المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تجربة الاستثمار لغير المحترفين



المحترف
11-05-2002, Sat 8:41 AM
يمتلك القطاع الخاص السعودي استثمارات ضخمة في بعض الدول المتقدمة وتعود ملكية هذه الاستثمارات الى صناديق الاستثمار التي يتم ادارتها من قبل البنوك التجارية المحلية او فئة كبار المستثمرين القادرين على توظيف بيوت الخبرة والمحترفين والمخططين الماليين الذين يديرون هذه الاستثمارات بقدر عال من المهنية وبدرجة مخاطرة محسوبة تتناسب مع العائدات المتوقعة من هذه الاستثمارات.

الا ان هناك فئة اخرى من المواطنين السعوديين الذين خاضوا مجال الاستثمارات في اسواق الاسهم وبدرجة مجازفة او مخاطرة عالية في تحقيق الربح والثراء السريع وبتوقعات وآمال كبيرة. وقد انتشرت ظاهرة الاستثمارات في اسواق الاسهم الامريكية بصورة خاصة خلال العامين الماضيين عن طريق استخدام دور الوساطة وشبكة الانترنت التي ساهمت في تسهيل هذه المعاملات المالية بصورة الكترونية سريعة.

وبالنظر الى نتائج هذه التجربة وبعد مرور حوالي عامين من انتشارها السريع نجد ان الكثيرين ممن خاضوا هذه التجربة قد تكبدوا خسائر فادحة ولم يحققوا ما كانوا يتطلعون اليه من عوائد مالية مجدية مما ادى الى عزوف الكثيرين منهم عن الاستمرار في هذه التجربة.

ان التقييم المنطقي لهذه التجربة يوضح لنا ان السبب الرئيسي لاخفاق الكثيرين ممن اتجهوا الى الاستثمار في اسواق الاسهم كانوا يفتقرون الى ابسط قواعد الاستثمار الفنية وكانت الخسائر نتائج طبيعية حيث كانت العاطفة والامل في تحقيق الارباح والثراء السريع المحرك الاساسي لجميع قراراتهم الاستثمارية ولم تكن قراراتهم الاستثمارية تبنى على اسس مالية او اهداف واقعية.

بالاضافة الى عدم إلمام المستثمر غير المحترف بديناميكية اسواق الاسهم الامريكية ووجود ما يعرف بصناع المال money makers والذين يتحكمون في اسعار الاسهم عن طريق التأثير على حجم العرض والطلب خلال فترات تداول الاسهم.

وقد أثبتت هذه التجربة حاجتنا الملحة والماسة الى توفير المعاهد المهنية المتخصصة في شؤون الاستثمار وتداول الاسهم والاوراق المالية على غرار المعهد المصرفي الذي قام بتخريج الدفعة الاولى من المخططين الماليين والتي سوف تكون النواة لدفعات لاحقة لكي تساعد في تثقيف المواطن السعودي فيما يخص الاستثمار واساسياته وقواعده وبالتالي توظيف مدخراته المالية في المساهمة في الشركات السعودية المحلية.

من المنطق افتراض ان الاموال التي تم استثمارها في سوق الاسهم من قبل المستثمرين غير المحترفين هي جزء من مدخراتهم الفائضة عن حاجتهم الحالية وكان هدفهم من الخوض في مجال الاستثمار في سوق الاسهم هو تنمية هذه المدخرات.

ان البدائل المتاحة لاستثمار المدخرات الصغيرة كانت محدودة وكانت متمثلة في ايداعها في البنوك التجارية والحصول على العوائد المتمثلة في نسبة الفائدة التي تمنحها البنوك دون مخاطرة او المغامرة في سوق الاسهم طمعا في تحقيق الربح الكبير.

حبذا لو كان هناك صناديق استثمارية خاصة وقنوات استثمارية مغرية لاستقطاب رؤوس الاموال الوطنية المستثمرة خارج المملكة بتجميع المدخرات الصغيرة للافراد وتوظيفها في مشاريع او منشأة وطنية تتناسب مع حجم هذه الاستثمارات واهداف المستثمرين وبنسبة مخاطرة محدودة ولا اقصد هنا المشاريع الاستثمارية الضخمة التي تتطلب آلاف الملايين انما اقصد انشاء الورش الخاصة لعمل المنتجات الاستهلاكية والقيام بمشاريع للتشغيل والصيانة وبالتالي المساهمة في استثمار الموارد المالية المتاحة للمواطن وتحويلها الى اصول انتاجية, الاستفادة من القروض التي تقدمها الدولة عبر صناديق التنمية المختلفة في توفير رأس المال المطلوب والتي تهدف الى تشجيع الافراد والشركات على اقامة المشاريع وتشغيلها من المصادر المحلية.

تشغيل عدد من ابنائنا الشباب مما يوفر لهم الدخل وبالتالي المقدرة الشرائية واستهلاك منتجاتنا الوطنية وهكذا حتى يصبح لكل مواطن دور في دفع عجلة اقتصادنا الوطني.


نزار محمد عاشور