المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عباد الله اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من النعم العظيمة نعم الدنيا و



Fadi
26-05-2004, Wed 11:12 AM
الحمد لله الكريم المنان المتفضل على عبادة بأصناف النعم وأنواع الإحسان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الديان وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالهدى والرحمة وصلاح القلوب والأبدان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما

عباد الله اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من النعم العظيمة نعم الدنيا ونعم الدين نعم كثيرة وافرة (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:18) اشكروا الله على هذه النعم فإن الشكر سبب لمزيدها وبقاءها وإن كفر النعم سبب لنقصها وزوالها واستمعوا إن شئتم قول الله عز وجل (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7) (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (النحل:112) أيها المسلمون لو نظرنا إلى ما نحن فيه من النعم لوجدنا أن هذا المثل الذي ضربه ربنا ينطبق علينا غاية الإنطباق فقرانا ولله الحمد قرى آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ولكن علينا ضريبة الشرك لهذه النعم فهل نحن شكرنا هذه النعم وقمنا بطاعة المنعم على الوجه الذي يرضاه عنا نحن في شك من ذلك نحن نخشى أن يصيبنا آخر الآية ( فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)(النحل: من الآية112) إن أكثرنا يلهثون وراء هذه النعم لتحقيقها بالحلال أو بالحرام غير مبالين بما يترتب على ذلك غير متأملين بأن الله عز وجل يقول (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (لأعراف:182-183) إن توافر النعم وتتابعها مع كفرها وعدم القيام بطاعة المنعم بها ما هو إلا استدراج من عند الله عز وجل كما قال الله تعالى ( فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)(الأنعام: من الآية44) أيها المسلمون إن من أكبر نعمة أنعم الله بها علينا أن هدانا للإيمان والإسلام مصلحين لله متبعين لرسوله وقد كان قوم يتخبطون الأسواء في دينهم ما بين مغضوب عليهم علموا الحق واستكبروا عنه وضالين جهلوا الحق فلم يهتدوا إليه وإن من نعم الله علينا ما أخرجه لنا من ثمرات النخيل والأعناب نتفكه بها رطباً جلياً وندخرها تمراً وزبيبا فاعتبروا أيها المؤمنون اعتبروا بما فيها من قدرة الله وحكمته ورحمته حيث أخرج لكم من هذه الجذوع والغصون مأكولاً طرياً شهيا ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) فاشكروا الله على هذه النعم واستعينوا بها على طاعته وإياكم أن تكون نعم الله سبباً لأسركم وبطركم وبسوقكم عن أمر ربكم فإن ذلك أقوى معول لهدمها واقوى سبب لزوالها أيها الناس إن من شكر نعمة الله عليكم في هذه الثمار أن تتمشوا في بيعها وشرائها على ما سنه لنا إمامنا وقدوتنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم نتمشى في بيعها وشرائها على ذلك ابتغاءاً لثواب الله واتباعاً لشريعته وطلباً للخير والبركة في أموالنا ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا متى تباع هذه الثمار وكيف تباع فقال النبي صلوات الله وسلامه عليه ( لا تتبايعوا هذه الثمار حتى يبدو صلاحها ولا تبيعوا الثمر بالتمر ) نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم البائع والمشتري عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها لأنها قبل صلاحها أكثر عرضة للآفات وأزيد نمواً فتحصل الجهالة فيما زاد ونهى عن بيع التمر بالتمر لأن ذلك رباً أو وسيلة إليه حيث قال ( ولا تبيعوا الثمر بالتمر ) والصلاح في ثمر النخل أن يحمر أو يصفر والصلاح في العنب أن تظهر فيه الحلاوة ويطيب أكله فمن باع شيئاً من ثمار النخيل والأعناب على شجره قبل بدو صلاحه فقد عصى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ومن عصى الرسول صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله وفي هذه الحال إذا باع شيئاً من ثمار النخيل والأعناب على شجره قبل بدو صلاحه فإن البيع باطل والثمرة للبائع لا يحل للمشتري أكلها ولا أن يتصرف فيها بشئ من التصرف والثمن للمشتري لا يحل للبائع أن يتموله أو يتصرف فيه بشئ وبيع ثمار النخيل على شجره ينقسم إلى ثلاثة أقسام أحدها أن يبيعه تفريداً كل نخلة وحدها فإن كان فيها لون ولو واحدة جاز بيعها وإلا وجب الإنتظار بها حتى تلون القسم الثاني أن يبيع بستانه أنواعاً كل نوع وحده جميعاً مثل أن يبيع السكري كله جملة واحدة فإذا كان فيه لون ولو في نخلة واحدة منه جاز بيعه ذريعاً تبعاً للملون منه وإلا وجب الإنتظار به حتى يظهر فيه اللون القسم الثالث أن يبيع البستان كله جملة واحدة بجميع أنواعه فإن كان اللون قد ظهر في جميع الأنواع ولو في نخلة واحدة من كل نوع جاز بيعه وإلا وجب الإنتظار فيما لم يظهر اللون في نوعه حتى يلون فإذا قدرنا أن البستان ثلاثة أنواع برئياً وسكرياً وأمهات حمام فباعه جميعاً جملة واحدة ولم نجد شيئاً ملوناً من البريئ فإن البيع يصح في السكري وأمهات الحمام ولا يصح في البرئ وأعلموا أيها الأخوة أنه لا يجوز إبدال ثمرة نخلة بثمرة نخلة أخرى سواء كانت من نوعها أم لا وسواء كانت أقل منها أم أكثر وسواء كان مع أحدهما زيادة دراهم أم لا لأنه لا يجوز بيع التمر بالثمر خرطاً لكن لو جد شخص ثمرة نخلة لشخص آخر غلطاً فقال له خذ ثمرة نخلتي وأنا أضمن ثمن جززته للبائع فرضي بذلك فلا بأس به ويكون الذي جزت نخلته نازلاً منزلة الذي جز وهذا نازل منزلته وإذا حدث عيب في الثمر بعد بيعه فإن كان بسبب من المشتري فلا ضمان على البائع مثل أن يكون المشتري لا يعرف الخراب فيخرطها فتختلف من خراطه أو يؤخر جزها عن وقته فيصيبها مطر أو غيره فلا ضمان على البائع حين إذن لأن التفريط من المشتري وإن كان العيب مجرد قضاء وقدر لا سبباً للعبد فيه كالغبير والحشف والحشف الحاصل من شدة الحر فضمان نقضها على البائع لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأكل منه شيئا لما تأخذ مال أخيك بغير حق ) فيقوم النقص على البائع ويسقط من الثمن بقسطه فإذا كان النقص ربعاً أسقط عن المشتري ربع الثمن وإن كان أقل أو أكثر أسقط عنه بنسبته وعلى هذا فلو اشترى شخص ثمرة نخلة بمائتين ثم باعها على شخص آخر بثلاثمائة ثم نقصت النصف فإن المشتري الثاني يأخذ مائة وخمسين من المشتري الأول نصف ما دفع إليه والمشتري الأول يأخذ من البائع الذي باع عليه مائة فقط لأنها نصف ما دفع إليه ولا يحل له أن يجعل المائة والخمسين كلها على البائع لأن ذلك ظلم حيث رجع عليه بثلاثة أرباع الثمن وهذه مسألة جهلها كثير من الناس حيث ظنوا أن النقص يكون كله على البائع الأول وهذا جهل وخطأ لأن النقص يجب أن يكون بالنسبة وليس على البائع الأول وحده توضيحاً لهذه المسألة أقول لو بعت هذه الثمرة بمائتين ثم