المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا لا يظهر لدينا موهوبون؟!



alharbi
28-05-2002, Tue 1:31 AM
من يكتشف الموهوبين



تلقيت تعقيباً في شهر محرم 1423هـ (مارس 2002م) من الأخ بخيت الله الوداعين على المقال الذي نشر في جريدة "الرياض" وعنوانه (الموهوبون وتحفيز الإبداع) بالإضافة إلى مجموعة من التعقيبات المفيدة من خلال موقع الرياض في الانترنت.
ويقول الأخ بخيت في رسالته التي أحاول أن ألخصها:
"أنا واحد من قراء زاويتك، ولكنك يوم الاثنين الموافق 1422/12/13هـ لامست جرحاً لا زال ينزف فيَّ ألا وهو رعاية الموهوبين. ولدي والحمد لله ابنان يجيدان استخدام الحاسب الآلي من برمجة وتصميم، بالإضافة إلى تفوقهما في الرياضيات واللغة الإنجليزية. وقد حاولت جاهداً إيصالهم إلى من يتبناهم، فالأول في أولى ثانوي والثاني في أولى متوسط، وأعمارهم أقل من ستة عشر عاماً، فأخذتهم من قريتهم متحملاً مشاق التنقل والترحال وأسكنتهم في مدينة الرياض لعل وعسى. وقد طلبت المدرسة تصميم برنامج وقد فعلنا، وقالوا سوف نرسله إلى الوزارة".
والسؤال الذي يبدو من خلال هذه الرسالة هو كيف يمكن لهذين الطالبين أن يصلا إلى من يكشف موهبتهما في مجال الحاسب الآلي والانترنت؟ والذي أعرفه أن وزارة المعارف قد أنشأت برنامجاً للكشف عن الموهوبين ورعايتهم، ويقوم هذا البرنامج بتأسيس العديد من مراكز رعاية الموهوبين في جميع أنحاء المملكة وليس في مدينة الرياض فقط، كما تمّ إحداث إدارة عامة لرعاية الموهوبين ترتبط مباشرة بوزير المعارف. كما أن مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين لها دور كبير في رعاية الموهوبين.
وفي الملتقى الأول لرعاية الموهوبين المعوقين والذي افتتحه صاحب السمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير يوم الثلاثاء الموافق 5محرم 1423هـ ذكر سموه في كلمته في الملتقى أن مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين وهي ترعى هذا الملتقى ترعى أيضاً الموهوبين من الذكور والإناث في مختلف الأعمار، وذلك بالكشف عنهم بالأساليب العلمية وتقديم الرعاية لهم في مجالات التفوق العلمي في الحاسب الآلي والرياضيات والإبداع الأدبي والابتكارات والاختراعات العلمية والمواهب المتميزة، ويأتي في سلم أولوياتها رعاية الموهوبين في المراحل العمرية المبكرة وتوفير الدعم المادي والعيني لبرامج الكشف عن الموهوبين ورعايتهم، وتقديم المنح للموهوبين وأسرهم لمساعدتهم على تذليل الصعوبات التي قد تحد من نمو قدراتهم ومواهبهم. وتهدف المؤسسة إلى ربط الموهبة باحتياجات التنمية...".
ويبدو من خلال كلمة سمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير أن مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين هي الجهة الأساسية للكشف عن الموهوبين بالأساليب العلمية بالإضافة إلى تقديم المساعدة والرعاية من أجل تذليل الصعوبات التي ذكرها الأخ الكريم بخيت الوداعين.
ولا شك أن كثيراً من الموهوبين والعباقرة كان لهم آباء وأمهات يهتمون بهم كما يقول العالم النفسي مايكل هاو في كتابة (العبقرية لا تفسر). ومن الأمثلة على ذلك عالم الفيزياء المشهور البرت انيشتاين صاحب النظرية النسبية، وتشارلس داروين وتوماس اديسون وغيرهم.
ولذلك فإنني أعتقد بأن الإصرار على طرق الأبواب ومقابلة المسؤولين سوف يؤدي إلى الكشف عن الأبناء الموهوبين بطريقة علمية، والواقع أن اكتشاف مواهب أبنائنا ليست مسؤولية جهة واحدة فقط، بل هي مسؤولية الأهل والمدرسة ووزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات والجامعات ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، بالإضافة إلى القطاع الخاص.


لماذا لا يظهر لدينا موهوبون؟!


