المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحالف الروسي- الامريكي ( النفطي)



abu_penny
19-06-2002, Wed 11:39 AM
انقلاب خطير في استراتيجية نقل الطاقة وقفزة هائلة تتعدى حدود الجغرافيا:

القرية الكونية ليست هادئة، وما يحدث عنذ ذلك المثلث الجيو - ستراتيجي الأميركي - الروسي - الصيني الذي يتقاطع، بشكل أو بآخر، في سيبيريا التي تختزن امكانات نفطية هائلة ينبئ بأن العالم يتجه إلى المجهول الكبير· العين الأميركية على النفط الروسي، وهذا ما أظهره الاتفاق الذي وقع في الكرملين بين الرئيسين جورج دبليو بوش و فلاديمير بوتين ·· ماذا عن عين التنين التي لا تنام؟ موسكو أكثر ذكاء من أن تضع كل مستقبلها في السلة الأميركية· الولايات المتحدة هي القطب الأوحد، وستبقى حتى اشعار آخر، لكنها تعمل من أجل عالم متعدد الأقطاب نفطيا فقط، ومشروع ساخالين - 1 الذي استثمر الأميركيون، في المرحلة الأولى منه أربعة مليارات دولار، سينقل مليارات البراميل من الشرق الروسي إلى الغرب الأميركي، فيما يقول أحد الخبراء إن الهدف الأساسي لواشنطن هو ازاحة الأوبيك عن الصدارة· قبيل انهيار الاتحاد السوفييتي، عرضت في أحد مسارح نيويورك الكبرى مسرحية وضع فكرتها الممثل الهزلي بوب هوب وهي تمثل حوارا بين الدببة عبر مضيق بيرنغ، الحوار يبدأ فوضويا وعقائديا وبصوت مرتفع، قبل أن يبدو ان حالة حب قد حصلت بين الدببة التي ما أن تهجم عاطفيا على بعضها البعض حتى تسقط في الماء وتغرق، وعلينا أن نتصور ذلك المضيق المائي وصراخ الدببة ينبعث من أرجائه· كانت الدببة عبارة عن ممثلين يرتدون جلودا مماثلة لجلود تلك الحيوانات، وكان بوب هوب يريد القول انه لا مجال للالتقاء بين الضفتين ما دامت الرأسمالية الأميركية هنا والشيوعية الروسية هناك، دون أن تتمكن احداهما من أن تشنق الأخرى، عندما التقيتا غرقتا، فهل يمكن أن يتكرر المشهد بعدما أصبحت الدببة كلها من لون واحد؟ هذا المضيق الذي اجتذب بطرس الأكبر فعهد إلى المستكشف الدانمركي فيتوس بيرنغ اجراء مسح للساحل الأميركي ربما لكي يفكر بالطريقة التي يصل بها إلى أميركا، ولو عبر الزحافات التي تجرّها الكلاب، كان دائما هاجس الخبراء الاستراتيجيين الأميركيين الذين يعجبون كيف ان القيصر الكسندر الثاني ، الخارج محطما من حرب القرم، باع الاسكا إلى الرئيس اندرو جونسون، ودون أن يفكر ببيعه سيبيريا، ولو حدث هذا لما كان الاتحاد السوفييتي الذي طالما اعتمد على الموارد السيبيرية، كما ان هذه المنطقة استخدمت ببراعة لتكون منفى لآلاف المنشقين السياسيين وغيرهم، تذكرون، دون شك، رواية ارخبيل الغولانغ لـ الكسندر سولجنتسين · هل إذا ذهبت سيبيريا يبقى الاتحاد العربي؟ تعدد الأقطاب نحن أمام (12800000) كيلومتر مربع من المجهول والمعلوم، فالدراسات الموضوعة تؤكد ان تلك الصحراء الجليدية التي تتخللها الغابات والمدن والقرى تحتوي على أضخم احتياطي من النفط في العالم، والأميركيون الذين يرفضون تعدد الأقطاب على المستوى الاستراتيجي، يسعون إلى تعدد الاقطاب على المستوى النفطي، لن يبقى الشرق الأوسط هو القطب الوحيد، خصوصا وأن هناك في الولايات المتحدة من بدأ يستخدم تعبير بحيرة الكراهية في وصفه للشرق الأوسط، وان المجتمعات