المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال مهم : خدعة التجارة الصينية



croom
09-08-2014, Sat 2:13 AM
مقال مهم للكاتبة والباحثة والزميلة بمركز المعلومات الوطني الصيني Zhang Monan

بروجيكت سنديكيت - بيجين- لقد حققت الصين ظاهريا في العام الماضي انجازا معتبرا في صعودها الكبير يتمثل في تجاوز الولايات المتحدة الامريكيه لتصبح اكبر دولة تجاريه في العالم حيث وصل اجمالي دخلها التجاري الى 25،83 تريليون يوان صيني (4،16 تريليون دولار امريكي ). لكن هذا الانجاز هو انجاز خادع الى حد كبير ويجب ان لا يسمح له باعاقة حاجة الصين لتغيير نموذجها التجاري.



لقد بدأت الصين منذ التسعينات ببناء تجارتها التحويليه حيث تستورد مدخلات الانتاج المباشرة من البلدان الاخرى لتقوم هي بتحويلها او تجميعها وبعد ذلك تقوم بتصديرها مما تسبب في النمو السريع للنسبة والتناسب بين تجارة المنتجات الوسيطة واجمالي التجارة الخارجية. ان المدخلات الوسيطة تشكل حوالي 28% من الصادرات الدوليه ولكن 40% من اجمالي الصادرات الصينيه. اذا اخذنا بالاعتبار ان حساب التجارة التقليديه مبني على اساس بلد المنشأ فإن تقسيم القيمة المضافة والتقسيم الدولي متعدد الطبقات للعمالة يمكن ان يشوه الارقام التجاريه .



على سبيل المثال نموذج "التجاره الثلاثيه"- حيث تستورد الصين كميات كبيره من المنتجات الوسيطه من بلدان شرق اسيا مثل اليابان وكوريا الجنوبيه ومن ثم تقوم بتصدير منتجات مجمعه للولايات المتحده الامريكيه- يؤدي الى تكرار السجلات التجاريه ففي سنة 2010 تم حصر اكثر من ربع الصادرات والبالغه 19 تريليون دولار امريكي اكثر من مره.



ان اعتماد الصين على نشاطات ذات قيمة مضافة منخفضه مثل التحويل والتجميع يرجع الى نقص تاريخي في القدرة الصينيه على الاستثمار في الابحاث والتنمية ولفترة طويله تمكنت الصين من التغلب على هذا النقص عن طريق استغلال العمالة المتوفره بشكل كبير فيها لتصبح من الدول القياديه على مستوى العالم في التصنيع الذي يعتمد على العمالة الكثيفة والرخيصة الثمن .



لكن ميزة الصين المتعلقة برخص التكلفة في التصنيع تزول بسرعة بسبب ارتفاع الاجور وتراجع العائد الديمغرافي كما ان موقعها المتواضع في سلاسل القيمه العالميه يعني ان ارباحها الفعليه المتعلقه بالتصدير ما تزال اقل كثيرا من الدول المتقدمه مثل الولايات المتحدة الامريكيه والمختصه في انتاج التقنية العاليه والقيمة المضافه العاليه.

ان هذا المزيج من ارتفاع تكلفة العمالة والقيمة المضافة المنخفضة لا يمكن استدامته ولو ارادت الصين ان تنتقل من دولة تجاريه كبيرة الى دولة قويه يتوجب عليها ان ترفع انتاجيتها وذلك عن طريق قيام قطاع التصنيع فيها باضافة المزيد من القيمة للصادارت ( وبشكل متزايد للبضائع المستخدمة في الاستهلاك المحلي).



ان الميزه التفضيليه الثابته للصين في المنتجات الصناعيه التحويليه والتجمعيه قد مكنتها من الاحتفاظ بوضعها كأكبر مصدر في العالم وكما تم نقل كميات هائله من التصنيع والتجميع المعتمد على العمالة الكثيفه الى الصين من اليابان وسنغافوره وتايوان وهونغ كونغ انتقل كذلك الفائض التجاري لتلك الاقتصادات وهذا ساهم في الخلل التجاري- والذي يتم انتقاده على نطاق واسع- مع الولايات المتحده الامريكيه والاتحاد الاوروبي والتي تشكل الاسواق الرئيسه للمنتجات الصناعية التحويليه الصينيه.



لكن مرة اخرى فإن البيانات قد لا تبدو كما هي في الحقيقة فلو نظرنا الى تجارة اعادة الاستيراد الصينية المتناميه حيث تعود البضائع التي يتم تصديرها الى الدول المجاورة وخاصه هونغ كونغ الى الصين. لقد تضاعف اعادة الاستيراد الصيني بإكثر من 12 ضعف منذ سنة 2000وحصة الصين من التجارة الاجمالية اكثر بكثير الان من الدول القياديه الاخرى في مجال اعادة الاستيراد .