يشكل الموهوبون نسبة تتراوح ما بين 2-3% من إجمالي السكان كما تدل على ذلك بعض الاحصائيات الحديثة. والموهوبون والمبدعون هم الفئة التي تعتمد عليها الشعوب والأمم في النهضة الحضارية، ومنها التقدم العلمي والتقني، بالإضافة إلى الإبداع الثقافي والفني وتطبيق الأفكار المفيدة لتقدم الأمم.
ولا شك أن المملكة العربية السعودية من الدول التي تحتاج كثيراً إلى الموهوبين بمختلف فئاتهم وخاصة فئة العلماء والمخترعين أكثر من فئة الشعراء والأدباء، وهذا لا يعني إننا لا نحتاج إلى الأدباء والشعراء، ولكن حاجتنا في المستقبل ستكون أكثر تركيزاً على فئة المبدعين في المجالات العلمية والتقنية. ونحن في المملكة العربية السعودية محظوظون بوجود عدد كبير من المبدعين والموهوبين في مجال الفكر والأدب والشعر والثقافة. ولكن دورنا العلمي لم يبرز بشكل جيد حتي الآن، كما أن نسبة الموهوبين في مجال العلوم والرياضيات والتقنية لا تزال محدودة!!
وفي مقال الأستاذ عبدالعزيز الجارالله بعنوان - تعليم بلا موهوبين - والذي نشر في 2002/2/6م ما يشير إلى العلاقة بين التعليم والموهوبين، مع الإشارة أيضاً إلى ما ذكرته جريدة الحياة بقولها: "تتهم المناهج التعليمية القائمة في السعودية بعدم قدرتها على مواكبة المتغيرات الدولية وتفريخ القدرات المبدعة بتركيزها على سياسة التلقين مع وجود مواد غير متوافقة مع الحياة بصورة عامة".
ولن أتحدث عن حوار المناهج الذي تطرق له الأخ عبدالعزيز وعن حرق الساعة الذهبية من خلال تأجيل تغيير المناهج، كما أنني لا أعتقد بأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما أعقبها من جدل وحملات إعلامية على المملكة هي المحرك الأساس في عدم ظهور الموهوبين.
فالواقع أن المملكة ومنذ إنشائها كانت مهتمة بالموهوبين وبنشر التعليم المنظم في جميع المدن والقرى، ولقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - حريصاً على الاهتمام بالمبدعين والموهوبين منذ أن كان وزيراً للمعارف ورائداً للتعليم في بلادنا.
كما أن إنشاء (مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين) برئاسة ولي العهد ـ حفظه الله ـ هو دليل واضح على اهتمام الدولة بالموهوبين.
ولقد سعدت كثيراً بمشاهدة افتتاح النادي العلمي بمدينة جدة في أواخر شهر ذي القعدة 1422هـ، كما سعدت بكلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، وبكلمة معالي الدكتور محمد عبده يماني والتي تركز على رعاية المملكة للموهوبين. وآمل أن تنتشر هذه النوادي العلمية في جميع مدن المملكة العربية السعودية لتحفيز المواهب وإظهار الموهوبين في جميع المجالات، وخاصة المجالات العلمية.
ولا شك أن عدم ظهور كثير من الموهوبين والمبدعين، وخاصة في مجال العلوم والتقنية يعود في الدرجة الأولى إلى تقليدية المناهج، وعدم مسايرتها لروح العصر، كما أن كثيراً من هذه المناهج مثقلة بالمادة الدراسية دون التفاعل الحقيقي بين الطالب وما يقرأه، وكيفية تطبيقه على الواقع، وعدم وجود أماكن مناسبة لتطبيق المعرفة العلمية أو التقنية.
ولو درسنا ما قام به بعض العلماء الموهوبين في العالم لوجدنا أن كثيراً منهم ظهرت مواهبهم وعبقرياتهم من خلال الاحتكاك بالواقع وبالبيئة المحيطة.
ويمكن أن يستعرض الإنسان ما قام به بعض علمائنا المسلمين مثل البيروني وجابر بن حيان والحسن بن الهيثم وغيرهم، ليرى أن توظيف مواهبهم وتفكيرهم العلمي أدى إلى تقدم البشرية. أما في الغرب فلاشك أن نموذج توماس أديسون يعطي كثيراً من إمكانية زرع المواهب والتعرف على المبدعين والموهوبين والمخترعين.
وعندما شاهد المخترع الانجليزي جورج ستيفنسون الآلة البخارية الثابتة ودرس طريقة تشغيلها لم يشرع في العمل على صنع صورة أو نسخة منها، بل طبق المبادئ التي تعلمها في صنع آلة تتحرك على جميع الخطوط وتسحب أثقالاً وراءها، وهذا هو جوهر الموهبة الذي يتلخص في أن يدرس الموهوب كل شيء في مجال موهبته، ويعطى الفرصة كاملة للتخيل والإضافة والإبداع.
إن الإبداع والموهبة تحتاجان إلى تربة خصبة وإلى تشجيع مستمر، وإلى كسر لحاجز الخوف أو التقيد بحفظ المواد الدراسية أو التمسك بما قاله مدرس العلوم والرياضيات فقط أو السباحة في بحر الواجبات التي لا تنتهي!!
إننا في حاجة فعلاً إلى مدارس وجامعات تعطي الطالب الفرصة للتعبير عن أفكاره العلمية وعن إبداعه وموهبته. فإذا أثبت الطالب أنه موهوب ومبدع، فلا شك أن قرار توظيف موهبته وإبداعه هو مسؤولية الدولة في الدرجة الأولى، وليس مسؤولية وزارة المعارف أو وزارة التعليم العالي فقط.
إن عدم ظهور الموهوبين بشكل واضح وخاصة الموهوبين في المجالات العلمية والتقنية يحتاج إلى مزيد من الدراسة، والدعم المادي والمعنوي، وخاصة من القطاع الخاص الذي سيكون المستفيد الأول من الموهوبين، والله ولي التوفيق.