هناك تتجه نحو أفكار أكثر راديكالية وأكثر قابلية لاستخدام العنف اللامحدود· أشياء مستقبلية كثيرة بحثت خلال القاعات بوش - بوتين في الكرملين، حاول الرئيس الروسي أن يظهر عبر تلك القطاعات الفاخرة، انه القيصر الهادئ لا الذي يدفع خيوله أو أساطيله في كل الاتجاهات، كما هي حال ايفان الرهيب و الكسندر الثاني و كاترين ، وكان يعرف جيدا أن من الأفضل الآن ان يلعب دور تمثال الثلج، فعلى الاميركيين أن يركزوا استثماراتهم الآن في انحاء روسيا، لاسيما النفط الذي بات هو الاحتياطي الذهبي لا الذهب الذي شاخ وتضاءل على ذلك النحو الدراماتيكي بسبب الانهيارات الاقتصادية التي كان لابد من وقفها بأي ثمن· هذا لا يعني أن الدب سيغدو وحيد القرن ، كما قالت صحيفة وول ستريت جورنال ، فالروس يعملون ايضا مع الصينيين، الذين طالما حلموا ابان مرحلة العلاقات المخملية بين ماوتسي توتج و جوزف ستالين وصولا إلى نيكيتا خروتشوف ، بأن يقيموا مع الروس نوعا من الكوندومينيوم (الادارة الثانية) لسيبيريا· العظمة والانهيار الذي حدث في موسكو أخذه بعده الاحتفالي في روما، روما بالذات التي توحي بالعظمة وبالانهيار أيضا للرئيس جورج دبليو بوش · هنا عاصمة أكبر امبراطورية في التاريخ (قبل الامبراطورية الأميركية)، ولكن هنا أيضا عاصمة النهايات التراجيدية للأباطرة· الروس اعتادوا، عبر تاريخهم، على المسافات الطويلة· ذات يوم ستعود روسيا المقدسة مقدسة، من بوابة النفط والغاز تحديدا، هل ستحطم ذات يوم النفط العربي أم أن استراتيجية التكامل أكثر جدوى، فلا يكون هناك صراع يجعل أسعار البرميل تتدحرج نحو القاع، كما يهدد معماريو السياسات الخارجية الغربية بين الحين والآخر · الأرقام تقول ان النفط يؤمن لروسيا 20 في المئة من الناتج الداخلي الاجمالي، ويغطي نصف الموازنة الاتحادية، كما يأتي بنصف العائدات من العملة الصعبة، ولقد كان لافتا انه بعد يوم واحد من القبول المؤقت لروسيا في المجلس الأطلسي الذي يضم الدول الأطلسية التسع عشرة، اضافة إلى روسيا، اعلن وزير الطاقة ايغور يوسفوف عن تلك الاستراتيجية النفطية التي تمتد حتى العام 2020 والتي قد تعيد إلى روسيا، بعد ثمانية عشر عاما، لقب القطب الآخر· في اليوم نفسه (ويا للمصادفة!) دعا رئيس الوزراء الروسي ميخائيل كازيانوف إلى تحرير قطاع الطاقة، دون أن يعني هذا ابعاد الدولة عن الادارة القانونية للقطاع· تواجد شيوعي والمعروف انه لايزال هناك بعض الشيوعية في روسيا، كما ان هناك بعض الشيوعية في أكثر من حاضرة رأسمالية في العالم، الدولة تقدم اعانات في مجال استهلاك الطاقة، فالصقيع قاتل في روسيا والنفط يبدو حيويا أكثر من الخبز الذي كان المشكلة الأساسية في الكثير من روايات مكسيم غوركي و ليون تولستوي ، وعمليات الدعم هذه أعاقت جهود روسيا للفوز بموقع متقدم في اقتصاد السوق الذي من شأنه شق الطريق أمام قفزة واسعة في مجال التجارة الدولية· وقد انضمت إلى رئيس الوزراء الروسي نائبة رئيس اللجنة الاوروبية لشؤون الطاقة والنقل لويولا بالاشيو التي قالت ان الاتحاد الروسي والاتحاد الاوروبي يكملان بعضهما البعض، داعية إلى تحرير قطاع الطاقة الروسي بصورة أكبر· وكانت روسيا قد وقعت، في العام ،1994 إلى جانب 40 دولة أخرى، على