المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قبل ان تتصل بالعالم .....ياحضرة المدير....



تركي فدعق
02-02-2004, Mon 1:15 AM
الكاتب الاصلي للمقالة:
فايز بن عبدالله الشهري> منتدى الكتاب>

قبل أن تتصل بالعالم يا "حضرة المدير"!!

التاريخ: الأحد 2003/08/24 م


نقرأ في الصحف، وفي إعلانات بعض المؤسّسات العامّة إشارات إلى موقع هذه الجهة، أو تلك، على الشبكة العالميّة، ونشاهد بصورة مستمرّة بعض الاحتفالات ونرى فيها هذا المسؤول، أو ذاك يدشّن موقع إدارته، ويطلق التصريحات عن قيمة هذا الإنجاز الجديد ونفعه للمواطن. وهذا التوجّه محمود بل هو في بعض الأحيان ضرورة إداريّة، وحضاريّة، وتشجيع مثل هذا الحس التقني يساعد كثيرا في تأسيس علاقة مستقبليّة أرقى بين المواطن، والإدارات التي يحتاج إلى خدماتها. بل ربما تنجح التقنية بهذا النهج قبل الإنسان في إعلان بداية النهاية للبيروقراطية الإدارية، ضمن مفاهيم "إدارة بلا مراجعين"، "وإدارة بلا أوراق"، وذلك بإيصال الخدمات إلى طالبيها، ومستحقيها في منازلهم، ومكاتبهم الكترونيّا دون عناء.
إن حلم وطموح كل مستخدم لشبكة الانترنت ألا يحتاج معها إلى الوقوف في "طابور المراجعين" من اجل التعقيب على "معاملة"، أو الحصول على نموذج، أو الاستفسار عن معلومة، ولكن واقع الحال في أكثر المواقع الرسميّة يقول بغير هذا، حيث يتداول الناس عناوينها الالكترونية يوم افتتاحها، وإشهارها ثم تختفي من ذاكرتهم بعد زيارة واحدة، أو زيارتين لأنها لا تحمل إلا "دليل الإدارة" الرسميّ الورقي، والجديد هنا هو ظهوره في صورة الكترونية بكل أخطائه الإملائية، والنحوية!!
ومشكلة كثيرين ممن تبنّوا تواجد إداراتهم على شبكة الانترنت، أنهم ربما لم يدركوا بشكل كاف حقيقة أن وجود مواقع الكترونية لهم على الشبكة العنكبوتية، يعني عمليّا ارتباط إداراتهم بمحطات "بث" مباشر يطالعها جمهور غير محدود بحدود مكان، أو زمان، أو ثقافة. وفي عجالة يمكن رصد ابرز أخطاء اعتماد مواقع الكترونية للمصالح العامة في عدة جوانب أولها، وأهمّها، غياب الاستراتيجية العامة للمحتوى، وعدم وضوح الأهداف المرسومة، والمتوخّى تحقيقها من الموقع، ونتيجة لذلك لا يعلم الزائر ماذا يمكن أن يقدّم له الموقع، ولا يستطيع المحلّل، والباحث التفريق بين الجانب الإعلامي (الدعائي)، والوظيفة الخدميّة التي يقدّمها، أو يمكن أن يقدّمها الموقع. وتبدأ سلسلة غياب التخطيط من اختيار اسم النطاق فتجد الإدارة، أو الوزارة الواحدة قد أطلقت عشرات الأسماء لمواقعها بحسب المناطق، أو الفروع دون وجود وحدة موضوعيّة، أو فنيّة، تحكم، وتنتظم اختيار الأسماء، فتجد بينها ما هو تحت أسماء نطاق محليّة(sa)، وبعضها تحت أسماء عالميّة (org-com)، وهناك إدارات بدت وكأنها قد تخلت عن وقارها الإداري قليلا، وسمحت للمتحمسين فيها بمنافسة المراهقين، والهواة، ووضعت مواقعها ضمن خدمات الاستضافة المجانيّة المتناثرة على شبكة الانترنت.
أما المحتوى المنشور على بعض هذه المواقع فتجده في غالبه يفتقد إلى ابسط القواعد الفنيّة للكتابة لجمهور الانترنت، حيث تُحشى النصوص بالتفاصيل المملّة، والجمل الإنشائيّة، وعبارات التفخيم للمسؤول الأول في الإدارة، مع المبالغة في وضع الصور الاحتفاليّة بأحجام، وأعداد غير ضروريّة دون مراعاة لخصائص متصفح الانترنت الملول بطبعه، والذي لن ينتظر صور "صاحب السعادة" المدير حتى يكتمل ظهورها، وإن انصرف هذا الزائر عن موقع بهذه الكيفية فلن يعود .
والحقيقة المؤكدة أن إدارة، وتحديث، محتوى مواقع الانترنت بشكل منتظم، وبصورة صحيحة مهّمة ليست يسيرة في بيئة "بث"عالمية تنافسية، وواقع محلي يحتاج إلى هذه الخدمات، ولذا ربما يحسن تذكير مديري هذه المواقع بقاعدة خبراء الانترنت الذهبية التي تقول Think Globally Act Locally وهي عبارة تعني شيئا قريبا من "فكّر في البعد العالميّ، ونفّذ ما يحتاجه الواقع المحلي" وهي كما تبدو وصفة صعبة التحضير. ولعل جزءا من أسرار معادلة النجاح عبر الانترنت يكمن في أهميّة إدراك أن موقع الانترنت ما هو إلا علاقة اتصاليّة تتم وفق شروط، وحاجات، وتوقعات، بين المرسل (الإدارة)، والمستقبل (الجمهور)، عبر قناة (الانترنت) التي تحمل رسالة (محتوى الموقع) وكل هذه العناصر تتطلب مستوى معقولا من الخبرة والمهارة في التعامل.
مسارات
قال ومضى: الانترنت يا صاحبي لا تخترع الأخطاء، ولكنها تجعلها عالميّة.