامل البطاقة) بناء على عقد بينهما يمكنه من شراء السلع, او الخدمات, ممن يعتمد المستند (التاجر) دون دفع الثمن حالا لتضمنه التزام المصدر بالدفع, ويكون الدفع من حساب المصدر, ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية, وبعضها يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع بعد فترة محددة من تاريخ المطالبة, وبعضها لا يفرض فوائد).
قرر ما يلي:
اولا: لا يجوز اصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة, ولا التعامل بها, اذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية, حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة السماح المجاني.
ثانيا: يجوز اصدار البطاقة غير المغطاة اذا لم تتضمن شرط زيادة ربوية على اصل الدّين.
ويتفرع على ذلك:
أ- جواز اخذ مصدرها من العميل رسوما مقطوعة عند الاصدار او التجديد بصفتها اجرا فعليا على قدر الخدمات المتقدمة منه.
ب ـ جواز اخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه شريطة ان يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد.
ثالثا: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مصدرها, ولا حرج فيه شرعا اذا لم يترتب عليه زيادة ربوية, ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض او مدته مقابل هذه الخدمة. وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لانها من الربا المحرم شرعا كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم 13 (10/2) و13 (1/3).
رابعا: لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذا العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة.
والله سبحانه وتعالى اعلم.
القسم الثاني: بطاقة السحب المباشر من الرصيد (DEBIT CARD) (المغطاة): وهي التي يكون لحاملها رصيد بالبنك, ومن ثم تخويل حاملها للبنك صلاحية ان يسحب من رصيده مباشرة قيمة مشترياته, واجور الخدمات التي يحصل عليها عن طريق استخدام البطاقة, وسحب النقود التي حصل عليها نقدا.
قيمة الاشياء والخدمات التي يحصل عليها حامل هذا النوع من البطاقات تخصم رأسا من رصيده بالبنك لحساب التاجر, او المؤسسة التي قد حصل منها على احتياجاته.
يؤدي هذا القسم من البطاقات نفس الوظائف التي يؤديها القسم السابق في الحصول على الاحتياجات من السلع والخدمات, والحصول على النقد.
العلاقة بين حامل هذه البطاقة والبنك علاقة مودع, ومودع عنده, ولهذا لا مجال للربا بينهما في عموم الحالات, وقد اصدر المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي القرار التالي فيما يخص هذا القسم من البطاقات:
قرار رقم 139 (5/15)
بشأن
بطاقات الائتمان (المغطاة):
ان مجلس مجمع الفقه الاسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الاسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة بمسقط (سلطنة عمان) من 14 الى 19 المحرم 1425هـ الموافق 6 ـ 11 مارس 2004م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة الى المجمع بخصوص موضوع بطاقات الائتمان, وبعد استماعه الى المناقشات التي دارت حوله,
وبعد استحضاره ما سبق اصداره عن مجلس المجمع من قرارات بشأن هذا الموضوع, وهي القرار 63 (6/7) المشتمل على تعريف بطاقات الائتمان, وصورها والقرار 108 (2/12) المشتمل على بيان حكم اصدار البطاقة غير المغطاة والتعامل بها, والرسوم المرتبطة بها, والحسم (العمولة) على التجار ومقدمي الخدمات القابلين للبطاقة, والسحب النقدي, وشراء الذهب او الفضة او العملات بها.
قرر ما يأتي:
أ- يجوز اصدار بطاقات الائتمان المغطاة, والتعامل بها, اذا لم تتضمن شروطها دفع الفائدة عند التأخر في السداد.
ب ـ ينطبق على البطاقة المغطاة ما جاء في القرار 108 (2/12) بشأن الرسوم, والحسم على التجار ومقدمي الخدمات, والسحب النقدي بالضوابط المذكورة في القرار.
ج ـ يجوز شراء الذهب او الفضة او العملات بالبطاقة المغطاة.
د ـ لا يجوز منح المؤسسات حامل البطاقة امتيازات محرمة, كالتأمين التجاري او دخول الاماكن المحظورة شرعا. أما منحه امتيازات غير محرمة مثل اولوية الحصول على الخدمات او التخفيض في الاسعار, فلا مانع من ذلك شرعا.
هـ ـ على المؤسسات المالية الاسلامية التي تقدم بدائل للبطاقة غير المغطاة ان تلتزم في اصدارها وشروطها بالضوابط الشرعية, وان تتجنب شبهات الربا او الذرائع التي تؤدي اليه, كفسخ الدين بالدين.
والله اعلم هذه معلومات موجزة عن البطاقات البنكية التي تهم مستخدميها.
قلت لمحدثي: ارجو ان اكون قد وفقت في بيان ما يبدو للنظرة السطحية انه تناقض في الاحكام, والحقيقة انه لا تناقض.
الرأي الشرعي الصحيح لا يتكئ على العموميات وانما هو التفصيل في الحالات, ولا يدركها الا فقيه متمرس.
موضوع البطاقات يعد انموذجا لقاعدة عريضة لمثل هذه الموضوعات.
أذكرك ـ ولست بحاجة الى تذكير ـ ان هذا الموضوع تكرر الحديث عنه, وهو جدير باعادة الحديث فيه, ففي الوقت الراهن تستقبل البنوك موسما كبيرا لجني ارباح البطاقات, فلنكن على وعي تام للجوانب الشرعية التفصيلية, والقانونية, والاقتصادية لدى استخدامها, كي لا نؤخذ على غرة, وغفلة, وجهل بنتائج التصرفات المالية التي نجريها بواسطتها.
انتهت الجلسة ومحدثي يردد قول الله تعالى (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون), (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) صدق الله العظيم, وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
Copyright © 2024 The Gulf Biz. All rights reserved.