المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( هذا ثمن التحديث والانفتاح وسياسة اقتصاد السوق )



سيف الخيال
09-04-2004, Fri 4:33 AM
الصين تدفع ثمن الانفتاح مزيداً من المتسولين
بكين - جيم ياردلي

دائماً ما يكون هناك ثمن للتحديث والانفتاح وسياسة اقتصاد السوق وهذا ما يبدو واضحاً الآن في الصين والتي تزايد عدد المتسولين فيها على نحو غير مسبوق في الدولة التي لا تزال تصف نفسها بالاشتراكية.

واصبح شبه مألوفاً الآن رؤية انماط مختلفة من المتسولين في الكثير من المدن الصينية الكبيرة بما فيها العاصمة بكين نفسها بعد ان كانت هذه الظاهرة نادرة للغاية حتى قبل سنوات قليلة ماضية. ولا يجد معظم المتسولين ما يسدون به رمقهم مثل زهانغ تيانهو البالغ من العمر 76عاماً ووانغ زهيون الذي يصغره بست سنوات وكذلك مثل الام البائسة المعدمة زهانغ يالي والتي قالت بأنها تعيش بالكاد على عائدات تسول طفلها الذي لم يتجاوز الرابعة من العمر والتي اعتادت اصطحابه الى المقاهي والمحلات التجارية والانتظار بمرارة على ما يجود به الناس عليه وما يضعونه من حفنة اموال داخل كفه الصغيرة.

وشهدت الشهور الستة الماضية زيادة ملحوظة في اعداد المتسولين في العديد من المدن الرئيسة في الصين مما يظهر الفجوة المتزايدة بين الاغنياء والفقراء في اكثر البلاد ازدحاماً بالسكان في العالم ويبدو ان التقدم في مجال حقوق الانسان في الصين قد كف ايدي الشرطة عن ملاحقة هؤلاء المعدمين.

وبدأت مدن كبيرة في الصين خلال الاشهر الاخيرة بما فيها العاصمة بكين وشنغهاي في دراسة كيفية تعزيز الجهود لمكافحة التسول وتشريع قوانين جديدة لمحاربته غير ان هذا التوجه سرعان ما اثار موجة من الجدل في الصحافة الصينية وبين المثقفين الذين يدفعون في اتجاه اتخاذ المزيد من الحريات الفردية في المجتمع الصيني ومن اجل ظهور الصين الجديدة وجادل بعضهم بأنه يتعين ان يكون للصين مجتمع يحق فيه لافراده المعدمين التسول للبقاء على قيد الحياة بينما يرى آخرون منهم بأنه يتعين على الحكومة معالجة جذور هذه المشكلة والمتمثلة في فقر الريف المدقع.

وتعكس الزيادة المتنامية في اعداد المتسولين تساهلاً جزئياً في بعض الاجراءات التي كان يتم اتخاذها في الماضي غير البعيد مثل تسجيل اماكن السكن والتي كانت تحصر تحركات المواطنين داخل قراهم ومدنهم وكانت الشرطة تعتقل اولئك الذين تجدهم خارج مناطق سكنهم غير ان هذا القانون الغي العام الماضي بعد الضجة الشعبية الكبيرة التي اثارتها وفاة احد اولئك المعتقلين في الحبس. وبمقتضى القانون الجديد فإن الشرطة اصبحت فقط تحث المتسولين على ايجاد مأوى لهم وعمل حتى لا ينتشرون في الطرقات وقد تقطعت بهم السبل وعموماً اصبحت الشرطة اكثر تسامحاً تجاه المتسولين.

واوردت بعض التقارير الصحفية في البلاد ظهور مجموعات تسول منظمة بما فيها البعض الذي يستغل الاطفال لهذه الغاية غير الشريفة غير ان معظم المتسولين هم ببساطة من سكان الارياف الفقيرة مثل زهانغ المسن الذي يتسول بطاسة فارغة فقط من اجل سد رمقه. وقال زهانغ انه جاء للعاصمة الاسبوع الماضي بالقطار من مسقط رأسه في اقليم شاندونغ بعد ان غمر الفيضان مزرعته ودمرها بالكامل حيث كان يعتزم بيع الخردة من اجل جمع اموال لمعالجة زوجته المريضة ولشراء الدواء الذي تحتاج اليه ولكن انتهى به المطاف بالتسول في طرقات العاصمة مضيفاً ان الشرطة لم تعد تضايق المتسولين امثاله كما كانت تفعل في الماضي وقال ان ذلك يبدو من مميزات الانفتاح ومن مظاهر الحراك في المجتمع الصيني.

(خدمة نيويورك تايمز خاص بالرياض)