المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علم النفس النقدي



croom
17-03-2012, Sat 10:24 PM
السلام عليكم

اخواني هذا فصل من كتاب لروبيرت هاغستروم يستعرض فيه تجربة المستثمر العالمي وارن بافت ولما يمثله هذا الفصل من اهمية بالغة هذه الايام أحببت ان يقرأه الجميع وان كان طويلا ففيه مسائل مهمة جدا تتمحور بما يدور في سوقنا هذه الايام بشكل كبير


بسم الله

علم النفس النقدي




ان دراسة السبب الذي يحركنا رائع بلا حدود وما يحيرني أنه يلعب دورا قويا في الاستثمار حيث العالم الذي يدرك فيه الناس أن الارقام عديمة الاحساس والبيانات التي لا روح فيها تسيطر عليهم وعندما يصل بنا الامر الى القرارات الاستثمارية نجد سلوكنا شاذا بل متناقضا في بعض الاحيان وأبله في أحيان أخرى فقراراتنا اللامنطقية تظل لامنطقية أبدا وليس ثمة نمط يمكن تمييزه اذ نتخذ قرارات جيدة لأسباب مبهمة وقرارات سيئة لاسباب غير جيدة أبدا .

لكن الأمر المؤلم على وجه الخصوص والذي يحتاج جميع المستثمرين الى ادراكه , أنهم في غالب الاحيان ساهون عن قراراتهم السيئة . ويتعين علينا -- كي نفهم الاسواق والاستثمار بشكل كامل -- أن ندرك تهورنا وأن كل صغيرة لها من الاهمية لدى المستثمر كما للكبيرة في قدرته على تحليل ميزانية أو بيان بالارباح .

انها دراسة معقدة محيرة خداعة , ذلك أن جوانب قليلة من الوجود الانساني تحمل من العواطف اكثر مما تحمله علاقتنا بالمال وأن العاطفتين اللتين توجهان القرارات في جوهرها هما الخوف والجشع فالمستثمر -- مدفوع بأحدهما أو كليهما -- يشتري ويبيع الاسهم في غالب الاحيان باسعار جنونية تعلو أو تنخفض كثيرا عن قيمة الشركة الذاتية وبعبارة اخرى تتأثر الاسهم بعاطفة المستثمر أكثر منها بجوهريات الشركة .

يمكن تفسير الكثير من دوافع قرارات الناس الخاصة بشراء الاسهم من خلال مبادئ السلوك الانساني فقط وبما ان السوق هي بالتعريف مجموعة القرارات التي يتخذها كل من يشتري اسهما فليس من قبيل التضخيم ان نقول إن القوى النفسية تدفع وتكبح السوق بكاملها .

ولذلك يتعين على من يامل بالمشاركة في السوق وتحقيق الارباح أن يدع مجالا للتأثير العاطفي وهو ذو شقين : إبقاء وضعك العاطفي تحت السيطرة بقدر الامكان واستبقاء يقظتك نشطة على الدوام كي تدرك اللحظة التي تتوفر لك فيها فرصة ذهبية حين يتخذ المستثمرون الآخرون قرارات عاطفية .

الخطوة الاولى في الحكم على تاثير العاطفة في الاستثمار تكمن في ادراك هذا التاثير وهناك لحسن الحظ معلومات طيبة بين ايدينا لهذا الغرض . أولى علماء النفس في السنوات الاخيرة اهتمامهم بكيفية فقدان مبادئ السلوك الانساني الراسخة قوتها حينما يتمثل الدافع بالمال يطلق على هذا المزج بين الامور الاقتصادية وعلم النفس اسم المالية السلوكية
وهي اليوم في اولى خطواتها نزولا من ابراجها العاجية في الجامعات لتصبح جزءا من المحادثات المعرفية بين اهل علم الاستثمار


