المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نجح بوتين في استثمار الإفلاس الأخلاقي في الغرب؟



Stock Doctor
05-04-2018, Thu 1:47 PM
52054

كثيرا ما يقال إن روسيا هي منافس للديمقراطية الغربية. هذا أمر مضلل؛ حيث إن البلد يعمل لمصلحة الرئيس فلاديمير بوتين وحاشيته من الأقلية الغنية المتنفذة، كما أن نظامه نموذج لغيره من الزعماء الناشئين الذين يكتسبون الثروات من نهب ثروات شعوبهم، فحسب.
لا تطمح معظم بلدان العالم في الوصول إلى الألاعيب السياسية الروسية أو مستوياتها المعيشية. للأسف، يأتي التهديد الأيديولوجي الأكبر للغرب من الداخل. آلة استخراج الثروة لدى بوتين تكشف عن مَواطن القصور الأخلاقي في الغرب، ولن يستطيع الذين يعينونه على ما تنفيذ ما يريد القيام به، من دون تواطئنا معه.
هذا ينطبق بشكل خاص على الولايات المتحدة وبريطانيا. على النقيض من معظم البلدان الديمقراطية الغربية، تسمح كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالملكية مجهولة الهوية.
معظم البلدان الديمقراطية تفرض قانونيا على المالك المستفيد من أحد الأصول، مثل شركة أو عقار، إعلان الملكية. الأمر ليس كذلك في أكبر بَلَدين من البلدان الديمقراطية التي تتحدث الإنجليزية.
يجري غسل نحو 300 مليار دولار من الأموال في الولايات المتحدة سنويا، وفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، وتحصل بريطانيا ومراكزها المالية الخارجية على نحو 125 مليار دولار.
معظم هذه العمليات تتم دون أن تُكتشَف. الحصة الأجنبية الأكبر من هذه الأموال هي لروسيا، وفقا لأندريه آسلاند، متخصص رائد في الاقتصاد الروسي. تقديرات ثروة بوتين الشخصية تراوح ما بين 50 مليار إلى 200 مليار دولار.
حتى الرقم الأدنى يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لمعظم البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة. مع ذلك، لم نتخذ سوى خطوات قليلة لتعطيل ذلك.
من المؤكد أن عملية الطرد التي قامت بها البلدان الغربية لـ 130 دبلوماسيا روسيا تبدو كأنها هي التصرف المطلوب – وهي أفضل بكثير من عدم القيام بأي شيء.
مع ذلك، فإن هذه الخطوة وحدها لن تفعل الكثير لتعطيل هذه السلسلة المتوالية. في الواقع، عمليات الطرد التقليدية الانتقامية تعطي الوهم بوجود أزمة تناسب بوتين.
وهذه دراما منمقة بمكياج مكثف، على الطراز الروسي. وإلا فلماذا يوافق دونالد ترمب أو تيريزا ماي على ذلك؟
الدوافع لدى الرئيس الأمريكي ورئيسة وزراء بريطانيا تستحق التمحيص. الوقاحة التي اشتملت عليها عملية تسميم العميل الروسي وابنته هذا الشهر في المملكة المتحدة تجعل من المستحيل التغاضي عنها، كان يبدو الأمر وكأن بوتين ترك بصمته على موقع الحادث.
ربما كان السبب في ذلك هو أن المملكة المتحدة لم تفعل شيئا يذكر للتحقيق في نحو 14 حادثة قتل روسية مثيرة للشبهات، تمت على أراضيها خلال العقد المنصرم. وكثير منها، مثل حادثة أحد الأغنياء المنفيين بوريس بيريزوفسكي في عام 2013، تم تسجيلها على أنها حادثة انتحار. والحوادث الأخرى اعتُبِرت حوادث ناجمة عن أسباب طبيعية، مثل حادثة المبلِّغ ألكساندر بيريبيليتشني في عام 2012.