لو نظرنا الى البنيه التحتيه واللوجستيات في هونغ كونغ فإنها تعتبر ممر غير مكلف وفعال نسبيا لشحن المنتجات وفي سنة 2011 تمكنت هونغ كونغ من مناولة حوالي 14% من صادرات و13% من واردات البر الصيني علما ان اكثر من 60% من اجمالي اعادة الصادرات لهونغ كونغ تأتي من البر الصيني وفي الوقت نفسه فإن قيام الشركات بتصدير منتجاتها من خلال مناطق مخصصه لتحويل الصادرات يعني ان بامكان تلك الشركات الحصول على مستردات ضريبيه تتعلق بالتصدير وعندما يتم استيراد وتحويل الشحنه الوسيطه بإمكان تلك الشركات التمتع بتعرفه تصديريه تفضيليه .
ان اعادة الاستيراد من شركاء الصين التجاريين يعتبر جزءا من اجمالي الواردات –وفي هذا السياق تتعامل الصين مع هونغ كونغ كشريك تجاري بدلا من منطقة تجاريه حره وبهذه الطريقه يتم تضخيم البيانات التجاريه الصينية مما يعني ان اختلال التوازن التجاري بين الصين والدول المتقدمه مبالغ فيه الى حد كبير.



ان نماذج المحاكاه تظهر ان قطاعات التصدير الصينية والتي تتمتع بنسب اكبر من القيمه المضافة في الخارج تتركز في قطاع التصنيع وهو القطاع الاول الذي يعتمد عليه الاقتصاد الصيني علما ان 26% من القيمة المضافه من قبل قطاع التصنيع الاولي لا يتم عملها في الصين.
لو اخذنا هذا بالحسبان لوجدنا ان فائض الصين التجاري مع الولايات المتحدة الامريكيه سينخفض بنسبة 36% كما سينخفض فائض الصين مع اوروبا والهند بشكل كبير ايضا وعجزها مع اليابان سوف يرتفع بشكل اكبر . ان هذه الارقام تحمل رسالة لا تقبل الشك بإن مقدار "الحشو" في اجمالي حجم التجاره لا ينبغي الاستهانة به.


نظرا لإهمية الارتقاء في سلسلة القيمه من اجل تحقيق التنافسيه الصناعيه الصينيه المستقبليه-ناهيك عن التحدي المتمثل في اعادة التصنيع في الدول المتقدمه مثل الولايات المتحده الامريكيه- فإنه يتوجب على القاده الصينيين التحرك الان من اجل اعطاء الاقتصاد ميزه جديده يمكن ان تستبدل العمالة المكثفة والقليلة التكلفة وعليه يتوجب عليهم الترويج للاستثمار في الابحاث والتنمية بالاضافة الى صحة وتعليم العماله .



كما يتوجب على الصين تطوير مؤسساتها التحويليه من اجل الانخراط في التصنيع والمبيعات على مستوى العالم وبينما تبدو هذه النشاطات مثل التصدير عبر الحدود للمنتجات الوسيطه بسيطه فإنها عبارة عن نشر وتوسيع الانتاج المحلي وذلك بتعزيز دور البلد المحلي في تشكيل سلاسل القيمه الدوليه.
اخيرا ، يتوجب على الصين ان تساهم بشكل فعال في الحركة الدوليه من اجل الاتفاقيات الثنائيه والثلاثيه والاقليميه للتجارة الحرة وتسريع المفاوضات من اجل التوصل لاتفاقيات مع اليابان وكوريا الجنوبيه واتحاد شعوب جنوب شرق اسيا وفي الوقت نفسه ومن اجل رفع مكانة الصين في توزيع الايرادات من سلاسل القيمة العالمية يتوجب على الصين السعي للتفاوض على الاتفاقيات مع الولايات المتحدة الامريكيه واوروبا.
قبل ان يحدث اي من هذا يتوجب على القادة الصينيين تغيير منظورهم فالاقرار بوضع الصين كأكبر دوله تجاريه في العالم لا يعني الحديث عن الانجاز المبالغ به الذي صرح به قادتها . ان الصين سوف تصل الى هذه النقطه عندما تتمكن الصناعة الصينية من رفع موقعها ونفوذها ضمن سلاسل القيمة الدوليه .

طالع نسبه
09-08-2014, Sat 8:28 AM
مشكور والله يجزاك خير