مزاج المستثمر الحقيقي



حث بن غراهام تلامذته على تعلم الفرق الأساس بين المستثمر والمضارب فقال إن المضارب يحاول ان يتوقع تغيرات الاسعار ويستفيد منها أما المستثمر فيبحث فقط عن الاستحواذ على شركات باسعار معقولة ثم أفاض في الشرح : المستثمر الناجح هو في الغالب شخص يتحلى بمزاج معين : هادئ صبور عقلاني , والمضارب بالمزاج المضاد ؛ قلق عجول , لا عقلاني عدوه الاكبر ليس سوق الاوراق المالية بل نفسه , وربما أبدع كثيرا في الرياضيات والمالية والمحاسبة لكنه غير مؤهل للربح من العملية الاستثمارية اذا لم يكبح جماح عواطفه .

ربما فهم غراهام إسفنجية السوق العاطفية كما فهمها علماء النفس المحدثون , بل ربما أكثر ؛ كما ان رأيه -- في ان المستثمرين الحقيقيين يُعرفون من خلال امزجتهم ومهاراتهم -- صحيح في الوقت الراهن كما كان عند انطلاقته


يتصف المستثمرون بالميزات التالية :

المستثمرون الحقيقيون هادئون , وهم يعرفون ان اسعار الاسهم -- التي تتاثر بجميع القوى المعلوقة واللامعقولة -- عرضة للارتفاع والانخفاض , وان هذا الامر ينسحب على الاسهم التي يمتلكونها وحينما يحدث هذا الامر يتصرفون برباطة جأش إدراكا منهم ان الاسعار ستعود للارتفاع طالما احتفظت بسماتها التي جذبتهم كمستثمرين في المقام الاول , ولا ترتعد فرائصهم من الخوف في الوقت نفسه .

وهنا يظهر بافت فظا ؛ يجب الا تقوم لك في سوق الاوراق المالية قائمة إلا اذا رايت اسهمك تنخفض الى النصف دون ان ترتعد فرائصك من الخوف , ويضيف عليك ان ترحب بتدني الاسعار -- فهو طريقة لزيادة مقتنايتك بصورة مربحة -- طالما طابت نفسك بما تملك من الاعمال .

وفي الجهة المضادة من الطيف يحتفظ المستثمرون الحقيقيون بهدوئهم في وجه مانطلق عليه عبارة تاثير العوام الذين يتدافعون الى بقعة الضوء حينما تنتقل اليها اسهم او صناعة او صندوق استثمار مشترك بصورة مفاجئة .
والمشكلة هنا تكمن في انعدام فرص الربح عندما يختار كل واحد الخيار نفسه لان " كل واحد " يعرف ان ذلك مايجب عليه ان يفعله . تحدث بافت في تعليقات اوردتها مجلة فورشن في نهاية 1999 عم عامل " عدم امكان التخلف عن الركب " الذي سرت عدواه الى كثير من المستثمرين في السوق المتصاعدة . ويبدو ان صيغة تحذيره هي : يساور المستثمرين الحقيقيين القلق من اللاتحاق بالركب دون استعداد , وليس من التخلف عن الركب .

المستثمرون الحقيقيون صبورون

, وهم -- بدل مجاراة الجماهير في عواطفها -- ينتظرون الفرصة المناسبة ويقولون " لا " اكثر من " نعم " . يعيد بافت الى الاذهان الفترة التي اشتغل فيها بشركة غراهام- نيومان في تحليل الاسهم بحثا عن امكان الشراء وكان بن غراهام يرد توصياته في معظم الاحيان , اذ لم يكن راغبا على الطلاق بشراء الاسهم الا ان تكون جميع الحقائق في صالحه وذلك كما يقول بافت -- الذي تعلم من هذه التجربة -- إن القدرة على قول لا ذات فائدة كبيرة للمستثمر

يعتقد بافت أن كثيرا من مستثمري هذه الايام يشعرون بالحاجة الى شراء عدد كبير متنوع من الاسهم التي تكون معظمها ذات اداء متوسط بدل انتظار حفنة من الشركات الاستثنائية , ويستخدم تشبيه البطاقة المثقبة في تعزيزه لدروس غراهام فيقول : " يجل على المستثمر ان يتصرف كمن يمتلك بطاقة قرارات مثقبة يستخدمها طوال حياته ليس فيها الا عشرون ثقبا تتناقص مع كل قرار يتخذه فلا يتبقى منها سوى الاقل لبقية حياته " فاذا تم كبح جماح المستثمرين بهذه الطريقة أجبروا -- برأي بافت -- على الانتظار الى ان تطفو على السطح فرصة استثمارية عظيمة .