معاهدة ميثاق الطاقة التي تحدد معايير النقل والاستثمار وتحرير السوق، ولكن دون أن يوافق مجلس الدوما الروسي حتى الآن عليها، وهذا لم يمنع وزير التنمية الاقتصادية والتجارة الروسي جرمان غريف من القول ان سوق الطاقة في بلاده سيكون كليا بيد القطاع الخاص ما بين عامي 2012 و 2017 أي في اقرب وقت ممكن، ودون أن يبقى سرا أن الاوروبيين يضغطون من أجل الاسراع في عمليات الخصخصة· وإذا كانت القارة العجوز هي المستهلك الأول للطاقة، فإن الروس يتطلعون إلى السوق الأميركية، مع اقامة شبكة الأنابيب التي تؤمن وصول النفط إلى المستودعات الساحلية الأميركية بأسرع وقت ممكن، ودون أي اهتزازات أو احتمالات سياسية على الاطلاق، وكانت قمة موسكو بين الرئيسين جورج دبليو بوش و فلاديمير بوتين قد شهدت توقيع سلسلة طويلة من الاتفاقات لعل أبرزها ما يتعلق بالطاقة والطيران والتي لم يتسرب عن مضمونها معلومات أكيدة· المنصة البحرية هل حقا ان ظلال ايلول/ سبتمبر 2001 هي التي حملت الرئيس بوش الابن على الذهاب بعيدا في الرهان الاستراتيجي على النفط الروسي؟ التلميحات التي صدرت عن وزير التجارة الأميركي دون ايفانز أوحت بذلك· الاتفاق الذي أعده ايفانز يقول بالحرف الواحد: إننا نسعى سوية للحد من تقلبات أسواق الطاقة العالمية وتعزيز امكانيات رصد موارد الطاقة التي يمكن الاعتماد عليها، لذا فإن التعاون مع روسيا يقضي بتشجيع كما بتسهيل دخول منتجات الطاقة الروسية إلى الأسواق العالمية، مع تطوير الموانئ الروسية وتحديثها · والمعروف ان الروس يصدرون، حاليا، كميات ضخمة من النفط الخام إلى الولايات المتحدة، مع كميات ضئيلة من المشتقات النفطية، والخطوة الأولى الجديدة هي توقيع اتفاق بين شركة اكسون موبيل الأميركية ومصنع أمور الروسي لبناء السفن لتنفيذ مشروع اقامة منصة بحرية بكلفة 140 مليون دولار· وهذه المنصة تندرج في اطار مشروع ساخالين - 1 العملاق، الذي تتولى ادارته في اقصى الشرق الروسي شركة إكسون نفط غاز المتفرعة عن شركة اكسون موبيل · علما بأن ذلك المشروع يمثل انقلابا استراتيجيا بمعنى الكلمة، إذ انه يضخ مليارات البراميل في اتجاه الساحل الغربي الأميركي: هذه قفزة رائعة فوق الجغرافيا بل وفوق التاريخ ، كما كتب أحد معلقي الـ نيويورك تايمز · الرقص على الأرصفة لا بل ان المعلق أضاف أن بإمكان الأميركيين أن يناموا وهم أكثر اطمئنانا إلى أن النفط لن يرقص طويلا على أرصفة روتردام بفعل التأثيرات السياسية أو الاقتصادية · وعلى كل، فقد حقق الوزير الأميركي ايفانز ، وهو خبير نفطي أيضا، حلمه باطلاق تلك الحركة المكوكية لناقلات النفط بين جزيرة ساخالين الروسية إلى الساحل الغربي لأميركا (سان فرنسيسكو ولوس انجلس····) عبر المحيط الهادئ· وتقدر تكلفة المرحلة الأولى من مشروع ساخالين- 1 بما يربو عن الأربعة مليارات دولار تمثل أضخم كتلة استثمارية مباشرة في روسيا، وهنا يقول ايفانز ان ظروف أو شروط الاستثمار والتجارة بين الولايات المتحدة وروسيا ستستمر في النمو، وهو متأكد من أن المزيد من الاستثمارات الخارجية سوف تتدفق على روسيا على مدى السنوات المقبلة، مع التركيز بشكل خاص، على قطاع الطاقة· وتبعا لما يقوله الخبراء، فإن ارتفاع انتاج الطاقة في روسيا