الموهوبون.. وتحفيز الإبداع



أثبتت الدراسات والأبحاث أن هناك نسبة تتراوح ما بين 2ـ 3% من الناس يمثلون فئة الموهوبين والمبدعين. ومن هذه الفئة يبرز العلماء والمفكرون الذين تعتمد عليهم المجتمعات لإنتاج المخترعات العلمية والأفكار الرائعة والاكتشافات العلمية والتقنية والطبية والنظريات التي تفتح آفاقاً واسعة لمستقبل أفضل لمجتمعاتهم وللبشرية جمعاء.
وقد وجد من الدراسات التربوية أن الطلاب والمتفوقين يميلون غالباً إلى النواحي العلمية. كما اتضح من الدراسات والأبحاث أن للطلاب الموهوبين اهتمامات خاصة بالعلوم والرياضيات منذ نعومة أظفارهم، ويؤيد ذلك أن عدداً كبيراً من العلماء بدأ اهتمامهم بالعلوم منذ سن الخامسة.
ويبدو أن مناهج العلوم والرياضيات هي أكثر المناهج الدراسية التي تثير اهتمام الموهوبين لأنها تعتمد على الملاحظة المباشرة والمشاهدة والتفكير العلمي المجرد. وقد وجد من الدراسات والأبحاث التربوية أن مواد العلوم والرياضيات تنمّي لدى الطلاب القدرة على التفكير العلمي المجرد كما أنها تساعد على تنمية الخيال العلمي الذي يتيح الفرصة لمزيد من الاكتشافات والابتكارات العلمية.
وهناك سمات معينة تميز الشخص الموهوب عن غيره، وتتلخص فيما يلي:
* القدرة على الإبداع وإيجاد الحلول المناسبة.
* قوة الحواس الخمسة وسرعة التجاوب وخاصة في مجال العلوم التجريبية.
* المحاولة والصمود على ما يعتقده من أفكار جديدة يمكن أن يكون لها شأن كبير ومفيد للبشرية.
* لا يخشى الفشل (فقد جرّب توماس اديسون أكثر من 1200تجربة قبل أن يخترع المصباح الكهربائي.
* الاعتماد بشكل كبير على النفس.
* يحب المبادرة ويكره الروتين.
* إيجابي ومتفائل.
* محب للمغامرة والانطواء أحياناً.
* قدرته على حفظ سر الاختراع حتى يستطيع أن يسجله وينفذه حفظاً لحقوقه وحقوق وطنه.
ومن أجل اكتشاف وتحفيز الموهوبين ينبغي أن يحرص التربويون والمعلمون على ما يلي:
* الملاحظة المباشرة من المعلم والمشرف على النوادي العلمية التي يوجد فيها الطلاب الذين يزاولون هواياتهم العلمية.
* التقويم المستمر للمهارات عند الطلاب في المدرسة والنادي.
* الاستعانة ببعض الأساليب العلمية لاكتشاف الموهوبين.
* إقامة مسابقات علمية تشجع على اكتشاف المواهب بشكل مستمر.
* إقامة معارض للمبتكرات العلمية.
* منح جوائز للمبتكرات المتميزة.
* تكريم الموهوبين، وخاصة في المجالات العلمية.
لقد حرصت المملكة العربية السعودية منذ إنشائها بالاهتمام بالتعليم ونشر المعرفة في جميع مدنها وقراها.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ أول وزير للمعارف ورائد التعليم في بلادنا، كان حريصاً على تدعيم وتوسيع قاعدة التعليم والاهتمام بالموهوبين.
وفي عام 1419هـ (1998م) شهدت مدينة الرياض الاحتفال بإنشاء (مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين) برئاسة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني. كما أن وزير المعارف الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد نائب الرئيس هو الدينمو المحرك لهذه المؤسسة الوليدة.
ولا شك أن الموهوبين يطمعون بمزيد من الرعاية والاهتمام، وإنشاء عدد من النوادي العلمية. إن هذه النوادي ستتيح للموهوبين مزاولة مختلف الأنشطة والهوايات العلمية وستكون حافزاً لمزيد من الإبداع، وخاصة الإبداع العلمي.
والله ولي التوفيق،،