المستثمرون الحقيقيون عقلانيون وهم ينطلقون الى السوق والى العالم من قاعدة واضحة التفكير فلا هم متشائمون ولامتفائلون دون تعقل , بل منطقيون وعقلانيون

يجد بافت غرابة في ان كثيرا من الناس لايحبون عادة الاسواق التي تضع العراقيل امامهم باستمرار , ويفائلون عندما ترتفع اسعار السوق ويتشائمون عندما تنخفض فماذا تراهم فاعلين اذا تقدموا خطوة في تفعيل هذه المشاعر ؟ يبيعون باسعار منخفضة ويشترون باسعار مرتفعة وهذه ليست استراتيجية رابحة

يظهر التفاؤل بلا سبب حينما يظن المستثمرون -- دون اكتراث -- أن القدر سيبتسم لهم بطريقة ما وان الاسهم التي اختاروها ستكون ضمن الاسهم المئة التي سترتفع اسعارها وهذا على الخصوص شائع في الاسواق المتصاعدة حيث تسود التوقعات بارتفاع الاسعار . لايرى المتفائلون حاجة في اجراء بحث وتحليل جوهريين يكشفان عن الرابحين الحقيقيين على المدى الطويل ( حيث وجد على سبيل المثال عدد قليل ممن يحتفظون باسهم في شركات تبدو مشابهة لما تنتهي اسماؤها بنقطة كوم dot-com ) لان الارقام قصيرة الامد شديدة الاغراء .

التشاؤم الذي لاسبب له والموجه نحو شركة او سوق ما يدفع بالمستثمرين على العموم الى البيع تماما في الوقت غير المناسب ويرى بافت ان المستثمرين الحقيقيون يبتهجون حينما يصبح بقية العالم متشائما لانهم يرون في تلك اللحظة وقتا مناسبا لشراء شركات جيدة باسعار مناسبة ويقول ان التشاؤم " اكثر اسباب الاسعار المتدنية شيوعا ..... نحن نريد ممارسة العمل في مثل هذه الاجواء ليس لاننا نحب التشاؤم بل لاننا نحب الاسعار التي تتمخض عنه وما من عدو للشاري العقلاني الا التفاؤل ""

احساس المستثمر بالتفاؤل او التشاؤم هو تعبير عن الحالة التي يرى المستقبل عليها فالتنبؤ بما سيحدث لاحقا هو في احسن حالاته ضرب من المخادعة والجنون البين يظهر عندما يكون التفاؤل او ( التشاؤم ) قائما على العواطف اكثر منه على الابحاث . لايحاول بافت-- وهو القائل في يوم من الايام " ان القيمة الوحيدة للمتنبئين بحالة الاسهم هي انهم يحسنون من صورة المنجمين " -- ان يتوقع الفترات التي يحتمل فيها ان يرتفع فيها السوق او يهبط بل ينظر الى الوضع العاطفي العام في كامل السوق ويتصرف بما تمليه عليه رؤيته ويشرح ذلك بقوله " نحن نبذل مجرد محاولة لان نكون خائفين حينما يكون غيرنا جشعين وان نكون جشعين حينما يخاف غيرنا "

نقدم لكم السيد سوق



اوجد غراهام شخصية رمزية اسماها " السيد سوق " كي يبين لطلابه مدى قوة الرابطة بين الواطف وبين تقلبات السوق وليساعدهم على ادراك حماقات الخضوع لهذه العواطف وكثيرا ما شارك بافت المساهمين في شركة بقصة السيد سوق هذه .