باعها الثاني الذي اشتراها منه بثلاثمائة ثم نقصت نقصاً يساوي النصف فإن المشتري الثاني يرجع على الذي باع عليه بمائة وخمسين والمشتري الأول يرجع على الذي باع عليه بمئة فقط ويكون النقص حين إذن موزعاً على البائع الأول وعلى البائع الثاني بالقسط فيكون النقص على البائع الأول بنصف ما دفع إليه وعلى البائع الثاني بنصف ما دفع إليه وعلى البائع الثاني بنصف ما دفع إليه وهذا هو العدل وهذا هو الحق وهذا هو الواجب وقد كان بعض الناس يقول إننا لو جعلنا الخسارة على المشترين الذين يريدون التكسب ما اشتروا منا والمشترون الذين يريدون التكسب يشترطون النقص كله على البائع الأول وهذا الشرط فاسد كما نص على ذلك أهل العلم فإن أهل العلم يقولون اشترط الخسارة على المشتري لو اشترط الخسارة على البائع أي أنه لا خسارة على المشتري فإن الشرط هذا باطل فاسد لمخالفته شريعة الله فعلينا أيها الأخوة أن يكون بيعنا وشراؤنا على الوجه المشروع الذي ثبتت به الشريعة وأن لا يغلب علينا الشح والطمع في أن نخالف شريعة الله فإن البركة كلها في موافقة الشريعة وإن النقص كله ولا سيما نقص الدين الذي هو رأس مال الإنسان إنما يكون بمخالفة الشريعة وأنت أيها الإنسان المؤمن العاقل تصور لو حضر أجلك اليوم هذا وانتقلت من الدنيا إلى الآخرة وما أسرع ذلك وأنت لا تدري متى تموت فلماذا تخالف أمر الله عز وجل من أجل مكسب دنيوي ربما لا تأخذه أنت ربما يأخذه غيرك فتكون الغنيمة له والغرم عليه فاتق الله يا أخي في نفسك وأعلم أن الدنيا دار عبادة ودار عمل للآخرة وليست ل وليست لإمارتها قال الله تعالى (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا )(الروم: من الآية9) وإذا حدث العيب في الثمرة وأحب المشتري أن يردها ويأخذ الثمن فله الحق في ذلك إلا أن يكون قد شرط عليه عند العقد أنه إن حدث بها عيب تثمن بدون رد وقبل هذا الشرط فإنه يثمن له ولا يردها لأن المسلمين على شروطهم إلا شرطاً أحل حرماً أو حرم حلالاً وهذا لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً وإذا كان العيب موجوداً عند البيع في الثمرة ورضي به المشتري فلا شئ له على البائع ولو زاد العيب فيما بعد لأنه دخل على بصيرة وإذا كانت الثمرة سليمة عند البيع فشرط على المشتري أنه إن حدث بها عيب فالبائع برئ منه فإن هذا الشرط باطل ولا يبرأ البائع به لأن هذا الشرط غرر وجهالة أيها المسلمون لقد اعتاد كثير من أهل البساتين أن يبيعوا ثمرة بستانهم على المتساهمين والشركاء وهذا غالباً يؤدي إلى المناقشة لأجل أن يربحوا في هذه الصفقة ولكني أخبر الجميع بأنه إذا زاد الكسب بهذه الطريقة المحرمة فإنه ينقص الإيمان بذلك لأنهم وقعوا في معصية الله ورسوله وأخبرهم كذلك أن هذا سبب لنقص بركة أموالهم لأن المال إذا خالطه المحرم محقت بركته وربما يحصل فيهم أو في أهليهم آفات وأمراض تتلف أموالهم أو يحصل نقص في سعر الثمر فيلحقهم من ذلك خسارة أكثر مما أدركوا وربحوا وهم بهذه المناقشة يضيقون على أهل الحاجات والعوائل حيث تزيد عليهم الأثمان بسبب مناجشة هؤلاء الجشعين الطمعين اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن ترزقنا الورع عما يضرنا والزهد فيما لا ينفعنا والرغبة فيما يقربنا إليك وأن تجعلنا هداة مهتدين وصالحين مصلحين إنك جواد كريم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم … الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان وسلم تسليما …