في كثير من الحالات، وزارة الداخلية في المملكة المتحدة، التي كانت على رأسها السيدة ماي على مدى ست سنوات، كانت تجرجر أذيالها. رفضت السيدة ماي بناء على أسس تتعلق بالأمن القومي الكشف عن ملفات حكومية في قضية التحقيق بشأن بيريبليتشني، وكان ذلك رغم الحقيقة التي مفادها أنه تم العثور على آثار لمادة الجيلسيميوم، وهي نبتة سامة وتتسبب في حدوث سكتة قلبية، في جسده.
الذين يسعون إلى التبصر في اللامبالاة التي أبدتها شرطة المملكة المتحدة ينبغي لهم قراءة التحقيقات الرائعة التي نشرها موقع بازفيد.
دُفِعت بريطانيا الآن بقوة لكي تُظهر قدرا من الحزم. بعد أن أظهرت استعراضا للوحدة الغربية، تبدو السيدة ماي في حالة جيدة. مقارنة بجيريمي كوربين، زعيم حزب العمال وهو من المعجبين عادة بروسيا، تبدو أنها إلى حد كبير للغاية أشبه بتاتشر. مع ذلك، عمليات الطرد لن تقوم بتعديل يذكر. حيث إن جزءا كبيرا من قيمة تعاملات لندن العقارية يقدر بأنه روسي. ويزدهر عدد كبير فوق الحد من المصارف ووكلاء العقارات ومقدمي الخدمات الراقية في لندن بسبب الأموال الروسية.
الولايات المتحدة، مثل بريطانيا، تستضيف الأموال المشبوهة، لكن أحد الاعتبارات المهمة، هو أن أمريكا أشد تعرضا للخطر.
كثيرا ما ننسى أن بوتين ألقى باللوم على هيلاري كلينتون بشأن التسريب الذي حصل في عام 2015 لأوراق بنما، الذي كشف عن شبكة من الشركات الوهمية، والشركات التابعة وأساليب تمكن من خلالها هو وأصدقاؤه من ادخار تلك الأموال للمستقبل.
كمثال واحد على ذلك، أظهرت تلك التسريبات صافي ثروة أقرب الأصدقاء لبوتين، سيرجي رولدوجين، أنه في حدود 130 مليون دولار. يعزف رولدوجين على التشيللو لكسب لقمة عيشه.
زميل آخر متورط كان ميخائيل ليسين، كبير مستشاري بوتين سابقا، ومؤسس شبكة التلفزة آر تي "اسمها السابق روسيا اليوم". اختلف ليسين مع بوتين، وعثر عليه مقتولا في فندق في العاصمة واشنطن في عام 2015.
على الرغم من أن جسده كان قد تعرض لضرب شديد، احتاجت السلطات الأمريكية إلى عدة أشهر لتحكم بأن الوفاة كانت عرضية، وكان ليسين ينوي تقديم أدلة للمحققين الفيدراليين في اليوم التالي.
فهل من المستغرب أن بوتين أصبح جريئا إلى هذا الحد؟ محاولات روسيا للتلاعب بالانتخابات الأمريكية عام 2016، كانت في جزء منها ردا انتقاميا على الكشف عن أوراق بنما.
معظم البلدان الغربية تفهم التهديد الروسي بالمقلوب. اقتصاد روسيا ليس أكبر من اقتصاد إيطاليا، والجهاز العسكري الروسي في حالة فوضى، وروسيا يديرها حاكم متسلط لا يجرؤ على التخلي عن قبضته على السلطة، خشية أن يخسر كل شيء. السلاح الذي يخشاه بوتين أكثر ما يمكن هو المساءلة الشفافة.
الأمر الذي له دلالته هو أنه يحتفظ بثروته في مناطق تصان فيها حقوق الملكية ولا يزال حكم القانون فيها سائدا.
وفوق ذلك كله، يعرض الغرب صفقة مناسبة لنزعاته الاستبدادية. جشعُ نظام فقدَ بوصلته الأخلاقية. كل ذلك كان صحيحا، فتخيل كم أصبح الوضع مثيرا الآن

الاقتصادية.

طالع نسبه
07-04-2018, Sat 9:14 AM
مشكور والله يجزاك خير

((باريس نجد))
08-04-2018, Sun 4:28 AM
موضوع جميل مشكور