لنتصور انك شريك السيد سوق في عمل خاص وانه يقدم اليك كل يوم دونما انقطاع السعر الذي يرغب في ان يشتري به حصتك او يبيعك حصته والعمل المشترك بينكما محظوظ بتميزه بخصائص اقتصادية راسخة لكنه يكتفي بعرض اسعاره لانه كما ترى متقلب من الناحية العاطفية فهو مستبشر عظيم التفاؤل في بعض الايام فلا يرى امامه سوى الامور المشرقة فيعرض عليك فيها سعر عاليا جدا لقاء اسهمك في العمل وفي بعضها الآخر محبط شديد التشاؤم لايرى سوى المتاعب قادمة فتكون اسعاره المعروضه لقاء ذلك منخفضة .

يتميز السيد سوق بصفات جميلة حلوة اخرى كما يقول غراهام فهو لايهتم بازدرائك له واذا تجاهلت ماقدمه لك اليوم عاد في غده بعرض جديد . حذر غراهام طلابه ان الفائدة تكمن في محفظة نقوده لافي حكمته وان لك ان تستفيد منه او تهمله حين يظهر بسحنة حمقاء ولكن في الخضوع لتأثيره مصيبه .

" المستثمر الذي يسمح لنفسه بالذعر او القلق الذي لاداعي له نتيجة هبوط السوق غير المبرر في اسعار مقتنياته يحول مزاياه الاصيلة الى رزايا والافضل له ان ينسحب اذا لم تحظ هذه المقتنيات بعرض على الاطلاق لانه يوفر حينئذ على نفسه القلق الفكري الناجم عن اخطاء الآخرين في آرائهم " كما كتب غراهام .

يحتاج المستثمرون لتحقيق النجاح الى رأي جيد للعمل وقدرة على حماية انفسهم من الزوابع العاطفية التي يثيرها السيد سوق وهذان امران متلازمان لايغني احدهما عن الآخر . ثمة عامل هام في نجاح بافت هو انه استطاع على الدوام ان ينأى بنفسه عن قوى سوق الاوراق المالية العاطفية وهو يعيد الفضل في تعليمه كيفية الانفصال عن سخافة السوق الى بن غراهام والسيد سوق .

السيد سوق يقابل تشارلي منغر


مضت فترة زادت عن ستين عاما منذ ان قدم بن غراهام ( شخصية ) السيد سوق وانقضت هذه السنون الستون منذ ان بدأ بالكتابة عن اللاعقلانية التي تسود السوق ومع ذلك لم يظهر تغيير كبير في سلوك المستثمرين على امتداد هذه السنين فما زالوا لا عقلانيين في تصرافتهم وما زالت الاخطاء الحمقاء سيدة الموقف ومازال الخوف والجشع يخترقان ساحة السوق

نستطيع من خلال العديد من الدراسات الاكاديمية والاستقصائات ان نحدد مسيرة حماقة المستثمر , واذا اتبعنا سبيل بافت تمكنا من تحويل خوف الآخرين وجشعهم لمصلحتنا ولنتحول الآن الى شخصية اخرى , تشارلي منغر, حتى ندرك النواميس التي تحرك العواطف في ميدان الاستثمار على وجه الكمال

تاثرت عمليات شركة هاثاويه الى حد كبير بفهم منغر لكيفية تاثير علم النفس على المستثمرين واصراره على اخذه بعين الاعتبار وكان ذلك من اهم مساهماته فيها ولقد اكد بشكل خاص على اهمية ما اسماه علم نفس سوء الحكم ؛ مالشيئ الموجود في الطبيعة البشرية ويجر الناس الى ان يخطئوا في احكامهم ؟