على ذلك النحو السريع شكل، إلى حد بعيد، مفاجأة للجميع، فوتيرة الانتاج سبق وهبطت من 570 مليون طن في العام 1987 الى 301 طن في العام ،1996 ومنذ ذلك الحين تمكنت روسيا من رفع مستوى الانتاج بنسبة 15 في المئة مما جعلها تحتل المرتبة الثانية عالميا بعد المملكة العربية السعودية· العائدات كانت ضخمة إلى الحد الذي حمل شركات النفط الروسية على القول انه يقتضي اعادة النظر في الامتيازات الممنوحة الى الشركات الأجنبية بموجب اتفاقات الشراكة في الانتاج· الشركات تمتلئ··· والأمر لا يتوقف عند الكلام، فشركة لوك اويل وهي الأكبر في روسيا، باشرت منذ فترة وجيزة، العمل على مشاريعها الخاصة، وذلك ببناء مرافئ في الشمال تسهل تدفق النفط إلى الأسواق الأميركية، وتعتبر الشركات الروسية الأخرى أيضا انها قادرة على تنفيذ المشاريع اللازمة في قطاع الطاقة دون الحاجة إلى الشركات الأجنبية· لكن الوزير جيرمان غريف يعارض هذا الاتجاه، فلايزال الوقت مبكرا للتفرد في مثل تلك السياسات الحساسة والتي تخضع آلية السوق المرتبطة بعناصر ومعايير مختلفة، وهو يؤكد على أن الاستثمارات الأجنبية ضرورية للاسراع في تطوير قطاع الطاقة في البلاد· والاتفاق بين واشنطن وموسكو في مجال الطاقة لا يقتصر على الأراضي الروسية، فهو يشمل خريطة الطاقة في جمهوريات آسيا الوسطى، وحيث المخزون الذي لا يستهان به، وثمة مشاريع مد أنابيب مهمة في هذا المجال، ولاشك أن التعاون الأميركي - الروسي سيكون بالغ الحيوية بالنسبة إلى تسويق الطاقة التي تنتجها المنطقة، ولكن ألا يؤدي ذلك إلى تعديل المخططات السابقة التي رسمت خط الأنابيب· ولكن لاحظوا ما يقوله الخبير الاستراتيجي رونالد ناش من أن المسألة الأساسية تتمثل في ازاحة منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) عن الصدارة الدولية· هذا يحدث عندما يصبح بإمكان موسكو التلاعب بأسعار النفط عبر امداداتها الى الأسواق العالمية· الوقت لايزال مبكرا لتحقيق ذلك، فالمشاريع تتطلب سنوات عديدة، وحتى ذلك الحين تبقى الاوبك هي نجمة المسرح، وهذا ما يعترف به الوزير الروسي غريف الذي يتحدث عن البيروقراطية الهائلة في بلاده والتي تستلزم القيام بإصلاحات واسعة وجذرية· البحث عن الصينيين لا ريب ان الروس، الطارئين على السوق بعد عقود طويلة من الاقتصاد المغلق، أصبحوا يتقنون لعبة السوق· يعرفون كم أن الأميركيين والأوروبيين بحاجة إلى نفطهم، ولكن يفترض أن يبحثوا عن زبائن آخرين· إنهم الصينيون أيضا· لا أحد يقول ان نهر الحب (الايسوري) الذي يفصل بين روسيا والصين يمد العلاقات بين البلدين بالكمية اللازمة من الحب· غالبا ما كان، ومنذ أيام قبائل ياجوج وماجوج حائط الدم حتى ابان عهد الاخوة الايديولوجية، لكن منطق السوق هو غير منطق التاريخ الذي يفترض أن ينسحب على وجه السرعة ليغدو الاتفاق ممكنا بين التنين والدب القطبي· العام المقبل سيشهد ذروة التطور في العلاقات الروسية - الصينية حيث يدشن المسؤولون في البلدين خط أنابيب النفط الذي يبلغ طوله 2400 كيلومتر، وكان البلدان قد أبرما، في العام المنصرم، اتفاقا لبناء الخط الذي يمتد من جنوب سيبيريا إلى شمال الصين· في الأجندة الروسية مشاريع لابد أن تشق طريقها إلى التنفيذ، فها ان