المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السعوديون يهربون من وظائفهم إلى صالات الأسهم



أبو مسامح
30-04-2004, Fri 8:08 PM
حمى الأسهم تتواصل وصغار المستثمرين يبحثون عن الثراء
السعوديون يهربون من وظائفهم إلى صالات الأسهم
الجمعة 30 أبريل 2004 15:36
*خطوط ساخنة وتزاحم أمام شاشات الكمبيوتر في الدوائر الحكومية والشركات

"إيلاف" من الرياض: لا يختلف اثنان على الطفرة الهائلة التي تشهدها سوق الأسهم السعودية والتي بدأت منذ مطلع العام الماضي 2003 عندما دخلت الاتصالات السعودية ضمن السوق والشيء الذي يتفق فيه كل المتابعون هو تزايد دخول الأموال للسوق يوماً تلو الآخر نظير الأرباح الكبيرة والخيالية التي يتحدث عنها المتعاملون أو الإعلام.

كون الاقتصاد السعودي يعيش في هذه الأيام أفضل حالاته بسبب ارتفاع الطلب العالمي على النفط والذي يعتبر الدخل الأول للسعودية, والذي ارتفع بدوره إلى أعلى مستوياته القياسية الأمر الذي انعكس على أداء الشركات التي تجاوزت الظروف الصعبة التي كانت تمر بها سابقاً وهذا ما ساهم من خروج من نطاق الخسارة إلى نطاق الربحية بل تجاوزت ذلك في بعض الأحيان إلى تحقيق أرباح قياسية وأكبر الشواهد هو تحقيق شركة سابك عملاق الصناعة لأعلى أرباح لها على مر التاريخ عندما حققت في العام الماضي 6,3 مليار ريال وينتظر منها تحقيق أرباح أكبر خلال هذا العام .

دخول الأموال الجديد يمكن أن يلحظه أي مراقب أو متابع للسوق ولكن الأمر في هذا الشأن لم يقتصر على المحافظ الاستثمارية الكبرى التي تخص كبار المستثمرين أو الخاصة بالبنوك أو حتى القطاعات التابعة للدولة كصناديق التأمينات الاجتماعية أو صندوق المعاشات والتقاعد...الخ, ولكن هو يتعلق بصغار المستثمرين الذين دخلوا السوق من أصحاب المبالغ المحدودة والذين دخلوا فيه بشكل مفاجئ, وهذا النوع من المتعاملين يعتبرون الأقل خبرة ومعرفة بالظروف من حولهم, وهذه الفئة هي من الموظفين سواء في الدوائر الحكومية أو الشركات الخاصة, وحتى من صغار رجال الأعمال, وقد ساهم في دخول هذه الفئة ظروف عده هو أهمها الأرباح الخيالية التي يتحدث عنها الجميع بالإضافة إلى التسهيلات التي أوجدت من أجل الدخول في هذا المجال الذي يراه البعض أقصر الطرق للوصول إلى الثراء والذي لا يحتاج جهداً كبيراً هو التسهيلات التي قدمتها البنوك في هذا المجال من قروض خاصة لشراء الأسهم إلى جانب التسهيلات المالية التي تقدمها البنوك للمستثمرين والتي تعادل في بعض الأحيان ثلاثة أضعاف رأس المال الأصلي, إضافة إلى تقلص الفرص الاستثمارية بل وانعدامها في بعض الأحيان في وقت يعاني أي مستثمر من صعوبة النظام والتي تصل في بعض الأحيان إلى مرحلة التعقيد.