يرى منغر أمرا هاما في توجه عقولنا نحو الاختصارات خلال التحليل وسرعان ما نقفز الى الاستنتاجات وتضليلنا سهل ونحن عرضة للتلاعب . وللتعويض عن ذلك طور منغر عادة فكرية أدت الى انقاذه بشكل جيد وقال في خطاب القاه عام 1994 ونشر في مجلة اقتصادية : " لقد عملت على ان استخدم اليوم تحليلا بشقين , الاول يتناول العوامل التي تحكم في واقع الحال المصالح ذات الصلة بموضوع التحليل , والثاني التاثيرات غير المحسوسة التي تسود الدماغ في مستوى اللاوعي حيث يتم تنفيذ هذه العوامل وهما مفيدان على حد سواء ولكنهما في غالب الاحيان لايؤديان الوظيفة بالشكل الصحيح "

المالية السلوكية

تشارلي منغر رائد اصيل في كثير من السبل فهو السباق في التفكير بالنواحي النفسية لمجريات السوق والحديث عنها قبل ان ينتبه اليها بصورة جدية غيره من علماء الاستثمار وكان ذلك بداية التغيير

المالية السلوكية هي اليوم مجال مقبول للدراسة في كليات العلوم الاقتصادية في كبريات الجامعات وكذلك دراسة العمل الذي قام به ريتشارد ثيلر في جامعة شيكاغو

بدا اهل العلم ومنهم ثيلر بالتعمق في المفاهيم النفسية لشرح النواحي اللاعقلانية في تفكير الناس بعد ان لاحظوا انهم يرتكبون في معظم الاحيان اخطاء حمقاء ويطرحون افتراضات لامنطقية في معالجة شؤونهم المالية وهذا ميدان دراسي جديد نسبيا لكن مانتعلمه فيه رائع ومفيد بشكل بارز للمستثمرين الاذكياء

الافراط في الثقة

تبين العديد من الدراسات النفسية ان الاخطاء في الحكم تحدث لان الناس بشكل عام مفرطون في الثقة فاذا سالت عينة كبيرة من الناس عن عدد الذين يظنون منهم ان مهاراتهم بقيادة السيارات فوق الوسط رايت الكثرة الكثيرة يقولون انهم سائقون ممتازون واذا سألت الاطباء وجدتهم يعتقدون انهم يستطيعون تشخيص الالتهاب الرئوي بثقة تبلغ 90% لكنها لا تتعدى 50% في الوقت الراهن

الثقة بحد ذاتها ليست سيئة لكن فرط الثقة امر آخر ويمكن ان يسبب ضررا على وجه الخصوص حينما يتعلق الامر بشؤوننا المالية والمستثمرون يفرطون في ثقتهم لايتخذون قرارات سخيفة فحسب بل يؤثرون على كامل السوق بشكل قوي ايضا .

تفسر الثقة المفرطة السبب الذي يجعل العديد من المستثمرون يتخذون سبلا غير صحيحة ذلك انهم يثقون بالمعلومات التي يجمعونها ويظنون انهم اصدق مما هم عليه في الواقع . ولو ان جميع المتاجرين ظنوا صحة معلوماتهم وانهم يعرفون مالا يعرفه غيرهم لكانت النتيجة كما كبيرا من المتاجرة

التحيز في ردة الفعل المفرطة


أشار ثيلر الى العديد من الدراسات التي تناولت اشخاصا يشددون على حفنة من الوقائع المتميزة بالحظ لانهم بزعمهم وجدوا ضالتهم . يميل المستثمرون بشكل خاص الى التركيز على احدث المعلومات التي يتلقونها ويستقرئون النتائج منها ولهذا يرون ان في آخر تقرير يبين الارباح دلالة على الارباح المستقبلية وسرعان مايتخذون قرارات سريعة انطلاقات من تفير سطحي ظنا منهم انهم مالا يراه غيرهم .

الثقة المفرطة تاخذ مجراها في هذا المجال فيظن الناس انهم يفهمون المعطيات بصورة اوضح من غيرهم ويفسرونها بشكل افضل لكن الواقع ابعد من ذلك والافراط في ردة الفعل يزيد من شدة الافراط في الثقة . لقد تعلم السلوكيون ان الناس يميلون الى ردة الفعل المفرطة تجاه الاخبار السيئة ويتصرفون بردة فعل بطيئة تجاه الاخبار الجيدة .