شركة غازبروم الروسية العملاقة تكشف عن مشاريع لديها لاقامة شبكة خطوط أنابيب (عبر آسيا) للغاز، ثمة خط يمتد من منطقة تومسك السيبيرية الى شمالي الصين، وخط آخر من منطقة اركوتسك يقطع منغوليا ويستقر في وسط الصين، وهناك خط يبدأ بجزيرة ساخالين وينتهي في اليابان· السياسات الصامتة الواضح أن الصينيين لا يشعرون بالارتياح للعلاقات المستجدة بين موسكو وحلف شمال الاطلسي، تحديدا بين موسكو وواشنطن، وإن كان واضحا ان بكين التي تنتهج السياسات الصامتة، لأن هذا ليس الوقت الملائم للصراخ، تريد، بدورها، مد يدها في كل الاتجاهات، لكن الذي كان لافتا هو التعاون العسكري الذي ظهر أخيرا بين الصين وبيلاروسيا (روسيا البيضاء)· فهذه الأخيرة التي ترتبط بميثاق اتحادي مع روسيا انتقدت بشدة تمدد الأطلسي شرقا، فهل ان الصينيين يريدون الافادة من الخلاف بين موسكو ومينسك للتأثير على الوضع الاستراتيجي الذي سينشأ مستقبلا؟ الرئيس البيلاروسي ركز على تطوير العلاقات العسكرية مع بكين، فيما كان القائد الأعلى للجيش الصيني فوكو نيو يزور مينسك من اجل توقيع اتفاقات تتعلق باستيراد قطع تبديل (من صنع سوفييتي) لاسيما للقاذفات من طراز سوخوي هذا فيما يتواجد ضباط صينيون في الكليات الحربية في روسيا البيضاء· الأميركيون ينظرون إلى سيبيريا على انها الدورادو القرن الحادي والعشرين ، ولكن هل حقا ان الرئيس بوش الابن طرح ملاحظات غير مباشرة حول الزحف الصيني على تلك المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية والتي يتناثر فيها السكان على مسافات متباعدة؟ تنظيم الهجرة الاحصاءات تقول ان هناك 500 ألف سائح صيني يصلون إلى روسيا، لكن هؤلاء لا يعودون جميعا، الكثيرون يتكدسون في سيبيريا، ماذا لو أصبح هناك خمسة أو عشرة ملايين صيني في المنطقة· المخاوف بدأت تظهر فعلا، والأميركيون لا يريدون أن يضعوا مائة مليار دولار هناك كهدية للصينيين الذين ضاقت بهم بلادهم ولابد أن تضيق بهم أكثر· وكانت موسكو وبكين قد وقعتا في شهر ابريل الفائت اتفاقا لتنظيم عمليات الهجرة بين البلدين ودون أن يتوقع أحد أن بإمكان ذلك استيعاب الوضع، فيما تسمع في موسكو تصريحات يستشف منها الخوف من الاستعمار الصيني لسيبيريا، وهو ما دفع الحكومة المركزية إلى اتخاذ اجراءات تحديثية في المناطق التي تتواجد فيها مجمعات سكانية، خصوصا وأن التقارير تفيد بأن الصينيين بدأوا يؤثرون، بشكل أو بآخر، في السكان المحليين· ولكن ألا توحي الفايننشال تايمز بأن التوافق الأميركي - الروسي يلحظ ضمنا استيعاب الصين التي بمعدلات النمو التي حققتها في العقد الأخير، ومع اعتبار قوتها الديموغرافية الهائلة هي المرشحة لتكون القطب الكوني الآخر· ذات يوم كتبت هيلين كارير دانكوس عن الشيطان حين يصبح امبراطورا ، هل هي حقا لعبة الأبالسة في ذلك المثلث البالغ التعقيد بين أميركا وروسيا والصين (انظروا الخريطة من فضلكم لتتبينوا الحساسية الجيو - ستراتيجية للمثلث)؟ منظمات اقليمية ومؤتمرات قمة تعقد بين الما آتا في كازاخستان وبطرسبرغ في روسيا، فيما تلتئم لاحقا قمة منظمة شنغهاي للتعاون· الكل يركض، إلى أين؟ وماذا إذا ارتطم الراكضون ببعضهم البعض؟ القرية الكونية ليست هادئة، ليست هادئة أبدا·


الاتحاد