دخول صغار المتعاملين إلى صالات التداول في البنوك عاد على البعض بالإرباح المميزة إلا أن البعض توقع أمراً وحدث العكس نظير قلة المعرفة بالسوق خصوصاً الذين اعتمدوا على المضاربة اليومية وهم الأكثر تضرراً كما أن ذلك انعكس على حياتهم العامة عموماً وخصوصاً العملية فصالات التداول أصبحت تشهد حضور عدد كبير من الموظفين الفارين من أداء واجباتهم الوظيفية, هذا غير الموظفين الذين تركوا أعمالهم خلف ظهورهم ليتوجهوا إلى شاشات الكمبيوتر التابعة لجهاتهم العملية ليتابعوا السوق من خلال الانترنت, هذا غير الذين أصبحت هواتهم خطوط ساخنة متخصصة بالاتصال بزملائهم المتعاملين أو حتى البنوك.

دخول هذه الفئة بالرغم من الدور البارز الذي يلعبونه في السوق إلى أن جزء كبير منهم مازالوا يعيشون الخسارة بسبب البحث عن الربح السريع ومجاراة السوق الذي يغري أي متابع بفوارقه السعرية الكبيرة والمتباينة ولكنهم يجهلون وضع السوق الحالي ولا يأبهون بالمرحلة التي يصفها العارفون بالسوق بالمخيفة, كما يجهلون بأن سوق الأسهم السعودية كمثيلاتها على مستوى العالم تعتمد على المستثمرين في المقام الأول وتفتقد للثبات, كما أنها هي الأكثر تأثراً بأية أحداث, لذلك فإن البعض يصف المضاربة في سوق الأسهم بالحلم وأنه كما يأتي بسرعة فقد ينتهي بشكل أسرع, ولذلك شواهد كبرى لا يمكن تجاهلها على مستوى العالم وأكبر دليل هو سقوط السوق الأمريكية مطلع القرن الحالي وتضرر من ذلك عدد كبير من المستثمرين السعوديين, كما حدث ذلك في الأسهم السعودية مرتين الأولى كانت إبان حرب الخليج الثانية نهاية الثمانينات الميلادية وبشكل أقل ما حدث في مطلع التسعينات, ولم يعاود نشاطه منذ ذلك الحين إلا منذ عدة سنوات وبالتحديد بعد أحداث 11 سبتمبر والذي أعاد جزءً كبيرا من رؤوس الأموال السعودية إلى السوق.

المشكلة الرئيسية التي يعاني منها صغار المستثمرين هو بحثهم عن الأرباح القياسية من خلال شركات متعثرة وضعيفة للغاية بل أن بعضها يواجه مشكلة الإفلاس ولكن هشاشة نظام السوق ساعدت هذه الشركات على البقاء غير آبهين بالمخاطر المترتبة على الاستثمار في هذه الشركات بالرغم من وجود بدائل أفضل ولكن الهدف هو الربح الوافر والسريع فقط, كما أن أسلوبهم يفتقد للاستراتيجية والمقياس فقط هو قيمة الربحية دون النظر إلى النسبة أو معدلات النمو لدى الشركات ودن أي خلفية عن الشركات وقوائمها المالية.
مع هذا كله فقد أفرزت السوق خبرات جديدة في هذه المرحلة وعقليات لها تجارب مميزة تكونت خلال السنوات القليلة الماضية, إضافة إلى المعاهد التي افتتحت مؤخراً والمتخصصة في تدريس المستثمرين الجدد طرق المضاربة والمؤشرات ومتابعته والاعتماد عليها في هذا الشأن.

تحت القاعدة أو المثل السائد ( أعط الخبز لخبازه ) سبل كثر ومتعددة للدخول في السوق تعتبر هي الأكثر آماناً وأقل مخاطرة وهي وذلك من خلال الاستثمار في الشركات الأفضل والتي تتميز بعوائدها الممتازة أو الاستثمار في محافظ البنوك ذات العوائد الممتازة والتي تعلن عن أرباحها بشكل شهري ويمكن للمستثمر الحصول على أرباحه ورأس ماله في أي حين دون أن تتسبب في أمور سلبية قد تنعكس على المتعامل الصغير سواء في السوق أو على مستوى الحياة الاجتماعية أو العملية والشاهد في ذلك ( من أراد كل شي خسر كل شئ).

ناصر العريج