وهذا ما يسميع علماء النفس تحيزا في ردة الفعل المفرطة فان يكن تقرير الارباح قصيرة الاجل سيئا تكن استجابة المستثمر النموذجية افراطا مفاجئا في ردة الفعل دون تروي مع ما يرافقه من اثر سيئ على اسعار الاسهم يصف ثيلر هذا التشدد بشان الامد القصير بمنزلة " قصر نظر المستثمر " ( وهو التعبير الطبي لقصر البصر ) ويتقد ان حال كثير من المستثمرين سيكون افضل ان لم يتسلموا كشوفات شهرية . لقد اثبت ثيلر بالمشاركة مع السلوكيين الاقتصاديين هذه الفكرة بطريقة عصرية .

طلب ثيلر وزملاؤه الى مجموعة من الطلاب ان يقسموا محفظة استثمارية افتراضية بين الاسهم وسندات الخزينة وقبل ذلك اجلسوا الطلاب أمام حاسوب واستخرجوا حسابا تشبيهيا لعائدات المحفظة على امتداد 25 سنة متوالية ثم أُعطي نصف الطلاب كم كثير من المعلومات تمثل طبيعة السوق المتقلبة والاسعار دائمة التغيير , اما المجموعة الاخرى فلم تعطى الا الاداء الدوري خلال 25 سنة ثم طلب ثيلر الى كل مجموعة ان يخصصوا محفظتهم الاستثمارية على امتداد السنوات ال40 القادمة .

قامت المجموعة التي امطرت بالمعلومات واشار بعضها حتما الى خسائر وتخصيص 40 % من اموالها لسوق الاسهم اما المجموعة التي تلقت معلومات دورية فخصصت 70 % من محفظتها للاسهم ثم وجه ثيلر -- الذي يحاضر سنويا في المؤتمر السلوكي الذي يرعاه المكتب القومي للابحاث الاقتصادية وكلية جون ث كنيدي الحكومية في جامعة هارفاد -- كلامه الى الطلاب " نصيحتي لكم هي ان تستثمروا في اسهم راس المال والا تفتحوا بريدكم بعد ذلك "

هذه التجربة وغيرها ابرزت اهمية رأي ثيلر عن قصر نظر المستثمر الذي يؤدي الى قرارات حمقاء . ان سببا جزئيا يؤدي بقصر النظر الى مثل هذه الاستجابة اللاعقلانية يعود الى علم النفس : رغبتنا الفطرية في تجنب الخسارة .

كراهية الخسارة


يرى السلوكيون ان الم الخسارة أشد بكثير من الم فرح الربح وقد بينت العديد من التجارب التي اجراها ثيلر وغيره ان الناس بحاجة الى ضعفين ايجابيين للتغلب على سلبي واحد كذلك فان الناس لايخاطرون باي شيئ في الرهان ولو تساوت الاحتمالات الا اذا كانت فرص الربح تساوي ضعفي فرص الخسارة

وهذا الامر يعرف باسم كراهية الخسارة اللامتناظرة وفيه يكون تأثير النواحي السلبية اكبر من الايجابية كما انه سمة اساس في علم النفس البشري وعند تطبيق ذلك على سوق الاسهم نجد ان شعور المستثمرين بالاسى لما خسروه يعادل ضعفي فرحهم بما ربحوه .


هذه الكراهيه للخساره تجعل المستثمرين متحفظين بصورة لا داعي لها بصرف النظر عن التكاليف ونحن جميعا نود أن نعتقد أننا اتخذنا قرارات جيده ولذلك نتمسك بالخيارات السيئه فتره طويله في ضوء الأمل الغامض بتحسن الأمور إلى الافضل وإذا لم نبع مصادر خسارتنا فلن نواجه إخفاقنا نهائيا وإنك لتترك ربحا محتملا يمكن تحققه عن طريق إعادة استثمارك بذكاء .

نكتفي بهذا القدر الذي اراه مهم من وجهة نظري للمتعاملين في السوق خصوصا في هذه الايام